هل من
رؤية عادلة؟
060814
لم
أكن أرغب أبداً بالخوض في هكذا مقارنة، بين مايحدث هذه الأيام في
منطقة الشرق الأوسط، نتيجة الأفعال الحمقاء والإجرامية لمجموعتي
حزب الله وحماس الإرهابيتين، وما أدت إليه تلك الأفعال من رد
فعل
اسرائيلي، سيبقى مصنفا في إطار رد الفعل والدفاع عن النفس، طالما
كانت الأهداف المعلنة للرد الإسرائيلي لا تتجاوز القضاء على أدوات
الإرهاب ومؤسساته ومن يقف ورائه، وبين ماحدث في غابر الزمن
الإسلامي أيام النبي الملهم، والزعيم المؤسس لكل أنواع الإرهاب،
وفنونه، وأصوله حين قضى على رجال اليهود وبقية ذكورهم وسبى
نساءهم
ونهب أموالهم، بعد أن زعم أن اليهود قد خرقوا العهود وخانوا الوعود
واعتدوا على حرمات لهم.
سأفترض هنا وللمرة الأولى أن يكون محمد أو من روى عنه
صادقاً
في مزاعمه تلك وعلى أساس هذا الإفتراض سأبني مقارنتي هذه.
وحيث ان تلك الوقائع التي حدثت أيام محمد وانتهت الى ذبح قبيلة
بأكملها على الطريقة الاسلامية وتشريد كامل لبقية قبائل اليهود،
ربما هي الحدث الأكثر اغراءً لقياسه مع مايحدث حاليا في منطقة
الشرق الأوسط، وتحديدا بعد فعلة حسن نصر الله في لبنان، وأفعال
حركة حماس في غزة وماجرته على الفلسطينيين من ويلات ومآسي،
وماجلبته للبنان واللبنانيين ومسلميه الشيعة على وجه الخصوص من رد
فعل اسرائيلي "يهودي" لن يصل مهما بلغ من عنف الى نقطة من بحر
الدماء التي أسالها محمد الإسلامي أو بالأحرى زعيم المسلمين ومؤسس
ديانتهم بحق جيرانه و "مُجيريه" اليهود.
لكن مادفعني للكتابة هو ماكتبه رجل الدين السعودي والداعية
الإسلامي المعروف عبد المحسن العبيكان في مقال له نُشر في صحيفة
الشرق الأوسط اللندنية بعنوان "ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة"
وأُعيد نشره في صحيفة ايلاف الالكترونية بتاريخ السابع والعشرون من
الشهر الماضي، وهو مقال تنضح سطوره بالكثير من السموم الإرهابية
المستندة الى مبدأ التقية الإسلامي،
رغم دعوته الصريحة والواضحة للصلح مع اليهود، والعبيكان في دعوته
العرب والمسلمين الى عقد الصلح مع اليهود لاينطلق من التزام انساني
يفرض على المتحاربين والمتخاصمين الإحتكام الى التفاوض ولغة الحوار
بديلا عن العنف والقتال وإراقة الدماء وصولا الى تحقيق السلام
"الشامل والدائم" والتعايش المشترك وغسل القلوب من الأحقاد
والضغائن،
وانما يبحث عن صلح مؤقت فرضه اختلال كامل بموازين القوى لصالح
اسرائيل واليهود، وسيكون من المحتوم "شرعا" الإنقلاب على هذا الصلح
حين تتبدل موازين القوى لصالح القوم "المسلمين"، وهذا يؤكده طرح
المنظمة الإرهابية الفلسطينية حماس حين ينادي قادتها بأن لامانع
لديهم من عقد هدنة مع اسرائيل لمدة ثلاثين أو أربعين عاما،
والحقيقة أن فترة الثلاثين أو الأربعين عاما قد تقصر أو تطول وهي
لا تعني إلا الوقت اللازم للتغيير في موازين القوى لصالحهم، وحينها
لن تكون نهاية اليهود اليوم بأفضل من نهاية أجدادهم بني
قريظة
والنضير وقينقاع ويهود خيبر على يد نبيَ الإسلام، وربما ستكون أكثر
فظاعة
وإجراما نظرا لطبيعة الأسلحة الفتاكة في عصرنا هذا أولا، وبرهانا
يُزايِد به
المسلمون
اليوم على أجدادهم من جهة أخرى. انها حالة مرضية مزمنة ليس
للمسلمين
فكاكٌ
منها إلا بالفكاك والخلاص من النصوص التي رعَت وشرَعت وحضَت على
العمل وفق هذه المنظومة الفكرية الإجرامية
والإرهابية.
