على من يدجل بشار الأسد؟
قال رئيس النظام السوري في مؤتمر القمة العربي في الكويت 09.01.19، كلاما
يجب أن لا يمر مرور الكرام دون أن نتوقف عنده ونلقي الضوء عليه، بسبب
محاولة قائله تضليل الرأي العام بالتدجيل. أي تغطية الحقائق بالأباطيل.
وهو قد كذَّب هنا كذبةً كبيرة سوداء أمام الملوك والأمراء والرؤساء
بقوله:
"لكل قضية اهلها واصحابها المعنيون بها قبل غيرهم
ولسنا هنا لكي نتخذ القرارات او البيانات عنهم ولا لكي نمارس الضغوط
عليهم".
فعلى من يدجل بشار الأسد بهذا الكلام:
على اللبنانيين أم الفلسطينيين أم العراقيين أم الأردنيين أم على قادة
العرب أجمعين؟
لا نريد التطرق الى البحرانيين الذي أرسل لهم الإرهابيين المجرمين بعد أن
دربهم في معسكراته، وذلك لزعزعة استقرارهم والهيمنة على قرارهم بمساعدة
الإيرانيين.
وسنبدأ باللبنانيين
الذين اكتووا بنيران هيمنته على قراراتهم الوطنية السيادية طيلة 30 عاما
وما زالوا يعانون ذيولها من خلال أذياله، ودفعوا غالي الأثمان من دماء
رجالاتهم وخراب بلادهم التي تحولت الى جحيم لا يطاق للشرفاء المخلصين
والأمناء الوطنيين والأحرار الديمقراطيين، وإلى نعيم وجنة غناء لعملائه
المطيعين من الفاسدين المفسدين والشموليين الاستبداديين والمكاومين
المتاجرين بالقضية الفلسطينية كحزب الله وأمل والقوميين السوريين
والعونيين الطارئين وجماعة المردة الفرنجيين وغيرهم من الثرثارين بتوع
"الي بيأخذ أمي بقلوا عمي".
وما اغتيال القادة والزعماء المناوئين للنظام السوري، ومنذ اغتيال الزعيم
الشهيد كمال جنبلاط عام 77 مرورا بكل الاغتيالات السياسية المجرمة، الا
الدليل الساطع على كذب ما يدجله بشار.
لأن هدف الاغتيالات السياسي هو اغتيال القرار اللبناني وتطويعه لإرادة
النظام السوري تطويعا كاملا الى حد الاستتباع. وهذا ما حصل طيلة فترة
الاحتلال السورية للبنان. وما التمديد البشاري للحود الا دليلا من الاف
الادلة الاخرى على قهر القرار اللبناني، مما ادى الى تدخل دولي مباشر
لحماية لبنان بالقرار 1559.
ولهذا فمن أطاع القرار السوري من اللبنانيين أصبح مرضيا عنه: رئيسا
للجمهورية ممددا له ثلاث سنين، أو للبرلمان ممدا له إلى أبد الآبدين، أو
وزيرا ثابتا على الكرسي كميشال سماحة الأمين، أو نائبا مفروضا على الشعب
كناصر قنديل العظيم أو مدير مدرسة أو حتى بوابا مقيم، ومن عارضه أو وقف
في وجهه أصبح شهيدا او مشروع شهيد.
حتى ان بشار الاسد في محاولة مجرمة لقهر قرار الشعب اللبناني الذي انتخب
اكثرية برلمانية من قوى 14 اذار مناوئة للنظام السوري، اعلن صراحة انها
منتج اسرائيلي أي انه حلل دمها. واصبحت بنظره ونظر اذياله من اللبنانيين
اكثرية وهمية ومزيفة وعابرة وعميلة واعلنوا صراحة تحويلها الى اقلية.
واستطاعوا اغتيال عدد من النواب ولولا انتباه الحكومة ووضع النواب جميعا
في فندق فينيسيا حفاظا على ارواحهم وعلى القرار اللبناني لتحولت الاكثرية
بفعل الاغتيالات الى اقلية مطيعة كما يريد بشار الاسد.
فعلى من يدجل بشار الاسد بكلامه في مؤتمر القمة ؟
على الفلسطينيين الذين اكتووا هم ايضا وما زالوا بنيران هيمنته على
قرارهم الوطني، وما انقسامهم الحاصل والدماء البريئة التي أريقت في غزة
الا تحصيل حاصل لممارسات النظام السوري في شق الصف الفلسطيني ومنذ عهد
حافظ الاسد في ثمانينيات القرن الماضي للهيمنة على القرار الفلسطيني.
والحكاية بدأت عندما أخذ الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يتحدث عن
استقلالية القرار الفلسطيني. وهذا حق طبيعي من حقوقه ، كيف لا وهو الممثل
الشرعي الوحيد لشعبه فلسطينيا وعربيا ودوليا؟
ويومها كان عرفات يعني فقط النظام السوري الذي فبرك في الثورة الفلسطينية
تنظيمات مطيعة لمصالحه أكثر بكثير من إطاعتها لقضية شعبها كالصاعقة
والقيادة العامة وغيرها من التنظيمات التي ما دخلت تحت غطاء الثورة الا
لتجيير قرارها للنظام السوري. وهذا ما حصل!
فبعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 82 وطرد الثورة الفلسطينية من بيروت
الى تونس، واقتناع القيادة الفلسطينية بعقم الصراع المسلح مع اسرائيل
ومحاولة عرفات الاستقلال بالقرار الفلسطيني في حل الصراع سلميا، فما كان
من حافظ الأسد إلا أن رد عليه بشق حركة "فتح، بما يسمى "فتح الانتفاضة".
ومن ثم اعلان الحرب عليه في لبنان من خلال المنظمات المطيعة والتي ما
زالت مطيعة لقرار بشار حتى اليوم وعلى حساب دماء آلاف الفلسطينيين.
معارك طرابلس عام 83 تشهد على قهر القرار الفلسطيني بيد النظام السوري
وادواته المطيعة.
وإلا فلماذا منع عرفات من دخول الأراضي السورية وأصبح شخصا غير مرغوب
فيه؟ هل لأنه قرر احتلال تل كلخ أم لأنه أراد الاستقلال بالقرار
الفلسطيني!
وعلى من يدجل بشار؟
على العراقيين الذين اكتووا هم ايضا وما زالوا بنيران هيمنته على قرارهم
الوطني وارسال السيارات والعصابات والارهابيين التي حصدت مئات الالاف من
العراقيين الأبرياء.
اليكم هذا الخبر من عام 05 ومثله آلاف الأخبار عن التسلل من سورية الى
العراق. حيث
اتهمت وزارة الدفاع العراقية جنودا سوريين بفتح النار على دوريات
للجيش العراقي على الحدود بين البلدين «لمساعدة مجموعة من المتسللين على
عبور الحدود».
وجاء في بيان للوزارة أنه «عند الساعة
8.30 (صباحا
بالتوقيت المحلي لبغداد) من يوم 22 نيسان /ابريل 2005 قام
موقع سوري مقابل لمنطقة جبلية عراقية بإطلاق النار على دورياتنا لمساعدة
مجموعة من المتسللين على عبور الحدود السورية باتجاه أراضينا».
بشار يساعد الارهابيين لخراب العراق وقتل العراقيين
وتحرس
جنوده حدوده مع اسرائيل.
وفي الاتفاقية الامنية الاخيرة بين العراق وامريكا الدولتان الوحيدتان في
العالم اللتان عملتا المستحيل لتعطيل الاتفاقية وسلب العراقيين قرارهم
الوطني الحر هما سوريا وايران في محاولة سافرة للضغط على الحكومة
والبرلمان العراقيين من خلال اعمال الفوضى والارهاب.
واعرب
الممانع بشار
في ختام كلمته بان تكون هذه القمة، "قمة قرارات لا قمة تسويات،
من خلال دعم المقاومة طريقاً لاستعادة الحقوق".
وهو يعمل على استعادة حقوقه بالمفاوضات وشرب القهوة تحت الطاولة مع
الاسرائيليين وتبادل كلمات الغزل مع اولمرت وليفني وعلى اللبنانيين
والفلسطينيين دفع الفاتورة بالدماء.
وكأن المقاومة لا تصلح إلا للبنانيين والفلسطينيين وأرضه تحتلها إسرائيل
منذ عشرات السنين، ولا مقاومة ولا مقاومين، بل خنوع واستجداء مفاوضات عبر
تركيا وامريكا.
فالمقاومة التي تؤدي الى استشهاد 1500 لبناني، ودمار لبنان بالكامل وتشكر
بعد ذلك اللبنانيين الشرفاء الذين وقفوا الى جانبها وساعدوها وحضنوها
باحتلال بيروتهم وضرب جبلهم وخراب بيوتهم وحرق مؤسساتهم، وتكسير صور
الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ليست مقاومة شريفة، بقدر ما هي أداة مخربة
عميلة بيد المتفرجين من الممانعين والمزايدين.
والمقاومة التي تؤدي الى استشهاد أكثر من 1400 فلسطيني ربعهم من الأطفال،
وتدمير غزة بالكامل، شاكرة الشعب الفلسطيني الذي انتخبها بقمعه واضطهاده
واغتيال وقتل المئات من رجال فتح، وطرد السلطة الشرعية، وتكسير صور
الرئيس الرمز عرفات، وضرب المشروع الوطني الفلسطيني خدمة لإسرائيل، ليست
مقاومة شريفة نعتز بها، بقدر ما هي أداة مخربة وعميلة بيد ايران وسوريا.
وربما عجز اسرائيل عن مساعدة بشار في الافلات من المحكمة الدولية دفعه
الى الاصرار على اعلان موت المبادرة العربية. |