الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

سعيد علم الديناقرأ المزيد...

سعيد علم الدين

كاتب لبناني. برلين


وستظلُّ دمعةُ عين المريسة سائلةً

 برلين 07.02.17

أعادت قوى 14 آذار، بجمهورها المليوني الحضاري الحقيقي الجرار وليس العابر الوهمي- كما ردد باستهزاء بشار وأذنابه من كبار وصغار- المنتفضِ بقوةٍ وإصرار لكرامة الوطن المستباح الجريح في وجه الأشرار، الوهجَ إلى الحقيقةِ لكي تظهرَ من خلال المحكمة الدولية بانبهار، والبريقَ إلى انتفاضة الاستقلال لكي تحقق أهدافها في الاستقلال الناجز، والسيادة الكاملة، والحرية والديمقراطية تحت ظلال الشرعية والدستور، ودولة القانون القوية القادرة بإرادة شعب عنيدٍ في الحقِّ جبار، وأقوى من كل طاغيةٍ وظالمٍ وجزار.

"فحزب الله" يريد الدولة القوية القادرة العادلة بالكلام ويعمل على شلِّ اقتصادها وتدميرِ مرافقها وعرقلة قيامها وإرهاب مجتمعها واغتصاب حكومتها بالأفعال!

وردد شعبُ 14 آذار المنتفضُ وراء قادته بقوة إرادته التي هي من إرادة الله:

- نعم لمنطق الدولة الشرعية ممثلة بحكومة السنيورة، أي لبنان أولا، لا لدولة "حزب الله" اللاشرعية ومعها كل الدمى الإيرانية السورية المسلحة والمخربة للأمن والعابثة بالسلام والجالبة للكوارث والمفسِدَةِ للعيش المشترك والمزعزعةِ للنظام.

- نعم لسيادة الدولة فوق كامل أراضيها وتطبيق القانون على الجميع، أي لبنان أولا، لا للمربعات والجزر الأمنية والعمل الإجرامي من وراء ستار في وضح النهار، حيث تخطيط الاغتيالات، وتفخيخ السيارات، وتحضير التفجيرات، وبث أدوات الفتنة والمؤامرات، وإكثار الدين العام بعدم دفع الضرائب وفواتير الكهرباء، وإرهاق ميزانية الدولة من خلال الموظف التنبل، الذي يقبض ولا يعمل، يحميه مُربَّعهُ الأمني ورَبْعُهُ الحزبي الإلهي المبجل. يؤدي ذلك عنده بالطبع إلى قتل الضمير المهني، وتشويه الحس الوطني، والولاء للزعيم خدمة للكرسي بدل الولاء للدولة وخدمة الشعب، وإذكاء ثقافة الاتكالية والشخير والإهمال، ونشر آفات الفساد على أنواعها في كل مجال. وممن سيخاف من هو محمي من دولته المغتصبَةِ بقوة السلاح لحقوق الدولة الشرعية اللبنانية بشعارات أهل الكهف ومنها: الانقلابية الخمسينية، والقومجية الستينية، والثورجية السبعينيةِ، والفوضويةِ الثمانينية، والإسلمجية التسعينيةِ، والإرهابية بعد عام 2000 حيث قاموا بتحرير جزر القمر من الأقمار الاصطناعية.

- نعم للاستقلال الناجز الكامل، أي لبنان أولا، وإعادة القرار للحكومة اللبنانية بالكامل، والاعتبار لهيبة الدولة الحرة، ومناقشة سياسة البلد وحل مشاكله في مجلس النواب وليس في الشارع، لا لإدخال لبنان الصغير في سياسة المحاور الكبرى شرقا وغربا، وسوريا وإسرائيليا، وإيرانيا وأمريكيا. أما بالنسبة للصراع العربي الإسرائيلي فلا يجوز لا دينيا ولا منطقيا ولا أخلاقيا ولا ضميريا ولا عروبةً تحميل لبنان الصغير وحيدا عبء هذا الصراع. والأمتين البشارية البعثية السورية والفارسية العجمية الصفوية تتفرجا عليه وهو يدمر: ومنهم من سلب ونهب، وسرق مع رنا قليلات وزور، وهدد وتوعد، وقتل واغتال، وجعل الحرامَ حلالا وما زال يعمل على غير هدى وفي ضلال مبين. والنظام السوري يمانع بالكلام منذ أربعين عاما وفي هذه الأيام يستجدي من إسرائيل السلام وظهرت على بشار حتى عوارض الاستسلام. حيث قال بشار لأولمرت "جربونا" ولو مره من شان الله !

- نعم للبنان باريس 3 والحضارة والرقي والعطاء، والرسالة والتلاقي والإخاء، والنضارة والنور والبهاء، والتجارة والازدهار والرخاء، والانطلاق إلى الأمام وليس العودة 14 قرنا إلى الوراء، لا للاعتصام اللاديمقراطي السوقي الشتائمي الببغائي ونشر ثقافة نفخ النرجيلة وفصفصة المخلوطة، والكسل الاجتماعي وتخدير العقول، وتعبئة البطون بالفلافل والحمص والفول، وتحلية اللسان بالكلام الغوغائي المعسول، وإغلاق الأفواه المفتوحة بالنمورة والمعمول، وفرض سياسة الهيمنة بالثلث المعطل وفخامة الشيخ المعرقل، وسماحة العماد المسطل، والانقلاب على الشرعية بحرق الدواليب وقطع الطرقات واحتلال الساحات، وإرهاب الناس الشرفاء، وتكسير صور شهداء انتفاضة الاستقلال، وإلى آخر ما قام به أذناب المحور الإيراني السوري في بيروت من أعمال مخجلة يندى لها الجبين أدت إلى الثلاثاء الأسود وخميس الفتنة وسقوط شهداء وجرح أبرياء دون هدف يرتجى سوى الفوضى التي بشر بها بشار بن ابيه.

وأعادت قوى 14 آذار بقيادييها الشجعان البواسل، من نساءٍ ورجال الذين يدرون ما يقولون، حيث كلماتهم كانت بوزن صخور الجبال، وهي أفعالٌ قبل أن تكون أقوالا، الصورةَ الجميلةَ الحضارية الرائعة السلمية الأخوية التعددية المزركشة للبنان الواحد السيد الحر المستقل.

ما قدمه شعب 14 آذار في ساحة الحرية يوم 14 شباط 2007 احتفالا بذكرى مرور سنتين على اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الشهداء، يدعو إلى الفخر بلبنان الديمقراطي الجديد والاعتزاز بشعبه الراقي الحضاري، يدل ذلك أيضا بوضوح على ذكاء الشعب وغباء النظام الأمني الإيراني السوري وأذنابه من الذنب الكبير إلى الصغير إلى الأصغر الذي لا يُرى بالعين المجردة أي أشباح المخابرات، خفافيش الظلام، وسلاح "حزب الله" المقدس، وبالشاحنة خلسة من ريف دمشق إلى مربع الضاحية مهرب، تحت التبن الطاهر والقشِّ النظيف والشعير الأطهر.

 

زاد ذكرى هذه السنة جلالة وثقلا مشاركة الطائفة الشيعية من خلال مفتي صور وجبل عامل العلامة الوطني الكبير علي الأمين.

أكدت هذه الجموع المليونية، والتي أعطتنا صورة واضحة عن الفرق الكبير والشاسع بينها وبين جمهور جماعات 8 آذار الإلهية التخريبية التابِعَةِ والمتبوعَةِ المؤتَمَرَةِ والمأمورَةِ، أن الأكثرية النيابية ليست عابرة ووهمية بل عميقة ومتجذرة في أعماق الشعب كتجذر الأرزة في أعماق الجبال.

وأكدت أيضا على صحة الطريق الذي تسير عليه قوى 14 آذار وجددت في الوقت نفسه الشرعية الشعبية لحكومة السنيورة والتي لم تفتقدها لحظة واحدة.

لأنها تعمل صادقةً من أجل كل لبنان وخلاصة من براثن المحاور الشريرة القاتلة المجرمة بحق شعوبها وجيرانها وبالأخص حق الشعبين العراقي واللبناني في الحرية والوحدة والديمقراطية والاستقلال والسيادة!

وبالرغم من ذلك ستظل دمعةُ عين المريسة سائلةً على خد بيروت إلى أن يتم الانتهاء من تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي، والانتقال بالتحقيق الدولي الذي يقوده براميرتس إلى مرحلة توجيه التهم للمخططين والآمرين والمنفذين والمتواطئين وقيام المرافعات ضد القتلة لردعهم والاقتصاص منهم.

ولعل رئيس "أمل" السيد بري ينتهز الفرصة ويتحرك بعد هذا الحراك المليوني ويمارس دوره الوطني الحقيقي كرئيس لمجلس النواب بدل السكون في عين التينة وذر الرماد في العيون مطالبا بلجنة خبراء قانون لدراسة مشروع المحكمة الذي أشبعه دراسةً الخبراء اللبنانيون والدوليون.

واجبه الدستوري في هذا الظرف الاستثنائي أن يفتح جلسة استثنائية لمجلس النواب ليتم من خلالها مناقشة مشروع المحكمة وتعديله أو قبوله أو رفضه مع العلم أن العدد الكبير من النواب هم محامون وحقوقيون ومفكرون وليسوا أغبياء إلى حد عدم فهمهم فقرات مسودة مشروع المحكمة الواضح جدا ولا يحتاج إلى كل هذا التعقيد. إلا إذا كان الهدف اللعب على الوقت لمصلحة المتهم ومن اغتال وقتل وفخخ !

نحن على يقين بأن المحكمة ستكشفُ بالأدلة القاطعة والبراهين حقيقة الاغتيالات السياسية الشريرة والتفجيرات التدميرية التي ضربت وما زالت تضرب لبنان الديمقراطي لزعزعة أسسه وقواه الحرة في 14 آذار على طريقة الأنظمة الشمولية المعروفة في حذف الآخر.

وهل هي صدفة أم قرار أن لا يدفع ثمن الجرائم المتكررة، إلا زعماء ومناطق وأحياء وشوارع وحافلات وفانات وأنصار 14 آذار؟

ولهذا ستظل دمعةُ عين المريسة سائلةً على خد الشعب اللبناني المجروح وحارقةً قلب كل الثُّكالى رفيقات درب الشهداء العظام السيدات: نازك الحريري، يسمى فليحان، جزيل خوري، سهام تويني، باتريسيا الجميل والأخت المفجوعة السيدة الكبيرة النائبة بهية الحريري، إلى أن يتم جلب المجرمين كبيرهم قبل صغيرهم إلى المحكمة وتطبيق العدالة وتجريم المجرم بالأدلة المحكمات، وتبرئة البريء.

التسييس لا يوجد إلا في رؤوس بعض الرؤوس التي أمرت ودبرت وخططت وفجرت واغتالت ثم شوهت مسرح الجريمة وعلى العرش اعتلت.

فنحن لا نطالب إلا بحقنا المشروع في المحكمة لكشفِ الحقيقةِ وتطبيق العدالة والاقتصاص من المجرم لكي لا تكون هذه الجرائم بلا عقاب وكأننا نعيشُ في مجتمع شريعة الغاب والضرب على رأس أهل الضحية بقبقاب المرشد المهاب.

هذه الحقوق هي ملك الشعب اللبناني ولا يمكن التنازل عنها أبدا لا من قبل حكومة ولا أفراد.

ومن يختلق المشاكل من رؤساء وأحزاب وأفراد ويضع العقبات لعرقلة المحكمة إنما يضع نفسه أمام الشعب والعالم في دائرة الاتهام.

خلال هاتين السنتيّن بعد استشهاد الرئيس الحريري ورفاقه ومن تبعهم من الشهداء،كشف عمل لجنة التحقيق الدولية دون قصد حقيقة رؤساء وأحزاب وقوى، وأسقط أقنعةً عن الوجوه فطارت هالات وتمزقت جبب، ولم يبق لهؤلاء إلا محاولات مستشرسة لعرقلة المحكمة وتعطيل الحياة الدستورية اللبنانية وبكل الوسائل اللاشرعية.

وهكذا جاء رد الشعب اللبناني الأبي في 14 شباط، رافضا للظلم وحكم الطغاة وأهل البغي، رداً مليونيا ومن كل أنحاء لبنان. مؤكدا للعالم وبصوت حضاري مدوٍ كما قال يوما الشهيد جبران تويني " خلي الصوت يدوِّي"، أننا نطالب بالمحكمة ومعاقبة المجرمين.

الله نور الحق وسند المظلوم لن يتركنا، شعوب العالم الحرة، ومجلس الأمن سيكونون جميعا إلى جانبنا، خاصةً بعد هذا الإصرار اللبناني رغم مخاطر القتل الجمة وتفجير الحافلات على كشف الحقيقة وتطبيق العدالة ومعاقبة المجرم.

وستظل دمعةُ عين المريسة سائلةً ومتسائلةً إلى أن يتحقق هذا الهدف السامي وسيتحقق!

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها