احتضار
الاسلام وصحوة الموت ـ سوريا نموذجا
شهد القرن العشرون ثورة اقتصادية اجتماعية هامة في المنطقة العربية وذلك
في عقده الخامس وحتى منتصف السبعينات ولعل ابرز الدلائل على ازدهار هذه
المرحلة هو
تحرر المجتمع والمراة من اثمال التخلف الاجتماعي والديني والذي نرى شواهده في
تسجيلات الحفلات الغنائية و الأفلام والريبورتاجات التلفزيونية بحيث يمكننا
أن نقول
أن المنطقة عاشت عصرها الذهبي لبرهة من التاريخ وأثبتت أنها يمكن أن تكون
جزءا من
منظومة الحضارة قبل أن يرتد عليها التخلف الإسلامي ليجعل هذه الفترة الماضية
حلما
من جديد ربما نحتاج إلى مئات السنين لتحقيقه
ثم دخلت المنطقة الحرب الطائفية في
منتصف السبعينات في لبنان أولا ثم وفي نهاية السبعينات في سوريا بين تنظيم
الإخوان
المسلمين السني وبين الدولة السورية المرتكزة على أقلية علوية والتي استطاعت
أن
تستفيد من هذه الحرب لتكرس نظام طائفي يغطي دولة مافيوزية تستغل كل الشعب
السوري
بما فيهم العلويين أنفسهم، ثم كانت حرب الجزائر التي نقلت الحرب الطائفية
نقلة
نوعية إلى الأمام، فبعد أن كانت في سورية بين السلطة والإخوان انتقلت في
الجزائر
إلى المدنيين الأبرياء، ثم لتأتي النقلة النوعية الأبرز في العراق حيث انه
دخل في
مستنقع أسن من المأساة يتمثل بالقتل على الهوية والتطهير الطائفي
ما هي
أسباب هذه الردة الدينية المعاصرة أو الصحوة الدينية كما يحلو للإسلاميين أن
يدعوها
*انهيار
الاتحاد السوفيتي والأحزاب الاشتراكية والشيوعية في العالم ومنها
العالم العربي
*ارتفاع
أسعار النفط والعائدات الكبيرة التي تستغلها الوهابية
السعودية في دعم ونشر الفكر السلفي التكفيري
*أخطاء
استراتيجية عالمية تمثلت في
دعم حركات سلفية كبن لادن في أفغانستان لأسباب سياسية
*تطور
وسائل الاتصال وخاصة
الانترنت ما أدى إلى انتشار الفكر السلفي الوهابي بحرية وتشكل ما يشبه
تنظيمات
عبرها تبادل الأفكار التحريضية واليات الفعل الإرهابي
*واعتقد
أن السبب الأكثر
أهمية وهو محور حديثي هو انهيار البرجوازية الوطنية بفعل التأميم الاشتراكي
اللصوصي
في ثلاثة دول عربية محورية تقود وتوجه المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا هي
سوريا
والعراق ومصر
ففي سوريا وبعد ثورة آذار البعثية الاشتراكية ظهر تياران
يميني ويساري في الحزب نفسه وينتهي الصراع بينهما بانقلاب حافظ أسد اليميني
عام 1970
ليستطيع خلال عدة سنوات أن يحول كل منجزات البرجوازية الوطنية السورية لصالح
فئة من اللصوص هم ركائز حكمه القمعي الذي تخبأ وراء ستار طائفي علوي نهب بجوع
شديد
الأخضر واليابس وبدون حياء، وقد حاولت هذه البرجوازية المنكوبة استعادة
مواقعها
ولكنها للأسف ركبت الموجة الخطأ وفشلت، أي حاولت العودة عبر الإخوان المسلمين
وهذا
خطأ قاتل ارتكبته وما تزال، لماذا؟؟
إذا كان التصنيع و مراكمة راس المال والسوق
الواسعة المستقرة وتوفر القدرة الشرائية والتوسع الأفقي بمشاريع جديدة
والعمودي
بجودة المنتج لضمان المنافسة والانتشار عالميا هي ركائز في تطور أي برجوازية
وطنية
وبالتالي تحقيق نهضة اقتصادية تقود إلى نهضة اجتماعية، فان الإسلام السياسي
هو معوق
كبير سيمنع ويخنق كل هذا لماذا أيضا؟
لأنه ومنذ 1450 سنة لم يهدأ الصراع الطائفي
لحظة بحيث أن القتل والذبح المذهبي هو خبز يومي رافق حكم الإسلام
وحتى اليوم بحيث
أن ما يحدث في العراق ليس إلا صورة مصغرة لما كان يحدث، لماذا أيضا؟ لان
الإسلام
يمثل نمط من العلاقات البدوية فكرا وأسلوبا أي انه لا يستطيع أن يخرج من هذا
المستنقع لان التاريخ تجمد بالنسبة للمسلمين قبل 1450 عام وبالتالي لا يستطيع
تقبل
أو إنجاز مستحقات الانتقال إلى الحالة البرجوازية كتحرير المرأة والليبرالية
مثلا،
بل على العكس هو عائق كبير بوجهها، لذا فان اعتماد أي آلية تغيير مجتمعية
إسلامية
الطابع في مجتمع متعدد الاثنيات سينتهي حتما إلى الصراع الطائفي وبالتالي فقد
الأمن
وتجزؤ الدولة وفقد القدرة الشرائية... الخ وبما أن راس المال جبان فان الهرب
أول
طرقه في الأزمات، لذلك فان عودة سوريا إلى موقعها يتم عبر شخصيات وطنية مثل
رياض
سيف وليس عبر امثال البيانوني، نحتاج إلى وطنيين مثل بسمارك وليس لائمة
مساجد. وهنا
يجب أن تتحمل البرجوازية الوطنية مسؤوليتها التاريخية بقراءة الأحداث
والتاريخ جيدا
وعليها أن تعرف أي حصان أصيل سيوصلها إلى موقعها السابق لتقود ثورة حقيقية في
سوريا
تتفوق على المثال التايواني والفيتنامي لوجود الكفاءات العلمية العاطلة عن
العمل
بوفرة والتي تنتظر فرصة تاريخية، ولوقوع سوريا في قلب الأسواق العالمية
ولتاريخ
البرجوازية الوطنية الصناعي العريق وخبراتها المتراكمة وعبقريتها المذهلة رغم
كل
هذا الحصار الذي تواجهه ولتفوقها في صناعات مهمة عالميا مثل الفولاذ والحرير
والأقمشة والألبسة، وبالتالي فان تقدم سوريا متناسب طردا مع ابتعادها عن
الإسلام
السياسي، إلا إذا كان البعض يعتقد أن دولة من نمط الصومال أو أفغانستان تطبق
الشريعة الإسلامية بكل سخافتها وتخلفها هو الحلم، فبؤس هذا الحلم عندها
أما إذا
اختارت هذه البرجوازية المراهنة على الإسلاميين فإنها ستكون كمن يلعب الروليت
الروسي لكن بمسدس مليء بالطلقات، لان صعود الإسلاميين إلى الحكم سيقود عاجلا
أم
أجلا إلى تفجير الصراع الطائفي أو بالعدوى من الجوار وبالتالي حالة من عدم
الاستقرار في أحسن الأحوال أو إلى حالة انفجار طائفي مذهبي كالحالة العراقية،
وبما
أن انقسام العراق عاجلا أو آجلا وإعادة فرز جغرافي طائفي، شيعي، سني، مسيحي،
كردي
سني..الخ ستكون الحل في النهاية، فعلينا في سوريا أن نتهيأ مستفيدين من الدرس
العراقي فعندما يصبح الذبح على الهوية فلا مكان للوطن و المزايدة بل للحياة
والبقاء، ولا يجب أن ننتظر موت مئات الآلاف من أبنائنا بل يجب أن تكون ذهنية
لاعب
الشطرنج حاضرة بالتحضير لمئات الاحتمالات، وأحدى هذه الاحتمالات البغيضة
والتي لا
نحب والتي لا نحب ألف مرة هي إعادة رسم خريطة سوريا بجغرافية طائفية فكما
يوجد قبرص
للأتراك المسلمين وقبرص لليونان المسيحيين فان الجغرافية ستسمح بفدرالية
طوائفية
بأحسن الأحوال من الأديان والطوائف المسالمة المنفتحة والتي هي اقرب لكيانات
اجتماعية أكثر منها دينية أي مسيحية علوية إسماعيلية درزية مرشدية.. الخ، او
حتى
دويلات طائفية علوية، إسماعيلية، مرشدية في الساحل السوري، مسيحية في لبنان،
درزية
في جنوب سوريا وجبل لبنان والجولان، مما سيؤدي إلى عزل سورية السنية في
الداخل
والتي ستتحالف مع سنة العراق وربما الأردن والخليج لمواجهة التحالف الشيعي
العراقي
الإيراني وبالتالي مشروع حرب دينية دائمة تقود أطرافها إلى الجحيم، إلى
النهاية
ويعود الصراع إلى أيام صفين والجمل، ولكن هذه المرة ليقضي على الفريقين وخاصة
إذا
ما استخدمت إيران قنبلتها النووية، أما من بقي حيا فانه سيهجر طوعا كل هذا
الهراء
المحمدي، أما الفيدرالية أو الدويلات الطائفية فإنها ستحظى بدعم عالمي لأنها
ستشكل
عامل استقرار في المنطقة، وستندفع للامام عبر عوامل قوتها الاقتصادية مثل
الأمن نعم
الأمن والصناعة، لبنان مثلا، والزراعة وموارد المياه والسياحة، فمثلا يزور
دولة
صغيرة جدا مثل قبرص مليونان ونصف سائح؟؟؟
وقد كان مقررا أن يزور لبنان هذا الصيف
مليون ونصف سائح قبل نطحة حسن نصر الأخيرة بخطف جنديين إسرائيليين
هذا من جهة
إقليمية أما من جهة عالمية فان الحرب على الإسلام ستتطور عالميا وسيشمل جزء
من
محاورها المتوقعة ما يلي
مراقبة الانترنت وحجب كافة المواقع الإسلامية
المتطرفة
الانتقام و ردات فعل من قبل أهالي ضحايا العنف الإسلامي واستهداف مواقع
إسلامية حساسة والقيام بعمليات إرهابية مضادة قد تكون قد تكون اشد إيلاما من
العمليات الإرهابية الإسلامية، فكما لا يخلو شهر من مجنون يهاجم الأقباط في
مصر
مثلا فان لضحايا الإرهاب الإسلامي بواكي أو مجانين ومن الطبيعي أن يلاقي
الفعل رد
فعل قد يكون اعنف
وقف الهجرة الإسلامية الى الغرب وتعقيد شروطها وانتقائيتها
والتأكيد على اندماج المهاجرين في المجتمع، وإلغاء كافة الامتيازات الدينية
للمهاجرين والالتزام حصرا بالقوانين المدنية من مثل انتشار قرار منع الحجاب
في عدة
دول أوربية
سيكون النكوص عن الإسلام نتيجة طبيعية ورد فعل تجاه كل هذا التخلف
والقتل والضياع الذي سيرفق عدة تجارب فاشلة جدا للإسلام السياسي
أمام
كل هذا
نقول بصراحة إن الإسلام يعيش صحوة الموت وهنا نعود ونؤكد على دور البرجوازية
الوطنية السورية بصفتها القادر الوحيد على الخيار بين وضع المجتمع السوري في
منظومة
الحضارة بالتوقف عن تجميل هذا المسخ المسمى بالإسلام السياسي، أو الانتحار
ودفع
المجتمع إلى التقسيم الطائفي محكوما بصراع البقاء، وفي الحالتين سيسير
الإسلام
السياسي إلى حتفه مع فارق في الزمن والتضحيات |