الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

باحث وكاتب سوري نبيل فياضمقالات سابقة للكاتب

باحث وكاتب سوري نبيل فياض

 


حقوق الإنسان في سوريّا: المرأة (3)

بقلم: نبيل فياض

مناقشة موضوعة المرأة وحقوق النساء في سوريّا ليس بالأمر السهل؛ فقد كانت سوريّا من أوائل الدول الناطقة بالعربية التي حاربت فيها بعض النساء لنيل شيء من حقوقهن؛ والتاريخ المعاصر يتذكّر أن بعضاً من أهم العاملات في الشأن الثقافي المعرفي النسوي في الشرق الأوسط كن سوريّات: هل يمكن أن نذكر أسماء هامّة في هذا المجال مثل غادة السمّان، كوليت الخوري، ألفت الأدلبي، وداد سكاكيني (صيداوية متزوجة من سوري)، مريانا مرّاش.. إلخ؟ لكن التاريخ يتذكّر أيضاً أنه لولا لبنان، الملاصق لسوريّا، لما استطاعت الغالبية الساحقة ممن أثبت وجوده على ساحات العمل الثقافي أو البحث ـ اجتماعي أو الحقوقي، من الرجال أو النساء، أن تفعل ذلك: فسوريّا، خاصة بعد الاستعمار الطائفي الناصري لها عام 1958، ثم استيلاء البعثيين على السلطة عام 1963، وغمر الشارع حتى الاختناق بالشعارات الفارغة التافهة التي لا يؤمن بها حتى أولئك الذين كانوا يسوّقونها، أضحتِ الوطنَ الأكثرَ جدباً في بلاد الشام بعد أن كانت معقل الطليعة! صار على واحدنا، إن كان يبحث عن لحظة حياة، أن يهجر وطن الموت المؤجّل هذا إلى لبنان حيث الهواء النقي والحريّة والحب.

لقد دفعت سوريا غالياً ثمن غباء البعثيين وانغلاقهم على ذواتهم واعتقادهم، كالأصوليين تماماً، أن الباطل لا يطالهم لا من فوق ولا من تحت؛ وناموا على ريش نعام هذا الحلم محميين بصدفة إرهابهم واعتقالهم الصيرورة حتى صحوا على أشواك العلم الأميركي يرفرف في سماء بغداد، التي كان:

تَموزُ يدرجُ في مرابِعها والبعثُ ينثرُ فوقَها الشُّهُبا!

**********

المرأة والانتماء الطائفي:

لا مناص من الاعتراف أن واقع المرأة في سوريّا، خاصة في الربع قرن الأخير، عرف تحوّلات هامّة للغاية، منها الإيجابي ومنها السلبي، كان واضحاً فيها أثر الموروث الثقافي المتّكيء على التراث المذهبي ـ الديني! فقد شهد وضع المرأة تغييرات إيجابية بارزة بين الطوائف الصغيرة من غير السنّة؛ خاصّة العلويين والمسيحيين والمرشديين، وأوّلاً الإسماعيليين. بالمقابل، فإن أناث كبرى الأقليات، السنّة، باستثناء هامشها من جماعات علمانيّة أو ليبرالية أو يساريّة، تهرول نحو الحائط المسدود: لقد تراجع حال الأنثى السنيّة السورية، تحت ظلال شيوخ التطرّف والإرهاب وحماتهم من الوهابيين المتبعّثين، إلى درجة لم يعد ممكناً القبول بها: تكفي جولة بسيطة في أحياء دمشق السنيّة الراقية (الفقراء دائماً لا يجدون أمامهم سوى الله) كي نكتشف أن سوريّا السنيّة تعود تدريجيّاً إلى زمن الخلافة الإسلامي أنثويّاً. ـ كيف؟

في ذاك الزمن، الذي لا توجد في القواميس ألفاظ توفيهِ حقَّهُ من مظالمه بحق كل من هو غير ذكر مسلم سنّي من جماعة الحاكم، كان النساء صنفين لا ثالث لهما: الأنثى الأمة الجارية القينة العبدة، والأنثى الزوجة الحرّة الحريم!

الصنف الأوّل، كما سبق وأشرنا في أكثر من عمل، لا قيود على الذكر في العدد المباح له امتلاكه (مقابل أربع من الحرّات)، عورته بين السرّة والركبة (أحد الأئمّة ضيّقها لتشمل فقط فتحتي القبل والدبر)، وظيفته أساساً خدمة الذكر وإمتاعه بكل ما في الكلمة من معنى: إنه دعارة مفتى بها، العامل الحاسم فيها، كالدعارة المحظورة، هو النقود؛ فما دام إله قد أنعم عليك، فقد فتح لك الشرع الإسلامي الأبواب كي تشتري من ملك اليمين ما تشاء ـ هل نتذكّر أن أمير المؤمنين، المتوكّل على إلهه العباسي، محيي السنّة ومميت البدع، قد أمتلك ألوفاً من الجواري تراوح عددهن، باختلاف المرجع، بين 4000 و12000؟ مع ذلك، ثمّة ميزة في الدعارة المحرّمة تجعلها أفضل بما لا يقارن من التسرّي الذي أباحه إله المسلمين (رغم أنف حاخامي حزب الله، تجّار المتعة، الذين كان يخرج الشبق من أنوفهم وأعينهم وهم يشتمون مواقف شيراك اللاأخلاقية من الحجاب): في الدعارة يمكن للعاهرة أن تتوب وترجع إلى إلهها، كما يحصل في مصر منذ مدّة في أوساط ما يسمّى بالفنانات والصحفيّات، بل وأن تعمل مفتية (الأخت سهير البابلي التي كانت يوماً متزوجة من يهودي اسمه منير مراد؛ لكن ذكراً أخوانياً أصغر منها بأربعين عاماً أوصلها بصاروخه إلى إلهها بسرعة الضوء: الجنس شيخ العجائب على مرّ العصور)؛ فهي وإن كانت عاهرة، تظل نسبياً ملك ذاتها! في التسرّي، أردأ أصناف الدعارة، الجارية ملك غيرها الذي يستطيع استعمالها أو لا استعمالها أو إعارتها أو إقراضها أو استخدامها فقط في التحميض (المضاجعة في الدبر) كما كان يفعل الصحابي الجليل عبد الله بن عمر! لكن لا مجال أمامها للتوبة، كما هي الحال مع الأخت المؤمنة شمس البارودي بطلة هي والشياطين وحمّام الملاطيلي، لأن قرارها ليس بيدها! التسرّي تسويق دعارة لغير صاحبة الجسد العاهر ـ وكلّه، كما قلنا، تحت رايات الشرع المقدّسة (قاضي قضاة بغداد زمن مجموعة لا بأس بها من أمراء مؤمنينا من بني العبّاس، المدعو يحيى بن أكثم، أباح لهؤلاء الخلفاء مضاجعة ما يشاؤون من ملك اليمين من الذكور، باعتبار أن إلهه لم يحدّد الجنس في النص الهام للغاية: "أو ملكت أيمانكم "). وكما نستشف من أمهات المصادر الإسلاميّة، كانت السراري الغالبيّة الساحقة جدّاً في مجتمع الخلافة الإسلامي.

الصنف الثاني من الإناث في عالم اللامعقول هذا، كان الحرّات: الزوجات أو الحريم، اللواتي لا تراهن الشمس، واللواتي يبدو القبر المكان الأفضل لهن: ألم يقل الرسول الكريم إن الأنثى (يقصد هنا الحرّة، فالجارية لا تعتبر بمصاف البشر) لها عشر عورات: فإن تزوجت ستر الزواج عورة وإن ماتت ستر القبر العورات الباقيات التسع؟ هذه الكائنة، التي قد تبدو أنها حرّة لمن لا ترى عيناه الخداع البصري الإسلامي، ممتلكة لزوجها بالكامل، فهو صاحب الحق في إبقائها عنده أو تطليقها أو ضربها أو هجرها أو الزواج عليها بمن تكره، لا يحقّ لها مغادرة منزله إلاّ بإذنه حتى إلى بيت أهلها، وهي إن غادرت عليها أن تسرع في مشيتها وتبتعد عن وسط الطريق حتى لا يلحظها أحد: باختصار شديد؛ إنها متاع سبعة أثمانه في القبر والثمن الباقي محمول على نعش رخيص؛ من هنا نفهم سرّ إصرار أم المؤمنين السيّدة ريحانة بنت شمعون القرظية، عليها السلام، على بقائها جارية ـ ملك يمين لمحمّد (ص): الجارية الحيّة أفضل من الزوجة الميتة. العنصر الإيجابي الوحيد في هذا الحفل الجنائزي هو أن طبقة الزوجات ـ الحريم، كما نعتقد، كانت أقليّة قياساً إلى طبقة العاهرات ـ الجواري.

امرأة محترمة في الإسلام!!!

في التصنيف السابق الذكر، الذي لا مكان فيه، كما نشير دائماً، إلاّ للأنثى التي تلبّي غريزتَيْ الجنس والتملّك عند الذكر إلى الحد الأقصى، لا نصادف على الإطلاق المرأة العاملة؛ المرأة المثقفة؛ المرأة السياسيّة؛ باختصار: المرأة الكيان البشري المستقل. في الإسلام أنثيان لا ثالث لهما: عريب، وأم المؤمنين. ـ وهذه الصورة ما تزال المسيطرة في المجتمعات ذات الغالبية الإسلامية حتى الآن. ـ مع انعكاس كامل لنسبة "عريب ـ أم المؤمنين" في المجتمعات الإسلاميّة الحالية. فلسوء الحظ، ضغطت الدول المتحضّرة الكافرة على دول الإسلام لإلغاء الرق وتبعاته، ومنها التسرّي، فكانت النتيجة أن أمهات المؤمنين، بأخمرتهن المقرفة وسوادهن الباعث على الاكتئاب وتسللهن الذي يشبه تحرّك اللصوص، صرن الغالبيّة الساحقة، في حين تقلص عدد العريبيّات، اللواتي كن يملأن عالم الإسلام الأوّلي بهجة وشبقاً وجمالاً، إلى الدرجة الدنيا: من هنا يمكن أن نفهم كون المجتمعات الإسلاميّة الحاليّة، وفق التقنين الجنسي الإسلامي لمفهوم الأخلاق، أكثر أخلاقيّة بما لا يقارن من مجتمعات الخلافة ـ وأقل بهجة وشبقاً وجمالاً.

البعثيون وقضية الأنوثة:

كان يمكن للبعثيين في سوريّا تخليصنا من هذا الوضع التحقيري للنساء، لو أنهم هم أيضاً (خاصة عصابة العجوز المتلفز أمين الحافظ) جاءوا من خلفيّة لا تحتقر النساء ولا تنظر إليهن إلا وفق التقسيم الآنف الذكر. لذلك كان الانهيار الأخلاقي، بمعنى التحلّل الجنسي، الصفة التي لازمت حكم أمين الحافظ وعصابته. بل إن الزمن سيكشف أن الضرر الذي ألحقه هذا الكائن المتعَب المتعب بحق الوضع الأنثوي السوري برمته لا يمكن إصلاحه: خاصّة حين حوّل بعض المنظمّات ذات الطابع الاجتماعي العقائدي، التي يفترض أن تكون لخدمة قضيّة الإنسان وفي الطليعة النساء، إلى مراكز لخدمة غرائز الطبقة العليا من المسؤولين، فنفّر الناس بالتالي من فكرة التقدّم والتحرّر التي كانت تسوّق لها العصابة تلك، وجعل الغالبية البسيطة من السوريين تربط في لا وعيها بين التقدّم والانهيار الأخلاقي وتفشل في التمييز بين التحرّر والتحلّل.

مع سقوط العجوز وعصابته، وقيام الحركة التصحيحية التي كان بعض رموزها من خلفيّة لا تمتّ بصلة إلى خلفيّة أمين الحافظ، كان الأمل كبيراً بتغييرات حاسمة في أمور كثيرة، منها الوضع الأنثوي المتردّي: لكن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن السوريّة. فمن جهة، خاض النظام الوليد معركة شرسة ضد أشهر إرهابيي القرن العشرين من الأخوان المسلمين (الدكّان السوري) أعاقته عن الوصول إلى كثير مما كان يطمح إليه، ومن جهة أخرى لعب فساد بعض المسؤولين الذين كانت الحاجة إليهم ماسّة في معركة سوريّا المصيرية ضد إرهاب الأخوان دوراً معيقاً إضافيّاً تحوّل بفعل الزمن إلى إزمان أرهق سوريّا وأتعبها. مع ذلك، عرفت سوريّا محاولات مستميتة للنهوض بالوضع الأنثوي: فللمرّة الأولى، منذ أيام زنوبيا وجوليا دومنا، نجد نساء سوريّات مثقفات، ليسوا حريماً ولا جوار، يتصدين لواجبات ضخمة كانت مقصورة على الرجال من قبل، كالوزارات والقضاء ومجلس الشعب (رغم عدم اقتناعنا المطلق بهذا المجلس)؛ وللمرّة الأولى أيضاً، تعرف سوريّا ظواهر نسائية إيجابيّة، منها مثلاً ظهور طبقة من الفنانين والأدباء المثقفين الذين استطاعوا فك الارتباط الصعب بين "الفن ـ الأدب" والعهر، المتوارث إلينا منذ أيام أمراء مؤمنينا الأفاضل. بالمقابل، وكما أشرنا مراراً، فقد لعب التعصّب الطائفي السنّي دوراً مريعاً بالنسبة للوضع الأنثوي بين السنّة بشكل عام؛ ساهم فيه بلا شك ممالأة السلطة (بعض رموز السلطة وهابي متبعث بلا ريب) وخوفها من المواجهة وافتقادها على الدوام للمشاريع البديلة وتردّدها في تغيير جذري لقانون الأحوال الشخصية الذي ما يزال ينظر إلى المرأة، حتى وإن كانت وزيرة أو قاضية، باعتبارها كياناً تابعاً لا بدّ له من ولي أمر في أساسيّات كثيرة.

إن العائق الأوّل في وجه المرأة والذي يحول بينها وبين تحقيق ذاتها كإنسان هو المرأة ذاتها؛ فالانتشار السرطاني للتنظيمات النسائيّة الأصولية ذات النفس التكفيري الإرهابي، كالقبيسيّات أوّلاً وعلى سبيل المثال، بين السنّة السوريين، ليس خطراً فقط على المستقبل السياسي الاجتماعي لسوريّا المكونة من فسيفساء طائفي ديني عقائدي، بل هو كارثي النتائج أيضاً على التحرّر الأنثوي في كافة أقطار بلاد الشام: الدليل الأوضح على ذلك انتشار السرطان القبيسي إلى لبنان والأردن من دمشق، عاصمة التقدّم والاشتراكيّة. قد يبدو صعباً إقناع ذكر مستفيد من الوضع المَرَضي للأنثى المسلمة بأن هذه الأنثى كيان بشري وليست بقرة، لكن من المستحيل إقناع أنثى لا يساورها أي شك بأنها بقرة أنها ليست بقرة. وهذا حال ما أطلقنا عليهن لقب "تيارات التحقير الذاتي" الأنثويّة السورية، التي تعيث تخلفاً في البلد معيدة المرأة، ومن ثم المجتمع، إلى عصر الظلمات: وعلى رأس هؤلاء، نكرّر للمرّة الألف، تأتي الحركة القبيسية التي لا يكمن خطرها فقط في فهرستها للنساء كحيوانات مستهلكة غير مؤهلة للتفكير خارج نطاق سخافات الشافعي (الذي أباح زواج الرجل من ابنته غير الشرعيّة) ومن على شاكلته، بل في عجز الدولة ـ وربما عدم رغبتها ـ في الوصول إلى حل لهذه الأزمة الحضارية المستفحلة.

إن وضع المرأة في سوريّا، قياساً لما كانت عليه الحال قبل أربعين عاماً، أفضل بلا ريب: لكنه بعيد حضاريّاً للغاية عمّا هو موجود في البلدان الراقية أو عمّا نأمل به كعلمانيين لييراليين. ومن أجل النهوض بواقع المرأة المتخلّف نوعاً ما في سوريّا، لابدّ من الإجراءات التالية:

أولاً: التطبيق الفعلي الكامل لشرعة حقوق الإنسان العالميّة التي تعتبر خطوة أساسيّة من أجل الحفاظ على كرامة المواطن وصون حقوقه وتساوي الجميع في الواجبات والحقوق بغضّ النظر عن الفروق الجنسيّة أو الإثنيّة أو الدينيّة أو العرقيّة؛

ثانياً: فك الارتباط نهائيّاً مع الشريعة الإسلاميّة وإعلان علمانيّة الدولة؛ فالدولة ليست كلّها سنّة، الذين يفرضون شرائعهم على الآخرين بقوّة الأمر الواقع وسيوف أوهامهم، وإن كانوا يشكّلون الأقليّة الكبرى ـ مع ملاحظة أن غالبيّة الحركات السياسيّة العلمانيّة، والباحثين العلمانيين، ونحن من بينهم، من أصول سنيّة؛ وهنا نشير إلى أن الشريعة الإسلاميّة كانت نتاجاً لمجتمع رعوي (معظمها ملطوش عن الهالاخوت اليهوديّة) بدائي لا علاقة له على الإطلاق بالبنى الثقافيّة المعقّدة الموجودة في مجتمعاتنا الحاليّة، بل أن مقولات أساسيّة في هذه الشريعة، كأحكام الرق وملحقاتها، التي ما تزال تستهلك صفحات كثيرة من النتاج الثقافي العربي ومن نقود القرّاء الواعين، أصبحت من ملاك المتاحف؛

ثالثاً: في ظل هذه الجائحة من التخلّف التي تفترس المجتمع السنّي السوري حالياً، لابدّ للدولة، التي يفترض أنها الرأس المفكّر للمجتمع، أن تفتّش عن حلول لهذا التفشي المخيف للفكر الإرهابي بين النساء: لقد فهم الإرهابيون اللعبة؛ فعبر السيطرة على النساء، يمكنهم وضع المجتمع في جيبتهم الصغيرة؛ خاصّة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الفسيفساء الطائفي الديني السوري، الذي لا يبدو أن ثمة ما يهدّده، حاضراً ومستقبلاً، أكثر من هؤلاء الإرهابيّات الصغيرات، اللواتي يستغللن التحفّظ العام تجاه الإناث كي يتنقّلن، بسمومهن التكفيرية، من بيت إلى بيت ومن حارة إلى حارة؛

رابعاً: السماح ـ إن لم يكن التشجيع ـ بقيام اتحادات نسائية وشبيبية حضارية تأخذ مكان ما هو مترهل وآيل للسقوط من الموجود على أرض الواقع، الذي أثبت الفشل الذريع في مواجهة الفكر الإرهابي الأنثوي الذي يطرح نفسه بديلاً قوياً لما تدعمه الدولة من تنظيمات؛ وبلغة الواقع؛ نقول: إن الاتحاد النسائي الرسمي الذي تدعمه الدولة أضعف، بما يدعو للرثاء، من فرع حمص لاتحاد الإناث القبيسي الإرهابي الذي يغض الطرف عن ممارساته الخطرة على المستقبل السوري؛

خامساً: الدعم الرسمي للنساء، معنوياً وماديّاً، لإخراجهن من حالة التبعية الذهنية الموروثة منذ مئات السنين؛ من ذلك مثلاً: زيادة عدد النساء في الصف القيادي الأوّل، كالوزيرات؛ إذ لا يعقل أن تكون نسبة الوزيرات في مجتمع ثلاثة أخماس بدوي، كالأردن، أقل منها في بلد التقاليد الحضارية الأعمق، سوريّا؛

سادساً: السماح لنا، كعلمانيين ليبراليين من أصول سنيّة، بتفنيد دعاوى ذلك الصنف القبيسي الرديء من الأبقار الشاميّة، للحيلولة بينهن وبين احتكار عقول نساء السنة، كما هو حاصل الآن!

ملاحظة:

من سخرية القدر أن تصبح وسائل الاتصال الحاليّة متاحة لكمشة بدو، من النمط الوهابي أو القبيسي، يستخدمونها في تعميم الإجرام والقتل باسم الآلهة وتصوّراتهم لما هو مرسل من تلك الآلهة؛ من ذلك الهراء المقدّس نقتطف بعض الآراء الوهابيّة بحق البقرات الشاميّات المعروفات بالقبيسيّات؛ للعلم، البقر الشامي من أفضل أنواع البقر!

السؤال المطروح على العصابة الإجراميّة المسمّاة بالوهابيين؛ يقول: "ما حكم الزواج بإحدى النساء المنتسبات للفرقة (القبيسيّة): هل هو محرّم على اعتبار أنّهن مشركات؟ وجزاكم الله خيرا". والجواب الوهابي الحضاري؛ يقول: "الزواج منهن لا يجوز لأنهن مشركات، والله عزّ وجل يقول في كتابه الكريم :"ولا تنكحوا المشركات حتى يُؤمنَّ ولأمة مؤمنة خير من مشركةٍ ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون". ويلزم على والي المسلمين هنالك (يعني في سوريّا) أن يقيم فيهن شرع الله باستتابتهن وإلا قتلهن حدّاً عملاً بقول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: "من بدّل دينه فاقتلوه". وللأسف أن لهن نشاطاً كبيراً في كثير من بلاد المسلمين فيلزم الولاة أن يسعوا جادين لاستئصال هذه الفرقة المارقة الكافرة وإقامة حد الله الذي شرعه في كتابه وسنة نبيه! وفق الله حكامنا إلى ما يحبه ويرضاه، وبالله التوفيق. هنا انتهت الفتوى الوهابيّة المغرقة في إنسانيتها!!!

لا يسعنا إلا أن نقول باختصار: هذا هو الإسلام!!!

نبيل فياض، يناير 2004

عريب: جارية مغنيّة شهيرة، ابنة جعفر البرمكي الذي نكّل به أمير المؤمنين هارون الرشيد لأنه ضاجع أخت هارون العبّاسة. كانت عريب أنموذجاً للتحلّل الجنسي؛ فهي تعترف، وفق مرجع إسلامي تقليدي، بأن ثمانية من الخلفاء، أمراء المؤمنين، قد ضاجعوها.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها