اقرأ المزيد...
الدكتور وديع بتي
حنا
wadeebatti@hotmail.com
حظ يانصيب
يبدو ان حظ
الرئيسان بشار الاسد واميل لحود لم يكن احسن حالا في سحبة اليانصيب الامريكية
من الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين بل ان هذا الاخير قد حصل على فرص عديدة
في سحبة اليانصيب تلك حيث نال في السحبة الاولى على رالف ايكيوس وسمح له
الامريكان باعادة الكرًة ثانية فحصل على الاسترالي بتلرثم يظهردلال الامريكان
واضحا عليه حين سمحوا له باعادة المحاولة ثالثة فنال على إثرها السويدي بليكس
والمصري البرادعي لينتهي به المطاف بحصوله على اللوتو الامريكي. اما بشار
الاسد واميل لحود فان مجريات الاحداث تشير الى مشاركتهما اليتيمة في السحبة
المذكورة والتي نالا من خلالها مناصفة الالماني ميليس . قد يكون هذا كافيا
لترشيحهما الى اللوتو ذاته حيث اصبحا اقرب اليه من الرمش الى العين. ربما
اعتقد المسؤولون السوريون الذين تورطوا ( اذا كان ذلك قد حدث حقا ) في عملية
اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري انهم بعملهم هذا انما
يقدمون ذبيحة سخية لرئيسهم المفدى يستحقون عليها مكافأة سخية . لقد غاب عن
بال اؤلئك المسؤلون وهم يعتمدون تلك الطرق القديمة للانظمة الشمولية في
معالجة المعارك السياسية انهم وضعوا رئيسهم بفعل عملهم المتهور هذا في احرج
لحظاته بعد ان غادر عالم اليوم الذي يحكمه القطب الواحد كل تلك الطرق
والاساليب بل اصبحت تقود اصحابها الى احد خيارين لاثالث لهما إما الانتحار او
قضاء ماتبقى من الايام في السجون والمعتقلات الامريكية بانتظار ( محاكمة
عادلة ) .
وحدهما الزعيم
الليبي والرئيس اليمني قد برهنا لحد الان عن قدرتهما على غش وتمويه الادارة
الامريكية في سحبتها تلك وهكذا كلما انتابهما احساس داخلي في ان اللوتو
الامريكي اصبح قاب قوسين او ادنى من اصطيادهما نراهما يسارعان الى القيام
بواحدة من حركاتهما البهلوانية فيعيدان ورقة اليانصيب الى بائعها بعد ان كانا
قد عرفا بمحتوياتها . قد يلصق البعض بالزعيم الليبي والرئيس اليمني ما يشتهي
من الاوصاف ولكن المثل القائل ( جَنٍنْ نَفسكْ وعِشْ طَيٍبْ ) له ايضا من
يعتقد به ويعتمده أُسلوبا في الحياة. قد تجد الادارة الامريكية ضرورة لاحتواء
هذه السحبة في ادوارها المختلفة على بعض المواقف الكوميدية لاضفاء طابع
الفكاهة عليها شانها شان المسلسلات العربية التي يتعمد المخرج اشراك ماجد
ياسين او دريد لحام او عادل امام فيها .
الرئيس
السوداني عمر البشير مرشح دائم في هذه السحبة ولايحتاج حصوله على جائزة
اللوتو فيها إلا مجهود بسيط وقد وِضعَ حقا منذ فترة طويلة على قائمة الاحتياط
حيث لاتكاد الطبخة بشان الرئيس السوداني تصل الى مراحلها النهائية تمهيدا
لدفعه الى السقوط حتى تستجد ظروف دولية جديدة ترى فيها الادارة الامريكية ان
المرشح الجديد يتقدم من حيث الاهمية على الرئيس السوداني ويجب استغلال الظروف
الجديدة الى اقصاها وتأجيل تقليب ملف الرئيس السوداني الى اوقات الفراغ.
لكن مشروع
الشرق الاوسط الكبير لايمكن ان يصل الى اهدافه المرسومة فقط بحصول المشار
اليهم سابقا على اللوتو الامريكي الى جانب صدام حسين. بل ان الحلقات الرئيسة
في هذا المشروع تتمثل في اصطياد الفيل الايراني , ربما باستخدام البرادعي
ومفتشيه ثم بتحويل الرئيس المصري من متعهد وبائع لبطاقات اليانصيب في المنطقة
الى مشارك فعال في السحبة والعمل اخيرا لتحقيق خطوة الذروة في هذا المشروع عن
طريق إجراء السحبة الاخيرة في هذا اليانصيب والتي ستكون تاريخية بحق لان
الفائز فيها سيكون العاهل السعودي الملك عبدالله.
لقد قام الرئيس
المصري بدوره على احسن مايكون كمتعهد ووكيل لبطاقات اليانصيب الامريكية في
المنطقة ولانه لايصلح للقيام بالدور ذاته على الساحة الافريقية كما ان المجهز
الرئيسي هو الذي سيتولى بيع تلك البطاقة الى العاهل السعودي ,لذلك فان
الامريكان سيكونون كرماء حقا اذا سمحوا للرئيس المصري بالوصول الى نصف مدة
ولايته الجديدة دون ان يرتبوا له حادثا عرضيا على شاكلة حادث المنصة الذي
اودى بحياة السادات او أن يُلبِسوه احدى ( سلطانياتهم ) المعهودة , كما ان
كل المؤشرات تشير الى المصاعب التي تعترض مسيرة نجله جمال للوصول الى قمة
السلطة او فرصه للاحتفاظ بها اذا تمكن من ذلك رغم المجهود الكبير الذي يبذله
على طريق هذا الهدف . اما العاهل السعودي فقد بدأت اولى المناوشات البسيطة
باتجاهه . وليست التقارير الاخيرة التي تحدثت عن توفر النية والتفكير لدى
الرئيس الامريكي بوش لضرب السعودية دخانا بدون نار كما ان المقابلة الاخيرة
التي اجرتها احدى الصحفيات الامريكيات مع العامل السعودي يحق للمراقب ان يضع
حولها علامات استفهام عديدة من حيث توقيتها و احتوائها على تساؤلات كانت
الصحافة الاجنبية وفي مقدمتها الامريكية تتحاشى بقصد عدم الاحراج توجيهها
لرموز العائلة المالكة السعودية . ان العاهل السعودي يعرف قبل غيره ان
اجاباته الضعيفة على تساؤلات من قبيل رعاية الارهاب وحقوق المراة
والديموقراطية وحرية العبادة لن تؤدي إلا الى تأليب الراي العام الامريكي ضده
لان المواطن الامريكي لايمكن ان يقتنع بتلك الاجابات ولا تترك في مخيلته صورة
ناصعة للحياة في المملكة باعتماد المقاييس الامريكية.
رحماك يا
مشروع الشرق الاوسط الكبير , واضحة هي معالمك ومجهولة هي عواقبك.
كم من الذين
تحمسوا لهذا المشروع في باكورته سيشعرون بالندم عندما سيكونون جزءا من نتائجه
. ربما عندذاك سينطلقون بالغناء مع العندليب الاسمرعبد الحليم حافظ في رائعة
نزار قباني الشهيرة ( رسالة من تحت الماء )
لو اني اعرف ان
البحر عميق جدا ما أبحرت
لو اني اعرف
خاتمتي ماكنتُ بدأت
|