اقرأ المزيد...
سعيد علم الدين
كاتب
لبناني. برلين
من يعاندُ الزمنَ سيسحقهُ برحاه
خذ نفسا عميقا يا صديقي واقرأ المنشور .. من فضلك لا تنتفض وتغضب وتثور ..
وتهدد بالويل والثبور .. عندما نتناقش بأمور .. حولها الكون يدور .. بل
انظر الى الحياة بأمل وسرور.
فالحقيقة التي لا لبس فيها ولا شك:
أنك شئت أم أبيت! ستعيش مرة واحدة فقط على هذه الارض.
فحياتك هي ومضة قصيرة جدا لا تقاس بالنسبة لعمر هذا الكون المعمور. هي
ومضة، وبقدر ما هي قصيرة جدا، هي ثمينة جدا جدا، بل هي أثمن من كل ما في
هذا الكون من مجرات وكواكب ونجوم وبدور. وإن لم تقدرها حق قدرها، وتصنع
منها أفضل الممكن، وعبثت بها شقيا مستهتر، وسلمتها لأبالسة الدهور،
فستخسرها للاشيء.
إقرأ بتمعن ، تأمل بهدوء ، فكر بعمق ، اسأل تساءل ، ولا تأخذ بقول قائل، إن
لم تفْحَصه وتُمحِّصه وتحلِّلَه بعقلك الفاعل. وتَثقَّف، ثم تثقف بشغف وعشق
وحبور .. لتستنير بنور .. وتكتشف بنفسك المستور.
والعقل الفاعل هو الّذي يشاكس فكريا مع الحياة، يتعارك معها يوميا ويناضل
للحصول على تجربة غنية المفاصل، توصله الى قلب الحقيقة في المقابل.
هذه الحقيقة المستخرجة من الحياة بصعوبة بكلتا يديه، تماما كما تُستخرج بعد
الخض المنهك الشديد، الزبدة الشهية من الحليب.
هي تجربته الخالصة التي ستقدم له السعادة في حياته والامان. فيغادرنا لحظة
المغادرة المحسومة لكل إنسان، براحة روحية وثقة واطمئنان.
أما العقل الخامل فهو عكس الفاعل: اتكالي كسول لا يشاكس مع الحياة ولا
يناضل .. ويأخذ الحقيقة من أفواه الآخرين مصدقا لكل ما يقوله قائل.
هذه الحقيقة المأخوذة بسهولة عكس المستخرجة بصعوبة لا تعبر عن تجربته،
وربما ستخدعه بتقديم سعادةً مزيفةً ينام فيها على سرير الوهم باتكالية
بلهاء دون تجربة وعناء.
فثقافة الحياة هي شجاعة وجرأة وإقدام ونجاح وتألق وسعادة وحبور .. يتوجها
العلم فتحا مبينا لكشف خفايا الانسان والأرض والكون المجهول.
وثقافة الموت هي جبن وخوف وتهور ورعب وتقديس قبور .. تخلف قاتل وضياع
وانهزام وغباء وذبول .. يتوجها الجهل فسادا بكل الأمراض الاجتماعية وأنواع
الشرور.
والجاهل عدو نفسه ويساق كالدمية البلهاء من الآخرين الى حتفه.
وقطار الزمن العملاق المحمل بالمجرات والكواكب والشموس، والأرض وما عليها
من دول وأمم وشعوب، شئت أم أبيت ! إلى الأمام بخطى ثابتة يسير .. ومن يحاول
معاندته أو إرجاعه إلى الخلف أو إيقافه عن المسير، فهو أحمق ضرير سيقع في
المآسي والمحن وسيسحقه قطار الزمن برحاه الذي لا يرحم الجهلة والمتخلفين
المتشبثين بفكر صنمي ماضوي عفا عليه الزمن فوهن عنكبوتيا في سرير مرضي.
والكرة الأرضية شئت أم أبيت ! حول نفسها والشمس تدور .. ولا ساحر ولا مسحور
.. وإنما قوانين جذب ونفور .. أوجدتها الطبيعة بنفسها بلا آمر ولا مأمور ..
أدت بشكل مذهل دقيق الى هذا التوازن الكوني المنظور.
ولا تشغل تفكيرك كثيرا بماهية السؤال الفلسفي المشهور: من جاء قبل البيضة
ام الدجاجة؟ فسيضيع منك الوقت الثمين وانت في الدائرة الفارغة في البحث على
اللاشيء تدور.
أنا شخصيا أميل الى اعتبار أن البيضة جاءت قبل الدجاجة. أو أن الدجاجة خرجت
من بيضتها بعد أن كسرت قشرتها الظلامية وتحررت من سجنها للخروج الى الحياة
والحرية.
تماما كما خرج الانسان من خليته الأولى قبل ملايين السنين الى الحياة ورحاب
الحرية.
والى من يريد احراجي بالسؤال التقليدي ومن اين جاءت البيضة والدجاجة؟ ومن
أين جاءت الخلية؟ اجابتي له:
من عوامل الطبيعة وأسرارها المعروفة للعلم ومنها التي ما زالت مخفية،
وبالتأكيد من تطور الخلية التي هي نواة الحياة عبر ملايين السنين.
ونشوء الحياة هي عملية معقدة جدا بأسرارها المتشابكة بتفاعلات كيميائية
وقوانين فيزيائية وعوامل بيولوجية ومناخية، وليست ابدا
:كن
فيكون! وانما هي تطور على الارض وفي الكون عمره مليارات السنين.
فمقولة "كن فيكون" هي فرضية، ليس لها دليل علمي واحد، على العكس تماما كل
الدلال النظرية مدعمة بالاكتشافات العلمية التطبيقية التجريبية تشير الى
تطور الحياة الأزلي الذي لا يعرف السكون.
ومن يعتقد انه يملك الحقيقة المطلقة فهو في شطط عظيم وصاحب فكر سطحي
هجين.
أما الليل والنهار فهما ظاهرتان طبيعيتان ، وليس لهما في الحقيقة وجود.
وعيب علينا في عصر الطب والنت ، أن نكون في الشرق للجهل وقود.
أوليس هناك مشكلة تهز الوجود في أن يصبح دم الإنسان في بلادنا العربية
والاسلامية أرخص من البارود!
لا يمكن مقارنة دم الانسان وحياته، بأي شيء لأنها اثمن مما في الكون من ذهب
وكنوز.
ولكل مشكلة سبب وربما أسباب ، سمنت عبر السنين كالأبقار، وانفجرت في وجوهنا
بعد طول غياب .. بوحوش ضارية كاسرة مسلحة الأنياب .. من جماعات الفتن
والقتل والارهاب .. انفلتت من عقالها تغتال الأبرياء تحتقر الحياة وترسل
الشباب الى الانتحار بوعدٍ كذَّاب .. في الحصول على حوريات من سراب ..
وتفتك بالأطفال والشيوخ والصغار، وتسبي النساء وتقطع الرقاب .. دون رقيب
وحساب.
ولا حل في مواجهة طوابير الجهل، إلا بنور العقل المبني على الحقيقة والعلم
وليس الفرضية الغيبية المعلبة بالوهم.
سعيد ب. علم الدين |