اقرأ المزيد...

سعيد علم الدين

 كاتب لبناني. برلين

 2010.07.02

رسالة السيدة ثورة الثانية: وأئد الروح! (1)

تقول السيدة ثورة:

" يقاس تقدم الأمم ورقيها، وانطلاق مجتمعاتها وتألقها، بمستوى وضعيه المرأه فيها. لانه هو المَحك الاساس! وعكس ذلك هو التخلف والتأخر عن باقي الأمم والسير حتما في الطريق الخطأ للوصول الى قاع الحضيض.

الوصاية الدينية الخانقة على المرأة، واعتبارها بشريعة القرآن قاصر حتى ولو بلغت السبعين من العمر، وبحاجة لرجل يكون وكيلا عليها ورقيبا على حركاتها، هو وأد لروحها، وخنق لحريتها، وتكبيل لحياتها، وزعزعة لثقتها بنفسها.

فالمرأة الواثقة من نفسها، المالكة لقرارها، الطموحة لبناء مستقبلها، والعارفة لدورها الاجتماعي، هي صورة صادقة عن المجتمع الراقي المتحضر، وانطلاقها وتألقها عِلْما وأناقة وعملا، هو تألق للمجتمع برمته تقدما نحو العلا، وانطلاق لعجلة الدولة العصرية الحديثة بثقة وثبات!

وهي عكس المرأة الفاقدة لثقتها بنفسها، ولقرارها، ولطموحها الذي يتمثل في أقصاه الحصول على زوج تعيش في كنفه خانعة مطيعة وربما بالإكراه وبلا حب وانسجام، والجاهلة بدورها الاجتماعي، هي صورة عن المجتمع المتخلف، والدولة البالية الغير قادرة على العيش باستقرار في الزمن الحديث، وباستمرار في عصر العولمة والتطور العلمي والتنافس التجاري والحضاري بين الأمم.

وبالتالي يُقاس مستوى عقليه الرجل ايضا بمدى احترامه الحقيقي الصادق للمرأه، وليس إدعاء كاذبا صوريا تمثيليا كحال الرجل الشرقي العربي المسلم!

وكيف لا يكون هذا حاله وهو ابن ثقافة المجتمع الذكوري القبلي الاسلامي، الذي غرسه محمد غرسا بالقوة في ذاكرة الأمة، وكرسه منزلا بشرائع ونصوص مقدسة من السماء؟

هذا المجتمع الشرقي الذي شرع له نبي العرب:

سلوكا وأسلوبا ومنهجا وسنة وتزمتا وتشددا وعنفا بحق المرأة، أدى الى سيطرة نظره ذكورية طاغية عليها، رغم تبرير الفكر الاسلامي لذلك ومحاولته اظهار الخير لها ولبناء مجتمع العفة والفضيلة والطهارة الاسلامية، الا انها في الجوهر نظرة استعلائية وممارسة سلبيه فظيعه، وعدوانية مبرمجة، ومخاصمه مسبقا، وحسيه مقززه وشبقيه جنسية مُفرطه لا مثيل لها.

ليس هذا فحسب بل، واجحاف لها ونكران لحقوقها وأهانه لذاتها ولكينونتها ووئدا لروحها ولنَفسها ومصادره لعقلها وقرارها وفكرها. وسجن لذاك القلب الشفاف والمشاعر الرقيقة لهذا الكائن البشري الجميل في سجن الشريعة وقفصه الحديدي الإلهي.

لطالما كنت أُقدر مختلف المهن خصوصا التعليمية منها، لأهميتها في تهيئة النشء، واحترم كل الأعمال وخصوصا الطبية الصعبة كعلاج مرض السرطان مثلا، الا اني ارى ان مهمة استئصال ورم سرطان الفكر أهم باضعاف المرات ولا يقارن باستئصاله الجسدي، رغم الأهمية القصوى في شفاء المريض من هذا المرض المدمر.

ان اساس مصيبتنا هو سرطان الفكر (العوق العقلي والتخلف الفكري)، هذا الورم السرطاني المتجذر بعقليه العربي ومرده الفكر الإسلامي وآياته وشريعته عبر قرون، الذي صاغ وأسس لتفكير شاذ، ومسخ وأصدأ العقل العربي والمسلم.

ولهذا ففي الظرف الحالي المطبق على مجتمعاتنا ضجيجا فضائيا إعلاما اسلاميا غوغائيا، والمتمادي ظلما وارهابا، والمتمدد شذوذا وظلاما الى بلاد الغرب الديمقراطية الراقية، أعتبرُ ان المفكرين والآدباء المميزين هم اصحاب الدور التنويري المطلوب والأكثر شأنا ومكانةً في أضاءه الحق وتصحيح هذه الافكار الشاذة، وجرأة وقدرة في فك طلاسم المعتقدات الخاطئة المستشرية، وشفاء دولنا من سرطاناتها وشعوبنا من الخرافات المتجذرة في ضميرها.

يراودني هذا الاحساس مع كل مقال لك!

فما تقوم به مع كل التنويرين مع احترامي وتقديري لهم جميعا، هو عمل ثقافي تاريخي جبار سيحقق اهدافه ويؤدي الى زعزعة امبراطورية آل بني جهل المبنية على اسس غيبية غير منطقية استبدادية واهية وهمية ومعادية لحقوق الإنسان.

مقالة "اشكالية المطر" هي استمرارية ناجحة لسلسلة توضيح الاخطاء القرآنية، وبصيغه علمية واضحة لا لبس فيها، وبأسلوب سلس جدا مهذب وبعبارات مميزة المعنى حيادي منطقي عقلاني ولآيات محددة ورئيسية، يصعُب على اي شخص طبيعي سليم العقل تقبل هكذا أخطاء فظيعة علميا ومنطقيا.

هذه السلسلة هي عمل رائع بل أكثر، وتستحق الاعجاب والتقدير والثناء بأجلى صوره واشكاله، والذي يدفعني في كل مرة للشعور بأن ثُقل المقال الفكري يجب ان يأخذ مدى جماهيريا اوسع بكثير، مدى يوازى أهمية ثقله وعمقه الفكري وجهده المخلص في استنارة الحقيقة امام الجماهير المسلمة المضللة.

وما احوجنا بهذا الزمن التراجعي الانحداري التراجيدي الإرهابي لهذا تحديدا.

 وفي داخلي دائما أتطلع أن تقرأ عيني شيء يُنصف الظلم والاجحاف الذي أسسه محمد بحق آدمية المرأة كأنسان قبل ان تكون امرأة، بالرغم من تعودي مجبرة عدم قرائه هذا لكون الرجل عندنا لا يفكر به أصلا ولا بكتابته او لربما بقراءته، اليس كذلك؟"

لا يا سيدة ثورة! لا ليس كذلك!

لا تكوني مجحفة بحق رجال هم اكبر نصير للمرأة المظلومة، لقناعتهم بان تحرير الامة من التخلف لا يمكن ان يتحقق الا بتحرير المرأة.

ولهذا كانوا روادا في دفعها الى التمرد والتحرر على التقاليد والعادات العربية والشريعة الاسلامية البالية.

ان تاريخ النهضة العربية الحديثة والمجهضة من قبل ظلام الفكر الاسلامي حافلة باسماء منيرة من رجال الفكر والأدب والشعر دعاة تحرير المرأة:

كقاسم امين، وحافظ ابراهيم، واحمد شوقي، وجبران خليل جبران والزهاوي وغيرهم الكثير جدا وهم بالعشرات ونحن بحاجة الى مقال خاص بهذا الخصوص.

وهل هناك اروع من قول حافظ ابراهيم في دعوته لتعليم المرأة وتنويرها في القرن الماضي:

الأم مدرسةٌ إذا أعددتها     أعددتَ شعباً طيبَ الأعراقِ

ولكن حقا قبل ظهور الإسلام اشتهر العرب أبناء الصحراء القساة الغلاظ القلوب بعادة وأد البنات الشاذة لأسباب كانت ابنة عصرها وبيئتها سنأتي على ذكرها بالتفصيل.

ولكن رغم ذلك فلقد كان للمرأة العربية والشرقية قبل الإسلام  دورها الحضاري والاجتماعي والتجاري والسياسي وكانت منهن الشاعرات وسيدات الاعمال وحتى الملكات ككيلوبترا وزنوبيا مثلا. ونضرب مثلا حيا من قلب البيت الاسلامي الا وهي خديجة زوجة محمد. التي لم تكن فقط سيدة اعمال وصاحبة تجارة ومال، وتمارس استقلاليتها في حركتها دون محرم ووكيل، بل وكانت ايضا تملك قرارها وتفرضه على قبيلتها كيف لا وهي التي اختارت محمد الفقير اليتيم المعدم زوجا لها رغم معارضة عائلتها.

ألم تجده يتيما فآوت؟ ووجدته عائلا فأغنت؟

ولكن من اين تاتي قسوة محمد هذه تجاه المرأة بشكل عام وبالأخص تجاه المرأة الزوجة الحنونة الراعية كخديجة التي انتشلته من الفقر والجوع وقدمت له العمل والمال والجاه ونفسها ووقفت الى جانب رسالته في احلك الظروف؟

سنجيب على هذا السؤال ونعلق على رسالة السيدة ثورة في الجزء الثاني من هذا المقال. يتبع!

 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها