اقرأ المزيد...

سعيد علم الدين

 كاتب لبناني. برلين

 2010.09.22

صفقة حزب الله المعروضة ومرفوضة

لا مقايضة ولا مساومة ولا تراجع ولا تنازل عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وإلا نكون قد هدرنا دماء القادة الشهداء والى جانبهم الضحايا المدنيين الأبرياء، ودسنا على ارادة الشعب بالحقيقة والعدالة وحقوق الإنسان، واضعنا اكبر فرصة تاريخية لقيامة لبنان المستباح دولة وشعبا على اسس ثابتة متينة البنيان، وانهينا ظلم الاغتيال السياسي البشع المدان.

لا مقايضة ولا مساومة ولا تراجع ولا تنازل عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، يا لفيف حزب الله من مشايخ وصواريخ ولحى ونراجيل ومربعات غيلة وظلام وحجاج وكذبَة وكَتبَة وابواق وغوبلزات آخر زمان، ومن لف لفيفكم من ميليشيات ورعاع وزعران ومن لفائف وعمائم وخبائث ومؤامرات واحقاد وفتن وثارات اسيادكم ملالي ايران!

لبنان الحق سينتصر من خلال المحكمة الدولية الشفافة النزيهة السامية على اهل الباطل الفاسقين الفاجرين المرعوبين المرتعدين المرتجفين من مطرقة القاضي وسيف العادلة وبهاء الحقيقة!

لبنان الحرية وأرض العنفوان سينهض من تحت الحريق والمآسي والركام والدخان نضرا يافعا ميثاقيا متنوعا مزركشا أفضل مما كان!

حفرة السان جورج التي صارت صروحا بيروتية خالدة ومزارات مباركة لشهداء المستنيرة والحرية والوحدة الوطنية الاسلامية المسيحية، ستكون مقبرتكم يا اهل المذهبية الكريهة والحقد الأعمى والشمولية!

وستشدو عصافير بيروت الأبية وتصدح بأغاني الفرح الفيروزية!

وسيفرح شهداء ثورة الأرز الخالدة وستعلو ابتساماتهم الذهبية فوق سماء لبنان الزرقاء الصافية النقية!

وستعلو بناية الديمقراطية اللبنانية المخضبة بدماء الشهداء الأبطال، لتطل بجمالها الفتان عروس الشرق وتبهر ببريقها الآخاذ باقي البلدان العربية!

وستخضر الربوع والسهول والهضاب والتلال بأرض ارتوت بدماء طاهرة زكية!

الشمولية وآفات القمع والقهر والغدر والبلطجية والاغتيال والاحتيال الى زوال!

لا لأهل العهر والفجور والافتراءات والأكاذيب نعم للحقيقة الناصعة الشهباء تشرق شمسا وتزهر ربيعا لشعب لبنان الصابر!   

الحقيقة يجب ان تظهر للعيان والحق يجب ان يعلو على أي انسان حتى ولو كان امام وصاحب الزمان، فلا امام ولا مهدي منتظر ولا صاحب زمان يقبل بالغدر والكذب والنفاق والاغتيال السياسي البشع حيث اشلاء الابرياء منثورة على الطرقات! 

لليوم الثاني على التوالي يطلق رئيس كتلة "الوفاء لحزب الله" او الاصح الوفاء لحزب ولاية الفقيه المذهبي المسلح الشمولي الايراني النائب محمد رعد، في احتفال تربوي في النبطية، الاحد 19 أيلول 2010 وفي اليوم التالي في كلمة ألقاها خلال احتفال تأبيني في بلدة جباع صفقته المغرية على اللبنانيين التي يريد من خلالها رأس المحكمة الدولية.

ومعادلة زائر الحرمين رعد المستجدة تحت وطأة القرار الظني هي التالي:

نسلم السلاح الى الدولة وتسلمونا راس المحكمة الدولية. وعفا الله عما مضى، ورحم الرب من قضى، وكلنا للوطن للعلا للعلم! 

هكذا وبكل بساطة استفاق رعد وحسن ونعيم ويزبك وموسوي وفضل الله وقاووق وخرج من قبره شبح عماد مغنية ليعلن الجميع تطبيق اتفاق الطائف بحذافيرة وبالنقطة والفاصلة.

وتكلم الحاج محمد رعد الاحد باسم الجمع الحزبلاتي بوجه متشح بوقار متصنع، راشَّا أطنانا هائلة من السكر المكرر على كلامه المعسول ليزيده حلاوة ويسكر به اللبنانيين حتى الثمالة دون كحول، قائلا :

"وبودّنا ان نقول في هذه اللحظة التي تمر بها البلاد إن الضجيج لا يبني دولة قوية وقادرة وعادلة، من هنا ندعو من جديد الى اعتماد التعقل واستحضار المصلحة الوطنية العليا في معالجة القضايا الاساسية، ولننطلق جميعاً من التزام وطني صادق بتطبيق كل بنود الطائف دون اي استنسابية او انتقائية ونحن جاهزون لذلك."

ومن اثار ومن يثير الضجيج في البلاد سواكم وسوى ابواقكم وازلامكم والاهم بوق مرشدكم العالي الذي علا صراخه في وجه المحكمة، تهديدا للبنانيين في استقرارهم وامنهم، كل انواع الضجيج وعلى جميع الشاشات والفضائيات مترجمة الى كل اللغات. حيث اصبح مرشدكم نصر الله في مرتبة عالمية يحسده عليها اوباما وميدييف وعبد الناصر والقذافي وكنيدي وبريجينيف وكل زعماء العالم الأحياء منهم والاموات؟

ويوم الاثنين كرر الحاج محمد نفس معزوفة يوم الاحد بعد ان نام اكثر من عشر سنوات عليها، وكأن احدا من اللبنانيين لم يسمعه او لم يصدقه او لم يكترث لكلامه او لم يتلقف عرضه المغري قائلا في كلمة ألقاها خلال احتفال تأبيني في بلدة جباع : "

من موقعنا كجهة سياسية تمثل طرفاً في هذا الوطن، نطمئن جميع اللبنانيين ونقول، نحن ملتزمون باتفاق الطائف حرفاً ونصاً وبنداً وروحاً، فتعالوا لنطبقه دون استنسابية ودون انتقائية".

انت يا حاج بيت الله الحرام محمد رعد لا تقول الحقيقة عندما تعتبر نفسك وحزبك جهة سياسية كباقي الأحزاب اللبنانية المسالمة.

انت جهة عسكرية ميليشياوية بلطجية استباحت مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري بقوة السلاح، ودويلة مسلحة حتى الاسنان ووجهت وما زلت توجه سلاحك الى صدر شعبك اللبناني العاري ومرشدك نصر الله مَجَّدَ السابع من ايار. وهو التاريخ العار على جبينكم لاحتلال بيروت العزلاء وكانها تل ابيب. يا للخزي من فعلتكم النكراء.

التاريخ لن يرحمكم وسيلفظكم مع سلاحكم الموجه الى صدور اللبنانيين الشرفاء! 
زبدة كلام محمد رعد سلمونا راس المحكمة نطبق الطائف "حرفاً ونصاً وبنداً وروحاً" أي وبمختصر مفيد نسلم السلاح للدولة اللبنانية!

ولهذا فهو يقول انه جاهز لتطبيق كل بنود الطائف. واهم بند في الطائف هو تسليم سلاح الميليشيات وكل سلاح غير شرعي فوق الأراضي اللبنانية الى الدولة الشرعية وهذا ما فعلته كل القوى والميليشيات اللبنانية ما عدا حزب الله بحجة تحرير الجنوب. الجنوب تحرر عام 2000. فخلق حزب الله لكي يحافظ على سلاحه ودويلته حجة تحرير مزارع شبعا. لقد اشبعتنا مزارع شبعا حروبا ومآس وويلات ودمارا وغدرا واغتيالات. وها نحن اليوم في العام 2010 . ماذا حرر "حزب الله" وسلاحه الجبار ومقاتليه الأشاوس من المزارع؟ ولا شبر! لقد خسرنا فوقهم في حرب تموز 1500 لبناني ودمار هائل بمليارات الدولارات وقرية الغجر التي ما زالت تحت الاحتلال الاسرائيلي.

ومن بنود الطائف الغاء الطائفية السياسية. هذا ممكن!

ولكن قبل الغاء الطائفية السياسية لا بد من تسليم السلاح الى الدولة كما فعلت باقي الاحزاب والميليشيات. ليعود التوازن الحقيقي الى المجتمع ويتحاور اللبنانيون بهدوء وحرية واطمئنان وامان على كل الأمور دون مسدس مصوب الى الرأس من الحاج محمد رعد.

واعتقد جازما ان جميع اللبنانيين بعد التجارب المرة المريرة التي مروا بها هم مقتنعون ومتفاهمون ومدركون في قرارة نفوسهم مسيحيون ومسلمون اهمية الغاء الطائفية السياسية، لصهرهم جميعا في بوتقة واحدة بعيدا عن العصبيات الشاذة والمذهبيات البغيضة. أي في كلمة انا لبناني، بدل انا درزي وسني وماروني وشيعي وكاثوليكي وعلوي   وسرياني. ولكي تنهض الدولة الوطنية الديمقراطية العادلة القوية على الإنسان وليس على الطائفة والمذهب والأديان. وكما قيل قديما الدين لله والوطن للجميع. 

اتمنى من كل قلبي ان يكون الحاج رعد صادقا في كلامه، ولكن ليس على حساب الحق والحقيقة والعدالة وترك المحكمة الدولية تعمل بهدوء ودون ضجيج يفتعله حزب الله وابواقه.

هو يجب ان يطبق ميثاق الطائف الذي انهى الحرب دون شروط وعرض صفقات، وكما فعلت باقي الميليشيات في لبنان.

اشك في من تثقف في معهد ولاية الفقيه والتقية بنشر الفتن واختلاق الاكاذيب ودس الشائعات وافتعال الاضاليل وتضليل المحكمة الدولية بالمخابراتي السوري هسام هسام وامثاله من شهود الزور طوال كل هذه السنوات ان يكون حقا صادقا في كلامه.

فمن يملك رؤية لبناء وطن لا يعمل على تدميره بالأزمات المفتعلة، وزجه في الحروب الكارثية التي لا يقوى عليها، وتحويله الى ساحة حرب للمتصارعين الكبار، وبناء دويلة مذهبية شمولية غير شرعية تفرض نفسها على دولته الوطنية الديمقراطية الجامعة.

المطلوب من الحاج محمد رعد وباقي قيادة حزب الله لكي نبني الوطن الاعتذار من كل اللبنانيين على كل ما سببوه لهم من آلام ومآس وويلات. وهكذا تبدأ المصالحة والمسامحة. وعندها ممكن ان نقول عفا الله عما مضى. ورحم الله الشهداء! جميع الشهداء!

 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها