اقرأ المزيد...
سعيد علم الدين
كاتب
لبناني. برلين
وهل علينا أن نحب أو نكره السنيورة، أم أن
نقيم أدائه الحكومي؟
أوروبا لم
ترتح من النزاعات المذهبية الدموية، إلا بعد أن حزمت أمرها وفصلت السياسة
عن الدين.
أي أن رجل
السياسة له برلمانه ووزارته في تشريع وتطبيق القوانين باختصاص مهني في خدمة
الدولة والناس، ورجل الدين له كنيسته ومراكزه الدينية الاجتماعية واختصاصه
الإنجيلي في خدمة الدولة والناس.
في محاضرة
قيمة عام 1919 اعتبر السياسي الألماني ماكس فيبر أن " السياسة مهنة".
وإتقان هذه المهنة في خدمة المجتمع والدولة أساسي للنجاح وإلا ستحل الفوضى
عندما يمسك السياسة رجال أكثر ما يقال فيهم:
" اعط خبزك
للخباز حتى ولو أكل نصفه".
الخباز هو
صاحب المهنة امرأة أو رجلا. فالسياسة لم تعد حكرا على الرجال ونرى أن
ألمانيا بقيادة المستشارة ميركل تسير نحو الأفضل. والقوات البحرية
الألمانية تشارك بإمرتها في حفظ لبنان.
لبنان
والعراق وفلسطين وكل الدول العربية لن يرتاحوا ما دام رجل الدين نصف إله
سياسي ورجل السياسة نصف صنم ديني.
عندما ترشح
المستشار الألماني جيرهارد شرودر ضد المستشار موحد ألمانيا هيلموت كول
وهزمه. أراد وزير المالية في حكومة كول، تيو فايغل أن يؤلب الناخب المسيحي
على شرودر فقال " أن شرودر خرج من الكنيسة أي خرج من دينكم" معناها لا
تنتخبوه إنه كافر. هذا التصريح لم يعره أحد اهتماما، وانتخب الألمان شرودر
وفاز بدورتين.
تصريح كهذا
ممكن أن يدمر مستقبل أي سياسي وغير سياسي عربي. لا أريد الخوض كثيرا في هذا
الموضوع المهم أن نسأل نحن العرب من خرب لنا البصرة؟
ونحاول
الإجابة بصراحة على هذا السؤال؟
ما يحدث في
العراق ما كان ليحدث لو أن رجال الدين ومن جميع المذاهب التزموا الموعظة
والكلمة الحسنة وتركوا للسياسيين العراقيين تخليص العراق من الاحتلالات.
رجل كمقتدى
الصدر، كم كان رائعا لو كان حقا واسع الصدر وحكيما ويحاول بالكلمة والموعظة
أن يقاوم الاحتلال وليس بميليشيات لا تليق أبدا بهيبته.
المشكلة أن
ميليشيات رجل الدين بطبيعة انصياعهم لأوامره يصبحون أدوات حرب بلا تفكير.
حماس في
فلسطين كم كان رائعا لو بقيت مقاومتها الإسلامية عصيان مدني حضاري بالكلمة
والشمعة والدمعة والصلاة، وتركت العمل السياسي لقادة الثورة الفلسطينية!
إن
الانتفاضة الثانية فرضتها حماس على الرئيس عرفات بطريقة أو أخرى. لأنه كان
على يقين بأن وقوفه ضد طموحات حماس وسياستها سيؤدي إلى حرب أهلية فالأفضل
إشعال انتفاضة ضد إسرائيل على أن تشتعل انتفاضة ضد السلطة.
في لبنان كم
كان رائعا من "حزب الله" بعد طرده للإسرائيلي وبعد الانسحاب السوري من
لبنان وبعد نجاحه في الانتخابات وبعد الحرب الأخيرة أن ينهي إشكالية دولة
فوق الدولة ويهدي سلاحه لدولته ويتحول إلى حزب سياسي.
في خطبة
الجمعة حمل
نائب رئيس
المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير على رئيس مجلس الوزراء
فؤاد السنيورة، واصفا
إياه
بـ"المكروه من بعض الناس"
وهل علينا
يا حضرة الشيخ أن نحب أو نكره السنيورة،
أم نقيمه من
خلال أدائه الحكومي؟
إن نجح
نشجع، إن فشل نتقد، وإن أخطأ نعدد أخطاءه ونطالبه بالاستقالة لكي يفسح
المجال لشخص أمهر منه سياسيا؟
وأين أخطأ
السنيورة حتى الآن ؟
وقال الشيخ
"عليه
أن يصحح وضع الحكومة ويعود إلى بيته قبل خراب البصرة".
والبصرة
خربت وشبعت خرابا ودمارا، ولكن ليس بسبب السنيورة، وإنما بسبب عملية الوعد
الصادق التي شنها الشيخ حسن نصر الله ؟
وقال
الشيخ قبلان: "لقد كان الوعاظ بالأمس وكأنهم على علم بمن قتل، فنقول لهم
اكشفوا الحقيقة وقولوا من قتل؟
كيف سيتم
اكتشاف الحقيقة والسادة وزراء حزب الله وأمل هربوا من التوقيع على مسودة
المحكمة. بحجج لا تقنع أحدا.
ويقول الشيخ
وكأنه أصبح أكثر من سياسي "تطالبوننا
برجوع وزرائنا عن الاستقالة؟ ألا تخافون أن نطالب باستقالة النواب، ونحن
على مقربة من أخذ القرار الحاسم؟
هذا الكلام
تهديدي مضر سياسيا بالوحدة الوطنية وليس من
قيمة
شخص بحجمه.
ويتابع
قائلا:"
أنا لا أهدد
ولا بوارد تهديد بل مصلح ومهدئ ومسالم"
ويتابع
حتى
الآن لم نتحرك بأي حركة خطأ، فإذا أردتم خراب البصرة فعلي وعلى أعدائي يا
رب.
مهلا مهلا
يا حضرة الشيخ خذنا في حلمك.
أولم نشبع
حروبا وخرابا بعد؟ بربك ما هذا الكلام ؟
وهل يشرِّف
الأمة ما يحصل في العراق من عار تاريخي وقتل رخيص للروح التي كرمها الله؟
أين المصلح
والمهدئ والمسالم الذي تحدثت عنه قبل قليل.
ما تقوله
هنا اقبله من شخص أو شيخ عادي ولكن ليس برجل بمقامك.
وقال:
"ذنبنا اننا قاتلنا اسرائيل واصدقاء لسوريا، فهل صداقة أميركا أفضل من
صداقة سوريا وإيران؟"
هذا السؤال
ليس مطروحا أصلا، ولبنان صديق للجميع.
فإسرائيل يا
فضيلة الشيخ عندما هاجمت لبنان ودمرته ضربت الجميع، ودفع لبنان الثمن من
شماله إلى جنوبه. واستشهد أبرياء من جميع الطوائف.
ليست
المشكلة هنا في الصداقات فإننا كلنا أصدقاء لسوريا وإيران.
ولكن السؤال
هل تقبل بأن يكون لبنان ساحة مفتوحة للحروب من أجل سوريا ومشاريع إيران؟
وليس السؤال
هنا صداقة من هي الأفضل؟
إنما من
يعمل على عرقلة المحكمة الدولية يضع نفسه في الشبهة أو العمل على حماية
القتلة.
وهل من
يساعد لبنان يجب أن نرفض صداقته؟
ما هو
موقفكم لو تعرض أحد قادة طائفتكم للاغتيال لا سمح الله. ألا تطالبون
بمحاكمة المجرمين وكشف الحقيقة؟
تقول "ماذا
فعلت إيران مع لبنان؟
إيران
وبلسان المرشد خامنئي يريده ساحة حروب لمحاربة أمريكا.
وهل لبنان
محافظة إيرانية ليقول هذا الكلام؟
ألا يكفي
الشعب اللبناني حروبا ومآتم وأحزان؟
ولماذا لا
يحارب المرشد خامنئي أمريكا من حدوده أو من الجولان المحتل؟
كم جميلا لو
أن رجال الدين اهتموا بالكلمة الطيبة التي ذكرها القرآن الكريم وتركوا
السياسة لأربابها.
أذكر الشيخ
ثانية بأن الشهداء كلهم من زعماء الطوائف الأخرى.
فقليلا من
التضامن ويجب أن لا نختبئ وراء أصابعنا بحجج واهية لا يقبلها أي لبناني
للتهرب من المحكمة.
ويقول الشيخ
بعد ذلك أين أخطأنا؟