فرسان الشرق
الأوسط الثلاثة
برلين 06.08.21
أطل علينا الفارس الأول شيخ المجاهدين
حسن نصرالله
من مكان ما محصن أمين، ربما السفارة الإيرانية في دمشق، أو ربما قصر
المهاجرين تحت حماية المتاجرين بالقضايا العربية وأهمها قضية فلسطين، فقط على
حساب شعب لبنان المستباح المسكين، عبر شريط مرئي مسجل بالصوت والصورة والتوجع
والأنين، يوم
الاثنين 14-8-2006
ليعلن النصر التاريخي المكين، بهمة الحلفاء الممانعين: بشار ونجاد وكل
الصامدين، على "دويلة العدو الصهيوني اللعين"، وجميع "المستكبرين" من
أمريكيين وبريطانيين في لحظة مفصلية من عمر مشروع الشرق الأوسط الجديد، هذا
المشروع الذي تم:
- لجمه بقبضة من حديد، وكما يلجم الفارس الصنديد، فرسه الجموح العنيد.
- وضربه الضربة القاضية المصيرية بمقاومة حزب الله الشرسة بأضلاع الأطفال
الرخصة الطرية في قانا ومروحين وغيرهما من مدن وقرى بلاد اللبنانيين.
- وردمه تحت شرفات البنايات المهدمة بحكاياتها، وبقاياها المدمرة بتراثها
الثمين، وأنقاض القلوب المحطمة بأحلامها، وجماجم الرؤوس المهشمة بأفكارها،
والشوارع المبادة بساحاتها، وأشلاء الضحايا المبعثرة والجثث المشوهة،
والأجساد المحترقة بنيران الحاقدين، والعوائل المشردة من الديار، وجنى
الأعمار المندثرة تحت ركام الأضاليل، والطاقات المهدورة، والجسور المنهارة،
والظهور المكسورة، والطرق المهجورة، والسواحل الملوثة بالسموم المنتشرة في
لبنانا الجميل، والأعمال المعطلة، والمصانع المحروقة، والمرافق المشلولة،
والأرزاق المقطوعة، والمحاصيل المتلفة، والأفواه المفتوحة، والبطون الجائعة،
والقوى الخائرة، والنفوس الحائرة، حسب الرغبة الإيرانية السورية المشتركة،
ليس هذا وحسب بل،
- ودفنه إلى أبد الآبدين في مدافن الديمقراطية المرفوضة من الأسياد،
والعلمانية التي تخالف الأديان، والشفافية المريضة في سرير الفساد، والتعددية
الدخيلة إلى خيم العرب دون استئذان، والحرية الفكرية المضروبة على رأسها من
الأساس، والحداثة الغريبة عن عادات وتقاليد الشرق الحساس، ومتاهة ما يسمى
حركات مجتمع مدني وحقوق إنسان، وتفاهة الليبرالية المستوردة لمضاربة شمولية
أفكار جماعة اسلامستان، وازدواجية معايير "الغرب المتصهين الكافر ومجلس الأمن
المتآمر وأداته إسرائيل" على شعب لبنان العظيم، حسب توصيف العماد عون
الإصلاحي المستقيم وكسر العظام لكي تصبح رميم.
ولهذا فأهلا
بثورة الشيخ حسن نصر الله على الأمريكيين وأداتهم الإسرائيليين وكل دول
الاستكبار والطغيان. أهلا بمنطق المقاومة يسيطر على منطق الدولة بعطف وحنان،
وثقافة المقاومة الجدية الثبات على سخافات "بس مات وطن" وشربل بركات وضياع
البنات والشبان في حدائق الجامعات. أهلا بسلطة حزب الله الإلهية على لبنان،
وعشق العمالة لبعث سوريا والعبودية لملالي إيران، وشرعية السلاح المقدس، قدس
الأقداس، الذي هو أقدس من المجتمع والدولة والناس. أهلا بالاستبداد على طريقة
طالبان، ودكتاتورية المأسوف على شبابه صدام، ومدح أنظمة الإجرام، وغض النظر
عن سياسة الاغتيالات للأحرار الشجعان من جنبلاط إلى الحريري إلى جبران،
والاستعباد وشراء ضمائر العباد، والمربعات الشريفة الأمنية في أنحاء البلاد،
ورفع صور قادة الإنسانية والسلام في هضاب البقاع وقرى جبال لبنان الشرقية،
والدولارات المغسولة بماء الطهر الإيرانية، والمخابرات المجرمة البشارية،
وأنفاق القيادة العامة الصاروخية، وقوات فتح الانتفاضة السورية في دير
العشاير اللبنانية.
وتأكيدا لكل
ما ورد،
اعلن ممثل حزب الله في ايران عبد الله صفي الدين اليوم 06.8.21
انه "لن
يتم نزع سلاح" الحزب، مؤكدا انه سيبقى بامكانه "استيراد اسلحة" من الخارج.
هذا الكلام الغير مسؤول اختراق للهدنة ومضر جدا لحزب الله ولبنان وخدمة
مجانية لإسرائيل لتتابع العدوان.
بعد إطلالة
نصر الله بيوم واحد أطل الفارس الثاني بشار الأسد، إطلالة المتنصر المتقد،
ليقول
في كلمته
التي
ألقاها أمام المؤتمر الرابع لاتحاد الصحافيين العرب
الممانع:
"يسعدنى أن التقي بكم فى هذا الشرق الاوسط الجديد بالمعنى الذى نفهمه وبالشكل
الذى نريده، ولو لم يكتمل بعد".
لأن الشرق الأوسط الجديد لن يكتمل بالمفهوم البشاري إلا بانقلاب عسكري
مقاوماتي عوني لحودي مخابراتي يعيد لبنان إلى حظيرة المطرود رستم غزالي، لمسك
الأمن بالقفازات لكي لا تظهر البصمات، والافراج فورا عن جنرالات النظام
الأمني البائد الأربعة، حيث يعودون معززين مكرمين إلى مناصبهم بالأهازيج
والزغاريد. هذا الانقلاب يجب أن يؤدي أيضا إلى الإطاحة بحكومة السنيورة،
وتحرير قريطم من الوصاية الأمريكية ونفي سعد الحريري إلى جزيرة ارواد
الفينيقية، وإلقاء القبض حسب مذكرة التوقيف الإنتربولية على جنبلاط وإيداعه
سجن المزة، وتنصيب عون رئيسا شكليا للجمهورية خلفا للحود وولايته البلية، وزج
كل من ينادي بالحرية والديمقراطية والتعددية والسيادة الوطنية والاستقلال
والقرار اللبناني الحر في المعتقلات، والقضاء وبكل قسوة على كل من ينادي
بمتابعة المحكمة الدولية لكشف الحقيقة في اغتيال الرئيس الشهيد الحريري وكل
الاغتيالات الأخرى، وإبادة قوى 14 آذار، التي بشرها بشار بالفشل واعتبرها
"منتج إسرائيلي" كمنتجات التفاح الجولاني التي يستوردها علنا من اسرائيل
ليزدردها الشعب السوري دعما للمستوطنين وحفاظا على ازدهارهم الاقتصادي. قائلا
في خطابه عن أحرار 14 آذار "هم
من شجعوا اسرائيل على المجيء الى لبنان ووقفوا معها ودعموها.
هم
يتحملون مسؤولية الدمار والمجازر والحرب من أولها الى اخرها".
كلام أكثر ما يقال فيه أنه لغو أطفال صغار وطق حنك دون أدنى اعتبار. ويؤكد أن
البشار يتلظى على جمر النار بسبب نشاطات المحكمة الدولية.
وقال في خطابه
أيضا ملحوظة مهمة جدا وهي"هذا
الشرق الاوسط الجديد الذى بشرت به سوريا مرارا وتكرارا".
