اقرأ المزيد...

سعيد علم الدين

 كاتب لبناني. برلين

  2010.08.30

كل الحق على الشيطان

لا ادري ماذا نفعنا ولا ماذا سينفعنا رجم الشيطان بملايين الحصى كل عام ومنذ  اكثر من 1400 عاما، وعام ينطح برأسه عاما. واطنان من الحصى تتراكم على ظهر الشيطان، وخاصة عندما تتوجّه جموع الحجّاج الغفيرة متدافعة متعاركة بقوّة وبزحام شديد وازدحام، مما تسبب في السنوات الأخيرة بخسائر كبيرة في الأرواح، فجُرح وقُتل حول الجمرات العشرات، ولطالما أصابت الحصى المتطايرة في كل الاتجاهات الرؤوس والوجوه والعيون وسالت الدماء على الذقون. والمقتول بحصى صديقة في هذه المعمعة المقدسة هو شهيد الشهداء في معركة الانتصار على ابليس المرجوم، استشهد في سبيل الله دفاعا عن الاسلام ونصيبه المؤكد الجنان، وكل الحق على الشيطان.

ورغم كل هذه الجهود الاسلامية الجبارة المضنية والطاقات المهدورة المكلفة مازال الشيطان يمرح ويسرح في ساحة جرائمة بكامل ليقاته البدنية والعقلية والمعنوية والشيطانية يغوي المسلمين بشكل خاص.

لماذا؟

لان باقي الاديان، رغم انها تُجَرِّمُهُ، الا انها لا ترجُمُهُ بهذا الكم الهائل من الحصى، كما يفعل المسلمون، وكأنهم في معركة ضارية مستعرة، والمعركة ما زالت مستمرة!

والغريب ان هذه المعركة لم تؤثر حتى الآن لا على معنوياته، ولم تقض عليه او تخنق انفاسه، على العكس هو يقابلها مقهقها عندما تنهال ملايين الحصى على جسده غير مبال ودون ان تكسِّرَ له ضلعا واحدا، او تقلع له ضرسا او عينا او تصيبه حتى بخدش بسيط في وجهه البغيض.

وهكذا ينهض من تحت غبار المعركة مبعثرا الحصى بقدمية اكثر قوة ونشاطا ليتابع عمله اليومي الإجرامي في خلق الشرور والمشاكل والفتن وتحريض المسلمين على بعضهم وزرع الفتن بينهم وكأنه يريد أخذ ثأره من كثرة ملايين او مليارات الحصى التي رمي بها خلال العصور وحتى اليوم.

فمثلا اذا اختلف المسلمون على موقف سيارة فيستغل عندها الشيطان الفرصة بسرور ويحرك مفتاحها فتتحرك دواليبها، ويلعب بعقل احدهم فيطلق لسانه سبابا، فيرد على الآخر باطلاق الرصاص. وهكذا بسبب موقف سيارة تخرج افواج الشياطين الميليشياوية من اوكارها في حملة عسكرية فورية مدعومة بالأسلحة الصاروخية ويسقط 4 قتلى وعشرات الجرحى ويتم توجيه الصورايخ الأربيجية في كل الاتجاهات المدنية وخاصة لحرق المساجد في المناطق البيروتية ذات الغالبية السنية فيحترق جامع الأحباش في منطقة برج ابي حيدر ومعه جامع البسطة. وكل ذلك يحدث في رمضان شهر الصوم والغفران وكل الحق على الشيطان.

فحزب الله بريئ برائة الذئب من دم يوسف، وامل البتول بريئة من المشاركة في هجوم أنصر اخاك الظالم على اخيك المظلموم على طول.

هذا ويخاطب الله الشيطان في س. الاسراء قائلا:

" ان عبادي ليس لك عليهم سلطان"65.

وما حدث مساء يوم الثلاثاء 24 آب/ اغسطس 2010 اثبت العكس تماما ناسخا هذه الآية او لاغيا مفعولها، حيث كان الشيطان هو السلطان على عباد الله من المسلمين اللبنانيين وبشهادة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان الذي قال الخميس 26 اب ان:

" ما يجري من مشاكل وخلافات بين الأخوة هو من عمل الشيطان الذي يرفض أن تجتمع الأمة على الخير، ويعمل باستمرار لهدم أركان الأمة ووحدتها".

يعني وبكل بساطة اجمل تبرير ساقه الشيخ الكبير ليؤكد برائة حزب الله وامل من سفك الدماء وحرق السيارات وتدمير الممتلكات وترويع الأبرياء من البيروتيين الصائمين.

وهكذا كل الحق على الشيطان، المسبب الوحيد لافتعال المشاكل بين الاشقاء لكي لا تجتمع الأمة على الخير والبناء بل على الاقتتال والفناء. اي ان العملية ليست عملية بطون حبلانة، وقلوب مليانة، وأعصاب تلفانة، وعصابات فلتانة لقطع الطريق على المحكمة الدولية لكي تغيِّرَ سيرها ويأخذ نصرالله بمسارها، وانما العملية حسب نظرية الشيخ الكريم هي عملية شيطان رجيم يثير الفتن بين المسلمين.

عجبا ولماذا هذا الشيطان لا يفتعل المشاكل الا بين المسلمين:

في فلسطين، في العراق، في السودان والجزائر ولبنان واليمن والصومال وافغانستان وباكستان وايران وكل الحق على الشيطان!

ولماذا هذا الشيطان لا يفتعل المشاكل بين اسباط اليهود ومذاهبهم وعرقياتهم واحزابهم ومتطرفيهم ومستوطنيهم في فلسطين لكي يشتبكوا مع بعضهم ولا يجتمعوا على سلب الاراضي الفلسطينية المسلمة والمسيحية؟

ولماذا هذا الشيطان لا يفتعل المشاكل بين الهنود عبدة آلاف الآلهة والأوثان او بين البوذيين او المسيحيين ومذاهبهم الكثيرة المختلفة؟

ولماذا لا يفتعل الشيطان هذه المشاكل بين جنرالات الاستكبار الامريكي فيتفرقوا ايادي سبأ. ويعلن جنرال البر الحرب على جنرال البحر وينقض جنرال الجو على البيت الأبيض خالعا بابه قابضا على اوباما وحجابه وجالسا مكانه في انقلاب عسكري على شاكلة الانقلابات القومجية العربية الحربية: بجاء الحق وزهق الباطل؟   

حقا لقد كان مساء الثلاثاء مساء رمضانيا حزينا ومرعبا وثقيلا واليما عاشته مناطق بيروت ذات الغالبية السنية، المستهدفة بارواح ابنائها واملاكها وارزاقها وبيوتها ومؤسساتها وأحرارها ومنذ عام 2006 من قبل عصابات حزب الله الشمولي ربيب ملالي ايران الذي توج استهدافه بمشاركة ميليشيات امل باحتلال بيروت العزلاء في السابع من ايار 2008 وكررها عدة مرات باستفزازات وتحديات واعتداءات وتعديات تكررت بهمجية مساء الثلاثاء الذي فات.

لا بد من القول هنا ان حزب الله الذي يمثل امتدادا سرطانيا خطيرا في الجسد العربي، فهو بعد ان استولى على قرار الطائفة الشيعية واشترى عبر ميشال عون نصف قرار الطائفة المارونية، واستطاع بتكويعة وليد جنبلاط الاستيلاء على قرار الطائفة الدرزية، لم يبق امامه الا الاستيلاء على قرار الطائفة السنية من خلال ترويع مناطقها ومرجعياتها، ليتم له فرض نظام الولي الفقيه الشمولي المتخلف على لبنان لضمه الى امبراطورية ملالي خامنئي انو شروان. ليصبح محافظة من محافظات الولي الفقية، كما يحاولون في العراق الجريح من خلال تعطيل تشكيل حكومة لا تخنع لقرارهم.

 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها