اقرأ المزيد...

سعيد علم الدين

 كاتب لبناني. برلين

09.03.09

لا يا فخامة الرئيس!

مع احترامنا ومحبتنا لفخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان وتقديرنا للدور التاريخي الكبير الذي اضطلع به عام 2005 أي في وقوفه بعد عملية الاغتيال في 14 شباط كقائد للجيش آنذاك على الحياد.

هذا الحياد والذي في الحقيقة كان حيادا إيجابيا أي أنه صب في مصلحة النظام الديمقراطي في حماية الحريات من ناحية، ومن ناحية أخرى وهذا الأهم حما ثورة الأرز الفتية من الاختناق والاجهاض على أيدي الجهاز الأمني السوري اللبناني، الذي كان مسيطرا آنذاك على البلاد.

إلا أننا لا بد وأن نقول لا يا فخامة الرئيس عندما يقول  أمام مجلس نقابة المحررين، الجمعة 6 آذار 2009 ، رداً على مطالبة البعض رئيس الجمهورية بالضرب بيد من حديد للحؤول دون أي انفلاش وتفلت أمني، "ان الحزم مطلوب في معالجة أي أمر، ولكن الحسم الذي يطلب اليوم من الرئيس هو سياسي لمصلحة كل طرف يطالب به وليس الحسم القانوني وحسم الحق"، وتابع: "أنا أحسم كما يريد المواطن ووفقا للدستور".

فتفضل يا فخامة الرئيس وطبق اتفاق الطائف والذي هو جزء من الدستور واسحب السلاح الميليشياوي من الشوارع وفقا للدستور!

في الحقيقة هذا الكلام من سليمان نسميه حيادا سلبيا، لأنه بغض النظر عن الحقيقة المرة التي يتخبط بها لبنان في اقتصاده وأمنه واستقراره وديمقراطيته وحرية مواطنيه، ومنذ أربع سنوات عجافا على أيدي الجماعات المسلحة والمعتدية على أمن وسلامة المواطنين والتي يعرفهم هو تمام المعرفة، ويساوي بالتالي بين هذه الجماعات الميليشياوية المنضوية تحت اسم 8 آذار وبين قوى الديمقراطية المدنية الداعمة والمضحية لقيام دولة القانون، في لبنان سيد حر ديمقراطي مستقل ممثلة بقوى 14.

كلام سليمان هو أيضا ليس حياديا سلبيا، بل سلبييٌّ جدا، لأنه يصب في مصلحة الميليشيات المنفلتة والمتحدية للقوانين ولتثبت سلطة الدولة، بل ولضرب هيبة الجيش وقوى الأمن الداخلي كالاعتداءات المتكررة التي تحصل على عناصره وضباطه في مناطق حزب الله تحديداً ومنذ حوادث الشياح ومحاولة ميليشيا حزب الله نزع السلاح من ايدي الجنود. أي بدل ان تنزع الدولة سلاح الميليشيات تحاول الميليشيات نزع سلاح الدولة.

كلام سليمان خطير لأنه يساوي ايضا سياسيا بين حامل السلاح الغير شرعي والآخر الأعزل الديمقراطي، معتبرا الخلاف بينهما سياسي طبيعي بين قوى ديمقراطية حضارية تحترم الرأي الآخر وحرية التعبير.

والخطورة في هذا الكلام أيضا هو تشريع مبطن للسلاح الغير شرعي والميليشياوي المنفلت، واعطاء المبرر من رمز الوطن وحامي الدستور والمؤتمن على مصالح البلاد لقوى الأمر الواقع الانقلابية لكي تتابع الانقلاب على المؤسسات الدستورية، والاعتداء بسلاحها على اللبنانيين الآمنين بين فترة وأخرى، وكأن شيئاً لم يكن وبشهادة عضو المجلس السياسي في "حزب الله" غالب ابو زينب الذي قال في نفس اليوم الى قناة "المنار" ان "المقاومة لم تتوجه في سلاحها الى الداخل في تلك الاحداث(أي احتلال بيروت في 7 أيار ومحاولة احتلال الجبل)، منتقدا تحميل 7 ايار اكثر مما يحتمل، رافضا تحميل "حزب الله" المسؤولية. وسأل: "هل كان القتال مع طواحين الهوى؟ ومن إذاً الذي خاض المعارك الشرسة التي وقعت في الجبل؟". كما شدد على ان "من الظلم تحميل سلاح المقاومة تداعيات 7 ايار". وقال: "الاسلحة التي استعملت في 7 ايار ليست من النوع الاستراتيجي التي تستعمل ضد اسرائيل".

هذا الكلام من ابو زينب هو عذر أقبح من ذنب بحق الضحايا البريئة التي سقطت والدماء التي سيلت على يد هذا السلاح!

وما هو رد رئيس الجمهورية على هذا الكلام الغير صحيح جملة وتفصيلا والوقح بحق مئات الأبرياء من المواطنين الذي استشهدوا أو جرحوا على يد حزب الله وأتباعه في بيروت والجبل وباقي انحاء لبنان وهم يدافعون عن بيوتهم وكرامتهم امام الغزو المعلوم.

وهل حرق المؤسسات وتكسير الاملاك وخطف وقتل الناس وصعود حملة حزب الله بالراجمات والصواريخ لضرب الجبل كان شيئا عاديا؟

وهل كان يجب أن يضرب حزب الله بيروت بالصواريخ الاستراتيجة على حد قول أبو زينب حتى نستطيع "تحميل سلاح المقاومة تداعيات 7 ايار

وهل كان على اهالي الجبل ان يستقبلوا من يريد اذلالهم بالورود؟

ولا عجب بعد ذلك ان يرفض نصرالله الاعتذار من بيروت. لانه ممكن ان يعتذر عندما يضربها بالصواريخ الاستراتيجية العابرة للأزقة!  

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها