إبن المعلٍم وإبن الفقيروالانتخابات والكوتا النسائية

   

اقرأ المزيد...

 

 

 

الدكتور وديع بتي حنا

 

wadeebatti@hotmail.com

 


إبن المعلٍم وإبن الفقيروالانتخابات والكوتا النسائية

090213

 المشهد الاول

 اتذكر جيدا كيف كان نعت ( إبن المعلم ) يثير الحرج احيانا عندما يقترن وصفه بتصرف منسوب الى المعلمين , او ابنائهم , يعبر عن التمييز , بل والظلم , تجاه الاخرين , سواء كان ذلك التصرف بقصد او بدون قصد . نعم فقد كان بعض الناقمين على ابناء المعلمين ينطلقون في نقمتهم تلك من غريزة الغيرة المشروعة , ولكن لايمكن ان ننكر ان قسما مهما من الناقمين كانوا يبصمون نقمتهم بحوادث وشهادات من الواقع لايملك الانسان تجاهها إلا ان يتفهمها , ويحاول امتصاصها , ودعوة المقابل لعدم تعميمها كحالة تصح على الجميع . ما ان كان جرس الفرصة الكبيرة يدق , حتى نخرج الى الساحة ورائحة الشواء تسود في فضائها فقد كان عمال المدرسة ( الفراشون ) قد باشروا بإشعال ( منقلهم ) , و كان المعلمون يشترون لابنائهم ايضا ( اللفات ) , وكانت عملية هضمها امام جمع من الاصدقاء الذين ليسوا ابناء معلمين عملية عسيرة حقا , فكنت , ويشهد الله ليس دعاية , احرص على تقاسمها مع الاخرين او منحها لمن يريد , حتى تمكنت من اقناع ابي بعدم حاجتي اليها . ويبقى امر ( اللفة ) هينا مقارنة مع يوم النتائج وانتهاء الفصل الدراسي  , فحينذاك كانت النقمة في اقصاها خاصة عندما كان يبدو واضحا للعيان كيف تم اقصاء احد الطلاب من المركز الاول , وكان استحقاقه , لصالح احد ابناء المعلمين . لاندعي هنا ان مثل هذه الحالات كانت تحدث دائما وبدرجة كبيرة وان جميع المعلمين كانوا غير عادلين في تقييم طلبتهم , كما لايصح اطلاقا القول انه لم يكن من بين ابناء المعلمين من كان جديرا بالتفوق , بل نؤكد وجود علامات كثيرة مضيئة وامثلة ساطعة لانتصار المعلم , وهو الاب والمربي , لضميره و طالبه وتلميذه , و اصراره  في منحه مايستحق بناء على جهده , دون ان يضع حسابا لاي اعتبار اخر . لكن هذا لاينفي حصول حالات في الجانب المقابل , ويقينا لازالت تحدث اليوم , حيث يجد المعلم او المدرس نفسه , احيانا , غير قادرعلى الوقوف امام الضغوط , فيتقدم غير المستحق الى المرتبة الاولى ويُمنح المستحق والجدير , في افضل الاحوال , مرتبة ( الاول مكرر ) , وتكون الطامة كبيرة حقا , والجرح اعمق بكثير عندما يجد المستحق نفسه بعيدا عن المرتبة التي هي حصته بمشوار طويل . وهكذا كان البعض الذي يشعر بظلم كبير قد وقع عليه  ينتظر ( البكلوريا ) على أحر من الجمر , فيجدها فرصة ذهبية لاحقاق الحق , بينما كان ( بعض ابناء النستلة ) يجدون في البكلوريا كابوسا  يُفسد نومتهم الهانئة الرغيدة .

 المشهد الثاني

 ظهرت النتائج الاولية لانتخابات مجالس المحافظات , وفيما يخص شعبنا فقد أُعلن عن فوز قائمة عشتار بمقعد الكوتا في محافظة نينوى , ونشرت المواقع في الايام الاخيرة سيلا من المقالات التي يدعو فيها البعض الاخرين الى عدم الامتعاض وتقبل النتائج بروح رياضية , بل ذهب البعض حتى الى استصراخ القيم المسيحية في النفوس لتهيئتها لقبول هذه النتائج . ان هؤلاء يتوهمون حقا عندما يعتقدون ان المعضلة هي فقط في فوز هذا وخسارة الاخر , ويغفلون او يتغافلون , سهوا او عمدا وقصدا لدوافع عديدة , عن التأشير عن الخطأ وفضحه والتنبيه الى اثاره المستقبلية  ,فيكونوا جزءا من حالة التأسيس لبناء صحيح سليم متعافي . فاذا كان هؤلاء الكتاب يكتبون مقالاتهم وهم يعيشون في صومعاتهم دون ان يكلفوا انفسهم مشقة السؤال والتمحيص والتدقيق فيما حدث فتلك مصيبة , اما اذا كانوا حقا على علم ودراية بكل التفاصيل ويصرٍون على تسويق الخطأ سواء بشرعنته او بالدعوة الى التغاضي عنه عن طريق جبر الخواطر , فالمصيبة حقا في هذه الحالة هي اعظم !.  ان استعمال المنشطات في المسابقات الرياضية خط احمر يتقاطع مع قوانين الالعاب , وحتى مارادونا , بجلالة قدره , لم يسلم من العقاب وحكم القانون عندما تم ضبطه بجرم تناول المنشطات ! ان الذي لايختلف عليه اثنان في سهل نينوى , في السر او في العلن , يشير الى استخدام القائمين على حملة قائمة عشتار لانواع مختلفة من المنشطات ,غطًت رائحتها الشوارع والباصات والموبايلات والموائد والجيوب ! كهل فاضل عزيز يكبرني في العمر بفرق شاسع , استأنس بارائه طمعا في حِكم الحياة وتجاربها , جمعتني وإياه دردشة على كوب من القهوة بعد قداس الاحد, ودار حديث عن نتائج الانتخابات فيما يخص شعبنا , فروى لي حكاية طريفة عن نائب في البرلمان , في العهد الملكي , كان يسحب من البنك قبل الانتخابات رزما حديثة ( تقدح ) من فئة الخمسة دنانير , ويشطر كل ورقة الى نصفين , فيعطي كل فرد من القائمين على حملته و ( للحبربشية ) وبعض الناخبين نصف ورقة ويحتفظ بالنصف الثاني , وعندما تظهر نتائج الانتخابات ويبدو ان الجميع قد ادى واجبه كما ينبغي , يعود كل اؤلئك اليه فيحصلوا على النصف الثاني من الورقة الذي يتطابق مع ارقام النصف الاول , اما اذا كانت النتائج كالرياح التي لاتشتهيها سفن مرشحنا العتيد فانه يعمد في هذه الحالة الى حرق كل انصاف الاوراق التي بحوزته لكي لايستفيد منها اؤلئك ( الغادرون ) ! . لا نسوق هذا الكلام بخلا بفوز عشتار او غير عشتار , بل انطلاقا من رغبة صميمية في ان نمارس قواعد اللعبة مستقبلا بالشكل الصحيح فنكون نبراسا , كما هو حالنا دائما , للاخرين , وكذلك اجتهادا , قد يصيب او يخطئ , في ان تكون مصلحة شعبنا واهلنا هي التي تتقدم على كل ماعداها . ويبقى في السياسة كما في الحياة , يضحك جيدا ذلك الذي يضحك اخيرا  , وهاهي ( البكلوريا ) قادمة لامحالة من خلال الملفات الموضوعة امام الاعضاء المنتخبين لمجلس محافظة نينوى , وامنياتنا القلبية للاخ العزيز الفائز حظا جيدا ايضا في امتحانات البكلوريا الصعبة وخاصة في امتحان الحراسات .

 المشهد الثالث

 خلال الاسابيع الماضية ملأ الاخوة الاعزاء في ( النخبة ) اذاننا طنينا بقرارهم التاريخي في رفض ( الكوتا الدينية ) وخيارهم الصائب والامثل في التحالف مع القوائم الوطنية للحصول على مقعد لايتفضل به عليهم احد , بل هو استحقاقهم كتحصيل حاصل من قاعدتهم الشعبية العريضة والتي اعتقدوا , كما تركوا الاخرين يعتقدون , انها ستتخم صناديق الاقتراع بالاوراق الانتخابية , واذا بنتائج الانتخابات فتشير الى ان الجهد المبذول لايساوي اطلاقا ( كقيمة عددية ) تلك العشرات من الاصوات , مما يشكٍل انتكاسة كبيرة لقانون الفيزياء الشهير في الكفاءة . وهكذا وجد الاخوة الاعزاء في ( النخبة ) , وكما خططوا مسبقا , انفسهم يحصلون على مقعد على حساب ( الكوتا النسائية ) عوضا عن  (الكوتا الدينية ) . وتبقى الامنيات في ان يتمكن الجالس على هذا المقعد , وتبعا لظروف الحصول عليه , من التحرر , ما استطاع الى ذلك سبيلا , من فضاء ( الكوتا النسائية ) , ليحلق في فضاء قضايا شعبنا واماله ومطالبه . اللهم لاشماتة بأحد , لان نتائج الانتخابات اظهرت ان في الجميع يوجد ما يُشمت منه , ولكنها دعوة لنا جميعا لمراجعة الذات وجلدها طمعا في إداء افضل مستقبلا . .    

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها