دور ميشال عون في استكمال الانقلاب على الدولة اللبنانية!
تحليل من ثلاث أجزاء
الجزء الثاني
16
يناير 2011
نتابع ...الجواب
4)
شجاعة قصوى من هذا القائد السابق لجيوش لبنان
ضد الاحتلال السوري ثم حزب الله طوال اكثر من عقدين من الزمن،
والذي فاقت شجاعته كل حد بتنازله عن حقوق وطنه في محاسبة النظام السوري
ومقاومة حزب الله عما اقترفت أيديهم وما أنزلته من كوارث على شعب هذا
الوطن، إذ أن الفرقاء الآخرين لا يرغبون في التصدي الفعلي للمؤامرة
(الأمريكية الصهيونية) التي تعمل عليها المحكمة لتنفيذ العدالة على من
اغتال رجالات لبنان وفي مقدمهم رئيس حكومته؟
إنها لعبة سورية مكشوفة تماماً تقول:
نرمي ثقل مهمة الخلاص من المحكمة على حزب الله من خلال التملص
من الاتهام المباشر، وحزب الله يلقي ثقل المهمة المرعبة على عاتق من
يدعي زعامة المسيحيين المعارضين، وإذا فشل هذا الأخير وهو لن يفشل ولو
كلفه ذلك جرّ أتباعه من المسيحيين المغبونين إلى المشاركة في مواجهة
يخطط لها الأطراف الثلاثة..
إذن،
تحركات الفرقاء الثلاث تتمحور حول إلباس زعيم الرابية طربوش العناد
والمعاندة ووضعه في مواجهة الداعمين للمحكمة بخاصة المسيحيين منهم؛
إنها الكأس التي يشربها هذا الزعيم حتى الثمالة ( تُُحرَّم الخمرة على
الآخرين ) فيختمر بسكرة الانتصار ويسيل لعاب الآخرين لاعتصار الاعداء
بخاصة المسلمين السنة منهم بيد مسيحيين.. إنه العهر السياسي القاتل
لكافة القيم الانسانية والوطنية!
لعبة ميكيافللي والنظام السوري وغباء زعيم الرابية!
هو
وحده زعيم الرابية، حامل السلم
بالعرض، والناطق باسم الجميع عندما تحزّ المحزوزية. وحده القادر على
اتخاذ المواقف الجريئة ضد دولته وحكومتها وهو فيها. وحده الذي لم يصبهُ
من الاغتيالات صائبة، والحمد لله، وليس مِن المهم إن كانوا من
غير عشيرته السياسية وإن كانوا لبنانيين، مسيحيين أو مسلمين سنة، فلقد
سبق أن أهرق الكثير من دماء هؤلاء وأولئك أثناء تولّيه رئاسة الحكومة
المؤقتة والمبتورة.. إنها الميكيافللية في أبهى مظاهرها يقودها النظام
السوري في مقابل غباء سياسي منقطع النظير عند مدعي الزعامة هذا!
إنه غريبٌ ومستهجن إصرار هذا الزعيم على إدارة اللعبة السياسية عن مَن
هم أحق منه فيها! لكن لا غرابة، فقد سبق أن أدارها عنهم في مرحلة سابقة
ونجح أيّما نجاح حيث فرض، في الدوحة، وجوده القوي في السلطة، فِلما لا
تأتي نتائج هذه المرّة أيضاً، بما تشتهي سفن الحلفاء ويحقق حلم خريف
العمر قبل دخول شتائه..
المثير للإهتمام حقاً هو التوتر الغريب الظاهر في تصرّف هذا الزعيم
الأريَب في مسارعته في الدعوة لعقد جلسات مجلس حربي مفتوحة لقادة
المعارضة واللافت أن أحداً من كبار القادة في المعارضة لم يكن موجوداً
سوى الزعيم الشمالي.. إنه تهافن غير مسبوق إلى حلبة مصارعة يظنها ممهدة
بالرمل الناعم وغير مدرك خطورة اللعبة واللاعبين!
... . ...
إنقلاب إلى أين؟
هل
يتصوّر القائد الظاهر للانقلاب، زعيم الرابية، أن حلفاءه الثلاث
سيقدمون له من الصلاحيات، فيما لو تسنى له تبوء رئاسة دولتهم، أكثر مما
أعطى هو الرئيس الحالي منها، أم أنهم سيُجَدْوِلون تحركاته وتصرفاته
ويلبسوه عمامةَ بلون االبرتقال الصيداوي الذي سيصبح، بفضله، اللون
الخاص برئيس لبنان، أم لعله يتخلى عن صفة ماروني فيتحول عنها إلى صفة
رئيس جمهورية المقاومة.. ليس لدينا أي شك في حصول هذا التحوّل فيما إذا
حتَّمَت ذلك ظروف الانقلاب!
السؤال الكبير
من
باب الحيطة والحذر لخطأ فهم هذه النقطة من تحليلنا، نؤكد عدم طائفيتنا
في المعالجة بل اعتمادنا الشفافية المطلقة في تبيان الحق الانسان
اللبناني وحده في المعرفة –
اقتضى التنويه..
... . ...
لماذا يسارع زعيم الرابية رمي صنارة صيده ويتزعَّم حركة الانقلاب
السياسي على الدولة عوضَ جزب الله والنظام السوري أو حتى النظام
الايراني، في الوقت الذي لا ناقة له ولا بعير في القرار الإتهامي وهو
غير ضالع حتى الآن في الجرائم التي تحقق فيها المحكمة الدولية.. وكان
الأولى به الانكفاء عن مثل هذا التحرك الانقلابي والاكتفاء بالدعم
المعنوي لحلفائه دون الانجرار إلى مواقف لا مصلحة له أو لتياره الوطني
الحر في اتخاذها؟
... . ...
هل
حقاً يغامر زعيم الرابية بكل شيء مقابل الوصول إلى كرسي ما يُسمّى كرسي
رئاسة أم أن هناك رعبٌ مقيم في نفسه من محاسبة سيتعرض لها في حال تخليه
عن حلفائه المحلّيين والاقليميين، وما هو ثمن
الهروب وما هي هذه المحاسبة؟
الجواب الأول:
جاوبنا سابقاً في استرجاع حيثيات تصرفاته الرامية الوصول إلى سدة
الرئاسة بأي ثمن وبالتالي لم نجد مبرراً واحداً يدفع به لاتخاذ تلك
المواقف؛ لذلك نرى في تصرفه الآن قد يجر إلى مذبحة كبرى، لا سمح الله،
إذا ما داومَ على انتهاج سبل الهجوم والاستفزاز مع فريق مسلم اتخذ
ولاية الفقيه شعاراً له وهو حليفه ضد فريقٍ مسلم آخر
يتخذ شعار لبنان أولاً ومتحالف مع فريق مسيحي أساسي كانت له
جولاته الوطنية ضد حلفائه الحاليين..
ونتساءل عن أعضاء تياره وتكتله، ما هي المكاسب التي يجنونها في حالتي
اربح والخسارة بين الأخوين المسلمين، اللبناني والفقيهي، هذا إذا كانت
لديهم أي حسابات لربحٍ أو خسارة؟ أما إذا أتانا الجواب العهود: أننا
مخلصون لتعهداتنا ولن نتخلى عن حلفائنا، فيكون جوابنا: بئس الإخلاص هذا
الذي يقوم على سفك الدماء البريئة دفاعاً عن دماء مجرمين وجبت
معاقبتهمونضيف: هل تحسبون تخلي زعيم الرابية عن تعهداته إلى اللبنانيين
وتركه جيشهم الوطني في مهب الرياح العدوة وهربه إلى السفارة الفرنسية،
إخلاصا؟ ً
ونزيد أمن أجل رفعة شأن رجلْ واحدٍ بينكم تضحون بدماء اللبنانيين،
مسلمين ومسيحيين؟ بل وأين القضية التي من أجلها تضحون؟ ثم: وأنتم في
معظمكم مسيحيّون: كيف وبأي وجه تقابلون وجه أخوةٍ لكم في الوطن،
مسيحيين أو مسلمين وكيف وتحت أية شعارات إلى المسيحيين منهم ستعودون،
أم لعلكم، زرافاتٍ إلى تهجيرهم ساعون؛ وتحت أية عناوين إلى المسلمين
منهم سترجعون أم أنكم في إقطاعية حلفائكم ستعتزلون؟ تحضروا إذاً منذ
اليوم إلى اكتساب صفة المسيحية المعتزلة!
يصيبنا السأم المجبول بالمرارة مما نرى ونسمع عن استهتاركم بكل القيم
الانسانية والاجتماعية وخاصة الوطنية في سبيل أهدافٍ أنتم فعلاً لها
غافلون ويصيبنا الاشمئزاز من فقدان ذكاء لم يعد ليُبدِع في سوى اختلاق
الحجج والأكاذيب التي تبيح لكم كافة المحرمات لتحقيق مطامح من أنتم
تركضوا خلفه لاهثون!
الجواب الثاني: استطرادي،
نرى الآن إلى استنتاج مرعب نتمنى عدم صحته هو ثمن الانقلاب يأتينا
الوحي فوراً من أن بعض بنود العهد السوري لعودة زعيم الرابية يتضمّن
قطب مخفية لمعلوماتٍ ما جديرة
باهتمام النظام السوري بهذا الزعيم الذي صب اتهامه المباشر لهذا النظام
من على شاشة التلفزيون الفرنسي في اغتيال رئيس حكومة لبنان. من هنا
كانت مسارعة رئيس هذا النظام إلى أيفاد مبعوثين إلى هذا الزعيم الذي
يعلم سرعة انزلاقه لتقديم تفاصيل ضافية عن اتهامه له في محاولة ناجحة
تماماً في أقفال أبواب بوقه الصحافي واحتضانه ثم تجديد وعوده أبيه في
تحقيق حلم لا زال يراود خيال هذا الزعيم منذ اجتماعه باللجنة العربية
السداسية في تونس إلى قيامه بحرب الإلغاء ضد المقاومة اللبنانية..
فهل كان اتهامه ذاك للنظام السوري فاتحة دخوله نطاق الاستراتيجية
السورية وكان سبباً في احتضانه لاحقاً وبالتالي هو اليوم سبب فرضه
زعيماً على معارضة يقودها حزب الله عسكرياً ورئيس مجلس النواب سياسياً
وبهذا يصبح الجميع في سلة اتهام واحدة يضاف إليها العنصر الايراني
الرامي زعزعة الإسلام العربي لصالح ولاية فقيهه وسعيه إلى نشر أسلامه
الخاص ودولته الخاصة في العالم.. إنها أحجية سوف يأتي يومٌ ربما كان
قريباً يتبيّن بعده الخيط الأبيض من ذاك الأسود ويعلم اللبنانيون،
مسلمون ومسيحيون إلى أي منزلق يقودهم هذا الزعيم، دون أدنى وعي سياسي
منه حتى الآن..
ينتابنا في الواقع أملٌ في ألاّ تكون توقعاتنا واستنتاجنا في محله
وإلاّ كانت الطامة الكبرى وكانت مساهمة هذا الزعيم ضربة قاصمة تصيب
الوطن بمسيحييه ومسلميه، من أصحاب الشعار الوطني الكبير الذي بات الكل
يدافع عنه، جرّاء جزل زعيم الرابية وغزل النظام السوري وحلفائه! وماذا
لو كان لهذا الزعيم ضلعاً أو حتى اضطلاعاً على بعض اٍسرار مؤامرة
الاغتيال؟ ألا تحسب له شهادة زور في حق الوطن؟
... . ...
الجواب الثالث أي ثمن الهروب من الحاسبة، فنضعه ضمن الجزء الثالث من
هذا التحليل..
|