نهاية بيت العائلة
فى يوم 25 سبتمبر 2010 أصدرت مشيخة الأزهر برئاسة الدكتور أحمد الطيب
(بيانا إلى الأمة) ومما جاء فيه: أن مواطنة المسيحى فى مصر مشروطة
بقبوله بإسلامية الدولة وبأحترام الهوية الإسلامية وقبول سيادة
الشريعة. بعدها بعدة أسابيع، وفى ديسمبر 2010، بدأ الأزهر فى التروييج
لما سماه ( بيت العائلة المصرى)، ومن يقرأ بيان الأزهر إلى الأمة يعرف
توجهات شيخه الجديد وقتها أحمد الطيب وطموحه فى دور ضخم يلعبه الأزهر
فى الحياة السياسية والعامة فى مصر يكون أول ضحايا هذا الدور الدولة
المدنية وغير المسلمين.
من هنا نقول أن تأسيس بيت العائلة كان وراءه فلسفة واضحة لسيطرة الأزهر
على الشأن الدينى الإسلامى والمسيحى من جهة، ومساعدة الدولة فى التهرب
من مسئوليتها تجاه ملف الأقباط من جهة ثانية، وتكريس الحلول العرفية
الكارثية كبديلا عن القانون من جهة ثالثة، ووضع ملف الأقباط فى يد
الدولة الإسلامية العميقة من جهة رابعة، علاوة على كون الملف يدار
بالفعل من الدولة العميقة منذ عصر السادات.
وبالطبع الأزهر، كمؤسسة حكومية يعين شيخها رئيس الجمهورية، قد تناقش مع
مؤسسات الدولة قبل أتخاذ هذه الخطوة. وبدأ بيت العائلة فى ممارسة
مهامه فى بداية عام 2011، وتم الموافقة عليه رسميا فى عهد رئيس الوزراء
المتأخون عصام شرف بقرار رسمى من رئاسة مجلس الوزراء برقم 1279 لسنة
2011 والذى صدر رسميا بتاريخ 12 أغسطس 2011، وقام عصام شرف بنفسه
بزيارة الأزهر فى 13 أكتوبر 2011 ليهنئ شيخ الأزهر بصدور قرار تأسيس
بيت العائلة، وطبعا ينص قرار رئاسة مجلس الوزراء أن المقر الرئيسى
لمؤسسة بيت العائلة بداخل مشيخة الأزهر!!!!!!!!!!!!.
وفى الاجتماع التأسيسى الأول لبيت العائلة اختارت الدولة بعناية
للمشاركة فيه رجال الدين المسيحى المتعاونين مع أجهزتها الأمنية
والسيادية فمثل الأقباط الأرثوذكس الأنبا أرميا، ومثل الكاثوليك الأنبا
يوحنا قلتة، ومثل الأنجيليين القس أندريه زكى....الخ.
وبدأ الدور الكارثى لبيت العائلة يظهر رويدا رويدا، بعد أن شارك هذا
البيت فى تكريس الجلسات العرفية، وفى مساندة الأجهزة الأمنية فى
التواطئ والتستر على المجرمين المعتدين على الأقباط، وفى إذلال الأقباط
بإبتزازهم وممارسة الضغوط عليهم لكى يتنازلوا عن حقوقهم القانونية، مما
يجعل دور بيت العائلة عمليا هو إعادة الأقباط لبعض ممارسات عصر الذمية.
طبعا هناك جرائم كثيرة شارك فيها بيت العائلة مثل الموافقة على التهجير
القسرى، وهى جرائم لا تسقط بالتقادم وفقا للدستور المصرى الجديد، مما
يجعل كبار قيادات بيت العائلة متهمين فى أى وقت تعاد فيه سلطة القانون
إلى مصر.
وبدأ بيت العائلة فى فتح فروع له فى معظم محافظات مصر وفى دول خارجية
مثل انجلترا على سبيل المثال، وبدأ فى عقد أتفاقيات مع مجلس أمناء
اتحاد الأذاعة والتليفزيون للتروييج لأهدافه، ومع وزارة التعليم لتأسيس
جماعات بيت العائلة داخل المدارس، مع العلم أن كل نشاط هذه المؤسسة
يقوم على مصادر تمويل مريبة وغامضة وغير معلن عنها تحت ستار تبرعات.
الجدير بالذكر أنه عندما يكون الجانى قبطيا، فى بعض الحوادث النادرة،
تتم الجلسات للصلح وفى نفس الوقت يتم معاقبة القبطى بأقصى عقوبة فى
القانون واحيانا ما يفوق العقوبة القانونية بكثير. وفى حالة الجرائم
الكثيرة التى تقع على الأقباط يتم القبض عشوائيا على مجموعة من
المسلمين والأقباط، مع ترك الجناة الحقيقيين المعروفين لدى أجهزة الأمن
احرارا طلقاء، ويبدأ مساومة الأقباط على الأفراج عنهم بشرط التنازل
وقبول الصلح العرفى بأشراف ومباركة بيت العائلة وجهاز الأمن........يا
لها من مسخرة حقيرة ومقززة.
من الأمور المريبة أيضا لبيت العائلة الدعوة لجمع تبرعات لترميم دور
العبادة التى تضررت بعد فض أعتصامى رابعة والنهضة ( لاحظ كلمة دور
العبادة وليس الكنائس فقط)، مع العلم أن الدولة المصرية ودولة الكويت
قد اعلنوا عن تعهدهم القيام بهذا الموضوع، وتأتى هذه المبادرة من بيت
العائلة لجمع تبرعات من رجال الأعمال الأقباط تحديدا لكى يقوموا هم
بإعادة هذه الكنائس لحالتها الأولى ، وطبعا مع تحويل جزء لا بأس به من
هذه الأموال للمساجد، وكأنها تضررت هى الأخرى...وفى النهاية تهدف
المبادرة لنفض يد الدولة عن تنفيذ ما التزمت به.
•• لم يذهب بيت العائلة لبنى مزار، للمساعدة فى عودة الاطفال الأربعة
المحكوم عليهم بالسجن نتيجة سخريتهم من داعش، لأهلهم ولمدارسهم، بل
بالعكس يقوم فريق من الأزهر بالتعاون مع بعض الصحفيين وبعض محامى
الحسبة بالتفتيش فى الكتب ومواقع التواصل الاجتماعى لاصطياد كلمة
يرونها إزدراء للإسلام وجرجرة كاتبها للمحكمة. والأزهر هو الداعم الأول
والمساند الأول لعقوبات الحبس فى ما يسمى جرائم إزدراء الإسلام،
والمعترض الرئيسى على إلغاء هذه العقوبة.
•• رفض الأزهر، مؤسس بيت العائلة ، القانون الموحد لبناء دور العبادة
لأنه ضد مساواة وضع المساجد مع الكنائس فى دولة إسلامية. ويحاول الأزهر
ومعه الدولة الإسلامية العميقة إصدار قانون مشوه لبناء الكنائس يتضمن
بطريقة غير مباشرة للشروط العشرة المذلة( بالمناسبة هذه الشروط التى
وقعها العزبى باشا وكيل وزارة الداخلية 1923 جاءته وقتها مكتوبة من
الأزهر وهو مجرد وضع توقيعه عليها).
•• لم يقم بيت العائلة التابع عمليا للأزهر بأى مبادرة بفتح العديد من
الكنائس المغلقة، رغم أن الأقباط لا يجدون مكانا للصلاة فيه، ولم يدين
هجوم الغوغاء على العديد من الكنائس التى بنيت بدون ترخيص أو حتى
بترخيص.
•• لم يتحرك الأزهر وبيت العائلة التابع له بعمل جلسة صلح لقبول
المحافظ القبطى المرفوض فى قنا ولا حتى مديرة المدرسة المرفوضة فى بنى
مزار.
•• لم يدين بيت العائلة قتل بعض الجنود الأقباط فى وحداتهم رغم أنهم
كانوا فى مهمة لخدمة الوطن( 5 جنود قتلوا فقط فى عهد السيسى فى وحداتهم
بدون عقاب أو تحقيق، وذلك بخلاف المقتولين فى عهود أخرى).
واستطيع أن اسرد الكثير من هذا ولكن دعنى اطرح تساؤلات
1-لماذا لا يقوم بيت العائلة بعمل جلسة صلح داخل جهاز المخابرات والأمن
الوطنى والمخابرات الحربية لأقناعهم بقبول نسبة من الأقباط ضمن
العاملين فى هذه المؤسسات؟.
2-لماذا لا يقوم بيت العائلة بعمل جلسة صلح داخل القصر العينى لأقناعهم
بقبول أساتذة أقباط فى قسم النساء والتوليد؟.
3-لماذا لا يقوم بيت العائلة بعمل جلسة صلح داخل وزارة الحكم المحلى
لأقناعهم بأحقية الأقباط فى التعيين كرؤساء للمدن أو حتى القرى؟.
4-لماذا لا يقوم بيت العائلة بعمل جلسة صلح داخل رئاسة الجمهورية
لأقناع السيسى بقبول أقباط فى رئاسة الجمهورية وفى الحرس الجمهورى؟.
5-لماذا لا يقوم بيت العائلة بعمل جهد لتجريم التكفير وما يترتب عليه
من عنصرية وجرائم ضد غير المسلم وضد المسلم المستنير؟.
6-لماذا لا يقوم بيت العائلة بتغيير خطاب الكراهية والدعاء على اليهود
والنصارى فى المساجد والزوايا؟.
7- لماذا لا يقوم بيت العائلة بدعوة جامعة الأزهر بتغيير خطاب الكراهية
الذى يملأ صفحات الكتب الدراسية من الابتدائى إلى الجامعة؟.
8-لماذا لا يقوم بيت العائلة بعمل جلسات صلح داخل نوادى الاهلى
والزمالك وباقى النوادى الرياضية لأقناعهم بقبول أقباط ضمن اللاعبين؟.
9-لماذ لا يقوم بيت العائلة بالتوجه لوزارة الدفاع وأقناعهم بتعيين بعض
قواد الجيش من الأقباط؟.
10-لماذا يقوم بيت العائلة بأقناع الأزهر نفسه بتقديم فقه إنسانى جديد
يقوم على التعايش والتصالح مع العالم المعاصر بدلا من فقه الكراهية
والقتل والدماء والعنصرية الذى يقدمه الأزهر حاليا؟.
الحقيقة لن يقوم الأزهر وبيته للعائلة بأى من هذه الأمور بل أنه قام
باختطاف ثورة 30 يونيه وتقسيم ثمارها بينه وبين الجيش، وهو يسعى كل يوم
لتأمين وزيادة مكاسبه وخططه للقضاء على بقايا الدولة المدنية فى مصر.
حسنا فعل أقباط قرية الكرم بابو قرقاص برفض جلسة صلح بيت العائلة لأنهم
ادركوا أن هذا البيت ليس محايدا ولكن شريكا فى الجرائم ضدهم، ولأنهم
فهموا أن دور بيت العائلة هو تهوين الموضوع بكلمات مزيفة تنتهى
بإجبارهم على قبول الإذلال كنمط حياة.
ولهذا أدعوا الجميع بدفن بيت العائلة تمهيدا لمحاسبته على جرائمه فى
مساندة المجرمين وإبتزاز الضحايا وتخريب القانون وبيع الوهم والأنقضاض
على بقايا الدولة المدنية.
ليسقط بيت العائلة.. ولتحيا دولة القانون.
العلمانية هى الحل |