هل ممكن ان تقعَ السَّماءُ على الأرضِ؟
يؤكد لنا القرآن المرة تلو الأخرى والذي تقوم على سورهِ وآياته بنية
الدين الاسلامي، بأن هذه البنية هشة الأساس ومليئة بالأخطاء العلمية
والنحوية والكونية والفكرية والاجتماعية وغيرها.
فكيف إذا كانت هي الأسس التي يقوم عليها المجتمع، ويحلم الحالمون بقيام
دولة إسلامية عليها؟
ربما كانت هذه البنية صالحة في عصرها، وفي عصور الظلام اللاحقة، اما في
عصرنا المنير والكاشف الحالي فقد انتهت صلاحيتها، بل وأصبحت سدا منيعا
في وجه قيام:
انسان عقلاني منسجم مع تطور الحياة سوي التفكير، ومجتمع حر منفتح،
ودولة عصرية ديمقراطية تعددية مزدهرة متقدمة.
كيف لا والتمسك بالبنية الهشة والسير على اسسها سيؤدي بالمجتمع الى
الهاوية الحتمية والتجارب المتعددة من باكستان الى السودان هي اكبر
برهان .
فلا الضمير الحي يتأسس على المواعظ والخوف من فكرة الله الذي
لا
تَأْخُذُهُ
سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ
في السماء فقط، اما الأرض فقد تركها تعبث بها أفاعي الشر والحقد،
وثعابين الظلم والخراب والدمار، ولصوص الحروب وتجار المآسي ومص الدماء.
والمجتمع الناجح هو المبني على اسس دولة عصرية حديثة علمية ساهرة بنساء
ورجال امنها وعيونها وكاميراتها على سلامة وامن مواطنيها وتطبق عليهم
القانون الوضعي، الذي يناسب المجتمع ويتغير ويتطور مع تغيره وتطوره،
بالتساوي.
ولا الاخلاق تتأسس على الصلاة والصوم والحج والتمظهر بانواع الألبسة
والأقمشة من البرقع الى الشادور الى النقاب والحجاب.
هذه كلها مظاهر وشكليات تشوه لب الدين، وتحمل في طياتها الصدق والكذب
والإيمان والنفاق، وليس لها قيمة تذكر في جوهر الاخلاق.
ومن يضمن لنا بان هذه الشكليات تخفي وراءها شخصيات فاسدة؟
وظهر ذلك في العديد من المناسبات. مما فرض على الكثير من الدول سن
قوانين تمنع النقاب لحماية المجتمع من الفساد والمفسدين وحثالات
الإرهابين.
حتى ان اشاوس المجاهدين ضُبطوا في اكثر من مرة وموقع ومكان متخفين
بثياب النساء. فإمام المسجد الأحمر في باكستان بدل ان يستشهد للقاء
الحوريات هرب من المسجد خائفا مرعوبا متخفيا بثياب امرأة.
واين هي كل المجتمعات العربية والاسلامية اليوم؟
انها في حالة يرثى لها من الفوضى والتخبط والفساد والغوص في الغيبيات
والعبادات والشكليات الى حد فقدان الذات والموت السريري والاختناق.
فالكلام المنزل والمقدس إذا لم يكن كذلك فإنه سيؤدي الى العكس. أي الى
ان يتحول الى واجهة براقة ومظاهر شكلية الهية جميلة مزخرفة مطلية بهية
تلمع ذهبا وتخفي زيفا، لمجتمع فاسد وحكام افسد ورجال دين منافقين
بمراكز ومناصب التشبث بها اهم بكثير من قول كلمة الحق. والجميع وللأسف
يتمسكون باهداب الدين والعادات والعبادات على حساب الحقيقة وتحرير
المجتمع من الخرافات.
وهذا ما نراه واضحا وجليا في كل المجتمعات الاسلامية التي تتخبط في
ظلمة الفكر القرآني المقدس على غير هدى في التخلف والخرافة والفقر
والانهزام والظلم والفساد والنفاق والحرمان.
فالكلام الذي يدعي القدسية اذا لم يكن قانونا كاملا شاملا بلا اخطاء
لقيادة البشرية الى المجتمع العادل والسعيد، فإنه سيدفع بها حتما الى
التخبط في مجتمع الخنوع والتعسف والنخاسة والعبيد.
ان
من ينظر الى السماء منبهرا بمظهر نجومها وشمسها وقمرها وسحابها وغيومها
كما نظر محمد الى فوق فسيرى حتما السماء فوق الأرض!
وسيعتقد بان هناك قوة الهية "الله" هو الذي يمسك بالسماء لكي لا تقع
على الأرض. وسيخاف من وقوع السماء على الارض كلما ابرقت برقا فخطفت
الأبصار، وارعدت رعدا فاصمت الآذان.
ومن الطبيعي عندئذ ان يعبر عن خوفه من هذا المنظر الغامض بالنسبة اليه،
والغير قادر على فهم جوهره، وايضا تخويف الناس لكي يقتنعوا بدينه
بالقول وكما جاء في سورة الحج:
"وَيُمْسِكُ
السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ
إِلَّا بِإِذْنِهِ
إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ
"65
هو
يمنن الناس هنا بان الله اذا افلت السماء من بين يديه فستقع على رؤوسهم
وتكون نهايتهم. فعليكم بالصلاة والصوم والركوع والسجود والخشوع والقعود
القنوط ليرض الله عنكم!
والا فان الله اذا غضب عليكم فيا ويلكم من غضبته!
وماذا اذا ترك السماء تقع على الأرض؟
عندها ليس لكم من فرار!
انه المنتقم الجبار!
كلام وقوع السماء يؤكد مرة اخرى على ان محمد لم يصعد اليها. لانه لو
صعد الى السماء على ظهر البراق في ليلة الاسراء والمعراج لوجدها محيطة
بالأرض من جميع الجوانب، وليست فوقها. ولا يمكن ان تقع عليها. ولرأى
الأرض من البعيد وهو عائد من مقابلة الله ذرة صغيرة مضيئة كباقي
الكواكب في السماء التي ليس لها حدود.
ومن هنا فالسماء ليست فوق الأرض، وانما محيطة بالأرض من جميع الجوانب.
أي أن السماء تحتضن الأرض.
والجاذبية هي التي تحافظ على توازن نظامنا الشمسي بما فيه الأرض وباقي
المجرات والكواكب والنجوم .
ويقول احدهم اليست الجاذبية هي قدرة الله على الامساك بالسماء.
وارد عليه قائلا، بأن المشكلة ليست هنا بمن يمسك بمن، وانما المشكلة ان
ما جاء في القرآن حول هذه النقطة هو كلام مغلوط ولا يمكن ان يكون منزلا
من عند خالق عارف ما يقول. ويؤكد على ان صاحب نظرية وقوع السماء على
الارض، انبهر فقط بمنظر الأشياء.
هو
رآها فوق راسه كما شاهدت عيناه، والا لما قال ستقع على الأرض.
عبارة "تقع على الأرض" برهان على هذا الخطأ في القرآن. ربما السماء
تطبق على الأرض. بكونها تحيط بها من جميع الجهات، أو تبلع الأرض؛ اما
ان تقع عليها فهذا مستحيل. وهو يعني ان السماء جسم ممكن ان يقع على
الارض او قبة جامع ممكن ان تقع على المصلين كما حدث في المغرب. السماء
ليست جسما صلبا، وليست سطحا او قبة، انما هي فراغ لا نهائي يحمل في
قلبه الواسع الكون اللانهائي بنجومه ومجراته، وما الأرض سوى ذرة صغيرة
من ذراته. |