سُميًل – إنهم أحبًوا وبعض الهوى ذبًاحُ
080805
منذ قرون
وقرون , ومذ إختار شعبنا الحب والسلام , إيمانا
وعقيدة دينية , اصبح الصليب وطريق الألام عنوان حياته, وباتت المعاناة
اختصاصه
العام والدقيق. يُبدع شعبنا في وصف ألامه ومعاناته لانها جزء منه وهو جزء
منها
,
ولاخير في مَن لايجيد إختصاصه. شعب ما أروعه وما أسماه , يُجلد ويُساق
لقرون الى
المحاكم والمجامع , يُعيًر باطلا , ينال البصق والضرب والطرد والصلب ,
ولايتنازل
قيد أُنملة عن مبادئه , بل يعيد كل ماسبق الى اصحابه, ويلقي جمرة النار
على رؤوسهم
,
وهم يشاهدونه يغتسل بجروحه , يقف شامخا على عود صليبه , مترفعا عن النظر
اليهم
,
تحلٍق عيناه في زرقة السماء , يستهزئ ( ببطولاتهم ) , يضرم صوته النار في
احشائهم
,
فيسقطون على وقع صداه وهو يجلجل ( إغفر لهم , إنهم لايعرفون ماذا يفعلون
(!.
يقينا كثير غيري , عندما كان صغيرا لايعي الحياة جيدا , وجد نفسه في ذات
الموقف , حائرا دائخا امام أهات وتأوهات كبار السن الذين شاءت الصدف ان
يكون حاضرا
في مجالسهم واحاديثهم عندما تُذكر ( سُميًل ) , وعند المبادرة بالسؤال عن
الذي حدث
في (سُميًل ) , كنا نسمع سريعا جوابا مقتطفا في ان مذبحة لشعبنا قد كانت
المدينة
مسرحها . كان اهلنا يعتقدون ان عدم سرد تفاصيل الجريمة , باحداثها
الدقيقة , هو
ضرورة تتماشى مع قواعد العصر المتبعة حاليا في منع الاطفال من مشاهدة
افلام الرعب
والجريمة والأكشن التي لاتتناسب مع أعمارهم . ولكن كلمة ( المذبحة ) كانت
كافية حقا
لتُشعل الرغبة في البحث والقراءة والسؤال والمناقشة في كل ماحدث , بل
أصبحت ( سًميل
(
احدى القبل التي تشخص العيون صوبها , وباتت اسماء عناوين مرتكبي الجريمة
فيها
نذيرا بالشؤم ومدعاة , حال النطق بها حتى ولو كان ذلك من قبيل الصدفة ,
للاصابة
بفقدان الشهية. اتذكر لحد الان كيف كان الغضب والصلابة تتطاير شذرا على
وجه اخ
وصديق اشوري وهي تمتزج بالألم الذي يعتصر قليه , ويده تحيط بقدح الماء
وكأنها تنوي
عصره , وهو يقول ( إن كنت تبغي معرفة احاسيسي ومشاعري اتجاه مرتكبي مذبحة
سميًل
فعليك بسؤال احد الاخوة الشيعة عن حاله عندما يُذكر يزيد ). حقا , في (
سميًل
)
تأمرت اطراف واطراف , قوى الشر من كل فجٍ عميق , إجتمعت ( على الله
ومسيحه ) . في
)
سميًل ) لاتجد صعوبة في تشخيص ( إبن الاسخريوطي ) وهويتكلم لغة جديدة وقد
باع سيده
الى صالبيه , دون ان يفكر قط بعد ذلك في ان يعاقب ويشنق نفسه . ولكن في
(سميًل
( ,
كما هو الحال دوما , انتصر الدم البرئ المهدور وصرعت الجُبًة الكهنوتية
المهانة
فلسفة عنترة العبسي , وسيفه , ورمحه , وماتمنطق به. في ( سميًل )
تعلًمْنا ان قتل
المبادئ , بالنسبة لشعبنا , لايمكن ان يقبل ان يتم إلا على جثة الحياة ,
فتروي
بالدماء الزكية تربة المبادئ , فتورق , وتزهر , وتُثمر من جديد , وهكذا
كان طبيعيا
ان تُنجب ( سميًل ) جيلا من التمرد الواعي والمُحب بلاحدود , فها هي (
ألقوش
العنيدة ) التي نمتلئ شموخا عندما نسمعها تقول ( نا ) , وتلك هي ( عنكاوة
) تخرج
منها , بكرى وأصيلا , الى الأصقاع صيحات ( نحن هنا ) , وهذه هي (بغديدي
وبرطلي(
قلاع للسريان وسد امام الطوفان , وهكذا كل اسماء مدننا وقرانا الجميلة
المسالمة
الأبية.
في
يوم الشهيد الذي روى ارض ( سميًل ) وغير ارض ( سميًل
(
في بلاد الأباء والاجداد , ونحن نعيش هذه الظروف المصيرية في حياة شعبنا
, تاريخا
وحاضرا ومستقبلا , ما أحوجنا , الى رص الصف , وتوحيد الجهد , ونكران
الذات , وتقديم
اجندة شعبنا على كل ما عداها من الأجندات , فترتقي مؤسساتنا السياسية
والدينية
والاجتماعية الى مستوى المسؤولية لمجابهة (مذبحة سياسية ) اخرى تُقترف
بحق شعبنا
,
وهي مذبحة الاقصاء والتهميش , في عراق نحن فيه الاصل والاوفياء على
الدوام , وهي
لاتقل بشاعة في نتائجها عن مجزرة (سميًل(.
ياشهداء ( سميًل ) , ياقافلة
الشهداء قبلها وبعدها , جنات النعيم حقُ لكم , ذكراكم واجب على كل من
يؤمن
بمبادئكم
,وينتظر لقائكم
.
إنكم أحببتم وبعض الهوى ذبًاحُ
..... |