وستنهضُ الدولة السيدة المستقلة!
لقد قطع
اللبنانيون شوطا كبيرا في نضالهم الدامي المرير من أجل إثبات وجودهم
الحضاري الخالد فوق أرض أجدادهم وتحت ظلال أرزهم المقدس. قدموا من أجل
ذلك أنبل الشهداء دون أن يتراجعوا قيد أنملة أو يذعنوا لإرادة المجرم
السفاح. فما يطلبه اليوم المحور الإيراني السوري وعملائه من حملة الجنسية
اللبنانية، من اللبنانيين الأحرار هو إلغاء هذا الوجود الحر المتأصل
الجذور ليتحولوا إلى مواطنين درجة ثالثة في وطنهم: فالأولى تأتي مرتبتها
للإيراني وحراسه، والثانية للسوري وأذنابه ولا يبقى للبناني إلا فتات
الثالثة أو الهجرة إلى ما وراء البحار أو التعرض لانفجار.
لقد نجح
اللبنانيون الصامدون حتى الآن نجاحا باهراً في الامتحان العسير وتحملوا
بما فيه الكفاية من الألم والأذى والشتائم والعذاب والتحقير، ولم يبق
أمامهم إلا القليل ليتحقق أخيراً الأمل المنشود بقيام الدولة السيدة
الديمقراطية المستقلة، رغم أنف الوحوش والخنازير.
وستنهض
الدولة قريبا بهمة أحرارها الشجعان والأشقاء المخلصين والأصدقاء الأوفياء
وستتلاشى الدويلات الظلامية المستوردة التي انبثقت في غفلة من الزمن على
صدر لبنان الجميل.
ولهذا فهم
في هلع وجنون، وهلوسة وهستريا ملأت جوانب الكون ويريدون رئيسا على شالكة
الضعيف لحود، وإلا فسيخربون البلد على رؤوس أهله الآمنين ويدمرون!
إنهم فقط
يعرقلون ويعطلون ولكنهم فاشلون فاشلون وعلامة الفشل ظاهرةٌ على وجوههم
وفيما يفعلون. هددوا بالتصعيد وتوعدوا الوعيد تلو الوعيد، ونزلوا في
اعتصامهم البليد إلى تحت التحتِ وقعر الحضيض.
ولهذا
فالأرض تميد الآن من تحت أرجلهم وستبلع دولهم الباغية على اللبنانيين:
ظلما وظلاما، خبثاً وفجوراً، كذباً وزوراً، نفاقاً وبهتاناً، تعجرفا
وغروراً، اغتيلا وإجراما، خرابا ودماراً، حروبا ووبالاً.
الشعب
اللبناني ليس وحيدا ولن يذعن لإرادتهم في نشر ثقافة: الخوف والترهيب،
التهديد والوعيد، الدمار والخراب، التخلف والإرهاب، التفخيخ والأشلاء،
الموت والدماء، والهروب من المحاسبة والعقاب .
ترتجف
مفاصلهم ارتجاف المتهاوي من سماع كلمة محكمة!
تصطك
أسنانهم من شدة وقع ضربات مطرقة القاضي!
ترعبُهُم
الحقيقةُ التي ستكشف بنورها الساطع أقبية عقولهم المظلمة منذ عشرات
القرون!
تُرعدهم
الديمقراطيةُ ببريقها الأخاذ فتهيجُ جماجمهم الشريرة شططاً وانتحاراً.
قلوبهم
خاويةٌ من المشاعر والإحساس لا خير فيها لإسعاد المجتمع والناس.
ومن هنا
تأتي مؤامراتهم المستمرة وتهديداتهم المتواصلة، واستفزازتهم الوقحة
وتدخلاتهم المرفوضة لفرض رئيس على لبنان تحت مسمى التوافق، أي يطيع
أوامرهم ويوقف المحكمة ويعرقل القرارات الدولية عن التنفيذ ويحافظ على
دولهم الظلامية ويرفض قيام الدولة السيدة المحترمة المنشودة. التوافق لا
ولن يكون على حساب أرواح الشهداء الغالية ودمائهم الزكية التي روت أرض
لبنان لقيام دولته القوية الوحيدة فوق أرضه.
شعب لبنان
يكتب وبكل تواضع في هذه الأيام المصيرية من عمر لبنان والشرق ومن السراي
البيروتي الكبير تاريخا مشرقاً للعرب وبكلمات بارزة من ذهب. لأنه حقا
تاريخ الصمود لانتصار:
- جواهر
القيم الإسلامية المسيحية السامية في التلاقي الإنساني والعيش المشرك تحت
رحاب الحرية والأخوة والتفاني والعطاء، التي تعمدت بدماء الشهداء ومن كل
الطوائف وأمام كل أنواع الأعداء.
- القانون
على شريعة الغاب وتطبيق العدالة على المجرم لكي لا يفلت من العقاب، ومهما
غلت التضحيات، ولقد كلف ذلك حتى اليوم خيرة الشهداء من القادة والوزراء
والنواب.
- القيم
والمبادئ الديمقراطية الأصيلة البهية الأعراق في الحكم الرشيد والإصلاح
والشفافية والوضوح وتقبل الانتقاد، ومحاربة التسلط والشمولية ومكافحة
الفساد. الديمقراطية التي يتسع قلبها دون أن يضيق لكل الأديان والمذاهب
والمدارس الفكرية المتناقضة، والسياسية المتخاصمة، والأحزاب والتيارات
والحركات، والفئات وجمعيات المجتمع المدني.
- الأخلاق
الحميدة في الثبات في الملمات وتقديم المصلحة الوطنية العليا على الذات،
النزاهة والصدق ونظافة الكف والتعالي عن الصغائر وتحمل الأذى ونبذ
الخلافات.
وباختصار
الصمود الأخلاقي في السراي الكبير اليوم يمثل انتصار إرادة الخير
والأخيار على حماقة الشر والأشرار.
ولهذا لكي
نواجه بنجاح ما يحاك لنا في أقبية الظلام الشريرة من مؤامرات، ولكي نتصدى
بقوة وننتصر على كل ما يخطط لمجتمعنا في مربعات الحرام المنتشرة كمرض
السرطان في جسد لبنان، بحاجة ماسة في هذا الظرف الدقيق لليقظة الكاملة
وعدم تصديق الشائعات المغرضة ونبذ تصريحات التهويل بالخراب من بعض
المتضررين من قيامة لبنان السيد المستقل.
كل نفق
مظلم ومربع أمني دون استثناء ومن كل الأصناف والأنواع لا يخضع للشرعية
والدولة وتطبيق النظام يجب أن يصنف على أنه حرام. لأنه بعيد عن عيون
الدولة والقانون وممكن أن يرتكب بداخله كل أنواع الموبقات والإجرام.
نحن
اللبنانيون نريد أن نعمل بأملٍ مشرق يدا بيد وقلبا على قلب مع الحكومة
المقبلة والمجلس المتجدد والرئيس القادم العتيد لكي ننهضَ جميعا بلبنان
ويستعيد عافيته واستقراره، وأمنه وازدهاره من جديد بعيداً عن التدخلات
الوقحة: في ديمقراطيتنا التي هي طريقنا المعبدُ بالمجد للبنان الغد،
وأسلوب حياتنا الذي ارتضيناه في الحرية والعيش المشترك، وقرارنا الوطني
الحر
وعلى
المدى البعيد.
فالأجيال
لن ترحم، والتاريخ سيفتح صفحاته ويتكلم وسيفضح مصاصي دماء الشعب وكلَّ
معرقلٍ إن كان معمماً بعمامةٍ أو غير معمم.
وكيف
سيرحم التاريخ الشيخ
نعيم قاسم
الذي
قال يوم 07.10.21
في المعهد
الفني الإسلامي
مهددا اللبنانيين التالي: "
وإذا لم
تقبلوا بالتوافق لن نتفرج عليكم وأنتم تخربون لبنان".
هذه ليست
دعوة إلى التوافق وإنما تهديد مباشر. وكأنه يقول للبنانيين سأخرب بيتكم
إذا لم تسمعون كلامي أيها الصغار وتنصاعون لأمر المرشد الإيراني والرئيس
بشار.
اللبنانيون قوم أحرارٌ منذ فجر التاريخ وليسوا قصارا لكي يسمعوا كلام أحد
.
قليلا من
التواضع يا شيخ نعيم! احترام نصوص الدستور بهدوء تؤدي إلى التوافق على كل
شيء، وليس تلقي الأوامر من الخارج. التوافق لا يتم بهذا الأسلوب
الاستكباري المرفوض. لقد أصبح معروفا للشعب وليس سرا من الأسرار من يشتري
الذمم بالأموال الإيرانية ويوزع السلاح ويدرب العاطلين عن العمل ويحرض
على الفتنة ليخرب البلد ويسمم حياة اللبنانيين كما سممها في حرب تموز
ويعمل على تحويل
لبنان
إلى
مزرعة
للجريمة ويحمي الخارجين عن القانون.
القرار
1559 سيطبق والطائرةُ لا تنتظر المسافرين على المدرج إلى أن يكتمل العدد،
وإنما يجب أن تطير في الموعد المحدد.
وفي مؤتمر
اسطنبول المهم جدا لدعم لبنان الديمقراطي ولردع التدخل الإيراني السوري
أشار
البيان
الختامي
العربي ـ الدولي،
إلى
"تأكيد الرغبة في
إجراء
انتخابات رئاسية ناجحة في لبنان ونتوقع أن ينتخب لبنان رئيساً
جديداً يجسد الاستقلال والسيادة واحترام القرارات الدولية". وشدد على أن
"المجتمع
الدولي موحد في دعم انتخابات رئاسية حرة ونزيهة ووفقاً للدستور
اللبناني(...) ويتطلع قدماً الى الترحيب برئيس لبناني جديد سيعمل على
تعزيز
سيادة لبنان والأمن والديموقراطية".
فلبنان
الجديد لا خوف عليه وهو ناهض من كبوته لا محال، بإرادتنا جميعاً، أو
بالأحرى بأكثريتنا حسب المفهوم الديمقراطي، وبالأخص النخب الواعية
سياسياً والمحركة اجتماعياً والفاعلة وطنيا وليست تلك الساذجة المصفقة
المغفلة الجاهلة المجهلة التابعة على غير هدى لما يقوله الزعيم الإله حتى
ولو كان فيه حتفها وصراخ الأفواه، والتي تحركها غرائزها المذهبية
ومصالحها الآنية الضيقة. |