الأمازيغية / الأصولية،أو
العملة ذات الوجهين.....
محمد الحنفي
تقديم:
إن
موضوع "الأمازيغية" / "الأصولية"،
أو العملة ذات الوجهين، هو موضوع ارتبط بالتفاعلات، والاستقطابات، التي
يعرفها العالم بصفة عامة، والعالم العربي بصفة خاصة، ويعرفها المغرب أيضا
بصفة أخص. وقد ارتأينا، في هذه المعالجة، أن نجمع بين الأمازيغية، والأصولية،
نظرا للقاسم المشترك بينهما. وهذا القاسم المشترك، هو تحول كل منهما إلى
إيديولوجية، بحكم استغلالهما في الأمور الأيديولوجية المعتمدة في إنشاء أحزاب
سياسية قائمة على أدلجة الدين الإسلامي، أو على أدلجة الأمازيغية.
ولذلك،
فتناولنا لهذا الموضوع، ذي الربط المزدوج، يقتضي منا الانطلاق من كون الدين
الإسلامي، واللهجات الأمازيغية، من مكونات ثقافة الشعب المغربي، وأن هذه
المكونات، ترتبط بالواقع المتطور، والمتفاعل مع المحيط الإقليمي، والقاري،
والقومي، والعالمي، وهو ما يعني استحالة الانغلاق على الذات، التي يسعى
الأصوليون المؤدلجون للذين الإسلامي إلى الانغلاق عليها، والأمازيغيون
المؤدلجون للهجات الأمازيغية إلى تكريس ذلك الانغلاق.
وتناولنا
لهذا الموضوع، يقتضي منا أيضا، أن نستحضر أن تاريخ الشعب المغربي، هو تاريخ
ذوبان الثقافات في بعضها البعض، وتاريخ تكامل تلك الثقافات، التي من بينها
ثقافة الدين الإسلامي، وثقافة اللهجات الأمازيغية، وثقافة اللغة العربية،
وغيرها. كما يقتضي منا أن نستحضر، وبعد مرور أربعة عشر قرنا، تقريبا، على
وصول العرب، حاملين للدين الإسلامي إلى المغرب، أن نميز، في شخصيات المغاربة،
بين:
ما هو
الجانب العربي؟
وما هو الجانب
الأمازيغي؟
نظرا لاختلاط
الدماء، وذوبانها في بعضها البعض، وصيرورة اللغة العربية لغة مغربية،
بلهجاتها المحلية المختلفة، بالإضافة إلى اللهجات الأمازيغية المختلفة،
المتداولة بين أفراد الشعب المغربي، منذ زمن سحيق. وكل محاولة لجعل الشخصية
المغربية، أمازيغية صرفة، أو عربية صرفة، إنما هو تعد على الواقع، وتجاوز له؛
لأنه لا يحتمله، لوقوفه وراء قيام النزعة الطائفية على أساس لغوي، أو ديني،
في المجتمع المغربي.
ولذلك،
فتناولنا لهذا الموضوع، لا من أجل إبخاس الأصولية حقها، ولا من أجل إبخاس
الأمازيغية حقها، بل من أجل بيان أن أدلجة الدين الإسلامي الأصيل، وأد لجة
اللهجات الأمازيغية، لا يمكن أن يكون أبدا في صالح المغاربة.
وحتى نوضح ما
ذهبنا إليه أكثر، سنتناول من وجهة نظرنا، بطبيعة الحال، وحسب قراءتنا الخاصة
لواقع الأصولية، ولواقع الأمازيغية، في نفس الوقت، مفهوم الأمازيغية، ومفهوم
الأصولية، من وجهة نظر الطبقة الحاكمة، ومن وجهة نظر البورجوازية الصغرى، ومن
وجهة نظر الطبقة العاملة، ومن وجهة نظر اليمين المتطرف، ومن نظر اليسار
المتطرف، ثم الأمازيغية كلغة، وكتراث ثقافي، والأمازيغية كتعصب عرقي،
والأمازيغية كشعار سياسي، والأمازيغية كآفاق، ومفهوم الأصولية كتعصب مذهبي،
والأصولية كتراث، والأصولية كمذهب سياسي، والأصولية كتعصب مذهبي، والأصولية
كواقع، والأصولية كآفاق، ثم الموقف من الأمازيغية بالنسبة للطبقة الحاكمة،
وبالنسبة للبورجوازية الصغرى، وبالنسبة للطبقة العاملة ، وبالنسبة لليسار
المتطرف، وبالنسبة لليمين المتطرف، محاولين الإجابة على السؤال:
هل من الحكمة
قيام دولة أصولية؟
ثم نتناول
العلاقة بين الأمازيغية، والأصولية:
وهل هي علاقة
التقاء؟
وهل هي علاقة
اختلاف؟
ثم نتناول
الإجابة على السؤال:
أي أفق
للأمازيغية، والأصولية في ظل عولمة اقتصاد السوق؟
وذلك من خلال
العولمة، ورهان الأمازيغية، والعولمة ورهان الأصولية، ثم:
ما مدى تحرر
الأمازيغية من آثار العولمة؟
وما مد تحرر
الأصولية من توظيف العولمة؟
معرجين على
مقاربة الجواب على السؤال:
من المستهدف
بالأمازيغية، والأصولية؟
هل هو الطبقة
الحاكمة؟
هل هي
البورجوازية الصغرى؟
هل هي الطبقة
العاملة؟
وغايتنا من
الربط بين الأمازيغية، والأصولية، في هذه المعالجة، تتمحور حول كونهما، معا،
يتعرضان للاستغلال البشع، من قبل مؤدلجي الأصولية، والأمازيغية، على السواء،
حتى تصيرا خير وسيلة تعتمد في حشد الناس وراء الشعارات الإيديولوجية،
والسياسية، الناتجة عن الاستغلال الأيديولوجي، للأصول المرجعية للدين
الإسلامي، وللهجات الأمازيغية، حتى يمكن استغلالهم، كما قلنا، غير ما مرة، في
العمل على تأييد الاستبداد القائم، أو فرض استبداد بديل. إن لم يؤد ذلك إلى
طوائف اجتماعية، على المستوى الوطني، ليتحول المجتمع المغربي إلى مجتمع
طائفي.
وحتى لا نصل
إلى مرحلة تطييف المجتمع المغربي، نرى ضرورة فتح نقاش واسع حول الأمازيغية،
والأصولية، كمكونين من مكونات الثقافة المغربية، وباعتبارهما موضوعين
للأدلجة، وباعتبارهما منطلقا لطرح مطالب معينة، ووسيلة لتأسيس أحزاب،
وتنظيمات جماهيرية معينة، حتى نقف على مكامن القوة، والضعف في كل منهما،
وحتى نتعرف على خطورة أدلجة كل منهما على مستقبل الشعب المغربي. وهذا النقاش،
يجب أن يكون مؤطرا، ومحدد الأهداف، وفاعلا في الواقع، بما يخدم
توطيد وحدة، وقوة الشعب المغربي.
إني، وأنا
أطرح هذا الموضوع للنقاش، أعلم جيدا أننى لا أثير الفضول، بقدر ما أثير
الإستعداء على أراء في الأصولية، وفي الأمازيغية، كما حصل سابقا، وكما قد
يحصل حقا. وكيفما كان الأمر، فإن شرفي، الذي لا حدود له، يتمثل في توضيح وجهة
نظري عن الأصولية، والأمازيغية، حتى وإن أدى ذلك إلى استعدا، الأصوليين،
والأمازيغيين على شخصي، مما يمكن أن يترتب عنه إيذائي:
فهل تتم
الإستجابة للنقاش الهادئ، والمتأني، لموضوع الأصولية، والأمازيغية؟
وهل يتقبل
الأمازيغيون الاختلاف في وجهات النظر، واعتبارهم مجرد مؤدلجين للهجات
الأمازيغية، التي تختلف تسمياتها؟
وهل يتقبل
الأصوليون اعتبار ما يقومون به، إنما هو مجرد عمل مؤدلج للدين الإسلامي،
لتحقيق أغراض إيديولوجية وسياسية؟
إننا بطرحنا
هذا الموضوع للنقاش، لا نروم إلا خدمة الحقيقة، ولا شيء آخر، والحقيقة
الوحيدة التي تطارد المغاربة جميعا، هي الحرص على وحدة الشعب المغربي، الذي
يحمل آمال عظيمة لأبنائه: أصوليين، وغير أصوليين، أمازيغيين، وغير أمازيغيين،
عربا، وغير عرب، حتى يعملوا على تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة
الإجتماعية، كعناوين كبرى لأحلام الشعب المغربي.
|