اقرأ المزيد...

 

wadeebatti@hotmail.com

 

الدكتور وديع بتي حنا

080305


 ايها المطران الجليل , ألا يكفيهم انهم قتلوك خمسة عشر مرة

 من جديد , شاة تُساق للذبح وليس لها إلا أن تطلق اهات مخنوقة , مرة اخرى يدفع البرئ ثمن المهزلة وهو ليس له فيها لا في العير ولافي النفير, ماأقسى ان يرى الانسان جهد عقود من السنين وقد بات هباءً منثورا , ما أفضع ان يرى نبتة الحب والسلام التي زرعها بيديه الطاهرتين , واستمر يرويها , يوما بعد يوم وشهرا بعد شهر وسنة بعد سنة , املا في ان يتفيأ بضلالها كل الموحدون وعشاق السماء والارض , وقد تحولت في لحظة مشؤومة الى غابة موحشة , يحصد منها دما وموت ! الحبر الجليل المطران بولس فرج رحو , رسول السلام في القرن العشرين ومابعده , اختار ان يسير في الازقة والطرقات , يجول يصنع خيرا , مع الجميع بالوانهم ومذاهبهم واديانهم وقومياتهم , توًلع عشقا في مهنة صيد الناس ليجعلهم طعاما لله ولتكون كلمة الحياة خبزا لهم , يدعو نفسه قبل الاخرين الى التوبة وعمل الصلاح , يشعر بالفرح حد الثمالة عندما يستطيع ملامسة دموع الخطاة, ينادي الجميع بل يتوسل اليهم , أن كُفوا عن إجبار المسيح ( له المجد ) على الصعود , مع كل خطيئة ومعصية , الى خشبة الصليب من جديد , انه صوت صارخ في برية الموصل وفي كل مكان , ان قومِوا طريق الرب واجعلوا سبله مستقيمة.

 اي كابوس احمق هذا , اية محنة هذه ان تُقتل الخراف والراعي المسكين يشهد الحدث , لايملك ان ينطق ببنت شفة , بل انى للكلمات ان تخرج وهي ترى بين الايادي هذا الحصاد المرير , حصاد لم يخطر في البال والحسبان , لايتفق مع كل الحسابات , بل انه الاستثناء الذي اصبح قانونا في زمن اللاقانون. يقينا ان هذه المحنة هي لحظة فاصلة في الزمن والحياة على المستوى الشخصي ومن المؤكد ان المطران الجليل , وبعد ان ينشر الله نوره في نفوس خاطفيه ويُفك اسره , سيعود ليختصر حياته ومسيرته بمرحلتين تاريخيتين , قبل الاختطاف وبعده , كما ان شعبنا يجب ان يراجع الذات ويعيد الحساب على اساس ان هذه العملية ومثيلاتها هي محطات فاصلة ليس لرد الفعل الاني على الحدث فحسب , بل لاعادة تعيير البرامج والخطط وقبل ذلك الذات لكي نكون جميعا بمستوى التحديات .

 سمير ورامي وفارس , ثلاثة براعم لم تعمل في السياسة ولم تحضر اجتماعات مجلس النواب ولم تتمتع بامتيازات اعضائه , بل اختارت حضور صلاة درب الصليب وطريق الالام . لكل من هؤلاء الشهداء الثلاثة , ثلاثة اطفال بعمر الزهور حكم القدر الاحمق عليهم ظلما بالشيخوخة المبكرة , لان الانسان يبقى طقلا حتى يفقد احد والديه فيدخل مرحلة الشيخوخة دون استئذان ولاسمة دخول , إذن تسعة زهور تم تحطيمها , مضافا الى ذلك الثكالى امهاتهم , قرينات الشهداء الثلاثة , الناتج خمسة عشر ضحية , بعضها اصبح اشلاء والاخر محطم حتى الموت , هذا اذا بقينا في الدائرة الضيقة جدا ولم نتجاوزها الى الدائرة الاكبر , حيث الام التي ينزف قلبها دما , والاب الذي تقوس ظهره والاخ والاخت والصديق والمحب وكل الحزانى لاخوة في الانسانية والدين والوطن قضوا دون ذنب او جرم .

 يامطراننا الجليل , يا ابينا يعقوب , قلوبنا عليك تقطر حزنا وانت ترى , ابنائك الروحيون , ( يوسف ) بالعشرات  يُرمى في البئر, لكنك كما عرفناك ستبقى تؤمن انهم ليسوا اخوة يوسف الحقيقيين , فاؤلئك يعرفوك جيدا وتعرفهم جيدا , معهم اكلت وشربت ,  خرافك وخرافهم كانت دوما وستبقى في مرعى واحد , لايفرق الذئب وبنات اوئ  بينها فلطالما امتزجت الدماء في ليالي الغدر ,فرحت لفرحهم وحزنت لحزنهم , يتذكرك الجميع كيف تعشق ان يمتزج ايقاع الناقوس مع صوت الاذان تكبيرا وتمجيدا للخالق العظيم.

 وانتم ايها الكلدان , ايها الاحبة الاقرب الى النفس من حبل الوريد , يا اهلنا واخوتنا في الحسب والنسب , كُتب عليكم ان يكون نصيبكم القدح المعلى في سقاية شجرة الاصرار على الوجود , وكُتب علينا ان نفخر بكم قياما وقعودا , مع الصباح وعند الاصيل.

وانتم ايها الخاطفون , لقد انجزتم المهمة وقتلتم شيخنا الجليل عشرات المرات وجعلتم ظلما الموت ظله , حتى يشاء الله امرا كان مكتوبا , وهو ابن ورسول للحياة , فما نفعكم بالمزيد.

الملايين في مشارق الارض ومغاربها , شعوبا وقبائل واجناس مختلفة , مسلمين ومسيحيين وديانات اخرى , تطمع في ان تكحل اعينها برؤية الشيخ والحبر الجليل , فتمسح بعض دموعه تعبيرا عن الوفاء فهل ياترى يصل هذا النداء .

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها