الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

 

 

 

 

 

الدكتور وديع بتي حنا

 

wadeebatti@hotmail.com


العراق – خياران أحلاهما علقم

ترى , هل حسمت الادارة الامريكية امرها وقررت المضي قدما في تقسيم العراق رسميا بعد ان طرحت ذلك مشروعا قابلا للتحقيق عند احتلالها له ؟ . هل اصبحت الولايات المتحدة تمهد الطريق للتقسيم عن طريق تحريض الكيانات والاحزاب السياسية التي عقدت الزواج معها سابقا , ولاحقا بعد سقوط النظام , فاصبحت تدفعها على طرح موضوع التقسيم وكانه رغبة شعبية على اعتبار ان تلك الكيانات والاحزاب هي الممثل الشرعي لشعب العراق والناطق الرسمي باسمه ؟! . ام ان الادارة الامريكية لازالت تشعر بالالتزام الاخلاقي بالوعد الذي قطعته لدول التحالف وبعض دول الجوار والمجتمع الدولي قبل الهجوم على العراق في المحافظة على وحدة ترابه وعدم السماح بتجزئته وتقسيمه ولذلك فان هوس التقسيم الذي اصاب تلك الكيانات والاحزاب في هذه المرحلة ليس إلا مخططا امريكيا يهدف اساسا  وقبل كل شئ الى إطلاق رصاصة الرحمة على تلك الكيانات والاحزاب وإسقاطها شعبيا بعد ان اثبتت عجزها وفشلها في ممارسة المسؤولية الرسمية والتمهيد لتنفيذ خطوة اخرى من الاجندة الامريكية عسى ولعل تلك الخطوة تساعد في إنقاذ الحذاء الامريكي من وحل المستقع العراقي !.

ان كل حسابات الحقل والبيدر تشير الى ان ورطة الادارة الامريكية في العراق تتشابه الى حد كبير مع ورطة الاتحاد السوفيتي السابق في افغانستان . يقينا ان ماركس و انجلز ولينين قد اشبع كل منهما راسه لطما وهو في قبره عندما تناهى الى اسماعهم ان حفيدهم بريجينيف ورفاقه الاخرون قد قرروا بناء الاشتراكية في افغانستان ! وعلى نفس المنوال ويقينا ايضا فان جورج واشنطن يضرب الان اخماسا باسداس بعدما عرف ان من يجلس محله في البيت الابيض قد حزم امره وقرر بناء مجتمع ديمقراطي في العراق على الطريقة الامريكية . لقد اعتقد بريجينيف ان بناء الاشتراكية هو عبارة عن عملية زراعة ( الكرافس ) فهي تحتاج لقليل من الماء ويكون جاهزا للتقديم بعد ايام معدودة فيما يعتقد جورج بوش الابن ان الديموقراطية هي وجبة سريعة من وجبات ( الهبي ميل ) التي تقدمها محلات المكدونالد الشهيرة للاطفال. تسمًَم الافغان بعد ان تناولوا ( الكرافس ) الذي زرعه بريجينيف لهم واصيبوا بالاسهال الشديد الذي لازالت اثاره ومضاعفاته واضحة عليهم. فرح العراقيون في البداية بوجبة المكدونالد التي قدمها بوش لهم كفرحة الاطفال بها لانهم يعرفون انها تحتوي على هدية او لعبة بالاضافة الى شريحة الهمبركر واصابع البطاطا , لكنهم  سرعان مااكتشفوا ان الهدية ليست إلا مفخخات وشحة ماء وكهرباء.

لازال تقسيم العراق لايمثل احدى الاجندة الانية الحالية للادارة الامريكية وبرهاننا على ذلك بسيط جدا. لقد اعتادت العرب ان تقول ان عند جهينة الخبر اليقين ويقوم بدورجهينة في العراق حاليا السؤولون والسياسيون الاكراد. وعندما يعلنوا هؤلاء ان الظروف الدولية الراهنة لاتسمح بتشكيل كيان كردي مستقل فان معنى ذلك انهم لم يحصلوا بعد على الضوء الاخضر من الادارة الامريكية للمضي في هذا الطريق ناهيكم عن ان التقسيم اساسا سيؤدي الى منح ايران وسادة دفاعية نموذجية لانعتقد ان الادارة الامريكية قد وصلت الى هذا الدرك من الغباء السياسي لكي تمنح تلك الوسادة لايران مجانا حلالا زلالا. وعلى هذا الاساس فان تخدير الشارع العراقي بطرح هذه المشاريع يهدف الى تعميق حالة الحذر والتوجس ان لم يكن الخلاف والعداء بين الكيانات السياسية العراقية وتعريتها شعبيا وإلهاء الشارع العراقي بهذه المشاريع في الوقت الذي يستمر الاستنزاف والنهب الرهيب لثروات العراق بهدوء تام في ظل فوضى   دستورية و غياب اي شكل من اشكال سيطرة الدولة ومؤسساتها. ان الادارة الامريكية التي تمارس هذه اللعبة القذرة في العراق من خلال السماح لعصا الحالة العراقية بهذه الحالة من الموازنة القلقة وكانها واقفة على شعرة واحدة تحول بينها وبين الحرب الاهلية الرسمية انما تضيف الى جرائمها الاخلاقية السابقة بحق شعب العراق جريمة جديدة حيث تبدو غير ابهة باحتمال ان تفقد نقطة التوازن في هذه العصا وهو احتمال لايبدو باي حال من الاحوال مستحيلا.

ان الوجوه السياسية العراقية من التي تولت مواقع المسؤولية الرسمية بعد سقوط النظام قد غاصت حتى النخاع في  التناحر على توزيع ( اللشًة ) وليس الكعكة - حيث من الغبن وصف العراق بوضعه الحالي كعكة – فطرحت ثلاثة دساتير في دستور واحد وكانه دعاية من دعايات المنظفات ومساحيق الغسيل, حيث درج اعلان الدعاية على ذكر ثلاثة مميزات لمسحوق الغسيل ثم ينتهي الاعلان بصرخة استعراضية جماعية للمشاركين فيه بقولهم ان بضاعتهم هي ثلاثة في واحد. ان هذه النخب السياسية القديمة الجديدة التي عجزت حتى الان عن النهوض بالواقع الامني والخدمي للشعب العراقي لا بل فشلت في ايقاف الانحدار السلبي في هذا الواقع انما تهيأ الظروف الموضوعية لجماهير الشعب لكي تخرج في المستقبل القريب - اذا استمر الحال على ما هو عليه – في تضاهرات عارمة تطالب المحكمة الخاصة بجرائم رموز النظام السابق بالافراج عن من لديها وادخال رموز جديدة او اظافة هذه الرموز الجديدة الى القائمة السابقة على اقل تقدير.

اما الادارة الامريكية وبعد استهلاك معظم هذه الوجوه فانها ستلجأ – وربما بدأت سرا – في تربية – بطل وطني جديد – يكون بمثابة – صدام مُحسًن – او على شاكلة الصومالي محمد فرح عيديد يتولى مهمة التفاوض معها ومقاتلتها في ان واحد بما يؤدي الى انسحابها من العراق وفرض هيمنته على كافة الاجزاء عدا كردستان التي سيتعامل مع قائدها البارزاني  من موقع الند للند على اساس توازن القوى . وفي هذه الحالة سيفتخر الامريكان في انهم قد فعلوا جميلا بالعراقيين فمنعوا قيام دولة دينية في العراق وما عدا ذلك فان نفس الطاحونة ستدور من جديد.

كم ستكون سعادتي كبيرة لو كان ما سطرته في السطور اعلاه مجرد وصف لكابوس حلً ضيفا مزعجا ثقيلا وتأخذ الامور بقدرة قادر عظيم منحى اخر يؤدي الى خروج العراق من هذا النفق المظلم لان الملايين في الوطن الحبيب قد ضاقت بهم سبل العيش كما ان مئات الالاف في الخارج تصادفهم يوميا لحظات قاسية مريرة يلعنون فيها أب الغربة وجدًها السابع

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها