الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

 

 

الدكتور وديع بتي حنا

wadeebatti@hotmail.com


الرئيس الامريكي ينتخب ( رجل المرحلة – رجل المستقبل )
 
 
لازال الكثيرون من دهاقنة السياسة العربية ومحلليها الكبار يقعون في الوهم الكبير فتثير تحليلاتهم ألما في المعدة وهي تحاول ان تخدعنا بتلك الاراء القائلة ان الادارة الامريكية هي في كل حين في مأزق جديد. لقد ارهقتنا فعلا تلك التحليلات المرضية التي يمتلك اصحابها عيونا مجهرية قادرة على إلتقاط النصر من قاع  الهزيمة كما تُلتقط الابرة من كومة القش. ان اولى معالم خروج السياسة العربية من مأزقها يكمن في ايمان القائمين عليها ان من يجابهم او يعاديهم في هذا العالم ليس ساذجا الى تلك الدرجة ا! لضحلة فلا يعرف ماذا يفعل خاصة اذا كانت لغة الارقام والحسابات والمنطق والواقع هي التي تتحكم في خططه بينما قرر منذ زمن بعيد ان يضع لغة المشاعر والاحاسيس في صندوق التبريد يستخدمها فقط عندما تكون عاملا يساعد في تحقيق الهدف.
 
وهكذا تُرى متى نتوقف عن تفسير كل موقف للمقابل على انه مؤشر لدخوله في مأزق وان بشائر النصر قد بانت بينما هو في حقيقة الحال صفحة اخرى من صفحات السيناريو الموضوع والذي يُنفًذ خطوة خطوة. ان المقولة المصرية الشهيرة ( كلً في أوانه) هي خير تعبير عن السياسة الامريكية في المنطقة بشكل عام وفي العراق بشكل خاص. فكلًّ في اوانه وكل لغاية في نفس يعقوب تدركها ! الادارة الامريكية جيدا. هكذا كانت كل صفحات السياسة الامريكية في العراق من التهويل في الخطر العراقي المتمثل في اسلحة الدمار الشامل الى الاعتذار عن الكذب في هذا الملف, من تعذيب المعتقلين العراقيين في سجن ابي غريب ونشر صورهم الى الدعوة الى التحقيق في ذلك وتقديم ( كبش الفداء ) الى المحاكمة , من توقيت نشر صور الرئيس العراقي السابق بملابسه الداخلية وهو في سجنه الى تأجيل محاكمته الى ما بعد الانتخابات وحرمان حكومة الجعفري والائتلاف العراقي الموحد من هذا ( الجوكر ) الانتخابي, من غض النظر عن انتهاكات وزارة الداخلية العراقية لحقوق الانسان الى توقيت كبس سجونها وغيرها من الصفحات والامثلة الكثيرة واخرها طلب الرئيس الامريكي من سفيره في العراق زلماي خليل زادة فتح قناة للحوار مع ايران بشأن الملف العراقي فاعلن بذلك رسميا انه صوًت منتخبا الدكتور اياد علاوي وانه يُفضل ان تحتل الاحزاب الدينية الموالية لايران مقعد المعارضة في البرلمان العراقي المقبل.
 
لقد كان اختيار الدكتور اياد علاوي رئيسا للحكومة الانتقالية الاولى ودعمه في بسط صورته في الشارع العراقي على انه ( رجل المرحلة ورجل المستقبل ) خطوة ذكية اكدتها الخطوة اللاحقة في الايقاع بالاحزاب الدينية المنضوية تحت لواء الائتلاف العراقي الموحد في الفخ من خلال تشكيلها للحكومة الانتقالية الثانية برئاسة الدكتور ابراهيم الجعفري. اننا هنا لانسوِق لنظرية المؤامرة المشروخة بل نتكلم عن الخطط البارعة التي يمتلك كل طرف الحق في استخدامها لتحقيق اجندته.
 
لقد سمحت الادارة الامريكية للائتلاف العراقي الموحد ومن يمثلًه في ان يذوق طعم السلطة ربما للمرة الاولى في العراق ولكن الضربات الموجعة التي وجهتها تلك الادارة او التي سمحت بتوجيهها الى حكومة هذا الائتلاف تحت الحزام وفوقه طوال الاشهر المنصرمة قد كانت كافية لاطراف هذا الائتلاف لتصل الى قناعة مفادها ان ماتفقده وهي في السلطة قد يكون ربما اضعاف ما تكسبه وهي في المعارضة وقد باتت هذه الاطراف وكانها قد امنت ان قدرها على الدوام هي المعارضة وقد اصبحت هذه هي وظيفتها التي اكتسبت فيها خبرة طويلة وان راتبها التقاعدي سيكون من خلالها.
 
لقد اعلن الرئيس الامريكي عن الشكل الذي ترغب ادارته ان تاتي به الانتخابات العراقية لا بل انه قد شارك فعلا في الحملة الانتخابية من خلال تخصيصه جزءا من وقته في انتقاد الحكومة العراقية الحالية وبالتحديد وزارة الداخلية فيها لما تسرًب من انباء عن انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان ترتكبها عناصر هذه الوزارة. ليس القصد من هذا الكلام اتهام الدكتور اياد علاوي بالعمالة للولايات المتحدة لان ذلك قد اصبح سذاجة كبيرة في وقت لايخفى على اي عراقي بسيط ان الولايات المتحدة هي اللاعب الاساسي على الساحة العراقية وليس علاوي السياسي الوحيد المستعد للتعامل معها.
 
بالرغم من ان هذه الانتخابات هي انتخابات صعبة وتشهد تنافسا شديدا ومن المحتمل ان تتمخض عن بعض المفاجأت الثانوية إلا ان الملامح الاساسية لنتائج هذه الانتخابات والتي على اساسها ستتبلور الخارطة السياسية العراقية تشير بوضوح الى تفضيل الادارة الامريكية لائتلاف يضم بالاساس كتلة الدكتور اياد علاوي والتحالف الكردي والتوافق الوطنية بالاظافة الى تجمعات اخرى صغيرة من هنا وهناك لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة التي ستحكم البلاد للسنوات الاربع القادمة بينما ستكون العلاقات الامريكية الايرانية هي محرار ( ثرمومتر ) المعارضة العراقية في البرلمان العراقي الذي ستلده هذه الانتخابات.
ان هذا السيناريو يمثل للادارة الامريكية ضرورة محلية واقليمية لان الاجندة الامريكية في المن! طقة لاتحتمل ان تدخل هذه الادارة في دوامة يمتد زمنها الى اربع سنوات بالتمام والكمال.
لقد كان الدكتور اياد علاوي مصيبا عندما اختار تكرار كلمة ( انا لا يعنيني -- ) في محور حملته الدعائية.

 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها