الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

 القوات اللبنانية

اقرأ المزيد...

 


 

استشراف مستقبل لبنان: الحرب أم السلم؟ [4]

عزيز: السياسة السورية تريد زرع الخوف والرعب

جعجع مفتاح التغيير وصورة 'حزب اللـه' لا تزال 'تنقّز'

الإثنين 24   كانون الثاني  2005

كتبت هالة حمصي

عندما يُسأل "قواتي" ممن اعتنقوا الكلمة والقراءة والتحليل عن المخاوف من الحرب وامكان وقوعها في لبنان مستقبلا، فان كل اهوال الحرب الماضية ودمارها تمثل امامه والذاكرة لا تخون. "يجب الا يقاتل المسيحيون مجددا"، يقول عضو "لقاء قرنة شهوان" وتيار "القوات اللبنانية" جان عزيز. و"شبح" الحرب الذي يمهد له البعض هو مجرد "هاجس" في نظره ويضيف: "كي نفهم ما يقوله اركان السلطة، علينا ان نرى ماذا تريد السياسة السورية في لبنان. فهي تريد زرع الخوف والرعب على ثلاثة محاور، لكنها محاور فاشلة".

عملية فحص الواقع المسيحي تقود عزيز الى "حال الاستقالة والهروب من الذات التي يعيشها المسيحيون"، فرد فعلهم "لم يكن من عام 1990 بقائيا كما كان عام 1975، انما هروبيا على طريقة الهجرة او الانعزال والانزواء والانكماش". ويرد على مسوقي فكرة الحرب: "المسيحيون ليسوا في وارد حمل السلاح. ولا خطر من ان يعمدوا الى ذلك، بل هناك خطر من ان يغادروا. وقد يكون هذا اسوأ".

مواقف عديدة يخلص اليها فهو يعتقد انه "باطلاق (قائد القوات) الدكتور سمير جعجع، قد يتحول رد فعل المسيحيين من هروبي الى بقائي". فالقائد المسجون هو "مفتاح تغيير الوضع". ولا يخفي الفزع المسيحي من سلاح محلي واجنبي، "فرغم المحاولات التي بذلها حزب الله، لا تزال صورته في الشارع المسيحي "منقزة"، والاطمئنان النهائي الى وجود سلام يقتضي نزع السلاح. وهذا امر يجب ان نصل اليه، على امل ان يكون ذلك قريبا".

دروس الحرب كثيرة وطبعت مسيرة "القوات". واذا كان عزيز يرى انه "سؤال" من المبكر الاجابة عنه"، الا ان ذلك لا يمنعه من التحليل والتنبيه، "فالاخطار لا تزال موجودة، وهي على مستويي الوجود المسيحي والرسالة المسيحية، واليوم، لم يتم استعادة صورة الوجود والرسالة المسيحيين في لبنان، ولا بد من اعادة اعطاء هذا المعنى الحقيقي لقضيتهم بمعزل عن السلطة".

 بعد مقابلات عدة عرضت وجهات نظر السلطة و"حزب الله" والحزب التقدمي الاشتراكي، تدلي "القوات اللبنانية" برأيها في "استشراف مستقبل لبنان" عبر حوار مع عزيز:

* كيف تستشرف مستقبل لبنان؟

- المسألة معقدة. ففي التشخيص الاكثر جذورية وعمقا للقضية اللبنانية، نجد مشكلة متراكمة على مستوى ثلاث دوائر، الاولى دائرة الفرد بجماعته الوطنية حيث تبرز مشكلة تخلف الثقافة السياسية. والثانية الدائرة الاوسع التي هي لبنان الكيان والدولة حيث تبرز مشكلة علاقة الجماعات اللبنانية بعضها ببعض، والثالثة دائرة اكثر اتساعا هي دائرة علاقة لبنان بمحيطه. الحل الذي ارساه اتفاق الطائف ولم ينفذ وتم الانقلاب عليه اوجد نوعا من الحلول الوفاقية على طريقة التسويات. ثم اتت الامور الواقعية من خلال الزلزال في المنطقة منذ عام 1990 لتطيح حتى بهذه التسويات الجزئية، مما ادى الى استمرار المشكلة وتفاقمها واستعارها. ومن هذه الناحية، نرى ان استشراف المستقبل قد يكون معقدا وغامضا، لئلا اقول متشائما وملتبسا.

انما من ناحية اخرى هناك التطورات الدولية التي تحاول في شكل اساسي ان تؤشر الى نظام عالمي جديد، حيث الجماعات هي العنصر المؤسس الجديد. نحن في عالم زالت فيه القوميات والايديولوجيات الشمولية. وهناك توجه عالمي جديد نحو نظام قائم على التوازن بين هوية الجماعة وتعاونها مع الجماعات الاخرى. وهو انتاج العولمة بخلاصتها الصيرورية، اذا لم تكن الكينونية، لان العولمة اتت من حاجة الفرد واحساسه بعدم الوفرة الاقتصادية والمادية، وبالتالي حاجته الى الآخر. انفتاح الفرد على الآخر اعطى الانطلاقة الاولى لعملية العولمة. وفي مرحلة وسطية من هذه الانطلاقة، احس كل فرد ان انفتاحه على الآخر يفقده خصوصيته وهويته الذاتية. في هذه المرحلة، حصل ارتداد من الآخر على الذات، وكانت مؤشراته الصراعات الاتنية على مستوى كل العالم بعد سقوط الامبراطوريات. ويجب ان تصل حركة الانفتاح والارتداد الى مرحلة من التوازن عنوانها هوية الجماعة وانفتاحها على الآخرين وتعاونها معهم.

* تكلمت على العولمة والحاجة الى انفتاح الجماعة على الآخرين، فهل هذا يعني تغييرا في "العقلية القواتية"، وخصوصا ان المسيحيين خاضوا حربا للدفاع عن هويتهم ووجودهم وتشكيل دولة لهم؟

- (مقاطعا) ليست هذه هي الاهداف، ويجب ان نحدد المنطلقات من اجل ان نعرف الاهداف الحقيقية. كانت هناك ثلاثة منطلقات: الاول ايماني يتعلق بنظرتنا الى المسيحية كرسالة شاملة، وهناك منطلق تاريخي يتعلق بالنظر الى التجمعات الدينية في الشرق الاوسط عموما، اضافة الى منطق سوسيو سيكولوجي يتعلق بتأثير الفكرة اللبنانية في سلوك الجماعات السياسية. ومن هذه المنطلقات، يتبين لنا ان لبنان مكون من جماعات. لذلك كان هدف كل نضالنا وصراعنا الحفاظ على امرين: الوجود المسيحي والرسالة المسيحية، وهي رسالة حضارية ثقافية وايمانية شاملة. ومجموع الوجود والرسالة هو الذي يشكل ما نسميه الحضور المسيحي. وكي نفهم المشروع الذي تضمن هدفا مماثلا، علينا ان نتنبه الى ان الوجود يحتاج الى الذات، لكن الرسالة تحتاج الى الآخر. لذلك فان الحضور المسيحي لا يمكن ان يتقوقع، وهدفنا لا يمكن ان يكون اطارا مسيحيا منغلقا لا وجود للآخر فيه، لانه ينقض النصف الضروري من هدفه الذي هو الرسالة. وفي المقابل، لا يمكن  ان يتحقق هذا الهدف بوجود الآخر من دون وجود الذات، على طريقة ما يسمى اليوم "دور المسيحيين". نعتبر ان لا دور للمسيحيين، انما لهم رسالة. هناك تمييز عميق جدا على المستوى الفلسفي والسياسي الواقعي بين الدور والرسالة.

فالدور يملى عليك، ويلقن ويؤدى بمعزل عن ذاتك وتطلعاتك، ويتحكم فيه الآخر. فاذا كان يحتاج اليه، تكون موجودا واذا لم يكن في حاجة اليه، لا تعود موجودا. وعندما يعتبر الآخر ان هناك ضرورة لتبديل الدور وتطويره، تتغير انت بذاتيتك. اما الرسالة فتنبثق من الذات. لذلك، لا دور للمسيحيين، انما لهم رسالة، رسالة حضارتهم وثقافتهم وحضور يسوع المسيح الرب الانسان، وحضارة الانجيل في هذه المنطقة. هذه الامور تتطلب وجودهم، وتحتاج الى الآخر كي يؤدوا رسالتهم. لذلك، فان الهدف السياسي يجب ان يأخذ هاتين المسألتين في الاعتبار.

الأخطار الموجودة

* هل ترى "القوات اللبنانية" ان الظروف التي دفعت بها الى القتال خلال الحرب اللبنانية انتفت اليوم، ام انها ترى انها لا تزال موجودة، وبالتالي هناك امكان لاستعادة "القوات" دورها الدفاعي عن الوجود المسيحي ورسالته؟

- قامت القوات كرد فعل بقائي في مواجهة الاخطار، ولذلك فان بلورة الفكر "القواتي" جاءت في مراحل ربما متأخرة جدا. واليوم، نحاول ان نتلمس البنية المتكاملة لفكرنا وهدفيتنا، بدءا بالدكتور سمير جعجع عام 1985 1986. واليوم، الاخطار لا تزال موجودة، وهي على مستويي الوجود (المسيحي) والرسالة. والاخطار المحدقة بالوجود المسيحي موضوعية، بينما الاخطار المحدقة بالرسالة ذاتية. وعوامل الاخطار الاولى هي انحسار الوجود الديموغرافي والاوضاع الاقتصادية ووجود الجيوش الاجنبية، وفي مقدمها الجيش السوري، والنظام غير المتوازن الذي قام بعد اتفاق الطائف. كل هذه مؤشرات خطر على الوجود. والاخطار الذاتية تنطلق من ضعف شعور الانتماء عند المسيحيين وعدم قدرتهم على مواكبة العصر وتكييف انفسهم مع انماط هذا الزمن من رسالتهم المطلوبة على المستوى الثقافي والقيمي والاخلاقي، الى درجة انني اقول انه صحيح ان المسيحيين خسروا الحرب العسكرية في لبنان، انما خسروها ليس لانهم لم يكن لديهم الحق في الحرب، بل لانهم لم يعرفوا ان يخوضوا حربهم. وهذه الاخطار الذاتية لا تزال قائمة، واليوم، هذان الشقان من الاخطار موجودان.

* اذا كانت الاخطار لا تزال موجودة، فما سيكون رد فعل المسيحيين، ولا سيما "القوات" في المستقبل؟

- أؤمن بايجابية التطور العالمي الجديد على صعيد العولمة، وتحديدا عولمة الجماعات المتعددة المتعاونة والمتعايشة، عولمة الديموقراطية والمفهوم العالمي لحقوق الانسان...

لنبق في لبنان، ما سيكون موقف المسيحيين، وتحديدا "القوات" من هذه الاخطار؟

- كيف ارى انعكاس هذه التطورات  على لبنان؟ كي نستطيع قراءة المستقبل،  لا بد من قراءة  علاقة المسيحية وليس المسيحيين، بالاسلام، وليس المسلمين. انهما مفتوحان  على احد خيارين،  اما صراع  الحضارات على طريقة هانتينغتون، واما حوار الحضارات  على طريقة (الرئيس الايراني)  محمد خاتمي.  اعتقد ان المسيحيين  في لبنان قادرون،  اذا عرفوا ان يصلبوا  وجودهم  ورسالتهم، على ممارسة دور اساسي في تغيير هذه البوصلة بين صراع الحضارات او حوارها. غير ان بعضهم  ينظر الى  هذه المسألة  كونها مستحيلة،  وانه لا يمكن  تغيير  الوضع في الشرق الاوسط. اما انا، فانظر اليها نظرة ايجابية. واعتبر ان مفهوم الديموقراطية  وحقوق الانسان عالمي،  لا يمكن اي قيود او حدود  ان تقف في وجهه، وهو مفهوم حديث على المستوى العالمي، لا يتجاوز عمره الـ 200 عام، ويتمدد ويرتبط بالفكرة الدينية. هذا المفهوم الديموقراطي  الليبيرالي نشأ في الغرب  مع البروتستانتية  قبل 200 عام،  ولم تعرفه الكاثوليكية  جديا وبعمق الا من 30 عاما،  ولم يعرفه العالم الارثوذكسي الا من نحو عشرة اعوام. واليوم، للمرة الاولى، يقف هذا المفهوم  الذي يحمل امل البشرية، على  باب العالم الاسلامي الذي يتفاعل معه في شكل  غير واضح المعالم. ويجب اعطاء هذا العالم بعض الوقت لتبيان النتيجة  النهائية  للتفاعل مع هذا المفهوم. وهنا للمسيحيين دور اساسي، عبر تقديم  النموذج  القيمي الاخلاقي لمفهوم  تعايش الحضارات. اذا تمكنوا من ممارسة هذا الدور،  فانهم يثبتون وجودهم ورسالتهم في  لبنان، ويساهمون في ارساء نوع من التفاهم في المنطقة،  ولاحقا في العالم.  وبالنسبة الى الرسالة الكبيرة، لا ارى ان احدا يستطيع القيام بهذه المهمة،  لكنها الناحية الوحيدة التي  تفتح المجال للتفاؤل.

عندما خاض المسيحيون الحرب، كانوا خائفين،  فهل ترى ان الخوف الذي قد يستجد من هذه الاخطار قد يدفع بهم الى حمل السلاح مجددا؟

- لا، من الواضح ان المسيحيين  لا يعيشون  اليوم حال خوف بقدر ما يعيشون حال استقالة وهروب من الذات. لذلك، لم يكن رد فعلهم من عام 1990 بقائيا كما كان عام 1975، انما كان هروبيا على طريقة الهجرة او الانعزال  والانزواء والانكماش. من المؤكد ان المسيحيين ليسوا في وارد حمل السلاح. ولا خطر من ان يعمدوا  الى ذلك،  بل هناك خطر من ان يغادروا. وقد يكون هذا اسوأ.

 هل باطلاق الدكتور جعجع في المستقبل قد يتحول رد فعل المسيحيين من هروبي الى بقائي؟

- اعتقد ان ذلك ممكن لاسباب عدة،  اولا لأن نقطة ضعف كل الانظمة القمعية في العالم هي الحريات العامة وحقوق الانسان. صحيح ان انهيار المعسكر الاشتراكي  هو الذي ادى الى تحرير اوروبا الشرقية، غير ان الصحيح اكثر  ان خروج (الرئيس البولوني السابق)  ليش فاليسا من الاقامة الجبرية  من وارسو  كان الايذان الاول بانهيار هذا المعسكر. وصحيح ان (الرئيس الروسي السابق ميخائيل) غورباتشيوف نقل الاتحاد السوفياتي  من المرحلة  الستالينية الى مرحلة البريسترويكا، الا انني اعتبر انه منذ خروج زخاريف  وسولجنستين بدأ التحول. وفي جنوب افريقيا، صحيح ان انحسار الموجة الاستعمارية  ادت الى سقوك نظام "ابارتهايد"  (الفصل العنصري)، لكن المؤكد ان حضور نيلسون  مانديلا  هو الذي  اطلق هذا التحول. وبمعزل عن الدكتور  جعجع الشخص، هناك ثابتة في  التاريخ  ان قضايا الحريات العامة وحقوق الانسان، وتحديدا المعتقلين في السجون،  هي نقاط قوة للشعوب  التي تسعى الى التحرر، ونقاط ضعف للانظمة القمعية. لذلك، الرهان على هذه القضايا يشكل بدايات التغيير في هذه الانظمة.

السبب الثاني هو ان جعجع كشخص اختزن تجربة القضية المسيحية في لبنان. ربما لم يرد   ذلك، لكن الظروف فرضت عليه ان يختزنها ويختمرها ويثمرها اكثر في سجنه، بدليل ما يسمح له من كتابات وقراءات. اما السبب الثالث فهو ان هذا الشخص  اصبحت له اليوم هالة على المستوى المسيحي واللبناني، بحيث تسمح لهذه الجماعة  التي تتطلع اليه ان تستمد بعض قوتها  وصمودها واحساسها بالمشاركة والشراكة في هذا الوطن. ولهذه الاسباب، فان مفتاح تغيير الوضع هو سمير جعجع، في شكل متزامن مع هذه التطورات الدولية، اكانت  متعلقة بلبنان ام بالاتجاه العالمي.

الصورة المكونة عن المسيحيين في لبنان انهم في وضع غير مريح يجعلهم عاجزين عن القتال مجددا، كما فعلوا عام 1975.

- (مقاطعا) يجب الا يفعلوا ذلك (اي القتال مجددا).

لماذا؟

- لانه، وهذا رأيي الشخصي، هناك مفهوم مسيحي واضح للحرب العادلة منذ القديس اغسطينوس حتى القديس القديس توما الاكويني، وفي التعليم الكنسي. هناك شروط ثابتة يجب توافرها لقيام الحرب العادلة. وفي حال عدم توافرها، لا يمكن اي حرب يخوضها المسيحي ان تكون عادلة وصحيحة. وفي واقعنا الراهن، هناك شرط اساسي هو استنفاد كل الوسائل السلمية لتحقيق الحلول. اليوم، لم يستنفد المسيحيون بعد الوسائل السلمية، لان هناك قسما اساسيا من الوسائل المطلوبة، هو القسم الذاتي، قسم استعادتهم لرسالتهم ومفاهيمهم القيمية والاخلاقية، لم يستنفد بعد في رأيي.

ومتى تستنفد هذه الوسائل؟

- عندما يستعيد المسيحيون هذه الرسالة القيمية والاخلاقية، ويبقون بعد هذه الاستعادة مهزومين. اليوم، لم تستعد هذه الصورة للوجود والرسالة المسيحيين في لبنان. ولا بد من اعادة اعطاء هذا المعنى الحقيقي لقضيتهم بمعزل عن السلطة، اي ان الوجود المسيحي في لبنان لم يكن يوما مشروع السلطة، منذ قيام المشروع المسيحي التدريجي قبل اكثر من عشرة قرون. لكنه تحول مشروع السلطة قبل مدة. لا بد من وقف مشروع السلطة القائم واعادة مشروع القيم في النضال المسيحي. واذا بقوا، بعد استعادة هذا المشروع، مهزومين، تكون الوسائل السلمية قد استنفدت.

نزع لغة العنف

اذا، تبقى الحرب امكانا لم يسقط بعد من الذاكرة المسيحية واذهان المسيحيين واعتباراتهم؟

- هناك هاجس. لغة العنف لا تزال ماثلة، ليس عند المسيحيين، بل في الواقع اللبناني والشرق الاوسطي. لذلك، يحتاج نزع لغة العنف كليا من الهاجس المسيحي والذاكرة المسيحية الى مقومات وشروط تتعدى الواقع اللبناني.

مع ان المسيحيين ما عادوا يملكون السلاح للقتال، الا ان هناك افرقاء آخرين لا يزالون يملكونه، ويخشى بعض المسيحيين ان يشكل هذا السلاح وقودا في اشعال حرب جديدة. كيف تنظر القوات الى سلاح "حزب الله"؟

- رغم المحاولات التي بذلها حزب الله، لا تزال صورته في الشارع المسيحي "منقزة"، منذ قيامه حتى خطاب امينه العام السيد حسن نصرالله في بعلبك يوم القدس، مرورا بكل المراحل ومنها تحرير الجنوب وقبله عبور الدبابات نفق نهر الكلب في اتجاه كسروان وجبيل. نعم، لا تزال هذه الصورة منقزة. ففي النهاية، السلام الحقيقي الدائم لا يتطلب سلاحا. بالعكس، يحتاج الى نزع السلاح. من هنا استحالة الاقتناع بان السلاح يهدف الى تأمين السلام، فالاطمئنان النهائي الى السلام يقتضي نزع السلاح، وهذا امر يجب ان نصل اليه ونأمل في ان يكون ذلك قريبا.

ماذا عن السلاح الفلسطيني؟

- له الوضع نفسه، علما انه يتم استغلال هذه الظواهر وتضخيمها واستخدامها من جانب القوى الاقليمية المسيطرة على لبنان، وتحديدا النظام السوري. الجميع يعرفون مصدر هذا السلاح وكيفية استثماره. اعتقد انه لو كان هناك تعاط سليم من جانب السلطة مع الوجود الفلسطيني، لما شكل اي خطر في اي شكل.

رغم عدم وجود سلاح لدى المسيحيين. "وتخصصية" سلاح حزب الله، يسوق بعض اركان السلطة لعودة الحرب، هل ترى "القوات" حربا في الافق اللبناني؟

- كي نعرف المقصود (من هذا التسويق)، علينا العودة الى جدلية السلطة والمعارضة في اي نظام سياسي. السلطة تقول شيئا، والمعارضة تقول عكسه. السلطة ليست في بيروت، بل في دمشق. وكي نفهم ما يقوله اركان السلطة، علينا ان نرى ماذا تريد السياسة السورية في لبنان. انها تريد زرع الخوف والرعب على ثلاثة مستويات: الاول بالقول للمسلمين ان خروج سوريا في لبنان سيفسح المجال امام المسيحيين لاعادتهم الى عقود ولت (...)، والثاني القول باصوات مقابلة للمسيحيين انه اذا خرجت سوريا، فان الاصوليين الاسلاميين سيذبحونهم، الثالث محاولة تخويف سوريا في اتجاه العالم، كي تقول انها اذا انسحبت من لبنان فسيتحول بؤرة من الصراعات المتفجرة التي تؤدي الى تشظي المنطقة بكاملها.

قد تكون هذه التحذيرات في محلها.

- لا، هذه المحاور الثلاثة فاشلة، ولن تؤدي الى نتيجة. فالمسلم اللبناني بات يدرك ان المسيحي جدي في ميثاق الشراكة المتوازنة، وبالتالي لا عودة الى نظام سابق من الشراكة المختلة والمسيحي جدي في ايمانه ان المسلم اللبناني جدي ايضا في هذا الميثاق، ولا يمكن ان يذهب مع سوريا الى ابعد من الحدود اللبنانية، وهذا ما اثبتته التطورات.

تتكلم بثقة في وقت نشهد تخوينا وتهديدا لفئات؟

- هناك المنطق المركزي في الجماعات، وهو الذي يقودها. واليوم بكركي افضل من يمثل هذا المنطق، ومعها قوى متكوكبة حولها. وهذه القوى واثقة بان المسلم لا يمكن ان يذهب مع سوريا ابعد من الحدود، واي انسحاب سوري لن يؤدي الى مشكلة. واليوم،اصبح المجتمع الدولي اكثر رسوخا وايمانا بان الانسحاب السوري لن يؤدي الى تفجير الوضع اللبناني، بل ان بقاء الجيش السوري هو الذي فجر الوضع الداخلي قبل اكثر من 15 عاما، وقد يضاعف تفجيره في المستقبل.

ماذا تعلمت "القوات" من الحرب؟

- انه سؤال من المبكر ربما الاجابة عنه. فالقوات تحتاج الى تفاعل اكبر مع قواعدها وناسها المبعدين من لبنان، والى التواصل مع الدكتور جعجع الذي اختزن الامثولات الكبيرة من الحرب التي خاضها من بدايتها.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها