اقرأ المزيد...

سعيد علم الدين

 كاتب لبناني. برلين

 2010.05.21

هل سيختارُ الله خليفةَ حسني مبارك؟

نحن نريد الحوار الحقيقي مع اخوتنا المسلمين للوصول بسلام إلى إسلام ديمقراطي نعتز به، يتقبل الحرية وإرادة الشعب الحرة التي تعيد الحكام الى حجمهم الطبيعي في خدمة شعوبهم وتؤدي بالتالي الى التبادل السلمي للسلطة.

إسلام ديمقراطي متواضع يعترف بحقوق الآخرين المخالفين المشركين الكافرين الملحدين عن طيب خاطر، ولا يعلن عليهم الحرب الضروس وينظر إليهم شذرا من منظار فوقي استكباري عدواني تكفيري عدائي إرهابي، وإنما من منظار متوازي النظرة طبيعي أخوي إنساني عادي في مجتمع تعددي، يعرفُ الدين حدوده ويقف عندها دون أدنى تسلط على الحقيقة المطلقة.

ولو كانت الحقيقة المطلقة التي يدعيها الدين الإسلامي صحيحة لكانت المجتمعات الإسلامية اليوم هي قمة في الرقي والتحضر والتقدم والرخاء والازدهار وليست عالة على باقي الأمم وتعصف بها الحروب والنكبات والمآسي والجهالة والتخلف والمشاكل المعقدة والهجرة المستنزفة لطاقاتها، وتتحكم بها الشعارات والمواعظ التي لا تشبع جائعا ولا تكسي عريانا ولا تبني دولة.

انظروا فقط الى أفغانستان أو الصومال كيف أعادوه الإسلاميون من دول نامية الى مجتمع قبلي عشائري مذهبي دموي ميليشياوي متناحر مع نفسه الى حد تدمير نفسه والدور قادم حتما على ايران.

الحوار الذي نريده وللأسف مقموع منذ اكثر من أربعة عشر قرنا وحتى الآن باستبداد اسلامي خانق مغلق يدور حول النصوص اجترارا وتكرارا دون انتباه الى ان المجتمعات كلها تطورت وازدهرت وتألقت دون الأخذ بهذه النصوص المقدسة.

ولهذا لا يمكن للحوار ان يثمر وهو يلف ويدور مجاملة وتقديسا لنصوص وآيات هي في الأصل من صنع الإنسان، بل فقط عندما نقوم بوضع النقاط على الحروف كاملة دون نقصان.

نحن هنا نريد ان نثْبت في أكثر من موقع ومقالة ومكان، انها آيات سطحية التفكير، بدائية المعرفة، ظاهرية النظرة الى الأكوان، وفي تناقض واضح مع نفسها، وتخبط له اول وليس له ثان، ولا تصلح لمجتمعات هذا الزمان. ولا عجب ان يحكمنا قادة ورؤساء هم كلهم يحكمون بتفكير قميص عثمان. الذي اعتبر أن الله قد ألبسه إياه، ولا يحق للناس أن ينزعوه عنه الى أن تم قتله شر قتله من قبل المسلمين الذين خلعوا عنه قميص السلطة مضرجا بالدماء. تماما كما تم خلع القميص عنوة عن طاغية العصر ومدمر العراق صدام.

لقد انتهى زمن الخضوع الأعمى والقبول بكل ما يسرد ويكتب ويقال!

ثقافة قال فلان عن فلان عن فلان ..... عن رسول الله بهتت من كثرة التكرار وحولت مجتمعاتنا مقارنة مع المجتمعات المتألقة الناجحة الى أصفار على الشمال.

ويتساءل أحدهم قائلا:

لماذا الانسان العربي والمسلم امرأة ام رجل يبدع ويتألق في الغرب؟ الجواب واضح. وهو ما دامت النصوص والآيات التي كتبت قبل 1400 سنة تستبد بإنساننا وتكبل عقولنا وتسيطر على مجتمعاتنا، فسنبقى مجتمعات مخنوقة واناس مقموعة بعقول مكبلة لا تستطيع تحقيق طموحاتها، وبناء ذاتها وانطلاقها ونجاحها وتألقها، الا في مجتمع حر منفتح غير مكبل بالنصوص والآيات القديمة، وانما يسير واثق الخطى على  هدى قوانين العصر الديمقراطية الحديثة.

ولهذا لقد انتهى زمن الخنوع للشيخ ممثل الله على الأرض، عندما كنا نقول له بخشوع: نعم! ونخاف من قول كلمة: لا!

لقد انتهى زمن تقبيل القرآن ورفعه الى الجبهة عدة مرات برعشة وإجلال من مختلف الجهات.

ونقولها عالية:

لا للتخويف والإرهاب بثقافة الموت والانتقام والثأر والعبوس ومنكر ونكير وعذاب القبور، تُحوِّلُ زهرة الحياة الى شوكة في الصدور، تنغرس في المآقي والقلوب وتشل العقول في عملية مستمرة متواصلة متأصلة منذ عشرات القرون هي مضيعة للوقت ومأساة!

هدفنا كشف الأخطاء القرآنية وإلقاء الضوء عليها، لمصلحة اهلنا المسلمين العليا، الذين يجب ان يعتادوا على هذا النوع من الحوار ويتقبلوه بسعة صدر كتبادل للرؤى والأفكار، ويردوا علينا بكل محبة وثقة بالنفس مرددين مع القرآن: "لكم دينكم ولي دين".

لا ان يعلنوا الحرب الشعواء على المنتقدين ويغتالوا شهيد الفكر الحر مهدي عامل عاجزين، ويطعنوا عظيم مصر نجيب محفوظ بالسكين.

كفى تكبيلا للعقل منذ مئات السنين!

عقلنا أقوى من كل السكاكين!

عقلنا بفكره الحر المنير:

لن يلين عن قول كلمة الحق، ولن يهادن، ولن يستكين!

كيف لا وبكلمة الحق المستنير، سيبقى العقل هو الهادر هو القوي هو المكين!

أما السكاكين فسترتد آثارها حتما حتما حتما ولو بعد حين على صدور الطاعنين!

كفى قتلا لروح الشرق ! روحه خالدة أيها التائهين المتخبطين على غير هدى !

كفى خنقا للحرية وهي شمس مشرقة رغم انف الظلاميين!

نعم للحوار يعيد العقل الى مجده الأعلى فتسمو الروح وفي الأفاق تعلو

وتتفتح البصائر على الحقيقة ويعود الدين الى حجمه الطبيعي العادي في المجتمع:

لا ان يقود انسانه الى الوقوع في الهاوية، والمجتمع الى المذهبية القاتلة والشرذمة، ودوله الى الضعف والتفكك والفقر والعوز، وحكامه الى التعسف والاستبداد باسم الله والتهور والمغامرة بشعوبهم والمقامرة باوطانهم والإجرام بحق ناسهم، وتدميرهم في حروب عبثية، وابادتهم في مقابر جماعية، وحكمهم بمخابرات جهنمية، وزجهم في معتقلات وحشية.

وردا على سؤال ألقاه صحفي ألماني على الرئيس المصري حسني مبارك في زيارته لإيطاليا عمن يفضله خليفة له، قال:

"من يعلم.. من يعلم.. الله وحده يعلم من سيكون خليفتي".
وحين كرر الصحافي السؤال أشار مبارك إلى السماء وأجاب:

"أفضل من يفضله الله".

وهل ان الله هو الذي اختار مبارك ليحكم مصر 30سنة دون استراحة؟

بالرغم من ذلك فإن جوابه سيثلج صدور الكثيرين جدا من الغلابة المسلمين. ولن يعارضه احد من رجال الدين. ولا حتى الاخوان المسلمين. كيف لا، وجوابه ينسجم مع منظومتهم الدينية الفكرية في ان كل شيء مقدر بيد الله.

في الحقيقة مبارك رئيس ذكي وجوابه لم يكن جوابا بقدر ما كان تهربا فهلويا من الإجابة عن السؤال المطروح.

الإسلام الديمقراطي الحي لن يقبل بإجابة مبارك الغيبية وسيرد عليه ردا مفحما طالبا منه القول:

افضل من يفضله الشعب المصري.

ولو ان الله هو الذي سيختار خليفة لمبارك، فعلينا ان نطلب منه اولا فك الحصار عن غزة المنكوبة ونحن شاهدين، وضرب اسرائيل الغاصبة لحقوق المسلمين بحجارة من سجيل ونحن الشاكرين!

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها