اقرأ المزيد...

سعيد علم الدين

 كاتب لبناني. برلين

 2010.09.24

شتان بين الزعيم الشريف والآخر العميل!

وشتان بين وجه القمر المنير بدرا ساطعا في عتم الليالي، وبين قفاه المظلم المرعب المكشر الذي لا نراه، ولا يرانا، وبنا لا يبالي!

وكما في الليلة الظلماء يفتقد البدر، ايضا في الظروف الحرجة المصيرية التي تمر بها الاوطان يفتقد الزعيم القائدُ الملهمُ البدر.

وكما كان لينين بدرا للروس، وديغول بدرا للفرنسيين، وتشرشل بدرا للانكليز، وبسمارك بدرا للألمان، وواشنطن بدرا للأمريكيين، وماو تسي تونغ بدرا وثورة ثقافية لأهل الصين.

فمن سيكون بدرا للبنانيين في الظروف المصيرية الحرجة جدا التي يمر بها الوطن الصغير والذي تكالبت عليه قوى الشر كالكلاب المسعورة تريد تنتيشه بين اسنانها قطعا قطعا ورميه على قارعة الطرقات إربا.

وكأن 40 سنة من زجه في الكوارث والفتن والمآسي لم تكفها لتنفك عنه بسلام، بل ازدادت ضراوة ووحشية في النهش فيه ووقاحة سافرة مع الايام في التعامل مع شعبه الصابر على كل الآلام. 

وعندما أفكر بالقادة والزعماء العرب لا اريد التعميم، ولكن لا ارى في معظمهم قديما وحديثا الا اقفية مظلمة ومرعبة ومكشرة ودموية واستبدادية ومخابراتية ودكتاتورية وانقلابية وشمولية. وكأنهم قد هبطوا علينا من قفا القمر لينكدوا مع رجل الدين المتخلف المتعجرف المتزلف علينا حياتنا، ويقمعوا حريتنا، ويعيثوا فسادا في مجتمعاتنا، ويعبثوا بمستقبل اطفالنا، ويسلبوا مواردنا، ويسرقوا لقمة عيشنا، ويستغلوا طيبتنا ويركبوا على ظهورنا الى ان يركلهم الموت الى مزبلة التاريخ!

ولا عجب ان يتمنى البعض عودة الاستعمار لينظم لنا حياتنا ويساعد شعوبنا ويحقق احلام اطفالنا.

وشتان بين الذهب الأصيل النفيس الذي كلما حكيته بالبريق لمع، وبين الذهب المزيف الذي كلما حكيته انقبعت قشرته وظهر معدنه الوضيع الرخيص.

فالزعيم الشريف هو الذي يحب وطنه من قلبه، ويعمل على انقاذه بكامل قواه من فك الطامعين، ويحافظ على سيادته واستقلاله وعزته ومنعته وكرامته من عبث العابثين، ولا يزجه في المهالك كالمغامرين، ويحب ايضا اهله ويعطف عليهم ويبكي من اجلهم ويحفظ كرامتهم ويحاول تحقيق افضل مستقبل لهم ولأطفالهم في وطنهم. لماذا؟

لأنهم يمثلون شرفه الرفيع الذي يحافظ عليه برموش عينيه.

وشرف الوطن وشعبه هو الشرف الأعظم في عيني الزعيم الشريف الذي ترخص روحه حبا وبذلا وعطاءً من اجل ان يسلم شعبه ويرقى ويرتفع مقاما بين الامم.

اما الزعيم العميل الوضيع الخسيس هو الفاجر التاجر الذي يستغل وطنه لتحقيق مآربه الآنية الظرفية من كرسي وجاه ومنصب ومال.

هو النصاب الكذاب المنافق الغشاش المحتال. ولهذا لا يهمه البتة الحفاظ على سيادة وطنه واستقلاله وعزته ومنعته ويزجه غير مبال بالنتائج في الكوارث والمهالك، ويحقد على اهله ان لم يطيعوه، ويسفك دمهم ان لم يتبعوه، ويغتالهم ان خالفوه. هو يريدهم طوع يديه، وكأنهم مُلك من املاكه،  لكي يضحوا بحياتهم ووطنهم كرما لداء عظمته. هو العظيم العقيم. هو السم المقيم. هو المريض في قلبه السقيم. هو المستعجل لدخول التاريخ من بابه الواسع او الخروج من جُحرٍ ذميم. هو هتلر او نيرون. هو الذي بجمال خطابه مفتون، هو القائد الضرورة الذي على الجميع يمون. هو المقاوم الذي لا ينكسر رمحه المسنون. هو مرشد الأمة والامم وممثل الله في الكون. هو الزعيم الوصي الأبوي الكلي المطلي بالذهب المزيف هو الإله وسعت كرسيه البلاد بالطول والعرض ممثل الله على الارض وهم العبيد الغلابة الاطفال الصغار القصار. هو الفوق وهم التحت. هو الرب وهم الشعب.

ولهذا فلا شرف عند الزعيم العميل الذي لا يحترم شرف الوطن، ويهين اهله في كرامتهم ويجرح احاسيسهم، ولا يكترث لمشاعرهم. فهم في نظره عبيد وهو السيد المجيد ذو الرأي السديد.

والزعماء الشرفاء هم من قدموا من بين صفوفهم انبل القادة الشهداء  والزعماء الاشقياء هم من يختبئون رعبا وهلها وفزعا وانهزاما وخوفا على ارواحهم وراء الشاشات.

 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها