تكفير المفكر سيد القمنى أمام
الملايين على الهواء
مجدى خليل
شاهدت الجزء الأول من المناظرة الهامة حول حرية
العقيدة بين المفكر الدكتور سيد القمنى والدكتور سالم عبد
الجليل،وكيل وزارة الأوقاف السابق وأستاذ الشريعة حاليا، على قناة
القاهرة والناس،وادار المناظرة المذيع اللبنانى تونى خليفة.
https://www.youtube.com/watch?v=Odf5TYl-xvA&feature=youtube_gdata_player
لن أدخل فى تفاصيل المناظرة فقد شاهدها الملايين
بالفعل،ولكن ما يهمنى هنا نقاط ثلاثة:
الاولى: أن الدكتور
سالم عبد الجليل أظهر وجهه الإرهابى بوضوح، فقد دعا صراحة أثناء
الحلقة إلى قتل الشاب أحمد حرقان الذى أعلن خروجه عن الإسلام،وقال
سالم عبد الجليل أن أى شخص يقتل حرقان لا يعتبر ذلك جريمة،وهى نفس
الفتوى التى قالها محمد الغزالى ضد فرج فودة،إذ قال أن من حق آحاد
الناس أن يقتله بدون عقوبة لأنه مرتد،ولو حدث ذلك فى أى دولة
محترمة لتم القبض على سالم عبد الجليل فى الحال ومحاكمته بالتحريض
على قتل مواطن مسالم على الهواء أمام عشرات الملايين،أى أن سالم
عبد الجليل اعطى إشارة للمتطرفين، وهم كثرة فى مصر، بقتل الشاب
أحمد حرقان وزوجته التى تؤمن بأفكاره. أما الجريمة الأخرى فقد وصف
سيد القمنى بأنه ملحد آخر وأنه كافر،وهو يعلم أن حكم الكافر واضح
فى الإسلام وهو" إباحة الدم والخلود فى النار، ومدركه شرعى إما بنص
أو بقياس على منصوص" كما يقول محمد عمارة فى كتابه " فتنة التكفير
بين الشيعة والوهابية والصوفية" الذى نشره المجلس الأعلى للشئون
الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف عام 2006،وطبعا الالحاد والكفر لا
يحتاجان إلى قياس ،فعقوبتهما واضحة بنصوص قرآنية صريحة،أى أن سالم
عبد الجليل سار فى طريق محمد الغزالى بالدعوة لقتل سيد القمنى من
آحاد الناس،وهى جريمة أخرى تستوجب محاكمته لو هناك قضاء عادل .
الثانية: تلك هى
المحاكمة القميئة التى قام بها المذيع تونى خليفة للتفتيش فى إيمان
سيد القمنى والإصرار على أن يعلن عن مفردات إيمانه على الهواء
مباشرة( تونى خليفة مسيحى، وهو كافر وفقا لآيات قرآنية صريحة،بل أن
من لا يحكم بكفر اليهود والنصارى فهو كافر بحكم الشرع، ومع هذا
زايد فى نفاق الشيخ على حساب المبادئ والقيم الإعلامية المحترمة
وعلى حساب نفسه ودينه) ،وأمام هذا الإرهاب والإبتزاز والتهديد أعلن
سيد القمنى عن إيمانه برسالة النبى محمد، واقر أنه مسلم صحيح
الإسلام يؤمن بقدسية الوحى ،وأنه حج للبيت مرتين،وكل ذلك لم يشفع
له أمام المناظر الآخر سالم عبد الجليل فأتهمه بالكفر لأنه قال أن
القرآن نص تاريخى.
وهذا يقودنا إلى النقطة الثالثة وهى.
ثالثا:
أن السيد سالم عبد الجليل لم يعلن عن وجهه الإرهابى بوضوح بالدعوة
لقتل مفكر محترم وشاب فى مقتبل حياته،بل أنه أثبت أنه جاهل
أيضا،فسيد القمنى لم ينفى قدسية الوحى ولم ينفى آلوهية التنزيل،بل
كل أجتهاده أن القرآن نص تاريخى،وهو كذلك.فلو لم يكن القرآن نصا
تاريخىا لماذا يؤمن سالم عبد الجليل بالآيات المكية وبالآيات
المدنية؟،أليس هذا تاريخا يعنى أن هناك آيات معينة نزلت فى مكة
وآيات أخرى نزلت فى المدينة؟. إن لم يكن القرآن نصا تاريخيا فلماذا
يؤمن سالم عبد الجليل بأسباب التنزيل؟،وهو يعلم أن هناك آية تبرئ
السيدة عائشة نزلت فى ظرف معين،وآية منع التبنى نزلت فى ظرف آخر،
وهذا يوضح جانبا آخر من تاريخية النص القرآنى.ألا توجد هناك عشرات
القصص والاحدأث التاريخية فى القرآن وفى كل الكتب المقدسة؟،وجزء من
صحة النص الدينى هو قياس هذه الأحداث التاريخية ومقارنتها بما كتبه
المؤرخون الثقأة،ولعل هذه هى محنة كتاب " فى الشعر الجاهلى"،حيث أن
طه حسين شكك فى دقة القرآن تاريخيا من خلال دراسة قضية الشعر
الجاهلى.الا توجد دراسات تاريخية كثيرة عن زمن كتابة القرآن وطريقة
جمعه وحفظه وحرق المصاحف لعثمان،وكيفية وصول النص للمحدثين؟،كل هذه
الأمور وغيرها الكثير جدا تعبر عن تاريخية النص القرآنى.
والقرآن بالذات ليس نصا تاريخيا فحسب ولكنه نص أدبى
نحوى كذلك،ومن يطالع آلاف الكتب العربية يجدها تناولت بلاغة النص
القرآنى من ناحية اللغة العربية،وتمتلئ كتب النحو بأمثلة فى شرح
قواعد اللغة العربية من الآيات القرآنية.
والقرآن أيضا هو نص ثقافى ومنتج ثقافى لعصره، يعكس
صورة للحياة الثقافية فى المنطقة العربية وقت نزوله،وأشياء كثيرة
عرفناها عن ثقافة العرب والبيئة العربية قديما من دراسة القرآن. كل
هذه الأمور يؤمن بها المسلم الفاهم لدينة وغير المسلم الذى درس
القرآن،وهذا يختلف تماما عن الإيمان الدينى عند المسلم بالقرآن
كتنزيل الهى موحى به من الله،فهذا الجانب تحديدا هو جانب عقيدى لا
يمكن أثباته،أما الجوانب الأخرى فهى جوانب علمية يقوم بدراستها
المسلم وغير المسلم.وبهذا أثبت سالم عبد الجليل أنه جاهل بدينه
وبقرآنه الذى يدرسه لطلبته.
لقد ذهب فرج فودة ومن بعده خليل عبد الكريم ثم نصر
حامد أبو زيد ثم سعيد العشماوى ثم جمال البنا ثم حسين أحمد
أمين،ولم يتبقى سوى سيد القمنى كآخر ورقة فى شجرة الباحثين الكبار
فى التاريخ والتراث الإسلامى،وها هو سالم عبد الجليل يفتى بآلحاده
وكفره ،وهى دعوة واضحة لقتله.
ولا مستقبل لدولة يهدد فيها الباحثين والمفكرين
الشجعان، فى الوقت الذى يرفل فيه الإرهابيون والمتطرفون
والتكفيريون فى النعيم وفى كل ملذات الحياة.
|