اقرأ المزيد...

 

wadeebatti@hotmail.com

 

الدكتور وديع بتي حنا

080407


الاب يوسف عادل وشمعته – الملثمون وكاتم الصوت صراع النور والظلام في جولة جديدة

 تُرى ماذا سيكتب القتلة في بيان اعلان ( انتصارهم ) ؟! هل سيكتبون انهم تمكنوا من صيد ثمين عائدا من دعوة على الغذاء مع ( كروكر وباتريوس ) ؟! هل سيقولون انهم انزلوا القصاص بخائن الشعب وسارق ثروات الوطن ؟!, نتحداهم ان يكتبوا الحقيقة ويقولوا انهم قد أستجمعوا كل رجولتهم ليقتلوا انسانا اعزل , معروفة خطواته واماكن تواجده , فهو اما في الكنيسة حيث يرفع صلاته للرب من اجل الجميع , اوفي دار المسنين حيث يخفف عن الكهول هموم الوطن والحياة وسنوات الشيخوخة , اوفي بيوت الرعية يزورهم يطمئن عليهم , فهو الراعي الصالح الذي يسهر من اجل الخراف . أم ان القتلة يتوهمون فيعتقدون انهم بفعلتهم هذه يطفئون شمعة النور التي بين يديه , مساكين هم هؤلاء البائسون , فقد فاتهم اننا , نحن المسيحيين , نعشق الجلجلة حتى النخاع , ونحيا بالخشبة التي ارتفعت فوقها , وقد توارثنا عشق الجلجلة عبر الاجيال , منذ ان حلت النعمة علينا وسكنت القلوب والعقول , ورأينا مجده مجدا , وحاشا لنا ان نفتخر إلا بالصليب الذي يرون فيه عارا ونرى فيه فداء وخلاصا , نعم لقد فات المجرمون ان هذا الشعب الذي سكن هذه الارض قبل الجميع , تضرب جذوره قاعها , وزرع فيها كل بذور الخير والصلاح , أمن ان قدره ان يبقي ثابتا عليها , تحتظنه ويحتظنها رغم محاولات من هبً ودبْ لتصفيته وانهائه او ارساله الى المتاحف . وهكذا ليست الشمعة التي نراها بيد الاب الشهيد يوسف عادل هي من صنع الحاضر, بل هي شمعة انتقلت مع الاجيال وبقيت تضئ على الدوام لمن يسكنون في الظلمة تنير الطريق لمن يتقبلها, وتغيظ النفوس الشريرة , التي اتحدت مع الشر والظلمة الى الابد  ,وترى في النور خنقا وكتما للانفاس .

 بيلاطس صلب بالمفرد وها هو جورج بوش في القرن الواحد والعشرين يصلب بالجملة . مع ان بيلاطس , وقبل الفي سنة , قد قال بملئ فمه انه لايجد المسيح ( له المجد ) مذنبا وغسل يداه تأكيدا على ذلك , إلا ان اسم بيلاطس بقي على الدوام مقترنا بمسيرة ومشهد الصليب , كون بيلاطس , وبعد مشيئة الرب له المجد , هو صاحب قرار الصلب الوضعي . لكننا اليوم نرى بيلاطس الجديد متغطرسا أحمقا , لايخطر في باله ان يغسل يداه من دماء وارواح الملايين التي ازهقها بفعل جريمته الشنعاء بحق وطن عريق وشعب كامل. نعم لقد لعب رؤساء الكهنة دورا تحريضيا مهما في تحشيد جموع الرعاع لتطالب بيلاطس بالصلب حكما بحق الفادي , ولكن بقي القرار الاخير ذلك الذي نطق او أومأ به بيلاطس , واليوم يتحمل الاحتلال المسؤولية الرسمية والاخلاقية والقانونية الاولى في كل قطرة دم تراق في زمنه وفي كل دمعة تذرف امام انظار قواته. اما بعض القوى التي ابتدعت لنفسها بدعة جديدة تتمثل في ان خروج الاحتلال يتم بقتل المسيحيين وتصفيتهم , فهي قبل كل شئ ترتكب جريمة كبرى بحق تاريخ مشترك يمتد عمره الى الاف السنين , هذا اذا كانت اساسا تنتمي الى هذا التاريخ , او تجد نفسها جزءا منه , كما تسئ الى فكرة المقاومة المشروعة  اساءة بالغة فتجعل منها كابوسا مقززا بلتقي مع كابوس الاحتلال فيجعل الحياة اكثر سقما , ناهيكم عن ان الجميع يعرف ان المسيحيين لم يرسلوا بطاقات الدعوة للاحتلال , كما لم يذهب احدهم الى رموزه فكشف عن ساقه لهم ليغريه بالمجئ , وايضا لم يكن احدهم مع حاشية مستقبليه الذين فرشوا له السجادة الحمراء , واخيرا لم ينال المسيحيون من الاحتلال امتيازات وحقوق , فهل من العدالة ان يدفع البرئ الثمن ؟!

 قبل ايام قدًم وزير الخارجية الفنلندي استقالته مرغما بعد ان كشفت الصحف فضائحه الغرامية , حيث كان هذا الوزير قد ارسل عدة رسائل غرامية من هاتفه النقال, فكانت هذه الرسائل سببا في سحب الثقة عنه , في العراق يسقط العشرات من الابرياء يوميا ويخرج المسؤولون على محطات التلفاز بالتصريحات الرنانة واعلانات الانتصارات على خلايا القتل الارهاب , الفساد يستشري في كل مكان والدولة جثة هامدة يتصارع الجميع من اجل قطعة اضافية ,  ولم نسمع احدهم قد اقر بالفشل وطلب الاعفاء ! . لقد اصابتني الدهشة وانا استمع لمراسل قناة عشتار في بغداد , وهو يتحدث في سياق النشرة الاخبارية باللغة العربية , عن ملابسات حادث اغتيال الاب الشهيد يوسف عادل عبودي , فأشار الى ان بعض رجال الامن , الذين تحدث معهم عن الاغتيال , يأخذون على الاب الشهيد اقدامه على النزول الى المدينة بملابسه الدينية , مما دعا بعض العناصر المسلحة الحاقدة الى ملاحقته واغتياله. اذا كانت الدولة وقوات الاحتلال لايستطيعان تأمين حياة رجل دين مسالم , فعن اية انجازات تتحدثون ؟ والى اية خطوات الى الوراء عدنا عندما يصبح تواجد رجل الدين المسيحي بملابسه الدينية في الشارع خطر على حياته وربما حياة الاخرين ؟!

 بماذا يغيض المسيحيون من يستهدفهم ؟هل بغصن الزيتون الذي يرفعونه بوجه الجميع ؟! أم بشمعتهم التي ينيرون فيها طرق الحق والحياة ؟!أم بفعالياتهم الدينية و الاجتماعية على شاشاتهم الفضائية وفي مواقعهم الاعلامية الاخرى وهم يقدسون الحياة ويمنحوها طعما ويؤسسون لجسور مع الجميع؟! أم بثقافة التسامح والسلام التي كانوا على الدوام رسلها وروادها. إن كان لكل هذا مجتمعا , فحقا مشكلتنا ومصيبتنا نحن المسيحيون كبيرة وعظيمة لاننا لانملك ولانستطيع ان نكون إلا كما اعتدنا ان نكون وكما اعتاد من يعايشنا ان يعرفنا. نعم قال الرب ( لاتنتقموا لانفسكم بل أتركوا ذلك لغضب الرب ) , ولكن الرب لايمنعنا من ان ننتقم بطريقة اخرى فنقترب اكثر من بعضنا البعض , يحتمي احدنا بالاخر , نتوحد قلبا وقالبا , نبقى عناوين بهية للحياة كما اوصانا ابانا الذي في السماء , نصلي لمن قرر ان يضعنا هدفا له , فتنهمر جمر النار على رأسه .

 جنات النعيم لك يا شهيدنا الجديد الاب يوسف عادل عبودي , انه الدم الكلداني السرياني الاشوري يتوحد ليحكي قصة شعب واحد وتاريخ واحد ومصير واحد.

عذرا ايها الاب الشهيد إن كنت ترى ان بعض كتابنا قد استنزفوا كلمات الرثاء وجفً حبر اقلامهم وغاب عنهم ان يستثمروا فرصة اراقة دمك الزكي فيتركوا العالم لايحيد في نظره عن مأساة شعب عريق.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها