بالقلم والمسطرة على صفحة مصورة
حلب ، 1 تموز 2007
المجلة البطريركية / السريانية
بدمشق
العدد: ك2 وشباط وآذار 2007
دقة العمل أحيانا يشبهونها بعبارة –
بالقلم والمسطرة – أي على أحسن ما يرام ، كما صناعة ( الساعات السويسرية )
الدقيقة سابقا واليابانية حاليا ، وفي العربية نقول بالقسطاس وبالميزان
الدقيق وليس كما ميزان – القبان – الذي يزن الشاحنات بالأطنان مع إهمال وحدة
الكيلو غرامات ، أي ميزان الذهب يقيس الى حد ( السنتيم ) .
بالقلم والمسطرة كانوا ( أيام زمان
) يبدعون في الكثير من المجالات ، التأليف والكتابة والرسم والهندسة . واليوم
بالكمبيوتر والبرمجيات الجاهزة – لا داعي للتصميم – هناك ما وراء البحار (
يعملون ) كل شيء جاهزا لنا – لسواد عيوننا – ونحن نستهلك إبداعاتهم الخلاقة –
لزرقة عيونهم – علما بأن عيوننا ليست كلها سوداء ، بل هناك الكثير من العسلية
والبنية وغير ذلك.
المسطرة الحاسبة الخشبية كانت تحسب
جداء رقمين صعبين مثلا ( 57.820 ) ضرب ( 0.0689 ) واليوم الآلة الحاسبة
الصغيرة في الجيب ولكن من سخرية القدر أنه لم يعد أحد يحتاج الى إيجاد حل
مسألة مثل ما هو جيب او تجيب ( يه ) زاوية مثلا تجيب (كوساين ) ( 60 ) درجة
والجواب ( نصف ) وهناك من يبحث ( ربع ) ساعة في الكمبيوتر لإيجاد مكان هذا
الحل.
الصورة ما زالت غير متكاملة نرى
جزءا من الصورة أي من الجمل أذنه ومن البحر نقطة ونغرق في التفاصيل ، وبينما
العالم يهتم بتفاصيل وأدق الأمور ( مثلا ألف تدرج مغاير للون الأحمر ذاته ) ،
فنحن ما زلنا نردد بدون وعي مقولة أحد كبار الفلاسفة او الحكماء بأن (
الشيطان في التفاصيل ) ، علما بأن الشيطان جالس خارج التفاصيل وهو يضحك حرا
طليقا .. وهكذا نقدم آراءنا وأفكارنا بالخطوط العريضة وبشكل مبدئي والسؤال:
هل أنت يا أخي الكريم من حلب ؟ والجواب نعم مبدئيا من حلب .. وغدا من نيويورك
!
أمثال شعبية معلوماتية منوعة:
ونبدأ بالأخماس والأسداس حين القول
بأن فلانا ضرب أخماسه بأسداسه أي حالة القرار في الأحوال الصعبة ، ماذا يفعل
وكيف الخروج من المشكلة او الأزمة . فالعد الرقمي على أصابع اليد الواحدة
عملية سهلة وبسيطة ، ولكن تصعب و ( تتلخبط ) الأمور مع الاستعانة بأصابع اليد
الثانية أي جمع ( 5 ) تفاحات مع ( 6 ) والجواب ( 11 ) ، علما بأنه حتى في
أيامنا هذه واحيانا أستغرب أنا شخصيا كيف يعلمون الأطفال الصغار طريقة ( العد
بالأصابع ) وبشكل معقد متشابك تماما . وأقل ما يقال عن مثل هذه الطرق
والوسائل التعليمية ( التربوية الحديثة ) بأنها وسائل ( الاستبداد والقمع
والقسرية والجبرية ) كما طريقة جداتنا أيام زمان في ( قولبة) الوليد الجديد
بوسيلة ( القندقة ) الصارمة بحيث لا يستطيع الوليد سوى التنفس والنظر (
للأمام او الأعلى فقط ) بدون إمكانية تحريك اليدين والرجلين وحتى الرأس ..
ربما هناك ( حكمة او خبرات معينة ) في هذا الامر ، ولكن الطب الحديث التربوي
لا يشارك في هذا الرأي.
وفلان من الناس لا يعرف حتى ( ثلث
الثلاثة كم ؟! ) وهذه صعوبة لغوية اصطلاحية أساسا والجواب أن ثلث الثلاثة هو
واحد تماما، كما أن أيهما اكبر الربع ام الثلث والجواب بالطبع الثلث اكبر من
الربع والخمس اكبر من السدس وهكذا.
أيهما اثقل وزنا: كيلو غرام حديد ام
كيلو غرام قطن / والجواب السريع أن الحديد حسب الواقع والخبرة المباشرة أثقل
من القطن الخفيف الوزن بطبيعته ، ولكن في حالتنا هذه حجم كيلو القطن سيكون
كبيرا ليوازن حجم مكعب كيلو الحديد.
وهناك من يشتري السمك في الماء
وآخرون يبيعون الأهرامات او حديد برج ( ايفل ) كخردة او قطعة ارض على سطح
القمر وهناك من يخلط الحليب والمازوت بالماء للربح غير المشروع.. ولكن
التجارة مباركة بالمنافسة الشريفة والسمعة الطيبة.
ما بعد عصر المعلومات:
وكان عصر الصناعات الثقيلة في
بدايات القرن الماضي .. الحديد والصلب والفولاذ والدبابات والطائرات والقنابل
الذرية وصواريخ الأقمار الاصطناعية ولغاية رحلة الى سطح القمر.. وبعد ذلك عصر
الصناعات الحديثة المتقدمة مع دخول عتاد الكترونيات الترانزيستورات ومواد
أنصاف او أشباه النواقل ( ما بين العازلية والناقلية ) ومن ثم النظام
التماثلي ( أنالوغ ) والدارات الكهربائية الالكترونية وغير ذلك.
وفي نهايات القرن الماضي كان بدء
عصر المعلومات بالتزامن مع النقلة النوعية من التماثلية الى التكنولوجيات
الرقمية .. وهنا كانت القفزة النوعية العلمية والتطبيقية التكنولوجية وكانت
الأدوات والتجهيزات الرقمية من الكمبيوتر الى الكاميرا والإرسال والخليوي
والاتصالات مع أشعة ( الليزر ) ولغاية يومنا هذا ، فنحن في عصر المعلومات
والمعلوماتية والبرمجيات التطبيقية.
إن عصر ما بعد المعلومات لا شك وأنه
سيكون عصر البرمجيات الذكية او الشبه ذكية و ما يسمى بالذكاء الصنعي او
الاصطناعي ، وفي واقع الامر إمكانية إيجاد ( الحلول المثلى المتكاملة )
باستخدام إمكانيات البرمجيات في ( السرعة ، الدقة ، التغيير في معطيات
الإدخال وسهولة دمج الخوارزميات بالبرمجيات آليا ). وعمليا على واقع الأرض ،
فالبرمجيات الذكية ليست هدفا بحد ذاته ، وإنما هي وسيلة لتحسين شروط تقدم
الحياة .. في الزراعة والصناعة والتعاملات التجارية وبناء السفن والصواريخ
والاتصالات والخ.
والعالم اليوم على أعتاب تداخل
وتشابك كل النظم الهندسية التكنولوجية في جملة وحدة عالمية متكاملة.. وقد
يكون من المناسب (تجزئتها ) لاحقا وهذا يفي تقسيم العالم وفق ما يسمى (
الفجوة الرقمية ) ما بين شمال وجنوب او شرق وغرب . ولكن تبقى البيئة
والجغرافيا والكرة الأرضية وغلافها الجوي موحدة لكل العالم بالرغم من وجود
مياه إقليمية في البحار والمحيطات ، ومع تزايد سكان العالم الى حدود غير
مسبوقة تاريخيا ( 9- 12 ) مليار نسمة .. فلا بد من تكامل عالمي !
|