هل هذا عرس ديمقراطي ام تعيين للرئيس ؟
ألف
مبروك للبنان على هذا العرس الديمقراطي الذي طال انتظاره! والف مبروك
للشعب اللبناني برئيسه الجديد بعد هذا الفراغ المميت! وألف مبروك لفخامة
الرئيس العتيد ميشال سليمان الحكيم!
أملنا كبير بقيامة لبنان السيد المستقل الديمقراطي الحر المتجدد على يد
المخلصين من أبنائه وفي مقدمتهم قائد المسيرة الميمونة الرئيس سليمان.
ولكن
هل ما حدث اليوم الاحد في لبنان عرس ديمقراطي ام تعيين للرئيس ؟ وما قيمة
الانتخاب اذا كان الناجح معروف سلفا؟
فهناك من ينتقد الديمقراطية اللبنانية معتبرا انتخاب سليمان نوعا من
التعيين على الطريقة العربية المعهودة وبنتيجة 99،99 .
حيث
يقول أحدهم "في
سورية تم انتخاب رئيس واحد لا يوجد غيره بشار،
وفي لبنان تم انتخاب
رئيس واحد لا
يوجد غيره ميشال.
و
الحال في بقية الدول
العربية
مسخرة".
ردا على
هذا الكلام السطحي جدا والذي ينظر إلى شكل الديمقراطية وليس جوهرها أقول:
إن
الديمقراطية هي روح قبل أن تكون جسدا.
وروح
الديمقراطية هي الحرية وقد عبر النواب عن ذلك
عندما
انتخبوا سليمان
بطريقة سرية ودون ضغوط أو تهديد أو إكراه كما حصل في التمديد الإرهابي
للحود على يد بشار الأسد. هذا عدا أن المجتمع اللبناني رغم الارهاب
البعثي الشمولي الذي تعرض له خلال 30 سنة وبشكل مدمر وقاتل خلال الثلاث
سنوات الأخيرة، وبشكل همجي ارهابي خلال اجتياح بيروت على يد حزب الله
وامل وحرق مؤسسات اعلامية لإسكاتها، إلا أنه ظل مجتمعا حرا حيا نابضا
بصحافته وأحزابه ومفكريه وتعدديته وعكس سوريا مثلا، لا يوجد معتقل سياسي
واحد في لبنان بسبب أرائه.
إن
الديمقراطية هي قوانين ودستور قبل أن تكون زخرفة لمجلس الشعب وديكور ورقص
ودبكة وفلكلور.
هذا واضح
من خلال الصمود الاسطوري لحكومة السنيورة والتي قدمت الشهداء حفاظا على
قوانين البلاد وما نص عليه الدستور.
حتى ان
الفراغ ومخاض انتخاب الرئيس العسير يدل دلالة واضحة على انه لا يمكن
المقارنة بين انتخاب سليمان وانتخاب بشار الذي فصلوا له الدستور على القد
تفصيلا.
إن
الديمقراطية هي اخلاق عالية، وقيم سامية، ومبادئ ثابتة ومنها احترام
وتقبل الاخر قبل أن تكون عملية انتخاب وتصفيق وهتاف بالروح بالدم نفديك
يا ابن العم. من رأى عملية الانتخاب في مجلس النواب واللبناني وهمروجة ما
يحدث من هتافات في مجلس الشعب السوري يعرف ان المقارنة مفقودة. نتمنى
للشعب السوري الشقيق ان ينتخب رئيسه قريبا على الطريقة الديمقراطية الحية
وليست الشكلية الصفراء الميتة. ومن هنا فالديمقراطية هي حياة وانطلاق
للمجتمع وليست موتا واختناقا، كما يحدث في الدول الشمولية كسوريا وكوبا
وايران وليبيا وغيرهم من الدول المريضة بالقائد الضرورة.
لا
بد من التأكيد هنا ان المرحلة التي يمر فيها لبنان وشعبه وديمقراطيته
حاليا هي مرحلة صعبة، انتقالية، خطيرة، وحساسة جدا وتتطلب التأني والصبر
وتضافر كل الجهود لانتخاب الرئيس التوافقي دون منافسات ديمقراطية حادة
ستزيد من الانقسامات ولن تجدي في الوقت الحاضر نفعا. على العكس ستعقد
المشكلات وربما تفجرها بدل حلها.
هذا
الحشد الدولي المميز والغير مسبوق والقادم خصيصا للمشاركة في هذا الحدث
الديمقراطي البيروتي يدل على نضارة وتألق الديمقراطية اللبنانية في بيتها
الأصيل. |