إنَّها دَهاليزُ الْجنَّةِ يا أَبا مُحمَّد!
نحن لا نتجنى على القرآن عندما ننتقد، وانما صاحبه او كاتبه هو الذي تجنى
عليه من خلال الأخطاء العديدة التي وقع فيها،
والأحكام الغير صحيحة التي قدمها ترياقا لإسعاد البشرية فأتت بالعكس،
والمجتمعات الإسلامية المريضة في الروح والقلب تشهد على ذلك اليوم مثل
الأمس،
والأغلاط الواضحة التي ارتكبها، ليس سهوا أبدا، بل عن عدم إدراك لحقيقة
الإنسان وتطور المجتمعات، وقلة فهم لظواهر الطبيعة وقوانينها، وبلا معرفة
لجوهر الكون وكائناته.
هذه الحقائق نزعت عنه هالة المقدس في نظرنا وحولته الى كتاب عادي بنكهة
سجعية نثرية مكررة بلاغية أدبية عادية، دون امتلاك للحقيقة الكونية
المطلقة التي يدعيها.
هذه الهالة الإلهية المقدسة التي يستمد من خلالها الفكر الإسلامي شرعيته،
مهيمنا بلا حق على المجتمع جملة وتفصيلا، خانقا له بكرةً واصيلا، مكبلا
لانطلاقة إنسانه جيلا بعد جيلا، مجرجرا الحياة جرجرة الى الطريق المسدود،
هي السبب الأساسي في انسداد افق مجتمعاتنا وهجرة شعوبنا وتخبط انساننا
بين ورود ثقافة الحياة ووعود آفة الموت.
فثقافة الحياة هي ثقافة الفرح والبسمة والانطلاق والنسمة والسرور والثقة
بالنفس وحق النقد وحرية الانتقاد، والعلم والاختراع والحضارة، والامل
والشجاعة والتقدم والتطور والنجاح والعطاء والمغامرة والثبات والنشاط
والجد والاجتهاد والنضارة والخلق والابداع والتفتح والازدهار والرخاء
والحرية وباقات الزهور!
أما آفة ثقافة الموت فهي آفة المرض والانقراض والسواد والفساد والافساد
والألم والحزن والوهم والجمود واللطم والجلد والحقد والقتل والذبح
والاغتيالات والعبوس الدائم، وتقديس الموتى والدموع والتخلف والتأخر
والتزلف والجهل والنفاق والحرمان، والتقوقع في الماضي الى درجة الانسحاق
النهائي، وعدم الثقة بالنفس فتزدهر بالمقابل مصيبة الاستبداد، والاتكال
والنوم والخوف والاستسلام للأقدار، وبث الرعب والارهاب والانتحار
والتفجير وسفك الدماء والظلام وتراب القبور!
ولهذا ولا عجب بعد ذلك ان يسيطر الجهل مكتسحا الأفئدة والعقول، وكانه نور
على نور، وندفع الأثمان الغالية جدا من انساننا المقهور مخدرين دون شعور.
هذا الواقع المزري ادى لأن يصبح الإنسان العربي والمسلم ارخص إنسان في
العالم يقدم دماءه بسهولة ويسر قرابين كما كانت الشعوب البدائية تقدمها
للآلهة.
فمن اجل انسان مخطوف يهتز المجتمع الألماني او الأمريكي أو الفرنسي او
الإسرائيلي، ولا يهدأ لقادته بال، وفي مجتمعاتنا المخطوفة باسم الإسلام
من قبل رجال الدين والحكام يداس على الملايين بالأقدام.
ومن هنا نحن نريد التنوير والقاء الضوء على هذا الفكر الصنمي المتحجر
الغير قابل للتطور والتغيير، والمتكلس على نفسه تراكما منذ ازمان:
بالحجة المضيئة والمنطق السليم والعقل المشرق بالبرهان.
نعم لنور العقلانية تشع بهاء ومعرفةً وعلما في العقول،
لا للخرافة والمتاجرة بسحاب الغيب الماورائي والمجهول!
فهذا الجهل الهائل الذي تأسس كمّاً تراثيا متراكما في المجتمعات
الاسلامية منذ قرون، الخروج منه ليس مستحيلا، الا انه يحتاج الى صرخات
الشجاعة والجرأة والبطولة والفروسية والهمة العالية والكلمة الحرة يرددها
مئات بل آلاف الكتاب والمفكرين الأحرار مصحوبة بكل الفلسفات والأفكار
والبراهين وابداعات العلوم واللغة ومختلف الفنون.
الكلام هنا لكل ذي بصيرة منيرة وعين يثقب بها جبال الأوهام.
فإلى متى هذا التخبط في هذا الظلام. شبابنا الجامعيون كالمهندس المصري
محمد عطا واللبناني زياد الجراح، والأطباء كالطبيب الأردني همام البلوي
بدل ان يقوموا بواجبهم الوطني والانساني ويساهموا في بناء مجتمعاتهم
وخدمة شعوبهم كما هو مطلوب منهم، وتحقيقا لآمال ذويهم الذين دفعوا
الأموال الطائلة لتربيتهم وتعليمهم وايصالهم الى افضل الجامعات:
ماذا يفعلون؟ ينتحرون!
ينتحرون بلاهة بأبخس الأسعار، للقاء فتيات العيون الحور، ولن يلقوا حتما
حتما حتما.... ومليار حتما، الا الفناء الأبدي والعدم النهائي وصمت
القبور.
كفى!
الأبرياء تموت في العراق موتا عبثيا على ايدي عشاق السبعين حورية
المنتظرات على جمر زواج المتعة في الجنة السحرية.
وقال والد همام ابو محمد البلوي لوكالة فرانس برس "انا اعرف ان ابني تغير
تغيرا كبيرا في الاطر المخابراتية وبدلا من ان يصبح خادما لامته وشعبه
حولوه الى الدهاليز المخابراتية وما شابه ذلك".
هذا الكلام غير صحيح. او نصف صحيح يا ابا محمد!
لأن الاصح أيها الأب المفجوع ان دهاليز الجنة التي يقنع بها أشياخ
القاعدة وطالبان وخامنئي ايران المغرر بهم من الشباب هم من يتحملوا
المسؤولية كاملة. وعلى فكرة انهم في العدد سبعين، وفي كل دهليز تنتظر
حورية. ولقاء السبعين يتم فورا بعد الانتحار وخلال ثوان.
إنَّها دهاليزُ الْجنَّةِ يا أَبا محمد!
التي حولت ابنك الطبيب المتعلم من انسان عاقل صالح في خدمة الانسانية
متفاني الى ارهابي جاهل طالح وأناني.
أنانيته تظهر في حبه الأعمى للقاء الحوريات على حساب مصاب اهله به.
واضاف ابو محمد: "أنا بنيته بنيانا أسريا تربويا، زرعته شجرة فلما اثمرت
قطعوها، كان طبيبا يخدم الناس ويداوي المرضى ومخلصا في عمله، لكنهم
اختطفوا هذه اللبنة من هذا البنيان".
الفكر الاسلامي هو الذي قطع شجرة ابي محمد المثمرة، محولا ثمارها المفيدة
النافعة الى قنبلة متفجرة قاتلة.
هناك من ينتفض في وجهي صارخا: ولكنه قتل ضباطا امريكيين!
ارد عليه قائلا: قيمته في نظري كطبيب عربي ومسلم يخدم اهله ومجتمعه اهم
بكثير من امريكا باسرها. عدا انه قتل نفسه منتحرا عن سابق تصور وتصميم
لقناعته بلقاء الحوريات الحسان ليس الا!
ولو لم تكن فكرة الحوريات المنتظرات في جنة تجري من تحتها الأنهار قد
اعمت بصيرته لقتل الأمريكيين بذكاء عسكري وحيل حربية كخالد ابن الوليد
دون تعريض نفسه للقتل المباشر عامدا متعمدا.
وهل انتحر ابن الوليد في معركة اليرموك أم انتصر؟
واردد مع القرآن:
لا تهدي من احببت ان انوار الحقيقة ستهدي من يشاء!
ومن لم يهتد بنور شمس الحقيقة فستخبطه عتمة الحياة خبط عشواء! وكما خبطت
المغرر بهم دينيا محمد عطا وزياد الجراح فقتلوا المسالمين والاطفال
والنساء والأبرياء متناثرين مع ضحاياهم أشلاءً محترقة في الهواء! سعيد
علم الدين. |