إبن المعلٍم
وإبن الفقيروالانتخابات والكوتا النسائية
090213
المشهد
الاول
اتذكر جيدا كيف كان نعت ( إبن المعلم ) يثير الحرج احيانا عندما
يقترن وصفه بتصرف منسوب الى المعلمين , او ابنائهم , يعبر عن التمييز
, بل والظلم , تجاه الاخرين , سواء كان ذلك التصرف بقصد او بدون قصد
. نعم فقد كان بعض الناقمين على ابناء المعلمين ينطلقون في نقمتهم
تلك من غريزة الغيرة المشروعة , ولكن لايمكن ان ننكر ان قسما مهما من
الناقمين كانوا يبصمون نقمتهم بحوادث وشهادات من الواقع لايملك
الانسان تجاهها إلا ان يتفهمها , ويحاول امتصاصها , ودعوة المقابل
لعدم تعميمها كحالة تصح على الجميع . ما ان كان جرس الفرصة الكبيرة
يدق , حتى نخرج الى الساحة ورائحة الشواء تسود في فضائها فقد كان
عمال المدرسة ( الفراشون ) قد باشروا بإشعال ( منقلهم ) , و كان
المعلمون يشترون لابنائهم ايضا ( اللفات ) , وكانت عملية هضمها امام
جمع من الاصدقاء الذين ليسوا ابناء معلمين عملية عسيرة حقا , فكنت ,
ويشهد الله ليس دعاية , احرص على تقاسمها مع الاخرين او منحها لمن
يريد , حتى تمكنت من اقناع ابي بعدم حاجتي اليها . ويبقى امر ( اللفة
) هينا مقارنة مع يوم النتائج وانتهاء الفصل الدراسي , فحينذاك كانت
النقمة في اقصاها خاصة عندما كان يبدو واضحا للعيان كيف تم اقصاء احد
الطلاب من المركز الاول , وكان استحقاقه , لصالح احد ابناء المعلمين
. لاندعي هنا ان مثل هذه الحالات كانت تحدث دائما وبدرجة كبيرة وان
جميع المعلمين كانوا غير عادلين في تقييم طلبتهم , كما لايصح اطلاقا
القول انه لم يكن من بين ابناء المعلمين من كان جديرا بالتفوق , بل
نؤكد وجود علامات كثيرة مضيئة وامثلة ساطعة لانتصار المعلم , وهو
الاب والمربي , لضميره و طالبه وتلميذه , و اصراره في منحه مايستحق
بناء على جهده , دون ان يضع حسابا لاي اعتبار اخر . لكن هذا لاينفي
حصول حالات في الجانب المقابل , ويقينا لازالت تحدث اليوم , حيث يجد
المعلم او المدرس نفسه , احيانا , غير قادرعلى الوقوف امام الضغوط ,
فيتقدم غير المستحق الى المرتبة الاولى ويُمنح المستحق والجدير , في
افضل الاحوال , مرتبة ( الاول مكرر ) , وتكون الطامة كبيرة حقا ,
والجرح اعمق بكثير عندما يجد المستحق نفسه بعيدا عن المرتبة التي هي
حصته بمشوار طويل . وهكذا كان البعض الذي يشعر بظلم كبير قد وقع
عليه ينتظر ( البكلوريا ) على أحر من الجمر , فيجدها فرصة ذهبية
لاحقاق الحق , بينما كان ( بعض ابناء النستلة ) يجدون في البكلوريا
كابوسا يُفسد نومتهم الهانئة الرغيدة .
المشهد
الثاني
ظهرت النتائج الاولية لانتخابات مجالس المحافظات , وفيما يخص شعبنا
فقد أُعلن عن فوز قائمة عشتار بمقعد الكوتا في محافظة نينوى , ونشرت
المواقع في الايام الاخيرة سيلا من المقالات التي يدعو فيها البعض
الاخرين الى عدم الامتعاض وتقبل النتائج بروح رياضية , بل ذهب البعض
حتى الى استصراخ القيم المسيحية في النفوس لتهيئتها لقبول هذه
النتائج . ان هؤلاء يتوهمون حقا عندما يعتقدون ان المعضلة هي فقط في
فوز هذا وخسارة الاخر , ويغفلون او يتغافلون , سهوا او عمدا وقصدا
لدوافع عديدة , عن التأشير عن الخطأ وفضحه والتنبيه الى اثاره
المستقبلية ,فيكونوا جزءا من حالة التأسيس لبناء صحيح سليم متعافي .
فاذا كان هؤلاء الكتاب يكتبون مقالاتهم وهم يعيشون في صومعاتهم دون
ان يكلفوا انفسهم مشقة السؤال والتمحيص والتدقيق فيما حدث فتلك مصيبة
, اما اذا كانوا حقا على علم ودراية بكل التفاصيل ويصرٍون على تسويق
الخطأ سواء بشرعنته او بالدعوة الى التغاضي عنه عن طريق جبر الخواطر
, فالمصيبة حقا في هذه الحالة هي اعظم !. ان استعمال المنشطات في
المسابقات الرياضية خط احمر يتقاطع مع قوانين الالعاب , وحتى
مارادونا , بجلالة قدره , لم يسلم من العقاب وحكم القانون عندما تم
ضبطه بجرم تناول المنشطات ! ان الذي لايختلف عليه اثنان في سهل نينوى
, في السر او في العلن , يشير الى استخدام القائمين على حملة قائمة
عشتار لانواع مختلفة من المنشطات ,غطًت رائحتها الشوارع والباصات
والموبايلات والموائد والجيوب ! كهل فاضل عزيز يكبرني في العمر بفرق
شاسع , استأنس بارائه طمعا في حِكم الحياة وتجاربها , جمعتني وإياه
دردشة على كوب من القهوة بعد قداس الاحد, ودار حديث عن نتائج
الانتخابات فيما يخص شعبنا , فروى لي حكاية طريفة عن نائب في
البرلمان , في العهد الملكي , كان يسحب من البنك قبل الانتخابات رزما
حديثة ( تقدح ) من فئة الخمسة دنانير , ويشطر كل ورقة الى نصفين ,
فيعطي كل فرد من القائمين على حملته و ( للحبربشية ) وبعض الناخبين
نصف ورقة ويحتفظ بالنصف الثاني , وعندما تظهر نتائج الانتخابات ويبدو
ان الجميع قد ادى واجبه كما ينبغي , يعود كل اؤلئك اليه فيحصلوا على
النصف الثاني من الورقة الذي يتطابق مع ارقام النصف الاول , اما اذا
كانت النتائج كالرياح التي لاتشتهيها سفن مرشحنا العتيد فانه يعمد في
هذه الحالة الى حرق كل انصاف الاوراق التي بحوزته لكي لايستفيد منها
اؤلئك ( الغادرون ) ! . لا نسوق هذا الكلام بخلا بفوز عشتار او غير
عشتار , بل انطلاقا من رغبة صميمية في ان نمارس قواعد اللعبة مستقبلا
بالشكل الصحيح فنكون نبراسا , كما هو حالنا دائما , للاخرين , وكذلك
اجتهادا , قد يصيب او يخطئ , في ان تكون مصلحة شعبنا واهلنا هي التي
تتقدم على كل ماعداها . ويبقى في السياسة كما في الحياة , يضحك جيدا
ذلك الذي يضحك اخيرا , وهاهي ( البكلوريا ) قادمة لامحالة من خلال
الملفات الموضوعة امام الاعضاء المنتخبين لمجلس محافظة نينوى ,
وامنياتنا القلبية للاخ العزيز الفائز حظا جيدا ايضا في امتحانات
البكلوريا الصعبة وخاصة في امتحان الحراسات .
المشهد
الثالث
خلال الاسابيع الماضية ملأ الاخوة الاعزاء في ( النخبة ) اذاننا
طنينا بقرارهم التاريخي في رفض ( الكوتا الدينية ) وخيارهم الصائب
والامثل في التحالف مع القوائم الوطنية للحصول على مقعد لايتفضل به
عليهم احد , بل هو استحقاقهم كتحصيل حاصل من قاعدتهم الشعبية العريضة
والتي اعتقدوا , كما تركوا الاخرين يعتقدون , انها ستتخم صناديق
الاقتراع بالاوراق الانتخابية , واذا بنتائج الانتخابات فتشير الى ان
الجهد المبذول لايساوي اطلاقا ( كقيمة عددية ) تلك العشرات من
الاصوات , مما يشكٍل انتكاسة كبيرة لقانون الفيزياء الشهير في
الكفاءة . وهكذا وجد الاخوة الاعزاء في ( النخبة ) , وكما خططوا
مسبقا , انفسهم يحصلون على مقعد على حساب ( الكوتا النسائية ) عوضا
عن (الكوتا الدينية ) . وتبقى الامنيات في ان يتمكن الجالس على هذا
المقعد , وتبعا لظروف الحصول عليه , من التحرر , ما استطاع الى ذلك
سبيلا , من فضاء ( الكوتا النسائية ) , ليحلق في فضاء قضايا شعبنا
واماله ومطالبه . اللهم لاشماتة بأحد , لان نتائج الانتخابات اظهرت
ان في الجميع يوجد ما يُشمت منه , ولكنها دعوة لنا جميعا لمراجعة
الذات وجلدها طمعا في إداء افضل مستقبلا . . |