الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

سعيد علم الديناقرأ المزيد...

سعيد علم الدين

كاتب لبناني. برلين


السنيورة ومطلب حكومة الوحدة الوطنية

 070109                                                                                                                           

وهل ممكن أن يرفض الرئيس فؤاد السنيورة مطلب حكومة الوحدة الوطنية، وهو الذي دمعت عيناه بحرقةٍ وجدانية وطنيةٍ صادقةٍ قل نظيرها في التاريخ أمام أنظار الوزراء العرب مجتمعين والعالم أجمع من أجل وقف إطلاق النار التي أشعلها "حزب الله" عمدا في 12 يوليو، ولوقف متابعة تدمير إسرائيل للبنان وتقطيع أوصاله دون استطاعة الحزب ردعها بردٍ مماثل، ولخلاص شعبه المنكوب منذ عقود بالحروب، ولإنهاء عذابات وطنٍ مصلوبٍ على خشبة أزمات المنطقة دون رحمة وصولا إلى القرار الأممي 1701 المتوازن وتطبيقه بحذافيرة لينهي عملية جعل الجنوب منصةَ إطلاقِ صواريخٍ لكل عابر سبيل يريد الضرر بلبنان وخدمةً لسوريا وإيران وأمريكا وإسرائيل؟

وهل ممكن أن يرفض السنيورة مطلب حكومة الوحدة الوطنية،

وهو الذي انتفض انتفاضة دبلوماسية وسياسية خلال حرب تموز التدميرية أذهلت العالم في الدفاع عن وحدة الدولة والشعب والمقاومة في وجه العدو؟

وهل ممكن أن يرفض السنيورة مطلب حكومة الوحدة الوطنية، وهو الذي رغم كل ما قام به من أجل لبنان والمقاومة وبشهادة اللبنانيين والعرب والعالم أجمع يتقبل بصدر رحب وديمقراطية راقية قل نظيرها من جانب "حزب الله" وأتباعه التنكر لجهوده بجحود والتجني عليه بالتجريح والشتائم البذيئة وحتى وصل عقوقهم الصبياني الحقود إلى حد اتهامه بالعمالة لأمريكا وصارت حكومته عند الشيخ نصر الله حكومة السفير الأمريكي فيلتمان.

صدق القول القرآني "اتق شر من أحسنت إليه".

وهل ممكن أن يرفض مطلب حكومة الوحدة الوطنية:

من رفض وما زال يرفض استقالة الوزراء المستقيلين من خلال حرصه الأبوي الكبير على الوحدة الوطنية؟

ومن عمل وما زال يعمل جاهدا مجاهداً وبكل قوة من أجل حق الشعب اللبناني في دولة سيدة حرة واحدة موحدة مستقلة واستعادة مزارع شبعا بعد أن نساها "حزب الله" وقرر احتلال ساحة رياض الصلح بدلا عنها؟

ومن يسعى الآن من خلال مؤتمر "باريس 3 " إلى النهوض بالاقتصاد المنهك وإعادة بناء ما تهدم.

وهل ممكن أن يرفض السنيورة الذي أثبت بشكلٍ قاطع، أنه صاحب قلب وطني كبير جامع، وعقلٍ ديمقراطي راجح، مطلب حكومة الوحدة الوطنية المترامية الأطراف، لو أن أصحاب هذا المطلب يسعون حقا قولا وعملا إلى حكومة الوحدة الوطنية في الأمور المصيرية التي اتفق عليها اللبنانيون في الدستور والطائف وأيضا على مبادئ طاولة الحوار وليس العكس؟

أي استيلائهم على أهم معقل لبناني من معاقل القرار الوطني الحر المتبقي لقوى الأكثرية الشرعية المنتخبة ديمقراطيا.

وتحويل السلطة التنفيذية إلى أداة طيعة بيد "حزب الله" خدمة لمشاريع المحور الإيراني السوري وأهمها الآن وعلى النار تعطيل المحكمة ذات الطابع الدولي، كما أصبح معروفا وكشف عنه رئيس الوزراء التركي طيب أردوغان في زيارته الأخيرة لبيروت عندما قال "أن لسوريا وإيران ملاحظات على المحكمة". ماذا تعني هذه الملاحظات على مسودةِ محكمةٍ شارك بصياغتها خبراء قانونيين دوليين ولبنانيين عدة شهور وبتدخل روسي لمصلحة سوريا، غير إفراغها من مضامينها حمايةً للمجرم الحقيقي "الرئيس" الذي أصدر أمر القتل للمرؤوس، ليفلت بريشه من الملاحقة والعقاب!

ففي جرائم الاغتيال السياسي ضد السياديين والاستقلاليين الديمقراطيين في لبنان الهادفة إلى زعزعة سيادة واستقلال وديمقراطية وطن بأكمله والهيمنة عليه، والتي هي أيضا بتوقيتها رسائل عنف دموية سياسية واضحة المعالم إلى أكثر من جهة ومنها مجلس الأمن والقوى العظمى، لا يمكن أن يكون منفذ الجريمة صاحب قرارها ويعمل من رأسه، وإنما هو موظف صغير أو كبير ينفذ فقط قرار ورغبات الرئيس.

فقرار اغتيال شخصية سياسية: رائدة لبنانيا وبارزة عربيا ومحترمة عالميا كشخصية الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو قرارٌ أكبر بكثير من أن يتخذه موظف مهما علا شأنه في الدولة، ولا يمكن أن يتحمل مسؤولية اتخاذه إلا رؤساء في قمة المسؤولية.

هذه النقطة الجوهرية في مسودة المحكمة يريدون حذفها لكي يفلت المجرم الحقيقي "الرئيس" وصاحب أمر القتل من العقاب. 

ولقد كشف "حزب الله" وأتباعه عن أوراقهم في هذا الصدد في عشرات التصاريح الملتوية التي تتحدث عن شعبان، أي مطلب حكومة وحدة وطنية، ولكنها تقصد رمضان، أي إفراغ المحكمة ذات الطابع الدولي من جوهر قيامها وقطع الطريق عليها لكي لا تصل إلى الحقيقة الكاملة بكشف صاحب قرار الاغتيال.

هنا تتوضح حقيقة قول طيب أردوغان وما يردده "حزب الله" من أنه مع المحكمة من حيث المبدأ، ولكن في التفاصيل تكمن شياطين إفراغها من مضامينها حمايةً للرؤساء. وقد اعترف بذلك حسن نصر الله في إحدى زلات لسانه بأن المحكمة هي علة العلل. هو بذلك إنما يدين نفسه ومن يدافع عنهم بارتكاب جريمة 14 فبراير البشعة التي زلزلت قلب بيروت وما زلنا نشهد تداعياتها حاليا من اعتصامات النراجيل، وشلل اقتصادي لقلب بيروت الجميل، واحتلاله بمخيمات الملل والكسل والمعاطيل، حيث لا يجمع هذه الشلل السياسية المتنافرة في الشكل والمضمون مثلا بين جماعة الحجاب والشادور وجماعة الخلع والسفور وفتح الأزرار لتظهر الصدور من فتيات المردة وعون سوى كلمات التصعيد وتحدي الحكومة الشرعية بالتهويل. كيف لا وكل فريق يغني في خيمته على هواه، يناجي النجوم مع نجواه، ويسهر آخر الليل مع ليلاه، لا يجمعه مع الخيمة الأخرى سوى تصاعد دخان النراجيل من الأفواه.

فهذه الشلل التي سمت نفسها شططا " معارضة"، لا يجمعها هدف واضح أصيل، وهي معارضةُ عارض أو خالف تعرف.

هروب وزراء "حزب الله" وشركاه من الحكومة مرتين عند مناقشة مسودة المحكمة، ورفضهم مناقشة مسودتها في البرلمان - المكان المخصص دستوريا لإقرارها أو رفضها أو تعديلها من قبل ممثلي الشعب- من خلال تعطيله بواسطة رئيسه نبيه بري ضاربين بالوحدة الوطنية عرض الحائط. إنما يدل دلالة واضحة على حقيقة أهدافهم التي ليس لها علاقة البتة بحكومة الوحدة الوطنية التي يدعونها نفاقا.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها