الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

سعيد علم الديناقرأ المزيد...

 

 

 

سعيد علم الدين

كاتب لبناني. برلين


من اسطوانة كرامي المشروخة إلى نصر الله المخرومة  

  07.05.27

 

وما كاد الشعب اللبناني يرتاح من اسطوانة رئيس الحكومة الراحل رشيد كرامي المشروخة الذي عطل فيها القرار السياسي وشلَّ يد الدولة، أي الجيش، عام 75 المشؤوم لمصلحة النظام السوري في احتلال لبنان، رادَّاً يومها على من طالب بإنزال الجيش لردع القوى المتقاتلة والمتآمرة "أن الجيش هو الرصاصة الأخيرة"، إلى أن أُتْلِفَت هذه الرصاصة في الثكنات دون أن تُطلقَ، وتم بدل ذلك الانقضاض عليها من خلال فتح ثغرة في سياج الجيش المتماسك بشراء الملازم الرخيص أحمد الخطيب الذي أسس ما سُمِّيَ يومها "جيش لبنان العربي".

وهكذا انقلبت الأمور في انهيار البلاد على وقع اسطوانة الأفندي المملَّة "أن الجيش هو الرصاصة الأخيرة". واشتعلت نار حروب الآخرين فوق أرض اللبنانيين دون جيش يردع، وشرذمهم المتآمرون، وفرقتهم الفتن وقامت دول متناحرة لبنانية وفلسطينية على أنقاض الدولة المنهارة والتي كانت للحين مزدهرة عامرة، واستضعفَ الوطن اجتياحا واحتلالا من قبل الإسرائيلي والسوري دون أن يستطيع الجيش المُعَجَّزْ والفاقد للقرار السياسي القيام بدوره الطبيعي في الدفاع عن المواطن والوطن والحفاظ على النظام العام وبسط السيادة والشرعية والقانون.

وكأننا لم نتعلم درسا!

وكأن حسن نصر الله يريدنا أن نقع بنفس الأخطاء!

وهكذا ما كدنا نتنفس الصعداء بالانسحاب السوري وننتهي من كابوس اسطوانة كرامي المشروخة حتى بدأنا نستمع إلى اسطوانة حسن نصر الله المخرومة بأن " مخيم نهر البارد خط احمر". هذا كلام خطير جداً مضر، وساذج غير مسؤول. وإذا أخذنا به فإنه يؤسس لا محالة لضياع القرار الوطني وأخذ الوطن من جديد إلى المجهول. الذي سيؤدي إلى شل يد الدولة كشل البرلمان الحاصل حاليا واغتصاب القرار السياسي الحر المتمثل أفضل تمثيل بحكومة السنيورة الشرعية ثم إلى انهيار البلاد وقيام دويلات الخطوط الحمر من الجنوب إلى الشمال. وربما هذا هو الهدف الحقيقي الذي يسعى له نصر الله لقيام دويلة الفقيه الصفوية القوية وإلى جانبها ستكون دويلات الخطوط الحمر الضعيفة الفوضوية.

نقول لنصر الله الغائب وطنياً عن الوعي، والذي يعيش في هلوسات النصر وتحرير ما بعد حيفا أي القدس بسرعة قبل أن يسبقه شاكر العبسي. والذي يريدنا أن نقع بنفس الأخطاء: " المؤمن لا يلدغ من جحر أو اسطوانة مشروخة أو مخرومة أو لسان الأفعى مرتين".

كلامك سمومٌ مردودة عليك يا من دمرت الوطن العامر في حرب تموز كالمقامر. الجيش اللبناني فقط هو خط أحمر، ومن يعتدي عليه يجب أن يستسلم ويعتقل ويحاكم ويدفع الثمن لما ارتكبت يداه من إجرام غير مبرر. أرواح جنودنا البواسل ليست للبيع والشراء ولن تذهب سدى. برابرة "فتح الإسلام" الذين غدروا بهم ذبحا وقتلا ظلما وعدوانا يجب أن يدفعوا الثمن ويكونوا عبرة لمن اعتبر. هيبة الجيش هي الخط الأحمر. ولا خطوط حمر أمام الدولة في بسط سلطتها على كل الأراضي اللبنانية وتطبيق القانون على كل مواطنيها وقاطنيها بالتساوي لا فرق بين لبناني وفلسطيني وعراقي وسوري، وإلا لن تقوم الدولة الحديثة السيدة المستقلة الديمقراطية.

الدولة ستقوم وتدافع عن حقها بإرادة شعبها المنتفض على إذلال المخابرات وأدواتها وليس بإرادة من باع الوطن للمشاريع الإيرانية السورية.

الإخلال بالأمن وضرب الاقتصاد وزعزعة الاستقرار وشل البلاد وتشريع الفتن وإرهاب المواطنين وتهريب السلاح والدفاع عن المجرمين وحماية القتلة وخلق البؤر الأمنية بفرض الأمر الواقع هذه كلها وغيرها خطوط حمراء. وكل من تسول له نفسه الاعتداء عليها وتنغيص حياة اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين وكل المقيمين الآمنين يجب أن يدفع الثمن.

الجيش في دفاعه عن وجوده وكرامته وحياة جنوده كان حريصا جدا على حياة المدنيين في المخيم. ولو أن الجيش كما اتهموه بالقصف العشوائي وقتلى في الشوارع  لكنا اليوم أمام مجزرة رهيبة في نهر البارد سيروح ضحيتها المئات بالنسبة لصغر مساحة المخيم وكثافة سكانه العالية. والحقيقة أن شخص مدني واحد سقط مع كل تأسفنا على أي روح لبنانية أو فلسطينية تزهق، يعتبر وسام على صدر الجيش.

للتذكير في مجزرة حماة جزَّرَ الجزار السوري حافظ الأسد بعشرات الآلاف من الأبرياء المدنيين لتخنيع الشعب السوري ولكي ينتخب وريثة تمديدا وتجديدا عشرات المرات. ولماذا لا تكون فترة الرئاسة في سورية 70 سنة أليس أريح للرئيس والمرؤوس؟ فما تناقلته تقارير المراسلين وشهود العيان من حماة في شباط (فبراير) 1982 واعتبرته "إبادة الجماعية". حيث لقي ما يزيد على 25 ألف حتفهم على أيدي السلطات السورية التي حشدت القوات الخاصة وسرايا الدفاع وألوية مختارة من الجيش (اللواء 47 واللواء 21) بمعداتهم الثقيلة يدعمهم السلاح الجوي لتصبح المدينة منطقة عمليات عسكرية واسعة وتم قصف المدينة بنيران المدفعية وراجمات الصواريخ وبشكل عشوائي ولمدة أربعة أسابيع متواصلة في الوقت الذي أغلقت فيه منافذها الأربعة أمام الفارين من وابل النيران.

ما قام به الجيش اللبناني من ضربات محكمة لمصادر النيران هو وسام إنساني على صدره في حماية إخوته الفلسطينيين في المخيم من برابرة مخابرات النظام السوري .

حسب اسطوانة نصر الله المخرومة فلن تقوم في لبنان دولة! فهنا خط أحمر يُفرضُ على الدولة ويعطلها. وهنا سلاح مقدس موجه إلى رأسها في حال المساس به. وهدد نصر الله علنا بأن من يمس سلاحه سيقطع يده ويسحب لسانه ويفتح بطنه ويخلع رقبته ويجذ رأسه ويُخرج روحه من جسده. وهنا شاحنة سلاح مهرب. ومن هرب شاحنة السلاح المدنس بالتبن هو نفسه من قام بتهريب برابرة "فتح الاسلام" وقدم لهم المساعدة اللوجستية في التنقل والعسكرية في احتلال مخيم نهر البارد!

ولماذا وقع الاختيار على نهر البارد مع أن العصابة ظهرت في البداية في مخيم البداوي حيث قتلت أحد أبنائه.

اختيار مخيم نهر البارد جاء بعد انكشاف أمرها إثر جريمة عين علق للأسباب التالية:

1-                قربه المخيم من الحدود السورية حوالي 25 كلم

2-                موقعه الاستراتيجي على شاطئ البحر أي تستطيع سورية إرسال الامدادات لهذه الجماعة بسرعة عن طريق البر والبحر.  

3-                تحكُّمُهُ بالطريق العام الذي يربط طرابلس بعكار ولبنان بسورية. ومن هنا سارعت سورية إلى إغلاق الحدود للقول للعالم ولبعض السذج " أنا ما دخلني" وكأن هذه العصابة دخلت لبنان بأسلحتها الحديثة والصاروخية الثقيلة وذخائرها عبر الحدود الشرعية.

4-                مذهب أهل المنطقة السني المحيطة بالمخيم. ومن هنا تحاول العصابة اللعب على دغدغة الوتر المذهبي بالقول أنها جاءت لحماية أهل السنة.  

أهل السنة لا يحتاجون إلى همج وبرابرة وذباحين وغدارين وعملاء مغسولي دماغ من المخابرات السورية لحمايتهم. فقط الدولة اللبنانية تحمي كل اللبنانيين.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها