تحرير الغجر
أم الجليل؟
20/02/2011
إننا في
زمن الانتصارات، لا بل، في زمن الانتصارات الإلهية، و أن قلّة مقدّسة منّا
تغلب الكثرة الكافرة منهم، حجرة مقدسة من أحجارنا تغلب أحدث القذائف
الخارقة الحارقة، و خطابا من خطاباتنا المقدسة يهزّ عروش الإمبرياليين و
الصليبيين، سبّابة من سبّاباتنا (ومسبّاتنا) المقدسة تدكّ قصور الاستكبار
الغربي دكّا، دولابا من دواليبنا المقدسة يطيح بِ نجمة داوود إلى الهاوية.
هذا هو
الزمن الوهمي الذي ما زلنا نعتقد بأنه مستمر إلى يومنا هذا، و أننا مستمرون
بِ صنعه هنا و في جغرافيات أخرى من سطح هذا الكوكب، زمن الثورات البلشفية،
الكوبية، زمن الثورات الشافيزية و النجادية و الحزبلاوية ( حزب الله )، زمن
ثورات الشعارات المقدسة، المؤدلجة و الغرائزية، زمن ثورات الصراخ و الزعيق
و الشتائم، زمن ثورات النفاق السياسي و الدجل الأخلاقي و التقية السماوية.
هناك
غليان في هذا الشرق المستبد، لقد انطلقت فقاعتان فقط ( إلى هذه الساعة) من
الفقاعات الاثنتين و العشرين، التي تغلي و تكبر في عمق هذا المرجل، انفجرت
الفقاعتان و أخرجت الأكسيجين المخزون فيهما لِ يتنفس الشعب الذي كاد أن
يختنق من كثافة التلوث. إن ما حصل في تونس و مصر، يدخل في حقل الفعل
الإنساني الراقي، إذْ أن هذه الشعوب التي تحسست كرامتها الإنسانية
المهدورة، و استفاقت للدفاع عن آدميتها، راحت تكنِّس بيوتها و قصورها و
ساحاتها، و تكتب اسمها في سجل الشرف الإنساني، إنهم أرسلوا رؤساء العصابات
الوطنية إلى الغابات لِ جمع الحطب وقودا لِ استمرار غليان مرجل التقطير و
الفلترة لِ تنطلق الفقاعات تباعا، هذه الفقاعات سوف ترمي بِ كلِّ الشعارات
الثوروية و الثورجيين، و بِ كلِّ الخطاب الأصفر المسلول المقرف، المقزِّز
لِ النفس و العقل البشري، و بِ نظريات التخوين لِ كلِّ من يختلف مع الطغاة
و المستبدين و أزلام عصاباتهم الإرهابية، سوف ترمي بِ ثقافة الكراهية و
القتل و الحقد و العنصرية، ثقافة الظلام و الغرائز، سوف ترميها في صحارى
موسى والأفاعي الصفراء المرقَّطة.
هاتان
الفقاعتان مَّزقتا جلابيب الطغاة و الفاسدين المفسدين، منهم مّن لفظهم
المرجل، و منهم مَن ينتظر دوره لِ قفزته الأخيرة، أظهرتهم بِ سراويلهم
المزركشة، جعلتهم مهزلة و مهرّجين على المستوى السياسي و التنظيري و
الثقافي و الأخلاقي. شاهدنا و سمعنا مواقف و تصريحات حول ما جرى في تونس و
مصر، فَ هناك بعض الأنظمة هلَّلت و باركت، و بعضها الآخر تعاطفت مع
النظامين و الرئيسين المخلوعين. نحن يهمنا النفاق و ازدواجية المعايير في
هذه المسألة، فَ الذين رحَّبوا و باركوا لِ ثورة الشباب في البلدين، قمعوا
و قتلوا شباب الثورة في بلدانهم، و هناك مَن اعتبر ما حصل، و خصوصا في مصر
بِ أنه ثورة ضد الطغيان و الظلم و العمالة، و أنَّ من حقِّ الشعوب أن
تتظاهر و تثور بشكل سلمي، لكن المفارقة هي في أن نفس هؤلاء ندَّدوا في ما
حصل في إيران، و اعتبروهم و يعتبرونهم عملاء لِ الخارج، أيْ عملاء لِ أعداء
الثورة، و لِ الإمعان في تحقيرهم و تهويل احتجاجاتهم السلمية راحوا
يتهمونهم بِ التآمر على نظام جمهورية ولاية الفقيه و يطلبون إعدامهم: يا
سلام؟؟!!!
إنها قمة المهازل، و أسخف أدوار التهريج. في حالة تونس و مصر يرون أنَّ
الشباب و التظاهر على حق، أما في طهران فَ الشباب و المحتجين هم عملاء لِ
الصهيونية.
كيف لأ، و
النظام الإيراني يخطط و يجاهد كي يرمي دولة إسرائيل (بِ ما و مَن عليها و
فيها) في البحر، إنه يطْبِق الخناق على دولة العدو، فَ حزب ولاية الفقيه في
لبنان يكنز المزيد من الأسلحة في مستودعاته، و يعيد إحصاء عدد صواريخه
العابرة للقارات بين الفينة و الفينة؛ أربعين ألف، ستين ألف، سبعين
ألف،...، و يعيد رسم استراتيجية احتلال دولة إسرائيل، فقد صرَّح الجندي في
ولاية الفقيه، السيد حسن نصر الله ( كما يقول هو، بفخر و اعتزاز ) بأنه قد
يصدر أمرا لِ مقاتلي، أو بِ الأحرى، لِ مجاهدي ولاية الفقيه في فيلق لبنان،
بأن يسيطروا على الجليل!!!.
إن السيد
حسن نصر الله يتمتع بِ خفة دم و روح الدعابة، و خاصة حين يخطب في جمهور
السلاح، فَ بالتأكيد كان السيد يمازح المشاهدين و المستمعين في هذه
المسألة، و ذلك لِ الترويح عن أنفسهم، فَ النكتة واضحة و مضحكة فعلا، لأنه
قال ما قاله و هو في أحد أقبية معسكراته المنتشرة في الجنوب، و بالطبع
بعيدا عن الحدود، لأن القرار/1701/ جاء بِ قوات دولية تفصل بين الجنوب و
إسرائيل، و نفس ذاك القرار أبعَدَ مجاهدي الحزب و سلاحه المقدس عن الأسلاك
الشائكة، و حرَمَهم ليس فقط من رمي حجر على الصهاينة، و إنما حَرَمَهم من
إلقاء نظرة صوفية حاقدة على بني صهيون، أولاد العم، و الخال، من تخوم قريظة
و قينقاع.
إننا
نصدِّقكَ يا قائد الفيلق اللبناني كي لا تستفيق غدا و تقول( كما قلتَ في
ملحمة تموز عام 2006 :" لو كنتُ أعلمُ..." ): لو كنتُ أعلم بِ أنَّ الجليل
تقع في إسرائيل، لَ ما أصدرتُ الأمر لِ المجاهدين... فَ لماذا لا تحرِّر
قرية الغجر قبل الجليل يا قائد المقاومة الإسلامية؟! |