حقا لم تبشر
به فقط وإنما مارسته وما زالت تمارسه ومنذ أن حط البعث كابوسه الثقيل بآل
الأسد من الأب إلى الأم إلى الأخ إلى الصهر إلى الولد على قلبها، وخنقها
بمخابراته من رقبتها، وألغى حرياتها وتلاعب بدستورها وقتل أحزابها وداس على
كرامة مثقفيها، وأغلق منتديات الكلمة فيها، ومزق ياسمينها وهجر عصافيرها،
واستباح ثرواتها، وضرب نسيجها الوطني، وقام بتخريبها
تخريبا
منظما:
سياسيا واقتصاديا
وثقافيا
وأخلاقيا
واجتماعيا
وفكريا، وصار
المواطن
السوري
مكسور الخاطر، خانعا، ذليلا أمام جبروت النظام العميل، وسياسته
الشرسة في الاغتيال السري و العلني
والسجن والقمع
والاضطهاد
والتنكيل. وتحولت سوريا كلها إلى محكمة تفتيش كبرى و"تنبيش" في الضمائر ودفع
خوات وبقشيش على عينك يا تاجر، ومظالم
لم
يعرفها
تاريخها
القديم
والحديث. ولا عجب بعد هذه السياسة الهدامة أن يصبح المواطن السوري المخطوف من
آل أسد ونكد وخلوف
آلة
للهتاف
والتصفيق
والتطبيل
وقرع الدفوف، والافتخار بمنجزات
النظام الطائفي في هدم الوطن
السوري وتفريق الصفوف، وتصدير مخابراته بالألوف، لتخريب ديمقراطية الجار
اللبناني والعراقي والأردني على المكشوف.
لقد
قتل هذا
النظام
عشرات الآلاف من
السوريين
الشجعان،
بحجة أنهم إخوان مسلمين
أو معارضين سياسيين،
وما يزال يوجد في سجونه
عشرات الآلاف من
السوريين
واللبنانيين والفلسطينيين. لقد أعلن
نظام
بشار حربا شعواء
على شعبه وليس على الأعداء. لو أنه وجه جزء من تضحيات الشعب السوري وآلامه
العظيمة إلى الجولان لتحرر من زمان.
أما الفارس
الثالث نجاد فأعلن الانتصار واعتبره "وعد
الهي".
ما هذا الوعد
الذي دمر لبنان وقتل أطفاله ودمر حسيناته وأماكن العبادة وبالأخص الإسلامية
فيه؟
وقال
نجاد
إن "حزب
الله" أفسد خطط دول تحاول "إقامة ما يسمى شرق أوسط جديد".
أريد التذكير هنا بأن إيران بسبب النظام الحاكم فيها هي دولة عدوانية تحتل
جزر الإمارات العربية الثلاث، حاقدة على عرقياتها من عربية وكردية وبلوشستيه
وغيرها وتضطهدهم جميعا ، مستبدة ضد أحرارها تغتالهم وتعتقلهم، فاسدة منخورة
القلب ومريضة، أفقرت شعبها وأضاعت ثرواتها في حروب وطموحات نووية لن تجلب لها
إلا العزلة والبلاء. حتى أن رئيسها الحالي نجاد تم انتخابه
في انتخابات ليست ديمقراطية،
فقط بسبب تركيز
جهده وشعاراته
وتنظيراته
على
الفقر والفقراء والمعيشة
ولقمة الخبز
والبطالة والظلم والفساد
وليس على الطموحات النووية.
فبعد
أكثر من خمس وعشرين سنة
على قيام الثورة الإسلامية في إيران تكاثر الفقراء
أكثر من
خمس وعشرين ألف مرة عن عهد الشاه السابق.
فالهوة
بين الأغنياء
من الملالي وحراس النظام
والفقراء
من أهل البلاد
تزداد اتساعا
وباطراد.
أما
الفارس الأول
السيد نصر الله فقد وعد بأنه
"أيا تكن
نتائج الحرب، فلبنان لن يكون اميركيا أو اسرائيليا ولا موقعا في الشرق الاوسط
الجديد".
ولا
بد بعد ذلك من التساؤل هل عملية حزب الله التي أشعلت حربا إسرائيلية مدمرة
على لبنان كانت تهدف لتبادل الأسرى أم الهدف الأساسي منها عرقلة ما يسمى
بمشروع الشرق الأوسط الكبير؟
نريد التذكير
بأنه لا يهمنا أبدا شرق أوسط كبير أو متوسط أو صغير أو قديم أو عتيق أو جديد.
بل ما يهمنا فقط هو شرق حر متحرر من العبودية والعبيد ومن كل الهيمنات
والوصايات، شرق نصنعه بعقولنا وأفكارنا وقناعاتنا وإيماننا بالديمقراطية
والحرية وحقوق الإنسان، وحق الشعوب المقدس، كافة، بتقرير مصيرها وأهمها حق
الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة يعيش فيها بحرية فوق تراب وطنه. |