اقرأ المزيد...

سعيد علم الدين

 كاتب لبناني. برلين

2010.04.30

هل من حقنا انتقاد الآيات؟

يريدنا مؤلف القرآن أن نؤمن:

بانه كتاب سماوي منزل ومقدس وشامل وكامل لحل مشاكل الإنسان في كل زمان ومكان ولا يعتريه الباطل.

هذا من حقه. ونحن هنا في حقه لا نجادل!

وبما ان حقه مبني جملة وتفصيلا على كلمات غيبية وليس على الحقيقة الحسية الملموسة باليد او البراهين العلمية، فهذا يعطينا في المقابل الحق بان نحلل بكلامه ونفكر وفي حال وجدنا خللا ما نظهره جليا خدمة للحقيقة، التي تأتي بالدرجة الأولى لمصلحة الشعوب العربية والإسلامية العليا.

واذا كان الرجوع عن الخطأ فضيلة، فإن السكوت عنه جريمة.

ولن تنفعنا، وما نفعتنا، ثقافة التبرير وتغليف الأخطاء بالحرير.

فكفى، كل خطأ نخرج له مبررا ونستريح، لكي نقتنع ونقنع الآخرين بانه عين الصوابا.

كفانا تلاعبا بالحقيقة التي تحولنا بسبب تلاعبنا بها الى مهزلة بين الامم!

فالحقيقة الغافية على مر القرون تحت ضباب الغيبيات لا بد وان تظهر مرصعة بنور الكلمة الجريئة ولمعان الفكر الحر المستنير.

فالنضال الحقيقي اليوم هو نضال الفكر الحر التقدمي الذي سيساهم في نهضة الأمة من كبوتها المزمنة، وتخبطها القاتل.

ولن نسكت عندما نكتشف أخطاءً، كيف لا والسكوت عنها هو جريمة كبرى بحق اهلنا المسلمين الأفاضل؟

نحن هنا لا نفرض فكرنا على احد، وانما نعرضه على القراء الاعزاء خدمة للرأي العام وبالدرجة الأولى خدمة لأهلنا المسلمين.

وهذه الخدمة التاريخية الجليلة سيكتشفونها حتما شاكرين ولو بعد حين.

نحن لا نتسلى هنا بالكلام، ولا نعبث بالفكر، نحن نعبد الطريق بالمصابيح للأجيال القادمة.

نحن لا نحقد على دين الاسلام، فنحن لسنا اعداء، بل ابناء لهذا الدين تحت ظلاله كبرنا. عدا ان اخلاقنا واصالتنا وتربيتنا الاسلامية الصحيحة وحرصنا على مستقبل شرقنا يدفعنا الى رفض الأباطيل، ويمنعنا من السكوت عن الخطأ واعتباره صوابا مجاملة او خوفا.

نحن نحترم ونحب ونجل اهلنا الكرام ومن اجلهم سنقفز فوق الحواجز ونتحمل الطعنات الظالمة والسهام الجارحة. 

وردا على البعض الذين يريدوننا ان لا نخوض بهذه المعمعة، وننتقد القرآن اقول وبكل محبة: القرآن نفسه سمح لنا بذلك.

وانتم ايها الاخوة من خلال ايمانكم بقدسيته عليكم ان تحترموا ما جاء فيه!

ولقد جاء في سورة الأنعام:

(وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) 68.

هذا الكلام يدل وبوضوح على ان القرآن لا يمنعنا من الخوض أي التفكير ومناقشة آياته والخوض فيها. ولم يطلب منكم ان تمنعونا، او تكمموا افواهنا، او ترهبونا، او تعلنوا الحرب الضروس علينا!

فلماذا انتم تريدون حرماننا واسكاتنا من حق اباحه لنا القران نفسه؟

وعليكم مناقشتنا بالحسنى، ومحاورتنا بالكلمة الحكيمة، وكما جاء في سورة النحل (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)125.

انطلاقا من مما اسلفت فان حقنا في الخوض وانتقاد الايات القرآنية مستمد من القرآن نفسه ومن حرية الكلمة والتعبير وروح العصر الحديث، وما آلت اليه خير امة اخرجت للناس. والعملية كلها فكرية خالصة وليست شخصية ضد احد.

فلا تكمموا الافواه وتسكتوا اهل المنطق والحجة والعلم بحجج وذرائع اكل عليها الدهر ومضى.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها