الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

 القوات اللبنانية

اقرأ المزيد...

 

كلمة القائد الدكتور سمير جعجع بمناسبة إطلاقه الى الحرية

050726

 هنا نص الكلمة التي ألقاها قائد «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في المطار، ووزعت على الاعلاميين نسخ منها وهي مكتوبة بخط يده:

«أيها اللبنانيون، خرجتم من السجن الكبير الذي كنتم قد وضعتم فيه فأخرجتموني معكم بالفعل ذاته من السجن الصغير الذي كنت وضعت فيه. لقد كانت سنوات طوال، طوال، ظلماء، سوداء، كادت تطيح الوطن، بدأت باغتيال الرئيس الشهيد رينيه معوض، وبمحاولة اغتيال اتفاق الطائف، ولم تنته باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

«أيقنوا منذ البداية ان لا قيام للبنان إلا بجناحيه الاثنين، فصمموا على كسر احدهما، واقتلاعه من اساسه اذا اقتضى الامر فأمعنوا بالوطنيين نفياً واعتقالاً وتشريداً واضطهاداً وسجناً وتعذيباً وقمعاً وقهراً، وأشاعوا في النفوس خوفاً، وفي القلوب اضطراباً، مما دفع قسماً كبيراً من شباب لبنان، الى الهجرة- قسراً- وترك أرض ابائهم وأجدادهم. ولم يوفروا الذين انكبوا على البنيان والعمران على رغم كل شيء، فقد ابتزوهم- كل الوقت- ووضعوا امامهم السدود والعقبات والمطبات، وأغرقوهم في طرقهم الملتوية، وفسادهم اللامحدود مما جعل اللبنانيين يدفعون تكاليف اعادة اعمار وطنهم أضعافاً مضاعفة، ورتبوا عليهم ديوناً باحجام فلكية لم يعرفوا مثيلاً لها في تاريخهم المعاصر كله.

«لن أستفيض في الكلام عن الماضي، وقد عشتموه لحظة لحظة بعرقكم ودموعكم، ومن خلال خوفكم على اولادكم وحريتكم وسيادتكم ومستقبلكم. ما أتمناه عليكم وحسب، التوقف طويلاً عبر ذاك الماضي، فلقد ثبت فعلاً انه اذا كان للباطل يوم، فللحق الف يوم. كما ثبت فعلا انه إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ولقد استجاب القدر، ولكن القدر يوفر فرصاً ولا يضع لقمة في الفم. فلنكن مصممين على تلقف الفرص من دون إبطاء.

«لا أخفي عليكم أن أمامنا أطنانا من أثقال العمل، لكنني أعاهدكم أننا لن نرزح تحتها، ولا اخفي عليكم أن بيتنا اللبناني الداخلي في حال اختلال وعدم توازن نتيجة الـ15 عاماً من القهر لكننا لن نألوا جهداً لمزيد من التفاهم مع حلفائنا على اعادة التأهيل اللازمة وكما ترون وتسمعون فإن التعديات لا تزال تنهال على لبنان، اغتيالات وتصفيات وتعكيراً أمنياً في الداخل وعلى الحدود، ولكن هذا كله لن يغير قيد شعرة في اتجاه الاحداث، وإن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء وهي كذلك لن تعود اليوم.

«ايها اللبنانيون، قضيت 11 عاماً ونيفاً في زنزانة ضيقة، ضيقة تحت الارض، معزولاً تماماً عن العالم الخارجي ومن دون اختلاط داخل السجن قطعاً حتى في خلال النزهة اليومية كنت وحدي لكن لم اكن لحظة لوحدي لأنكم جميعكم كنتم دائما معي. كانت ظروف اعتقالي قاسية، حقاً قاسية، وعلى رغم ذلك كان يسودني دائما اطمئنان غريب مرده الى انني كنت أعيش ذاتي وليس ذاتاً مصطنعة، كنت اعيش قناعاتي ولو على مساحة 6 أمتار مربعة فقط. كان هذا بالنسبة الي بما لا يقاس من ان اعيش قناعات غيري ولو على مدى مساحات الكون برمته. طيلة الـ11 عاماً ونيفاً لم اشعر يوماً بأنني مسجون على رغم وجودي في السجن واي سجن، لقد بقيت روحي حرة وهذا هو المهم. ان المساجين الحقيقيين هم هؤلاء الذين صنعوا سجناً لأنفسهم من خلال تلبسهم ذوات الغير وقناعاته طمعا بمنصب او مكسب او تجنباً لاضطهاد او اعتقال.

«ان جوهر الوجود البشري هو تلك الارادة الحرة التي ميّز الله الانسان بها عن سائر المخلوقات، فلا يجوز التخلي عنها او مبادلتها بأي شيء آخر. ان الشيء الوحيد الذي يشعرني بالأسف هو مقدار الخوف والعذاب الذي تسببته لزوجتي ولأهلي ولأقاربي والاصدقاء، بتفضيلي ان اكون سجيناً بريئاً حراً تحت الارض على ان أاكون طليقاً خارج السرب في بلاد الناس. نعم، لطالما اعتبرت ان وجودي في السجن هو بمثابة قيامي بواجبي تماما، كما كنت افعل كل يوم قبل ادخالي السجن. ان تحمل المسؤولية الكاملة لا يكون ايام اليسر فقط بل يجب على المرء ان يتحمل المسؤولية ايام العسر بلا تردد او تراجع. ولا بد من ان أحيي الرفاق في القوات اللبنانية حيثما كانوا في الوطن او بلاد الاغتراب واقول لهم انا فخور جداً جداً بهم، بوعيهم، بايمانهم بصمودهم، بصلابتهم وبتضحياتهم. ان ما مورس في حقهم من ملاحقات واضطهاد واعتقالات وسجن وتعذيب وقتل في بعض الاحيان لهو أكبر ظلامة في تاريخ لبنان المعاصر. والمؤسف في هذا المجال هو ان تلك الممارسات كلها كانت تتم بأيد لبنانية بقرار غير لبناني. لكن الاوطان لا تبنى الا بالنضال والتعب والعرق والدموع والتضحيات.

«من هنا اوجه تحية كبرى الى اللبنانيين مسيحيين ومسلمين، على مقاومتهم الصامتة طيلة تلك السنين بمواجهة محاولات افراغ لبنان من كل محتوى تاريخي وطني فكري اقتصادي وحتى ديموغرافي. وأوجه الشكر الى كل من ساهم في شكل مباشر أو غير مباشر باطلاق سراحي. لن أتمكن من ذكرهم جميعاً، فأستأذنهم لأخص البعض منهم في هذه المناسبة، غبطة الكاردينال البطريرك مار نصر الله بطرس صفير والسادة البطاركة الموارنة، وقد حمل وحملوا لواء هذه القضية منذ اللحظة الاولى من دون كلل او ملل، حلفاؤنا في الحزب التقدمي الاشتراكي وعلى رأسه الاستاذ وليد جنبلاط وتيار المستقبل وعلى رأسه الشيخ سعد رفيق الحريري على الجهود التي بذلاها في الاشهر الاخيرة. أعضاء لقاء قرنة شهوان من خلال نضالهم كما من خلال حملهم لواء هذه القضية، بالتحديد في جميع مراحلها. التيار الوطني الحر وعلى رأسه العماد ميشال عون من خلال نضال شبابه لتغيير الاوضاع القائمة، المجلس النيابي برئاسته وأعضائه، على توقيع مشروع العفو المعدل لشق الطريق امام الوفاق الوطني المبني على مصالحة وطنية حقيقية. وأخص بالتحية والعرفان مئات الألوف من اللبنانيين الذين صنعوا من 14 آذار مسيرة شعب ووطن نحو الحرية والكرامة والعدل. وتحية الى الشباب والطلاب الذين لم يعبأوا بتهديد ووعيد، فنزلوا الى ساحات التعبير عن الهواجس والرفض والمطالب المحقة، وأنتم ادرى بما تعرضوا له من ضرب وتنكيل واعتقالات. وكيف أنسى تضحيات صامتة متألمة حميمة، هي لوالدتي ووالدي اللذين كان يحق لهما باستراحة هانئة بعد كد وجد من دون حدود، فاحرما منها وتحملا ما لا يحمله البشر. وكيف أنسى الحبيبة؟ الزوجة التي خطف إلى الاعتقال شريك حياتها، وهي بعد، في السنوات الأولى لزواجها، وهُجّرت من حيث كانت تسكن، ولوحقت طوال أحد عشر عاماً بشكل أو بآخر، وضيق عليها، واستدعيت مرتين للتحقيق معها بحجج مختلفة واهية. وهي هي، صامدة في بيتنا في يسوع الملك، متحلية بالإيمان بربها، وبالصبر على قدرها وقدري وفجأة سقطت على كتفيها مسؤوليات جسام لم تخطر يوما لها في بال، أو فكرت فيها، فأعانها الله ومكنها من تدبير الأمور على أفضل ما يكون حسن التدبير».

«أيها اللبنانيون، السنوات السود وراءكم، وبيض الأيام أمامكم، ولن تدفعوا ثمن استقلالكم وحريتكم ووحدتكم مرتين. إذا أردنا بناء مستقبل أفضل لأجيالنا الطالعة، علينا أن نتعاون جميعاً بروح مختلفة كلياً عن سنوات الحرب، ولكي نتعاون جميعاً، يجب ألا ننظر إلى الآخرين معتمدين على حكم مسبق مبني على نظرتنا السابقة إليهم إبان سنوات الحرب، لأنه كان لتلك الحرب منطقها الذي لم يعد قائماً أو صالحاً ليومنا هذا. فلننظر نحو المستقبل، ولتتضافر جهودنا، من أجل أن نزرع الأمل في نفوس شبابنا. أفضل الأيام هو الغد، فلنصنعه اليوم، اليد باليد، والكتف إلى الكتف، والقلب مع القلب، لينهض الوطن، وينبض بالحياة.

عشتم، وعاش لبنان».

 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها