الدكتور وديع بتي حنا

 

wadeebatti@hotmail.com

 


 فستان هيفاء وهبي والرئيس السوداني

080717

 من وحي افلام الخيال السياسي :

 اثارت حادثة تمزق فستان الفنانة العربية الشهيرة ( هيفاء وهبي ) , وهي تقدم احدى حفلاتها في منطقة ( بنت جبيل ) في لبنان , قلقا كبيرا في الاوساط الرسمية العربية , حيث رأت , هذه الاوساط , في الحادث تحديا خطيرا ينبغي التوقف امامه بإمعان لما قد يسبب في حالة تكراره من ( تداعيات و شروخ في مصير الامة في حاضرها ومستقبلها ) .حتى ان احدى الدول الخليجية النفطية ( التي قد اخذت على عاتقها منذ زمن بعيد مهمة رعاية الفنانات العرب ) قد هددت لبنان بانها ستقوم بنفسها بدعوة الجامعة العربية الى الانعقاد في جلسة سرية , اذا رفض لبنان فعل ذلك , من تلقاء نفسه  بحجة ان الحادث كان عابرا . حيث كانت تلك الدولة الخليجية حازمة في القول في ان الفنانة ( هيفاء وهبي ) ليست لبنانية الجنسية فقط , بل هي عربية الجنسية وهي ( سفيرة الامة و احدى لوحاتها ) امام الامم الاخرى وفي العالم .

 وهكذا جلس ممثلو الدول العربية في لقاء اتسم ببالغ السرية , بعيدا عن اضواء كاميرات الفضائيات والاعلام . ويقال والعهدة على الراوي , ان اللقاء كان من انجح اللقاءات العربية لما سادته من اجواء الحوار الساخن والبنًاء الذي بدت عليه اقصى درجات الحرص والرغبة المشتركة لاشباع الموضوع بالنقاش دون التقيد بالتوقيت والوقت من اجل الخروج بافضل الحلول . حتى ان احد المندوبين قد طلب إحضار ( سي دي ) خاص بالحفل على ان يتم عرض, مشهد تمزق الفستان بالتصوير البطئ , وضبط الصورة في اللحظة الحرجة , ليتسنى معرفة الملابسات التي ادت الى الحادث . وكان مندوب احد الانظمة الشمولية حادا جدا في المطالبة بتسليمه الخيًاط الذي قام باعداد الفستان لادخاله ( دورة تدريبية مكثفة ) في احدى ( منشأته الوطنية ) . وقد اشاد المندوبون جميعا بالتصرف النابع من الحكمة والغيرة على ( مصلحة الامة ) والذي اعتادت الفنانة ( هيفاء وهبي ) القيام به في كل برامجها الفنية , والمتمثل في حرصها على اقتناء فستان اضافي ثان , بنفس مواصفات الاول , تحوًطا لهذه الاحتمالات والمواقف , بل ان احد الحضور اقترح ان يقوم ( صندوق التنمية العربية )بتغطية نفقات هذه الفساتين الاضافية كبادرة تشجيعية للفنانة المحبوبة ولكي تحتذي بها زميلاتها من الفنانات . وقد وقف الاجتماع طويلا امام التصرف الشهم الذي قام به احد المواطنين في الحفل , والذي نزع (الجاكيت ) بسرعة البرق وغطى بها جسد الفنانة ( هيفاء وهبي ) حيث اعتبر الحضور جميعا هذا الموقف بمثابة ( حقنة بالحياة ) لمعاهدة الدفاع العربي المشترك التي كانت قد لفظت منذ زمن غير قريب انفاسها الاخيرة , وذهب مندوب اخر الى ضرورة تواجد دائم لمن يرتدي الزي العربي في الصفوف الاولى في قاعات الحفلات , كون (العباءة ) هي السلاح الدفاعي الامضى من ( الجاكيت) في مثل هذه المواقف . هذا وقد خلص المجتمعون الى ضرورة تشكيل ( لجنة قوية ) تقوم بمتابعة الموضوع وتنفيذ القرارات

بالتعاون مع الفنانة القديرة وقد بدت , وعلى عهدة الراوي ايضا , علامات السعادة والانشراح واضحة على وجه الامين العام للجامعة العربية , حيث لم يجد الوقت طويلا ليضع يده على خده , و يجلس مهموما ينتظر من يتطوًع ليكون في اللجنة , بل كان التسابق في اقصى حالاته , وخاصة من الدول صاحبة الثقل والقرار والنفوذ , للمشاركة في اعمال هذه اللجنة ,وهكذا تشكًلت , كما يقال , افضل لجنة تتشكل لحد الان في الجامعة لمعالجة احدى القضايا العربية . وخُتم الاجتماع بوصلة فنية هدية من الفنانة القديرة للمجتمعين , وخرج الجميع راضيا منتشيا بما جرى فيه وتمخض عنه .

ولكن هذه  البلدان المسكينة  كُتب عليها ان لا يستمر الفرح فيها طويلا , فقد اعتاد ت ان ترى بعض قادتها ينهون يومهم بحفلة سمر صاخبة لينهضوا في الصباح الذي يليه على مصيبة كبيرة ! , ففي اليوم التالي وبينما كان المندوبون يهمًون بحزم حقائبهم لمغادرة فنادقهم والعودة كلًُ الى بلده , كان المندوب السوداني يتباحث مع السيد الامين العام للجامعة في امكانية استغلال وجود المندوبين وتقديم دعوة رسمية باسم السودان لعقد اجتماع رسمي علني يناقش قضية مذكرة التوقيف التي اصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني (عمر البشير ) متهمة اياه بجرائم الابادة الجماعية في ( دارفور ) . دعا الامين العام المندوبين مرة اخرى وكان على اغلبهم يبدو التعب والملل , يتقدمون الى الاجتماع كما يقال بخطوة الى الامام وخطوتين الى الخلف . انقلبت اجواء الحوار الساخن التي سادت نفس القاعة في اليوم الماضي الى حوار رتيب , بل اكتفى بعض الاعضاء بالتعليق على الموضوع بعبارة (لا حول ولاقوة إلا بالله ) , وعاد ( المسكين الامين العام ) الى وضع يده على خده عندما وصل الامر الى قرار تشكيل لجنة لمتابعة الموضوع , فالجميع مشغول ومتخم حتى الراس بالمواضيع والملفات , وقبل الختام كان صوت المندوب الليبي مزمجرا في القاعة وهو يتقدم (باقتراح اللحظة الاخيرة ) , في الطلب الى المحكمة الجنائية الدولية بإلغاء قرارها على ان تُصدر عوضا عنه قرار بتوقيف الفنانة ( هيفاء وهبي ) بتهمة جرائم أسر القلوب . عاد الانتعاش ليرتسم فجأة على وجوه أغلب الحضور , فقد اعتقدوا انهم عائدون من جديد الى مناقشة موضوع الأمس , لكن الامين العام نطق بكلمة الشكر الاخيرة وتمنى لهم سلامة العودة الى بلدانهم , واما الرئيس السوداني فله ربًُ كريم رحيم .

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها