اقرأ المزيد...

الدكتور وديع بتي حنا

 

wadeebatti@hotmail.com


المدارس مرة اخرى وفرصة العمل الجماعي الموحد

071117

  اثار مقال الدعوة الى وضع برنامج قومي كبير, بما في ذلك افتتاح مدارس خاصة ,لتحسين الواقع التربوي والتعليمي في مناطق تواجد شعبنا بصورة عامة وفي سهل نينوى بصورة خاصة ردود افعال متباينة, حيث ترك لي صديق واستاذ عزيز رسالة قصيرة على البريد الالكتروني بعد نشر المقال بساعات يعبر فيها عن دهشته لما قرأت عيناه حتى انه تساءل عما اذا كان ذلك حلما أم حقيقة , في حين نشر الاستاذ الفاضل سامي بلو مقالا قيَما على صفحات موقعي عنكاوة ونركال العزيزين , وتحت العنوان الموسوم ( الدكتور وديع بتي حنا وخطوة الى الوراء ). وقد قمت شخصيا بنقل المقال الى موقع برطلة. الملاحظ ان التحفظات التي ابداها الاخوة والاساتذة الاعزاء على المقال وما ورد فيه تتمحور في نقطتين هامتين , الاولى فيما اذا كان المقال مقدمة ( لتغيير الكير ) وربما الى الخلف في اعتقاد البعض على صعيد الافكار والرؤيا الشخصية , كما جاء في عنوان ما كتبه الاستاذ سامي , والثانية تتفاعل مع الاولى وتدور بالتالي حول الدعوة الى استغلال الجهد الذي يقوم به السيد سركيس اغاجان في توفير جانب من التمويل للمدارس الخاصة المقترحة.

 ابتداءً , ينبغي التاكيد في ان المقال لايمثل باي شكل من الاشكال تكتيكا جديدا على المجال الشخصي يهدف الى تحقيق اهداف ذاتية تتعارض مع الخط العام الذي نؤمن به, حيث لاتستهويني كتابة المقالات المدفوعة الثمن , ناهيكم عن ان مقالات كثيرة سابقة كانت كافية لأتربع , بكل فخر واعتزاز, في مواقع متقدمة من القائمة السوداء لدى البعض او تجعلني على اقل تقدير في قائمة المشاكسين, وليس في النية دخول اية دورة تدريبية , سريعة او قصيرة , لتحسين السمعة , واعتقد جازما بسقوط الكتابة في اللحظة التي يحاول كاتبها او يسمح للاخرين بتحديد سعرها المادي, وافتخر فخرا لا حدود له في رسالة الكترونية بعث بها احد العراة الجياع من السودان تعبيرا عن التقدير لرثاء كتبته في جون قرنق. من ناحية اخرى اؤمن ان الكتابة الحرة تتيح للمرء التحرر من حالة ان يكون على طول الخط معارضا مدمنا او زمارا مُبرمَجا , وهكذا ارى ان تمنطق السياسي او الكاتب او حتى الانسان العادي في الحياة بفكرة مجابهة الاخرعلى الدوام تعني ان هذه العناوين قد اختارت فضاءاتها المحددة للتحليق حالها حال السمك المسكين الذي انتقل قسرا من البحيرة الكبيرة الى حوض الزينة الصغير. ان السياسة كما الحياة هي مد وجزر, دفع وسحب , ولذلك لايجوز للرأي والرأي الاخر ان يكونا أشبه بجسمين عديمي الرقبة يسيران في خطين متوازيين, وعلى هذا الاساس اعتقدت وأمنت بمبدأ ارى انه احد المبادئ الذهبية في الحياة , ويتلخص في ان لا ارفض المقابل جملة وتفصيلا , ولا اقبل به على علاته وكأنه ( شروة ) ساعات المساء حيث السوق شارف على الانتهاء. ان العمل على اساس اتهام بعضنا البعض بالعمالة وتنفيذ الاجندة الخارجية والمتاجرة بالقضية او حتى الشك في الاخلاص لها هي سياسة عبثية لاتقود الى انتصارات حقيقية . لقد كانت هذه الافكار ولاتزال هي الاساس في معالجة اي موضوع حياتي بما في ذلك محاولة تحليل وتقييم الظواهر السياسية الطافية والغاطسة على الساحة , ومن الطبيعي ان تكون ظاهرة السيد سركيس اغاجان واحدة منها. وهنا ينبغي التاكيد على السيد سركيس اغاجان قد استفاد كثيرا من الجهد المحسوب على انه جهد معارض او مناوئ لبرنامج السيد اغاجان اكثر بكثير من ما جناه من الجهد المتحمس له , بغض النظرعن غايات اصحابه , لان ذلك الجهد المناوئ , له الفضل الكبير في الضبط المستمر والدائم لتعيير برنامج السيد اغاجان بالشكل الذي أتاح لشعبنا حتى الان تحقيق افضل ما يمكن منه , اضافة الى ان هذا الجهد المشاكس يوفر موقفا سياسيا اكثر قوة للسيد اغاجان من الناحية الشخصية.

 نعود الى موضوع المدارس الخاصة حيث يبدو ان الكثيرين يتفقون, كما يؤكد الاستاذ سامي , على ايجابياتها والحاجة اليها , ان اساس نجاح اية مؤسسة تعليمية وتربوية في عراق اليوم يقوم على جملة امور ربما من اولوياتها ان تتوفر لها كل الامكانيات المادية , ومن ذلك ان يمتلك الكادر التعليمي والتدريسي كل مقومات الحياة الحرة الكريمة او يكون هذا الكادر من الزاهدين في الحياة المادية , كالمثال الذي ذكره المقال السابق ودعمه بشرح رائع مقال الاستاذ سامي  ,ونقصد المدارس التي كانت ترعاها بعض المؤسسات الكنسية , ولاننا نتعامل مع حقائق عالم اليوم حيث شهية العالم المادي تُسيل اللعاب واصبح من العسير على الحب ان يقاوم العيش في كوخ من القصب والبردي  , و حتى ( ملحنا المركز ), كما اشار الاستاذ سامي , اصبحت تنتشر فيه بعض الشوائب التي باتت تتصرف وكانها ( حاصدات بألوان  مختلفة ) تتسابق مع الزمن بحثا عن حقول تحصدها فتلقي بالغلة لذويها ومعارفها, ومن هنا تبرز الحاجة الى تمويل وامكانيات عالية تساعد على تحقيق النتائج المرجوة. ولكن نقطة الخلاف الجوهرية تكمن في مصدر تمويل هذه المدارس , حيث كان المقال قد دعا بوضوح السيد اغاجان ومن خلال الجهد الذي يشرف عليه الى المساهمة الجدية في هذا المشروع , بينما يثير هذا التمويل مخاوف البعض من احتمال ان تكون هذه الاموال المجهولة المصدر, بالنسبة اليه , سببا في ان تكون  تلك المدارس ساحة لتنفيذ اجندة لا تنسجم واهداف شعبنا , بل لاتنسجم مع الغاية التعليمية والتربوية التي من اجلها تقام تلك المدارس. ان مسالة الحذر والتخوف من بعض اليات تنفيذ اي مشروع هي قضية مشروعة , كما ان الدعوة الى التمحص والاستبيان وتعقب وتدقيق جذور شجرة الاساليب هي دعوة لا شائبة فيها, ولكن من جانب اخر فان اية نظرة تحليلية بسيطة بخصوص الاموال التي تنفق من خلال برنامج السيد اغاجان تشير الى  اقتناع الجميع , مضافا اليه اعتراف السيد اغاجان شخصيا , في ان هذه الاموال ليست شخصية بحتة او موروثة عائليا , كما انها ليست اموالا كردية , حيث لو كانت كذلك لكانت المؤسسات السياسية  الكردية قد رصدت مثلها في التوجه الى شرائح اخرى في المنطقة مثل الايزيديين والشبك في وقت يبدى هؤلاء حماسا اكثر في العمل لتنفيذ ما يعتقدون انها اهدافا واجندة كردية, وعلى هذا الاساس إن كانت هذه الاموال قد تم تخصيصها من جهات معينة لشعبنا فمن حقه ان يستفيد منها , وإن كان الموضوع بشكل عام ينتابه بعض الغموض ويدخل في باب المغامرة فما احوجنا الى التكاتف والعمل المشترك  ,والتعامل بحكمة الحيات , ان اقتضى الامر , لخروج المركب سالما من هذه المغامرة , لان الجميع بلا استثناء اصبح جزء منها , حتى من كان ولايزال متحفظا او معارضا لها. ان الذي يخشى , بدافع الحرص والوقاية , من اللغز الكامن وراء هذه الاموال فيحاول الجلوس بعيدا تيمنا بالمثل المصري الشهير ( إبعد عن الشر وغنيلو ) عليه ان يعرف انه , شاء ام أبى , هو في قلب اللعبة وفي مجرياتها الانية ونتائجها المستقبلية , هذا لايعني اطلاقا الاستسلام للواقع بما فيه من جوانب مشرقة و بقع مظلمة , بل العمل الدؤوب والمخلص , وانطلاقا من دافع الحرص عينه  ,للمشاركة في تلميع ماهو مشرق , وتقديم ارقى ( المنظفات النقدية ) الكفيلة بتنظيف وازالة تلك البقع . ثم اي المناهج ستكون اكثر ثقلا على شعبنا , هل هي المناهج الدينية المتطرفة التي ستسود في حال حسم الوضع العراقي لصالح التيار الديني المتزمت , أم المناهج التي توضع لمدارس خاصة يساهم السيد اغاجان في تمويلها؟ ان الدعوة الى تشكيل لجنة قومية وطنية تاخذ على عاتقها تنفيذ هذا البرنامج لايعني اطلاقا تسمية ( هيئة للمقاولة الجديدة ) على غرار غيرها من لجان المقاولات في الجوانب الاخرى , بل ينبغي ان يكون اختيارها بدقة متناهية , يُعرف اعضاؤها بغيرتهم واخلاصهم  وحرفيتهم وعدم تهاونهم مع الخطوط الحمراء ويدركون خطورة المهمة الموكلة لهم , ماهرين في ابتكار الوسائل والاساليب التي من شأنها الارتقاء بمستوى الفعل والنتائج , كذلك التي توفر جدارا شعبيا ووطنيا و دوليا من الحماية من اية اجندة غير مرغوبة , كالعمل مثلا لربط المشروع المقترح بمنظمة اليونسكو وهيئات ومؤسسات دولية اخرى في دول تمتاز بحياديتها وتهتم بتقديم المساعدات ورعاية مشاريع من هذا الطراز , كدول شمال اوربا مثلا. والاهم قبل كل هذا ان يجتمع في هذه اللجنة مختلف اطياف شعبنا ومؤسساته السياسية والاجتماعية على اعتبار ذلك هدفا قوميا ساميا لايتحمل المتاجرات السياسية الرخيصة. لقد قرر حزب المعارضة الرئيسي في السويد قبل ايام ان يذهب الى ما ذهبت اليه الحكومة , ويدعم مشروعا جديدا تقدمت به تلك الحكومة لتطوير البرنامج التعليمي للمدارس السويدية عن طريق وضع ضوابط جديدة للمراحل الدراسية التي ينبغي ان يبدأ فيها تقييم اداء الطالب خلال السنة الدراسية.

 ترى هل يكون التعليم والمدارس مناسبة يستثمرها ممثلو شعبنا للجلوس الى مائدة دافئة قيمة بنقاشاتها ونتائجها , فتضع لبنة على طريق توحيد الجهد بعد ان تكسرت موائد اخرى خلال هذه السنين في سجالات سياسية لم تكن في نتائجها وافرازاتها إلا حلقات مريرة من برنامج الاتجاه المعاكس , لايعوزها سوى فيصل القاسم ودعاية قطر للبترول او للغاز.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها