اقرأ المزيد...

سعيد علم الدين

 كاتب لبناني. برلين

 08.08.28


وغابت عن نصرالله أشياءُ

ولن يتعلم نصرالله الدَّرس، ولن يتعظ من كل ما حدث للبنان، ولن يتراجع عن مشروعه الفارسي المدمر بالسيطرة على لبنان والمنطقة العربية، ولن يرعوي عن ارتكاب الأخطاء القاتلة، ولن يستمع إلى أنات اللبنانيين وصراخ أطفالهم ونحيب نسائهم وأنين شيوخهم، ولن يشعر بآلامهم المبرحة وبطموح شبابهم يحس، ولن يتعافى أبدا من آفات مرض النرجس، إلا بعد ان يقع الفأس بالرأس.

ولهذا فهو يسير أسرع من شعاع الشمس

من النصر الإلهي المزعوم إلى الإفلاس النهائي المحتوم،

وكل ذلك على وقع العنتريات والتهديدات والجهوزيات ودق النفير وقرع طبول الحرب والتدمير ومخالفة قرارات الشرعية الدولية باعتراف الأمم المتحدة حيث أكد تقرير لجنة الأمم المتحدة، إلى أن الحدود الشرقية بين لبنان وسورية لا تزال مفتوحة على مصراعيها لتهريب السلاح والصواريخ الى لبنان دون علم حكومته بالطبع أو غصباً عنها.

وفي هذا السياق أكد وزير الخارجية والمغتربين الإلهي فوزي صلوخ في حديث لـ"المنار" قائلا: "نحن اخذنا قراراً في مجلس الوزراء بإرسال كتاب إلى الامين العام لمنظمة الامم المتحدة بان كي مون نعلمه بهذه التهديدات ونحمل منظمة الامم المتحدة مسؤولية اي هجوم او اي حرب تعلنها اسرائيل على لبنان، لأن مثل هذه التهديدات تكون خطوة متقدمة لعمل اسرائيلي غاشم ضد المواطنين اللبنانيين".

بالتأكيد هذا الكتاب سيهمل كما أهملت المنظمة الدولية كل كتابات وملاحظات لحود والسبب هو أن من يحمل المنظمة المسؤولية عليه أن يأخذ اولا بقراراتها ويطبقها لا ان يحاربها ويعارضها.

وهل هناك سوى حزب الله الذي يرفض بلا منطق تطبيق القرار الأممي 1559 بل ويحاربه وبشراسة غريبة لكي لا يسلم سلاحه للدولة ويدخل في مشروعها الوطني الجامع. وما دام هذا القرار الأممي غير مطبق فلن تقوم للدولة اللبنانية قائمة والسبب سلاح حزب الله وباقي الميليشيات الثرثارة القومجية.

فهذا السلاح الغير شرعي ما دام موجودا بين ايدي العصابات فانه سيجلب الحروب الاسرائيلية والتدمير إلى لبنان ويزرع الفتن بين اهله. 

وعندما يقع الفأس بالرأس فعندها لن تنفع نصر الله: لا مهارة السياسي البارع الرئيس فؤاد السنيورة، الذي كبله حزب الله بعد  7 ايار  مهيمِنا بمحوره الإيراني السوري على الدولة والحكومة اللبنانية والجيش بالإرهاب والعنف وإراقة الدماء البريئة واحتلال بيروت، وشالاًّ بالتالي القرار اللبناني، وأيضا لن تنفعه بهورات عون وتياره البرتقالي المفلس، ولا زعران "أمل" ولا صبيان البعث، ولا عصابات القومي السوري النحس ولا حتى صواريخ ايران وباقي ملالي الفرس.

وكيف سيتعلم "حزب الله" الدرس وهو يتلقى الأوامر الفوقية من الولي الفقيه؟

فكل التهديدات التي يطلقها أشياخ حزب الله من الحرب المفتوحة إلى الجثث المخطوفة والأشلاء المجموعة كسبايا حرب والتدمير الكامل لاسرائيل بـ11 ألف صاروخ "إن اعتدت على ايران" كل هذه التهديدات تترجم إلى كل اللغات وتنقلها وكالات الأنباء ويهتم بها الاعلام الإسرائيلي بشكل خاص ومفصل وبتحليلات هادفة الى تحديد الخطر القادم على اسرائيل للتأثير على قرار الناخب الإسرائيلي.

ما غاب عن نصر الله هنا ان اسرائيل دولة مؤسسات ديمقراطية وليست دولة افراد وعندما يذهب اولمرت فسيأتي على ضوء هذه التهديدات من هو متطرف اكثر منه. فهذه التهديدات مرعبة للمجتمع الإسرائيلي حتى ولو كانت فقاقيع صابون على شاكلة فراقيع ميشال عون.

ما غاب عن نصر الله في تهديداته المتصاعدة حدة ليست التهديدات والتهديدات المضادة بحد ذاتها، وانما تأثيرها السلبي على الناخب الإسرائيلي الذي سيتطرف في قراره وسينتخب الصقر الأقوى من بين قادته حفاظا على دولته من الزوال والتدمير وامنه واستقراره من الزعزعة. هذا ما حصل بالضبط بعد عمليات حماس الانتحارية التي عسكرت الناخب الإسرائلي الذي خذل باراك وانتخب المتطرف العسكري شارون.

ما غاب عن نصر الله ان ما كانت تسمى "مقاومة" هي بعد كارثة تموز واحتلال بيروت والهيمنة على الدولة والجيش اصبحت ميليشيا منبوذة من الشعب اللبناني حتى ولو ذكرها البيان الوزاري.

تصديقا لما سلف أكد عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب علي المقداد ان "المقاومة اقوى بكثير عما كانت في حرب تموز، فالجهوزية اصبحت على أتمها ان كان عددا او عدة، ولكن المهم ان تكون النفوس مليئة بحب المقاومة وثقافتها".

انتبهوا الى استعماله كلمة حب لأنه على يقين بأنها خسرت حب وعطف اللبنانيين وظهرت ثقافتها الهمجية وحقدها الأسود في شوارع بيروت والجبل والبقاع وطرابلس.

نذكر نصر الله هنا بان اسرائيل خرجت من حرب تموز موحدة شعبا ودولة وجيشا على عكس لبنان المنقسم على نفسه بسبب سلاح  حزب الله الموجه لصدور اللبنانيين وارهاب عصابات 8 اذار المنفلتة فقط للخراب وزعزعة استقرار البلاد من منطقة الى اخرى.

  بل أن حسن نصرالله يشكك بنصره الإلهي المزعوم عندما يقول ردا  على التهديدات الاسرائيلية" أن "أي حرب على لبنان لن تكون تداعياتها كتداعيات الحرب السابقة"، متوعّداً بأن "النصر الآتي سيكون حاسماً وواضحاً وجازماً لا لبس فيه لأحد في هذا العالم".

هو يعترف هنا بأن النصر الإلهي لم يكن حاسما ولا واضحا ولا جازما وفيه الكثير من اللبس والالتباس.

عجبا!

وإلا فلماذا سميته يا سيد حسن، نصراً وإلهيا أيضا وملأت الأرض ضجيجا، هل للضحك على الجهلة والعامة والغوغاء؟

الظاهر أن النصر الإلهي غاب عن ذهنك على وقع التهديدات المتصاعدة.

وسيظل لبنان على كف عفريت ومستقبله في مهب الريح اذا لم يرعو حزب الله ويسلم سلاحه للدولة وينخرط في مشروع قيامها صدقا وعملا وليس تقية ونفاقاً! سعيد علم الدين.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها