مقالات
سابقة للكاتب
باحث وكاتب سوري
نبيل
فياض
الشذوذ الجنسي في
سوريا
نبيل فياض، 7 سبتمبر 2004
ما
لا شكّ فيه أنّ المسألة الجنسيّة في سوريّا، مثلها مثل بقيّة الأقطار الناطقة
بالعربيّة، تعرف توترات تكاد تصل تخوم الانفجار لأسباب كثيرة؛ نذكر منها:
أوّلاً:
الانتشار المتزايد، على نحو جائحي، للتيارات الأصوليّة في البلد؛ الأمر الذي
يعني مزيداً من الكبت والفصل الجنسي غير المعقلن؛
ثانياً:
الانتشار الكبير، بالمقابل، لوسائل الاتصال الحديثة؛ وما يتضمنه ذلك من
استخدام غير مسبوق لصحون الأطباق الطائرة والرسيفرات التي تُشرى أساساً
لالتقاط محطّات البورنو التي تزيد الوضع صعوبة، خاصّة في حالتنا هذه؛
ثالثاً:
تآكل الطبقة الوسطى وانضمامها الراسخ غير البطيء إلى الطبقة الفقيرة؛ وإذا ما
حاولنا مقارنة دخل المواطن السوري ونسبته إلى مصاريفه مع دخل أي مواطن في
الدول المتحضّرة لكانت النتيجة كارثيّة: هل يوجد بلد في العالم يمكن أن تشكّل
فيه فواتير الكهرباء والماء والهاتف أكثر من ثلاثة أرباع دخل المواطن؟ - وما
يعنيه ذلك من مشاكل اجتماعيّة ليس أوّلها الدعارة بشقيّها الأنثوي والذكوري،
الذي ترفض الغالبيّة "النعاميّة" الاعتراف بها؛
رابعاً:
وبسبب المسائل المشار إليها آنفاً، وغيرها كثير، لا نفاجأ إذا ما رأينا
التأخر غير العادي لسن الزواج. إذن: كبت هائل تسوّقه التيارات الأصوليّة +
شحن جنسي لا سابق له في كلّ مكان + فقر + تأخر سن الزواج = أزمات جنسيّة غير
قابلة للحلّ! ومن ذلك مسألة المثليّة الجنسيّة، التي تصادفنا في كلّ مكان من
البلد، والتي يرفض كثيرون، بفعل العقد المستعصية، الاعتراف بوجودها!
إن
اهتمامنا الدائم بهذه القضايا، من الدفاع عن حقوق الأقليّات الإثنيّة أو
الدينيّة أو ذات الميل الجنسي غير المعمم، هو جزء أساسي من اهتمامنا بحقوق
الإنسان، التي يوجد حتى الآن في سوريّا، خاصّة أولئك الذين قدموا من بيئة
ريفيّة منغلقة على الحضارة، ومعظمهم من ورثة الشعارات الحزبيّة الفارغة التي
عفا عليها الزمان، من يرفض الإقرار بها تحت رايات خداع ذاتي أُنهي مفعولها.
إنّ المثليّة الجنسيّة، المسألة القسريّة سلوكيّاً باعتراف كلّ مدارس التحليل
النفسي، تحتل أسفل السلّم في التدرج الانحداري لحقوق الإنسان السوري: المثلي
جنسيّاً، يُعامل عموماً كمنحرف محترف لأحد أنواع الدعارة الذكوريّة؛ من هنا،
فالدفاع عن إنسانيّة هذه الأقليّة، التي قد تتجاوز المليون في سوريّا، قضيّة
لا بدّ منها بغضّ النظر عن مواقف أولئك الذين لا يفقهون ألف باء علم النفس أو
الحريّة أو حقوق الإنسان: خاصّة الذين يظهرون الرفض العنيف لهذا السلوك، وهم
في واقع الأمر يكشفون بذلك عموماً رفضاً لحافز مدفون في أعماقهم، ويخشون إن
تعاطفوا معه أن يشار إليهم بالبنان بوقائع عايشوها ثم رفضوها بتغيّر الظرف،
لكن ذكرياتها ما تزال تعشش في رؤوسهم! وفي اعتقادنا أن العنف في رفض فكرة ليس
غير الدليل الأبسط على تمكّنها من شخص الذي يرفضها! وكلّنا نعرف أن المثليّة
الجنسيّة، مع ممارسة الجنس مع الحيوان، انتشرت وما تزال منتشرة في تلك
الأجواء الشعبيّة أو الريفيّة حيث يساهم الفرز الجنسي وإهمال الأهل والتخلّف
الثقافي الاجتماعي في تعلّم الطفل ذاتيّاً عبر تجارب الصح والخطأ!
هذه المقالة سبق ونشرت في مجلّة قبل زمن لا بأس به؛ أبيض وأسود العدد
57؛ وضمن دفاعنا الدائم عن حقّ الإنسان في العيش الكريم، وبسبب التواتر
المتصاعد للمتابعين للناقد في سوريّا، نرى أن إعادة نشرها لا تخلو من المنطق!
ليس أصعب من الكتابة برصانة في موضوع لم يتم التعامل معه، في الأدبيّات
العربية، إلا ما ندر، بغير التسفيه أو السخرية.
الشذوذ الجنسي، كمصطلح، يحمل من الأصداء السلبية المجحفة بحق الإنسان، بغض
النظر عن ميوله، ما يكفي لرفض التسمية. وفي الدول التي تحترم حق الإنسان في
ممارسة حياته كما يشاء، لا يوجد مصطلح كهذا للتعبير عن رغبة ما لفرد من جنس
ما حيال فرد آخر من الجنس ذاته. في اللغات الأوربية الغربية، نجد تعبير
homosexual،
الذي
يرجع في أصوله إلى اللغة اليونانية، لا اللاتينيّة، كما قد يعتقد بعضهم،
والذي
يعني (شخصاً ذا ميول جنسيّة حيال الجنس ذاته). مع ذلك، فقد شاع استخدام
المصطلح
البسيطgay
،
عالميّاًََََ،
للتعبير عن هذا النوع من الميول.
حتى
الآن، لا يوجد اتفاق عام على الأسباب الكامنة خلف ميل كهذا: ففي أحد الكتب
الذي قمنا
بترجمته عن الظاهرة ـ وما يشبهها ـ ولم ينشر حتى الآن!! ركّز المؤلّف
الإنكليزي،
أنطوني ستور (أقرب إلى يونغ منه إلى غيره) على الجانب الاجتماعي ـ التربوي
في
خلق هذا السلوك الجنسي؛ فالطفل الذي ينشأ في بيتٍ
الأبُ
فيه قاس أو لا مبال،
والأم عاطفية للغاية أوهي التي تتولى مسؤوليّة العائلة، يمكن أن يكون مثليّا
جنسيّا؛ بالمقابل، ثمة من يرى أن المسألة برمّتها جينية، أي أن قدر هذا
الشخص،
جينيّا، أن يكون مثليّا جنسيّا. مع ذلك، فمن دراساتنا غير السطحيّة في
المسألة، نعتقد
أن
الرأيين كليهما لا
يجافيان الصواب. فكثيراً ما نرى طفلين يتربيان في البيت ذاته،
مع
ذلك، يكون أحدهما مثليّا جنسيّا والآخر لا؛ بالمقابل، فكثير جدا من الذين
تجبرهم
البيئة، خاصة في الأوساط المتعصبة والمتزمتة، على السلوك المثلي في مرحلة ما
قبل النضج، يطوى هذا كله في غياهب النسيان بعد الزواج.
جنة
المثلية الجنسية:
قد
يبدو صادما لعيون كثيرين أن نُظهر أن دمشق أكثر مثلية جنسية من مدينة تشتهر
بذلك
أي
سان فرانسيسكو؛ ففي أحد الأيام، وكان في بيتي الدمشقي الصديق الباحث ايكارت
فورتز، يعد كتابا لجامعة ايرلنغن حول بعض ما كتبت،
وكنّا نتسامر حول مسألة الإباحيّة الجنسيّة الغريبة الموجودة في الغرب؛ قال
إيكارت:
نحن في الغرب أفضل منكم؛ فالإباحيّة التي تتحدّث عنها موجودة في الشرق الناطق
بالعربيّة أكثر ربما من الغرب؛ الفرق بيننا وبينكم أننا لا نكذب في المسألة
ولا نتجمّل، في حين أنتم تختبئون وراء أصابعكم وتنكرون واقعاً أوضح من الشمس.
نحن نكشف الموضوع ونتعامل معه بعلنيّة؛ أولاً، لأن السلوك الجنسي مسألة
إفراديّة لا يحقّ لأحد التدخّل فيها؛ ثانياً، لأن وضعَ سلوكٍ يمكن اعتباره
مرضيّاً تحت الأضواء يمكن أن يساعد في دراسته ومن ثم علاجه أو تقويمه، بدل
وضع الرأس في الرمل وإظهار أن المجتمعات الناطقة بالعربيّة، المنخورة بأسوأ
أنواع الأمراض الاجتماعيّة والجنسيّة، قطع من الجنّة لا مكان فيها لغير
الملائكة والقديسين! وهكذا،
عرفت
من إيكارت
بوجود شخص أميركي من
سان هوزيه، قرب سان فرنسيسكو، يدعى ادوارد غ، موجود في دمشق فقط بغاية
السياحة الجنسية
المثلية. ولما التقيت بالمذكور أخبرني أنه يملك دليل
"السياحة
الجنسيّة
المثلية"
العالمي
والذي فيه معلومات كثيرة عن هذه الفعاليات في دمشق:
فنادق، حمامات، مقاه.. كان ما قاله ادوارد مريعاً: ليس بمعنى تقويم الظاهرة
أخلاقياً، بل بمدى انتشارها أفقياَ إلى درجة صادمة. وبعدها التقيت بكثير من
الغربيين الذين يتحدثون في المسألة دون حرج، وعرفت أن بعض العاملين في سوريا
من غير
السوريين يفضّلون البلد على غيره فقط لأنه يلبي رغباتهم بأوفر مما قد يتواجد
في
بلدانهم الأصلية.
كان
من
الضروري دراسة المسألة بنوع من البحثية الرصينة لأنها تمس قطاعاً من الناس
أعتقد
أنه غير قليل في المنطقة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، بسبب الإرث الديني ـ
الاجتماعي ـ المتعلق بالتقاليد، ينظر العامة إلى هذا النوع من الناس لا كبشر
عاديين
مختلفين في مذاقاتهم الجنسية عن القطاع الأكبر، بل ككائنات مريضة أخلاقيا:
ذكور
محترفون للدعارة. وهكذا، سعيت إلى لقاء أحد المثليين من الشريحة المثقفة جداً،
وأعطيته
استمارات قام مشكوراً
بتوزيعها على مجموعته، وكانت النتائج الإحصائية هي التالية:
السن: 15 ـ 20 بنسبة 20 %
السن: 20 ـ 30 بنسبة 60 %
السن: 30 ـ 40 بنسبة 20 %
ـ
السؤال المتعلق بالذي قبله: هل الفصل بين الجنسين يلعب دورا في المثلية
الجنسية؟
نعم
بنسبة 60 %
لا
بنسبة 40 %
ـ
هل
يلعب التعصب الاجتماعي دورا في زيادة المثلية؟
نعم
بنسبة 52 %
لا
بنسبة
48 %
ـ
كيف ترى مستقبل المثلية في المنطقة؟
سيء
بنسبة 84 %
جيد
بنسبة 16 %
ـ
ما
هو دور الزمن في تقبل الناس للمثلي؟
سلبي
بنسبة 76 %
إيجابي
بنسبة 24 %
ـ
هل
تفضل أن يكون في سوريا منظمات مثلية كما في دول العالم المتحضر؟
نعم
بنسبة
84 %
لا
بنسبة
16 %
ـ
هل
تحب الهجرة إلى دول الغرب؟
نعم
بنسبة
52 %
لا
بنسبة
48 %
من
هذه الاستبيانات الأولى من نوعها، المغرقة في بساطتها، نكتشف أشياء ربما تكون
جديرة
بالاهتمام:
دور
العامل الديني ـ الاجتماعي،
الذي يتجلّى في الفصل الجنسي،
في مسألة المثلية الجنسيّة.
اعتراف
المستبينة آراؤهم أنّهم مارسوا الجنس، في معظمهم، للمرّة الأولى، قبل سن
النضج،
وهو ما يعني أن الأمر كان أقرب إلى الاغتصاب أو الفعل اللاواعي في أحسن
الأحوال
منه إلى علاقة عاديّة، بمعنى أنّها برضى الطرفين أو بإدراكهما لما يفعلان.
إظهار
نسبة كبيرة من المستبينة آراؤهم أنهم، لو كان الأمر بيدهم، لما تمنوا أن
يكونوا أو
يبقوا
مثليين، وفي اعتقادنا أن النسبة الصغيرة
28 %
التي قالت إنها لو خيرت لاختارت
لأن تبقى مثلية، ليست سوى مجموعة من صغار السن الممتلئين بالشبق والذين لم
يقدّروا
كفاية معنى كون المرء مثلياً في مجتمع كالمجتمع السوري المتزمت.
الخطير
في
الأمر، مع أخذنا بعين الاعتبار عنصر المبالغة، اعتبار معظم أشخاص العينة أن
نسبة المثليين تتجاوز
20 %
من
دراساتنا، خاصة كينزي، نعتقد أن ما ينطبق على المجتمع السوري وما يشبهه من
مجتمعات، لا
ينطبق
بالضرورة على المجتمعات الأوربية التي أجرى فيها فرويد وأدلر
بحوثهما، أو المجتمع
الأميركي الذي قام كينزي بتجاربه عليه. وهكذا، يمكن تلخيص نتائج المقارنة
على النحو التالي:
بسبب
العلاقة المشوهة بين الرجل والمرأة في مجتمعنا المحكوم بمفاهيم دينيّة ـ
اجتماعية
قديمة منافية بالكامل لفهمنا الحالي للحياة والعلم، فالذكر في مجتمعنا لا
يشعر
بالراحة، خاصة في سن ما بعد الطفولة، مع الأنثى بمثل ما يشعر ذلك مع صديقه من
الجنس ذاته؛ لهذا فالحميمية الجوهرية، خاصة مع تذكّرنا للحاجز الإحراجي الذي
يطبع
العلاقة ذكر ـ أنثى عندنا، تكون أقوى في الحالة ذكر ـ ذكر.
هذا
الإحساس بالإرباك الذي يطبع عندنا العلاقة
ذكر ـ أنثى، يجعل من الصعب على الرجل
أن
يطلق لذاته العنان في علاقته مع الأنثى: وهو الشرط الضروري للوصول إلى حالة
عالية من الإشباع الجنسي.
كما
سبق ولاحظت، فالكبت الجنسي المترافق بتوتر جنسي شديد في مجتمع مسكون بالشبق
أصلاً
في
تراثياته وأمثاله ومفاهيمه الدينية ـ الاجتماعية، دون أن ننسى إضافة المحرضات
التي وصلتنا أخيراً عبر الفيديو سي دي أو الستالايت، يجعل من الصعب على
المراهق
إفراغ شحنته عبر الجنس الآخر:
أمامه حلان: العادة السرية أو المثلية الجنسية
اللاواعية، وكثيرا ما تكون الممارسة هنا تبادلية (بغض النظر عن الإفراغ في
الحيوان
والذي شارف على الانتهاء حاليا باستثناء مناطق في جنوب سوريا وشرقها): وهكذا،
يدخل إلى واجهة الصورة ما يمكن أن نسميه هنا بالانطباع الأول، أي هذه اللذة
الغامضة
التي يحصل عليها
المراهق للمرة الأولى والتي تبقى ملازمة له حتى بعد الزواج،
والتي قد تعاود فرض ذاتها إذا توافرت لها الظروف الموضوعيّة.
لا ننسى
طبعاً هنا الإشارة إلى ما قاله معظم المحللين النفسيين من أن التربية
الخاطئة،
في
بيت حيث الأب عنيف وقمعي وصارم والأم مفرطة في الحنان، تنطبق على أغلب
البيئات
العربيّة التقليدية.
ثمة
حالات عايشناها، الميول المثلية تظهر فيها على الطفل في سن متقدمة للغاية،
ونعتقد
هنا أن المسألة جينية بالكامل.
هذا
يعني أننا نعتقد بدور العاملين، الاجتماعي والجيني، على حد سواء، في خلق
الميل المثلي
عند الفرد
الذكر.
الإناث
والمثلية الجنسية:
لاشك
أن
دراسة المثلية الجنسية عند الإناث
مسألة أقرب إلى الاستحالة في بلد كسوريا؛
مع
ذلك، فقد حالفنا الحظ في لقاء بعض المثليات جنسيا من الأمريكيات أو
الأوروبيات
اللواتي كن يجرين بحوثاً في المسألة، بطريقة علميّة إلى حد ما، لكن النتائج
التي توصّلن إليها، في اعتقادنا، كانت محكومة سلفاً بالمدرسة التحليل ـ نفسية
التي
تنتمي إليها الدارسة والبيئة الثقافية ـ الاجتماعية التي جاءت منها.
مع
ذلك، ثمة ظاهرة قامت إحدى الكنديات بدراستها، تنتشر بشكل أقرب إلى المرضية
بين نساء
دمشق بخاصة، بمن فيهن طبقات ما يسمى المجتمع الراقي، وكنا نتناقش باستمرار
بشأن
النتائج التي لم تكن تخلو من العلمية.
لا
يمكن
النظر إلى هذه الطبقة على أنهن ضحايا لمنظومة ذكورية وقحة في استغلاليتها
للأنوثة،
لأنهن يشاركن، بوعي أو دون وعي، في الدفاع عن قداسة الأسس المعرفيّة لهذه
المنظومة.
الأنوثة
في
سوريا، كغيرها من الأقطار اللاعلمانية المحكومة عملياً بقوانين نصف بدوية
من
القرون الوسطى، مهانة حتى الحضيض في عالم حيث تتهاوى الفروق بين الناس على
اختلافهم. ورغم محاولات الحكومات (ذكورية بحتة إلى حد ما) المتعاقبة تحسين
الوضع
الأنثوي، تبقى المسألة غير ذات جدوى مادامت الأعراف والتقاليد أبعد ما تكون
عن
العقلنة من ناحية، ومادام بعض الذين في الواجهة أسوأ نتاج للعقل الذكري على
مر العصور.
من
مظاهر هذا الامتهان للأنوثة، نذكر على سبيل المثال:
إعفاء
المرأة من الخدمة العسكرية وإشعارها بالتالي أنها كائن مكانه البيت الذي
يحميه
الذكر.
حرمان
المرأة من حق منح الجنسية لأولادها أسوة بالرجل.
الاستمرار
في
التعامل مع ما يسمى بجرائم الشرف بأريحية ملفتة.
التفريق
بين الرجل والمرأة في مسألة النصيب في الإرث مع انتفاء الأسباب المودية لهذا
التفريق.
إبعاد
المرأة سياسياً عن موقع القرارات الهامة؛ وهي إن استوزرت، فإنما تستوزر في
وزارة
أنثوية، كالتعليم والشؤون الاجتماعية.
ملاحظة:
لا
يمكن مقارنة الوضع السياسي للمرأة السورية بمقابله عند اللبنانية التي لم
تحظ حتى الآن بمقعد في أية وزارة.
لقد
ثارت هذه الطبقة على هذه الحالة المرضية بأسلوب مرضي: فبدلاً من التخلص من
هذا التراث
المخجل بحق المرأة ناقصة العقل والدين والتي هي شر لابد منه ويستشرفها
الشيطان
إذا خرجت من بيتها، حاولن التخلص من الأنوثة، عبر انتحال ذكورة كاذبة؛ وهو ما
يوحي ربما بأنهن مثليات جنسياً.
لا
نعتقد أن قدر هؤلاء التحول في المستقبل غير البعيد إلى حركة سحاقية مخيفة،
لكننا
شبه واثقين أن هذا الانتحال لذكورية كاذبة، هذا الرفض غير الواعي للأنوثة
لأنها
مهانة، سيؤدي بهن حتماً إلى هاوية من توترات نفسية نراها واضحة في سلوكهن،
سيكون
الجنس المثلي، بسبب الانغلاق على الذات، أحد أشكال التنفيس عنها.
إن
المسؤولية تقع أولاً وأخيراً على عاتق الدولة التي تدخل القرن الحادي
والعشرين، تحمل
في
يدها إنترنت، وعلى رأسها عقال: التحديث صار ضرورياً جداً، لأن العقلية
البدوية
التي ما تزال تتحكم بمناهجنا التعليمية المدقعة في تخلقها وتناقضها (يدخل
أستاذ
البيولوجيا ليحدث الطلاب عن دارون ثم يدخل بعده أستاذ الدين ليحدث الطالب
ذاته
عن
أبينا المزعوم آدم) وتمتد من ثم لتطال كل شيء، تخلق في لاوعينا الجمعي توترات
لا
سبيل إلى حلّها.
ضرورة
تدريس التربية الجنسية في المدارس؛ فالبلد مقبل على انفتاح، شئنا أم أبينا؛
ومن
يرى تصرفات كثير من الغربيين في سوريا يعرف حتماً أن جائحة الإيدز قاب قوسين
أو
أدنى منّا.
اتخاذ
قرارات جريئة حاسمة، حتى وإن عارضت التيارات الأصولية ذلك، لإعادة المرأة إلى
وضعها الطبيعي؛ فالمجتمع لا يتغير نحو الأحسن إلا بتحسين وضع النساء فيه.
ضرورة
وضع لجنة لدراسة مسألة عقلنة الأعراف.
وأخيراً، إشراك المرأة في العمل السياسي الفعلي بفرض من الدولة؛ والأمر
الواقع يتحول بمرور الزمن إلى عرف.
|