لصقة جونسون وكراسي
الحكام العرب
اضافت لصقة
جونسون الامريكية حينها شهرة الى شهرتها العالمية عندما أُشيع عن وجودها
كمادة سرية تدخل في تصنيع كراسي الحكام العرب حتى ان البعض ربما بدأ في إجراء
الحسابات والبحوث لمعرفة علاقة مفعول اللصقة مع الزمن والسفر اي المسافة بين
الحاكم والكرسي فقد اثبتت الوقائع مثلا ان عزوف الحاكم عن السفر لمدة طويلة
يجعل مفعول اللصقة رهيبا يستوجب قيام اكثر من مئة وخمسين الف جندي امريكي
وتحالف دولي لفصل الحاكم عن الكرسي في حين تمكنت ثلة من الضباط والجنود في
موريتانيا من تحقيق ذلك ببساطة بعد ان فقدت مؤخرة الحاكم الاتصال بالكرسي اثر
اضمحلال مفعول اللصقة بسبب بعد المسافة بين نواكشوط والرياض.
ان مرض عشق
السلطة والاعتقاد بان وظائف الخط الاول كالرئاسة والوزارة هي وظائف شأنها شان
الوظائف الاخرى يحق للمرء ان يقضي فيها جُلً عمره الوظيفي من لحظة اقتناصها
وحتى سن التقاعد الذي يعني الموت في اغلب الاحيان , نقول ان هذا المرض و ذلك
الاعتقاد كان على الدوام ولازال احد الاورام المؤذية في جسم النظام العربي
التي شلًت هذا النظام وافقدته اية قدرة على الرقي بامكانياته او حتى تنظيم
الامكانيات المتاحة ناهيكم عن ان ذلك اساسا مثًل ويمثل سرقة علنية ومصادرة
مسبوقة لحقوق الاجيال بمعنى ان يتمتع كل جيل بحقه الطبيعي في ان يُفرز قادة
من بين صفوفه.
ربما يكون
الدستور الفرنسي مثالا يحتذى في عالم الديموقراطية ومع ذلك فان طائفة مهمة من
الفرنسيين يُسجلون عليه انه يسمح لرئيس الجمهورية بالبقاء في الاليزيه لمدة
سبع سنوات قابلة للتجديد في حالة فوزه بولاية جديدة وبهذا يصبح الفرنسي مجبرا
على التعامل مع ذلك الصوت وتلك الصورة والتهام تلك الوجبة المملة لمدة اربعة
عشرعاما بلياليها ونهاراتها. ربما يكون الرئيس الفرنسي هو اول من يحس بشعور
مواطنه فيحاول دائما وبمناسبة وبغير مناسبة ان يخرج الى شعبه بوجه بشوش ضحوك
عسى ولعل ذلك يلعب دور مشروب غازي يساعد معدة الفرنسي على تقبل تلك الوجبة.
وكذلك في الدستور الامريكي حيث لايتحمل المواطن الامريكي رؤية رئيسه في البيت
الابيض يوما واحدا اكثر من المدة القصوى التي هي ثمان سنوات. بل انني اعتقد
جازما ان هذا السبب هو الذي ترك شعوب الدول الاوربية التي تقوم على النظام
الملكي تقيًد العرش وملحقاته بهالة رمزية فقط.
اما في
بلداننا العربية حيث قسم من حكامنا تسللوا الى قصر الرئاسة في غفلة من الزمن
او في ساعات الفجر الاولى عندما كان الناس نيام بينما ورثها القسم الاخردون
كلل او تعب, وبالرغم من ان الفئتان تبيح لنفسها حق تغيير الاثاث والقصوروطبعا
الزوجة عندما تصاب بالضجر او الملل او ربما رغبة في تجربة الجديد فقط إلا ان
هؤلاء جميعا يُنكرون على الرعية حق المطالبة بتغييرهم بل ان جيش المتملقين
المتجحفلين معهم على كامل الاستعداد ليلصق تهمة الخيانة العظمى لكل من تسول
له نفسه البوح بذلك بل الانكى من كل هذا حيث نرى هؤلاء الحكام الذين سئم
المواطن النظر في وجوهم يخرجون على الناس بوجوه عابسة وكأنهم اصحاب فضل كبير
ويعملون في مناصبهم بالاكراه.
ربما تكون
الانتخابات المصرية مثالا صارخا يظهرفيها زيف النظام العربي وقدرته الخارقة
على اختراع اي اسلوب ميكافيلي يهدف التشبث بالسلطة وتسويف اية ممارسة
ديموقراطية ولان مصر كانت دوما الرائدة في العالم العربي لذلك من المتوقع ان
تنتقل مهزلة مسرحية الانتخابات المصرية الى باقي الاقطار العربية حيث سيتسابق
باقي الحكام الى اعتماد الوصفة الجديدة لتحل محل الاستفتاءات المقيتة كمًا
اخر من السنين الى ان يشاء الله امرا كان مكتوبا.
كان عُمْر
ايمن نور المنافس الرئيسي للرئيس المصري حسني مبارك لايتجاوز العشر سنوات
عندما عين السادات حسني مبارك رسميا نائبا له وكان ايمن نور ربما لازال يلعب
الكرة في ازقة الحي مع اصدقائه عندما اعتلى مبارك سدة الرئاسة اثر اغتيال
السادات. وعندما تمكن مبارك من السيطرة كليا على الوضع الداخلي ونجح في تكوين
حاشية كبيرة خاصة به من المتملقيين وبدأ يلعب دورا محوريا على الصعيدين
الاقليمي والدولي كما ظهر في حرب الخليج الاولى عام 1991 كان ايمن نور انذاك
ربما مشغولا بغزل ومعاكسة فتاة الجيران وخلاصة القول ان العمر السياسي الفعلي
لهذا السياسي كبديل مطروح للرئيس المصري لايكاد يتجاوز عاما واحدا بينما
تتجاوز مدة الوجود الفعلي في الموقع الاول للرئيس حسني مبارك عتبة اليوبيل
الفضي مع كل ما يترتب على ذلك من قدرة فائقة على التحشيد وامكانيات هائلة
واقلام رخيصة مقابل مثيلاتها المتواضعة التي يتمتع بها منافسه. ومع ذلك
وتجنبا لاية مفاجأة فقد حرص جمال مبارك الذي ادار فعليا حملة الانتخابات ان
يسوٍق والده على انه رمز للشباب من خلال الشعر المصبوغ بالاسود الداكن
والتخلي عن ربطة العنق والاستغناء عنها بقميص شبابي وربما فكًر جمال جديا اذا
استوجب الامر ان ياخذ والده الى احد نوادي الديسكو. ان الشرط الاساسي لاية
انتخابات نزيهة هو تكافؤ الفرص فيها ولذلك فان نجاح مبارك في الانتخابات
الاخيرة لايعدو عن كونه حصول رجل في الخمسين على علامات عالية في امتحانات
الصف الاول الابتدائي او نجاح قطة سمينة متمرسة في التهام قطعة لحم صغيرة.
ترى هل احتفل حقا وفرح مبارك في سرٍه بانتصاره؟! لانقول ذلك كرها للرئيس
مبارك وتحيزا لغريمه انما اسفا وحزنا على القيم الديمقراطية التي شُيعت الى
مثواها الاخير قبل ان تُعمًد.
لقد حاول
نوبل ان يُكَفٍرعن نفسه فوضع جائزة لمن يفعل خيرا للانسانية وعلى نفس المنوال
فان الولايات المتحدة وهي الدولة المصنعة للصقة جونسون قد بدات الشعور بالذنب
لما احدثته لصقتها اللعينة بشعوب العالم , ولكن شتان مابين جائزة نوبل ومابين
الطريقة التي اختارتها الادارة الامريكية لمعالجة معضلة اللصقة. |