الدكتور وديع بتي حنا

 

wadeebatti@hotmail.com

 


الحكم الذاتي والحُبْ والغرام ايام زمان

080904

  مع التقدم في مراحل الدراسة الاعدادية , وبدايات وقوفنا امام المرأة لقيادة شفرة الحلاقة وهي تنجز دورتها حول الوجه , اتذكر اننا جميعا كأصدقاء , قد وضعنا اقدامنا على عتبة فصل جديد في الحياة , فأصبحنا نشعر بالخجل والحياء من افتراش الازقة والطرقات , ونحن نلهث ونصيح ونُعربد حول كرة نالها احدنا من ابيه في لحظة حنان خاصة . اتذكر وقتها كيف اصبح السشوار (مجفف الشعر) لجميعنا جزءا من العِدًة , فنرتٍب حالنا ونعير اهتماما مضاعفا بملابسنا وننتظر ساعات العصر على أحرٍمن الجمر لنتجول في القرية ونمرً على (اوكار الأحبة) . كُنًا مجموعة تزيد عن الخمسة وتنقص عن العشرة , ويعرف كل فرد فيها وكر زميله من احمرار الوجه وشرود الذهن اثناء المرور بمحاذاة دار من وجدها حبيبة له . وكان من الشهامة والوفاء والصداقة الصادقة ان يحرص جميعنا على التثاقل في خطواتهم قبل الوصول الى احد الاوكار وبعدها بقليل عسى ولعلً صاحبنا المسكين يفوز بنظرة تكفيه لمعيشة شهر!. اما اذا رغبنا ان نتأمر ونشاغب على احدنا فكان ذلك بحثٍ الخطوات سريعا لنسمع بعدها من المتضرر معزوفة رائعة من الجمل المفيدة يَصفُنا بها! . كان الحال هذا يستمر لساعات ونحن أشبه بالباص الذي يعرف خط مسيره ومحطاته ويعيد ذلك مرات ومرات . كان فلم الجمعة الذي اعتاد انذاك التلفزيون على تقديمه في الساعة الرابعة عصرا , وخاصة في فصل الشتاء , يثير حِنقنا وحقدنا على التلفزيون وادارته , لانه كان يعني ببساطة خسارة يوم في برنامجنا , حيث كانت دوراتنا وتجوالنا وجهدنا في ذلك اليوم يذهب سدى , فتنكسر أرجلنا , ولاطير في الشارع  ,ولاعصفور على الباب , فالكل حول المدفأة في الداخل يشاهدون فلم الجمعة اللعين !. وفي احد الايام جائني احد اصدقاء العمر, فرحا مُستبشرا , قلبه يسبق خطواته , يطلب المشورة , وقد كان الجميع يعتقد بانني مستشار عاطفي امين ومحل ثقة. قال لي صديقي وريقه يكاد ينشف ان حبيبة العمر قد ضحكت له . مرحا , بشوشا, سعيدا , قال (ضِحْكَتْلي) . وقد جلس طويلا مع نفسه يناقش ويحلٍل شكل الضحكة وعرضها وظرفها في الزمان والمكان ومغزاها واهميتها , و وصل الى قناعة بان طريقه معبد بالورود والضحكات , وحبيبة قلبه ليست نائمة في قصر مرصود وبعيد!. وهكذا قرر صديقي ان يتقدم خطوة اخرى و يصارحها بحبه البرئ والصادق , وطلب مني المساعدة في هذا الشأن . كيف لي ان اردً صديق عزيز في امر يقول الناس ان أجره عظيم , أن تجمع رأسين على مخدة واحدة , بالحق وبما يُرضي الله , قد يعادل عبادة ألف شهر! . وهكذا بحثت عن الفرصة المناسبة لكي اوصل الرسالة , بل وأُرفقها بتزكية شخصية تصف حال صديقي وصدقه في مشاعره , وكانت المفاجأة ان صاحبة الشأن قد وجدت الامر حقا مفاجأة لها , حيث لم يكن اطلاقا في بالها وحسبانها , كما انها لم تترك خيطا بسيطا من الامل في انها ستعيد التفكير في ذلك . عُدت الى صديقي الذي كان ينتظرني كما ينتظر الطفل قطعة الحلوى واخبرته (بالحقيقة المُرة) , فاحسست في ردة فعله انه قد اصبح لايُطيق الحلوى و يلعن الحقيقة التي جاءت بها !.

 حال الاخوة الاعزاء المتحمسين للحكم الذاتي , كما يفهمونه ويسعون اليه , يكاد يكون شبيها بحال صديقي المسكين المشار اليه في السطور اعلاه . فهؤلاء الاخوة ينقسمون الى صنفين , الاول هو (صاحب الضحكة) والمُستهدَف فيها, والثاني ليس له حصة فيها , بل وجد , في خياله , احدى حواسه الخمس تشهد عليها , وكان اشد مغالاة من الصنف الاول في معالجة تلك الضحكة وبناء مجموعة من القصور الرملية عليها . وهاهم جميعا اليوم , حيث يقتربون من الاصطدام كما اصطدم صديقي , بالحقيقة الدامغة , يكررون رد الفعل نفسه في رفض الحلوى والحقيقة , من خلال هجمة شرسة لم تُبقي من الاوصاف وصفا , ابتداءً بالقصور والضحالة , ومرورا بالكذب , وانتهاءً بالتخوين . ان الاخوة من انصار الحكم الذاتي , بالشكل المعروض , مدينون بالشكر والتقدير لكل الرافضين له والمتحفظين عليه, ويقينا ان لحظة نكرانهم للذات ستجعلهم , على الاقل مع انفسهم اذا افتقدوا الشجاعة في اعلان ذلك على الملأ, يعترفون بالدور القومي والوطني المسؤول الذي اتخذه المعارضون والمتحفظون وتحمًلوا من اجله كل اشكال التعيير والتهميش والاقصاء , حين قرروا رغم كل هذا , الصمود والبقاء اشارة حمراء تمنع انزلاق من استطاب الانزلاق. ان دعوة الاستاذ الفاضل جميل زيتو رئيس المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري قبل ايام ومطالبته رسميا بتثبيت حقوق شعبنا في الحكم الذاتي في سهل نينوى (كما جاء في نص الخبر) , يضاف الى ذلك انحسار واضمحلال واضح لدى انصار واجهزة اعلام الحكم الذاتي في استخدام عبارة (في مناطقنا التاريخية) لصالح بروز الدعوة اكثر  تجليا ووضوحا الى اقامة الحكم الذاتي في سهل نينوى فقط , كل هذا يعيد هؤلاء الى المربع الاول الذي حاولوا دائما القفز منه , عندما قلنا مرارا وتكرارا ان مشروع الحكم الذاتي بالصيغة التي يطرحونها هو مشروع مفصًل اساسا على مقاسات جسم سهل نينوى وفق شروط محددة , بل ويُعرٍض اساسا مصداقية الداعين اليه الى الاهتزاز , كونهم كانوا يرفضون حتى وقت قريب حقائق المربع الاول جملة وتفصيلا , حتى ان احد الاخوة الاعزاء المتحمسين جدا للمشروع قد قال لي ونحن نحتسي كوب القهوة بعد انتهائنا من برنامج تلفزيوني حول شعبنا , قال بالحرف الواحد, ونقلا عن قيادة مشروع الحكم الذاتي ان المطالبة بسهل نينوى فقط لايحقق على الاطلاق طموح شعبنا !.  نحن هنا لاننكر حق السياسي في التكتيك والمناورة والتكيٍف مع الواقع المتاح , ولكننا في الوقت نفسه نتعامل مع مصير شعب وحياة ابنائه كما مع حقائق كانت ولازالت واضحة جلية . 

 اذا كان اصحاب الضحكة الاصليون , ولايمكن ان يُنكر صدقهم وجهدهم لصالح شعبنا , قد اختبروا الضحكة التي اتجهت صوبهم و استهدفتهم , وادركوا انها (ضحكة اعلامية هوائية) ومن الصعب تحويلها الى (ضحكة دستورية), واعادوا تقييمها بما يؤدي الى علاقة واقعية متوازنة بنمط جديد يسودها كل عناصر الرغبة الصادقة في افضل علاقات التعايش والمصالح المشتركة , وقرروا في الوقت نفسه البحث في الية جديدة لهدفهم الطموح في الحكم الذاتي او الادارة الذاتية لابناء شعبنا في سهل نينوى انطلاقا من استبيان رغبة اهل السهل وتأهيله اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا ليكون بؤرة اشعاع وعامل توازن ومنطقة تعايش مشترك وواقعا مقبولا من الجيران , يرون فيه جميعا عربا واكرادا مبعث فخر ومصدر قوة لهم , على ان تُترك مسألة تحالفاته الستراتيجية او اندماجه واتحاده مع الاخرين للمستقبل بعد انجاز مراحل متقدمة من التأهيل , فان كل ما تقدم هي مؤشرات ايجابية اذا تم تأكيدها بالاعلان الصريح والاعتراف بصواب الاخر في احكامه وتقييمه , حيث ربما ستمنح هذا الاخر فرصة اعادة تعيير موقفه للبناء على القواسم المشتركة الجديدة .   

 بقي ان اهمس في أُذن الصنف الثاني , الذي ركب موجة الضحكة السابقة وصال وجال ولازال بها , ووصل بنا اخيرا الى اخر إكتشافاته في ان سهل نينوى هو (أصلع قوميا) والحلاقين الذين يتواجدون فيه هم حلاقون مبتدئون (نصف ردن) , فاقول لهم , ان اهل سهل نينوى يرون انهم قد جسًدوا طوال هذه الفترة وبشكل رائع دور (إبن عمْ الخيًاط اللي خيًط بدلة العرس) , وهم هكذا بالنسبة للسهل تأثيرا ووجودا.

حتى الخيًاط الماهر يبدو قد سئم من هوساتهم وهلاهلهم فقرر العزوف عن إكمال خياطتها!.

 ملاحظة مهمة جدا

 لكي لايزيد رصيدنا في تقويل الاخرين والتجني عليهم , حيث نملك وكما يقول الاب الفاضل عمانوئيل يوخنا رصيدا في هذا لايحسدنا , مشكورا , عليه ولانريد ان نحطٍم الارقام القياسية فيه  ! , فان الرابط التالي

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,217895.0.html

  يشيرالى نص التصريح الذي صرًح به الاستاذ الفاضل جميل زيتو حول مطالبته بالحكم الذاتي لسهل نينوى ونشره بالنص في موقع عنكاوة الاستاذ العزيز جبرائيل مركو مسؤول مكتب اوربا للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري , وكنت ايضا قد سمعته بالنص من قناة عشتار الفضائية في احدى نشراتها الاخبارية كما شاهدته ايضا على موقع قناة عشتار . وقبل ارسال هذا المقال ولاجل توخي الدقة والتأكيد عدت للبحث عنه في موقع قناة عشتار ففوجئت بوجود الرابط التالي

http://www.ishtartv.com/news,3928.html

 وهو يتضمن نصا مختصرا يختلف عن النص السابق . فلا ادري إن كان هذا يعني عدم وضوح في الموقف ومكاشفة وصراحة كاملة في البرنامج والنوايا لحد الان ؟ !, علما ان الاستاذ الفاضل حبيب تومي وفي مقاله الاخير الموسوم (لقائي مع الاستاذ سركيس اغاجان وحديث على نار هادئة ) في الرابط التالي

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,217665.0.html

 يشير صراحة , وهو كاتب معروف يعي مسؤولية مايكتبه , الى ان  الاستاذ سركيس اغاجان (تتمحور اماله في ان ينال شعبه الحكم الذاتي على رقعة جغرافية من ارض العراق وتحديدا في سهل نينوى) .

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها