كفى
اعتداءً على اسم الله!
ألا يجب أن تذكرنا مأساة كربلاء الرهيبة، بعمليات الاغتيال البشعة التي
هزت أعماق الوجدان الوطني والعربي والإنساني وأزهقت أرواح قادة فكر
وزعماء في لبنان ما زالت دماؤهم على أرصفة شوارعنا تنتظر العدالة، بمأساة
بيروت الحزينة؟
وإذا كنا نعرف من قتل سيد الشهداء الحسين(ع)، ونلعنه في الصباح والمساء،
ألا يحق لنا أن نعرف من اغتال الرئيس رفيق الحريري وكل الشهداء الأبرياء
الآخرين؟
وإذا كان المسلمون آنذاك وبالأخص الشيعة لم يناموا على الجرح الدامي
وأخذوا بثأر الحسين(ع) بالثورة على الأمويين والقضاء عليهم قضاءً مبرماً
وقتل كل أمرائهم ما عدا عبد الرحمن الداخل الذي استطاع الهرب إلى
الأندلس، والتشنيع بقبورهم ما عدا قبر الخليفة عمر بن عبد العزيز،
فنحن اللبنانيين ومعنا أحرار العرب والعالم كله نريد فقط المحكمة الدولية
لا للثأر، وإنما لردع المجرم عن متابعة القتل، ولتطبيق القانون والعدل!
هل هذا شيء كثير عند "حزب الله" والبعض من اللبنانيين الذين صارت المحكمة
عندهم "طبخة بحص" وقِشَرَ بصل؟
هذا إذ لم يكونوا هم كذلك!
أهل يجب أن نُرضي القاتل وندوس على حق القتيل، مخالفين بذلك تعاليم
السماء في القرآن والتوراة والزبور والإنجيل !
ألا يجب أن تكون العبرة الأولى من مأساة كربلاء أن تجمعنا نحن العرب على
كلمة واحدة سواء، ونحن شعب واحدٌ في بيروت وكربلاء؟
كلمةٌ صادقةٌ نقف فيها بحزم وقفة الرجال الرجال، وليس أشباه الرجال إلى
جانب إحقاق الحق وردع المجرم ونشر العدل وسيادة القانون والديمقراطية
والأخلاق الحميدة، نعادي الباطل ونرفض الاستبداد ونواجه الأشرار ونلاحق
المفسدين ونقتص من القتلة المجرمين أهل الغدر والنفاق!
كلمةٌ صادقةٌ نَحْمِلُ فيها على الطغاة الأشقياء، رافعين المبادئ
الإسلامية والمسيحية والإنسانية السامية في الخير والعمل المثمر
البنَّاء، والتفاني دون إبطاء من أجل كشف الحقيقة في اغتيالات جبانة
نكراء لا يرتكبها إلا مصاصي الدماء، ننصر المظلوم على الظالمِ، ونتجنب
الوقوع في مستنقع الفتنة والعداء؟
كلمةٌ صادقةٌ نتحلى من خلالها بأعلى درجات النزاهةِ في الأقوال ونقرنها
بالأفعال، لا نقلب الحقائق أكاذيب، ونُزَيِّفُ الوقائع حسب الطلب ونفبرك
الروايات ونركب الصور كصندوق الأعاجيب لنخدع المجتمع. كما فعل ميشال عون
بالصورة المركبة المزيفة التي عرضها في مؤتمره الصحفي لمقاتل من "القوات
اللبنانية" راسما على ذراعه بمكرِ الماكرين ولؤم الخبثاء إشارة الصليب
وهو يطلق النار على الناس بالقرب من أفراد الجيش، وهي في الأصل صورة
مشهورة التقطت في 17 يوليو لمقاتل من "حزب الله" في كفرشيما وبالتأكيد
دون اشارة الصليب على ذراعه .
إن دلت هذه الحادثة عل شيء فإنها تدل على أن ميشال عون بفبركته هذه إنما
يناضل مع حزب الله ويجاهد مع حسن نصر الله من أجل الفتنة وإشعال الحرب
الأهلية بين الإخوة اللبنانيين. الذين شبعوا حتى التخمة من الحروب، ولولا
زعماء ومتزعمون أمثال عون ونصر الله لكان لبنان اليوم بألف خير ولما حصلت
أصلا حرب تموز التدميرية.
نحن هنا لا نعتب كثيرا على عون الذي أضاع البوصلة نهائيا منقلبا على نفسه
إلى درجة أن كل أوراقه قد احترقت مع دواليب يوم الإضراب اللاديمقراطي
وفقد مصداقيته وأصبح مكشوفا أمام الناس، إلا أننا نعتب على صندوق أعاجيب
قناة "المنار" الإلهية التي تتحدث كما تدَّعي بالصدق وترفع على راياتها
كلام الحق محاطاً بأشهر العمائم واللحى والسير على طريق النور والهدى،
وفي الوقت نفسه تتهم بالإشاعات وتخون بالأكاذيب وتزور الحقيقة دون أدنى
حق، وتختلق الأقاصيص والتقارير الفضائحية كالتقرير الملفق الذي بثته حول
المسعف سامر عبدان معتبرة أنه أحد العناصر الأمنية التابعة لميليشيا
الزعيم الوطني سعد الحريري وسمته بمكرِ الماكرين ولؤم الخبثاء كما يحلو
لها "عصام ع". واعترفت لاحقا بالخطأ المقصود، إلا انها اكتفت بـ "إبداء
الأسف" من دون أن تعتذر.
وهل ممكن لقناة مقدسة معصومة عن الأخطاء أن تتنازل وتعتذر؟
فهي يحق لها ما لا يحق لغيرها! يحق لها أن تحرض على الفتنة مع عون
وفرنجية علنا!
وهي تسعى إليها ومنذ شهور وبإصرار وعن سابق تصور وتصميم في الليل والنهار
من خلال إعلام حربي دعائي فاجر بحق الشرفاء من أبناء الوطن، الذي لم يخرج
بعد من تحت أنقاض حرب "حزب الله" التدميرية التموزية.
ولا عجب بعد ذلك أن تحقق "المنار" النجاح تلو النجاح في تحريض العوام إلى
درجة يجب أن تحاكم عليها وتغلق فورا كل أبواقها بالتمام.
فلقد استطاعت بتحريضها إخراج كميات هائلة من الحقد والعفن الذي يعتمل في
صدور عوام "حزب الله" وأتباعه ضد بيروت ولبنان والشهيد رفيق الحريري،
وأحرار 14 آذار. قال شاهد عيان عن ممارسات العوام: "فمشاهد حرق صور
الشهيد الحريري وإزالتها من بعض شوارع وأزقة بيروت وتمزيق كل صورة أو أي
شيء يمت له بصلة، بل وتكسير زجاج السيارات وواجهات المحال التي علق
أصحابها صوراً للشهيد، وإبدالها بصور لنصرالله وبري في مناطق جل سكانها
من محبي الرئيس الشهيد وذلك لاستفزازهم وجرهم للمشاكل، كان سيد الموقف.
أنا أكلمكم من موقع الشاهد. فهل هؤلاء برأيكم يؤيدون قيام محكمة ذات طابع
دولي؟"
المهم نجاح قناة المنار الأخير حققته، حيث أحرق بعض عوام الحزب الإلهي
منزل رئيس بلدية بيروت عبد المنعم العريس في بلدة الخرطوم في الجنوب
تاركين بصماتهم ورسائلهم الدالة عليهم.
بيروت تفتح قلبها وتحتضن على صدرها كل اللبنانيين في السلم والحرب وهؤلاء
الحاقدين الناكرين للجميل يحرقون منازل أهل بيروت التي في مناطقهم!
كم كنا مغرورين بحسن نصر الله وكلماته المعسولة التي تحولت سموما وظهرت
شتائم وحرائق وتكسير وقطع طرق وإهانات للكرامات من قبل أتباعه في قلب
بيروت وأحيائها؟
ميليشياتهم المقنعة وشتائمهم البذيئة وسبابهم الحاقد وأخلاقهم الوضيعة
وتصريحاتهم الموتورة ومواقفهم العدوانية وممارساتهم الهمجية وتصرفاتهم
اللاديمقراطية تشهد عليهم!
وهل ممكن أن يحدث كل ذلك دون تخطيط وتوجيه أعلى من المحور الإيراني
السوري الخامنئي وأداته المطيعة الشيخ نصر الله؟
قالها الشيخ صبحي الطفيلي الأمين العام السابق "لحزب الله": "نصرالله
ينفذ سياسة خامنئي لا يحيد عنها قيد أنملة. ندمر لبنان بعنوان عداوة
أميركا وندمر العراق بعنوان التحالف معها". تناقض مفتوح على نزيف عربي
وجروح له أول وليس له آخر.
كفى اعتداءً على اسم الله يا حزب حسن نصر الله!
سعيد علم الدين : 07.02.01 |