يتجنب العبيكان الخوض فيما حدث من جانب محمد والمسلمين ضد قبائل
اليهود، مع أن تلك الأحداث هي الأصلح للقياس والمقارنة مع مايحدث
حاليا في لبنان أو في الأراضي الفلسطينية
ـ
خاصة
ان طرفي معادلة الأمس هم ذاتهم
طرفا
معادلة اليوم ولكن مع اختلاف الحدث ومبرراته ونتائجه كما سنرى
ـ
أكثر
من الواقعة التي ذكرها العبيكان في مقاله وهي توقيع صلح الحديبية
مع "المشركين" رغم ان نتيجة ماحدث لا تختلف في حالة محمد واليهود
عن حالة محمد والمشركين، ولم يكن الدخول شبه السلمي لمكة بعد ذلك
إلا نتيجة المؤثرات القبلية والعصبية التي يرزح تحت تأثيرها البدو
ومحمد واحد من هؤلاء، حيث أغلب سكانها حينذاك من أبناء عمومته،
وأيضا بسبب القوة الضاربة التي أصبح يملكها محمد، ففي كلا الحالتين
وبمجرد امتلاك محمد ورهطه لأدوات البطش والقوة أغار عليهم ناقضا
معاهداته معهم، فقتل من قتل بوحشية رهيبة، وشرد من شرد، وسبى
النساء، ونهب كل مايمكن نهبه. يقول العبيكان (أن اللجوء الى الصلح
مع اليهود او اللجوء للمهادنة او اللجوء الى الحلول السلمية
والمعالجة السياسية هي الأمر المطلوب في هذا الزمن باعتبار فقدان
شرط القدرة، الى ان يكون
المسلمون
مهيئين لاسترداد حقوقهم ويمتلكون شرط القدرة، وتطبيق مافعله
"النبي" في سنته القولية والفعلية). لا يخجل العبيكان من قول هذا
صراحة تحت حجة استرداد الحقوق، وكان على العبيكان حتى تكتمل صراحته
ولا يفضح مبدأه التَقَوِيِ الذي يستند اليه هو وغيره من رجال الدين
المسلمين، أن يذكر لنا وبالتفصيل ماذا فعل محمد ورهطه بالمشركين
وباليهود بعد أن أصبحوا أقوياء مقتدرين. ان عبارة "فقدان شرط
القدرة" وعبارة "مهيئين لاستعادة حقوقهم" هما من الخطورة بمكان
فيما لو اقتفى
المسلمون
خطى محمد في هذا المجال، وهو مايؤكد عليه العبيكان عندما يطالب
بتطبيق مافعله محمد في سنته القولية والفعلية. اذا كان محمد بلا
حقوق حيث هو البادئ للخصام والمبتدع لخرافات وشعوذات جديدة أراد
فرضها على الأخرين، وفعل مافعل من جرائم يندى لها كل جبين حر،
فماذا سيفعل أحفاد محمد اليوم ان هم امتلكوا القوة الى جانب بعضا
من الحق؟ بديهي القول في هذه الحالة انهم سيتفوقون على جدهم النبي
في ابداعاتهم الإجرامية ضد الأخرين.
كيف تعامل محمد
مع
اليهود؟
دخل محمد ضيفا على يثرب بمعية أخواله من الخزرج، بعد أكثر من اثني
عشر عاما على بدء
"دعوته"
انطلاقا من مكة، ولم يستطع خلال كل تلك السنوات سوى ضم بضع عشرات
الى دينه الجديد، إلا أن غزوة بدر ومارافقها من دهاء وخديعة ومكر
من جانب محمد وغرور كبير من جانب قريش وما أدت اليه تلك الغزوة من
انتصار لمحمد ونفره،
قلبت كل الأمور وكشفت المستور وأوضحت حقيقة الدعوى المحمدية
الدموية، بعد أن تمكن من قتل كبار قريش ونهب أموالهم وغَنْم كثير
من أسلحتهم.
بدأ
محمد سياسته الدموية تلك بالإغارة على قبائل اليهود والتي كان لها
دور في إكرام محمد عند قدومه ضعيفا ومهانا، فكانت الغزوة الأولى
على بني قينقاع، تلتها غزوة أخرى على بني النضير، ومن ثم أغار على
بني
قريظة،
وختم غزواته ضد قبائل اليهود بالهجوم والإغارة على يهود خيبر
ـ
من المفيد أن نسأل أين هؤلاء اليهود اليوم؟ وهم أصحاب أرض وحقوق
مادامت الشعوب الإسلامية تتحدث عن حق مقدس لنا نحن الفلسطينيين في
العودة الى ديارنا أو تقديم التعويضات لنا، وقلة نادرة هي التي
تقبل بمبدا التعويضات
ـ
فماهي أسباب ومبررات تلك الغزوات الإجرامية، وهل بالإمكان مقارنتها
بما يحدث اليوم من حيث المبررات والأسباب وعدد الضحايا وطريقة
الذبح على الطريقة الإسلامية من الوريد الى الوريد التي مارسها
محمد ضد تلك القبائل وخاصة مع بني قريضة.
في
غزوة محمد الأولى ضد بني
القنيقاع،
لم يجد محمد سببا أكثر تفاهة وسخفا من الإدعاء بأن بعض اليهود قد
أهانوا احدى نساء العرب، بعد خروجها من أحد محال الصاغة والذي
يملكه يهودي، وقد شهد أحد المسلمين تلك الحادثة فما كان منه إلا ان
استل سيفه وقتل الصائغ اليهودي، فهجم عليه نفر من اليهود وقتلوه،
"ومثل تلك القصة التبريرية واضحة الضعف والوهن، فالمرأة العربية
التي سببت تلك الوقعة الهامة في تاريخ الدولة الإسلامية،
لا ذكر لاسمها، ولا لقبيلتها، ولا ما إذا كانت مسلمة أم لا؟ ولا
نعرف اسم الصائغ اليهودي الذي هو عربي بدوره، ولا من هؤلاء الذين
تلاعبوا بها، بل والأخطر لا نعلم اسم ذلك المسلم الذي استشهد وهو
يدافع عن المرأة، ولا إلى أي قبيلة ينتمي، ولم تزعم قبيلة أنه قد
حدث مثل ذلك لأحد من رجالها. وهو الأمر الذي ما ألفناه مع المتفق
عليه بكتب الأخبار والسير من تدقيق وتوثيق، والقصة بكاملها – في
رأينا – مختلقة" (من كتاب الإسلاميات – قراءة اجتماعية سياسية
للسيرة النبوية للمفكر المصري سيد القمني)، ودون أن ينتبه هذا
المسلم ان صح وجوده أن بني
قنيقاع
هم أكثر عروبة منه ومن نبيه محمد، ولهم جذور ضاربة في أعماق تاريخ
يثرب والجزيرة العربية، وان هذا النبي هو دون غيره من تعدى على شرف
نساء العرب، بإتيانه بنصوص ادعى انها تأتيه من الله عبر مبعوث
للوحي اسمه جبريل تُشرع القتل ونهب الأموال والعبودية واغتصاب
سبايا الحروب الإسلامية. فماذا كانت نتيجة إغارة محمد على بني
قنيقاع؟
بعد
أن حاصرهم محمد لمدة خمسة عشر يوما، استسلم
بنو
قنيقاع
وكاد محمد أن "ينحرهم جميعا" وهو ماكان يرغب بفعله، ولكن تدخل
الزعيم اليثربي عبدالله بن أبي بن سلول حال دون ذلك، وتم
إجلاؤهم
عن أرضهم وبيوتهم والسماح لهم بحمل ماتستطيع إبلهم حمله فقط،
وغادروا أراضيهم متوجهين الى جنوب سوريا.
الغزوة المحمدية الثانية ضد قبائل اليهود كانت ضد بني النضير،
والسبب هنا
غيبيّ
من عند إله محمد، حيث ادعى ان إلهه أخبره أن القوم يكيدون له،
ويريدون قتله أثناء وجوده في ديارهم للحصول على العون الذي طلبه
منهم في المساهمة بدفع دية قتلى قتلهم رجال من المسلمين "فأتى رسول
الله الخبر من السماء بما أراد القوم، فقام وخرج عائدا الى
المدينة" والرواية هنا لابن اسحاق. بعد هذه البدعة السماوية، طلب
محمد من بني النضير الرحيل وترك ديارهم في مهلة أقصاها عشرة أيام
وإلا
فإنه
سيقتل رجالهم ويسبي ذريتهم ويأخذ أموالهم فرفض اليهود، وهو موقف
طبيعي جدا يتخذه كل انسان يطلب منه معتدي أن يترك أرضه ودياره
ويرحل، فحاصرهم محمد عدة ليال ولم يستسلموا، وهو الأمر الذي أغاظ
محمد، فأمر أتباعه بهدم البيوت التي تقع خارج حصونهم، وقلع أشجارهم
وزرعهم – أيُ نوع من الأنبياء هذا الذي يهدم البيوت ويقطع الأشجار،
وسنرى ان هذه الأفعال هينة اذا ما تابعنا الأحداث الى نهايتها –
وبعد حوالي خمسة عشر يوما من الحصار لم يتمكن بني النضير بعدها من
الصمود أكثر من ذلك، استسلم القوم لمحمد على أن يحقن
دماءهم
مقابل أن يأخذ أموالهم، فغادر القوم ديارهم وديار أجدادهم متوجهين
الى ارض فلسطين بينما فضل قسم منهم الإقامة عند يهود خيبر، في حين
أن الأموال والممتلكات اصبحت كلها من نصيب محمد، ونِعْمَ النبي
وخير النبوة!..
أم
الغزوات المحمدية، وحفلات الرعب الدموية، وذبح البشر من الرجال
والغلمان "وكل من نبت شعر عانته من الذكور" من الوريد الى الوريد،
على مرأى أُعين زوجاتهم وأمهاتهم وأطفالهم، كان في مذبحة بني
قريظة،
وعلى الرغم من بطلان ادعاء محمد بأن
قريظة
قد خرقت عهدها معه، وهو مايؤكده الواقع المر الذي نعيشه هذه
الأيام، فلو أن
قريظة
قد نقضت عهدها مع محمد وسمحت للقرشيين وبقية القبائل الدخول من
خلال حصنها الى المدينة خلال معركة الخندق، لكان انتهى أمر محمد
ودعوته الدموية منذ ذلك اليوم، ولم يستمر تأثيره التجهيلي والدموي
على أتباعه الى يومنا هذا حيث يواجه العالم اليوم هذا الإرهاب
الكوني المتمثل بما زرعه محمد من أفكار تدميرية واجرامية
واستئصالية توارثتها أجيال بدوية تملك تربة خصبة جدا واستعدادا
فطريا للاحتفال بالدم والرقص على آلام وأوجاع وجروح
الآخرين.
على الرغم من بطلان ادعاء محمد إلا اني وكما ذكرت في البداية
سأفترض صدق هذا الإدعاء، فهل ماادعاه محمد يُبرر ذبح مايقارب
الثمانمائة ذكر هم جميع من هو بالغ من ذكور قريضة كما تذبح الخراف
بدون أن يرف له جفن رغم توسلات النساء وبكاء الأطفال.. إن الأحرى
بنا اليوم هو اعادة الإعتبار لأرواح أولئك الذين قتلهم محمد ذبحا
من خلال الإعتذار لمن يمثلهم هذه الأيام من اليهود العرب وتخليد
ذكراهم، ومحاسبة من أقدم على ارتكاب هذه الجريمة في قبره، وليس
التشجيع على قتل مزيد من أبناء "القردة والخنازير" وهو التعبير
الذي نادى به محمد أبناء
قريظة
قبل استسلامهم وقتلهم، ويحلو لأحفاد محمد وتابعيه اليوم ترديد هذا
التعبير في قيامهم وقعودهم. ان استمرارنا في الإعتقاد بتلك الأفكار
التدميرية والإرهابية لن يجلب لنا ولغيرنا سوى الدمار، وان كنَا
غير قادرين على لجم ذواتنا فعلى العالم أن يتصرف حيال ذلك قبل فوات
الأوان أو بالأحرى قبل امتلاك المسلمين لشرط القدرة مثلما يأمل
ويرجو العبيكان.
لم
يكن حال يهود خيبر مع محمد أفضل من غيرهم، فقد غزاهم محمد وقتل من
قتل بلا أدنى رحمة، طمعا في الأموال والنساء، حيث آلت كنوز اليهود
في خيبر اليه، كما وخصَ نفسه بصفية بنت حيي بن أخطب الذي قتل زوجها
في هذه الغزوة، بعد أن كان قد قتل أباها في مجازره السابقة ضد
اليهود، ومن بقي على قيد الحياة من يهود خيبر أصبح أجيرا في أرضه،
يعمل ويشقى لصالح محمد وقطعانه.
اسرائيل
والمسلمون
اليوم
من
المعلوم أن اسرائيل قد انسحبت من جميع الأراضي اللبنانية قبل أكثر
من ست سنوات، وقد أحرج انسحابها هذا مجموعة نصر الله الأرهابية ومن
يقف
وراءها
من البعثيين في دمشق وملالي ايران، فكان ان تم اختراع قصة مزارع
شبعا، والدعوة لاستمرار القتال ضد اسرائيل حتى تنسحب اسرائيل من
هذه المزارع، وهذه المزارع هي لبنانية حقا ولكن سيطرت عليها سوريا،
واعتبارها لبنانية من جديد يتطلب اعترافا سوريا موثقا بلبنانيتها،
ومسمار جحا هذا الذي اخترعه النظام الديكتاتور السوري ومعه آيات
إله المسلمين في ايران وباستخدام أداتهم الإرهابية مجموعة نصر الله
الارهابية لتوتير الأجواء في المنطقة وتعطيل عملية السلام برمتها
بالإعتماد على مجموعة ارهابية أخرى في الأراضي الفلسطينية هي حركة
حماس. هذه الأفعال كان يؤمل منها ابعاد الأعين الدولية عن مشروع
ايران النووي، وكضمانة لبقاء النظام الدكتاتوري البعثي السوري
جاثما على صدور أبناء الشعب السوري، وحيث ان ذلك المسمار
ـ
المزارع
ـ
غدت
حجة نصر الله وأتباعه لتمسكهم بسلاحهم، ورفضهم فسح المجال للدولة
اللبنانية لبسط سيادتها على كامل الاراضي اللبنانية وهو ماجرَ على
اللبنانيين الكثير من الدمار نتيجة اصرار مجموعة نصر الله على
ارتكاب خروقاتها الإرهابية ضد الأخرين، كان آخرها الدخول الى اراضٍ
غير متنازع عليها نهائيا وقتل عدة جنود اسرائيليين وخطف جنديين،
وهو ما كان
مبرِّراً
أكثر من كافٍ لترد تلك الدولة على هذا الإعتداء مادامت تملك من
وسائل الردع والرد مايكفي ويزيد، ومع توافر
مبررٍ
معترف به من قبل مرتكبه بكل صراحة ووضوح وزهو، بعكس كل المبررات
الغيبية تارة والكاذبة تارة أخرى التي ادعاها محمد للقضاء على
اليهود، فهل كان رد الفعل الإسرائيلي مع توافر المبرر الواضح
والمعروف والمعلن موازيا لما اقترفه محمد من جرائم بحق اليهود؟
اعتادت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وقبل البدء بأي عملية
عسكرية، بأن تلقي مناشير تتضمن تحذيرات للسكان المدنيين بوجوب
الحذر وإخلاء المناطق التي ستستهدفها العمليات العسكرية، وكثير من
الأحيان كانت توجه تلك التحذيرات عبر وسائل اعلامها، وفي بعض
الأحيان كانت توجه تلك التحذيرات عبر مكبرات الصوت في حالة
العمليات العسكرية البرية قبل دخولها على المناطق المأهولة. كانت
هذه التحذيرات على الدوام عامل رئيسي في خفض عدد الضحايا من
المدنيين، ومن المفيد القول هنا أيضا أن كل "المجازر الجماعية" بحق
المدنيين الأبرياء التي ارتكبتها الألة العسكرية الإسرائيلية خلال
كل سنوات هذا النزاع لا تتجاوز أعداد ضحاياها عدد ضحايا مجزرة
صغيرة جدا لحاكم عربي مسلم ارتكبها ضد أبناء شعبه من الأبرياء، دون
أن نسمع مثل هذه الأصوات الإحتجاجية والإستنكارية التي نسمعها هذه
الأيام من الشارع العربي وفضائياته الإرهابية. إن قتل أي مدني برئ
مدان ومستنكر سواء أكان هذا المدني – الضحية - يهوديا أو مسلما أو
غير ذلك، والقاتل يجب أن يحاسب أياً كان، والموقف العربي هذا
يذكرنا بحالة الإغتصاب التي اقترفها جندي امريكي في العراق قبل
فترة، وأدت الى حالة هيجان في الشارع العربي والإسلامي برمته، في
حين صَمتَ هذا الشارع ذاته صَمتْ الأموات عن كل حالات الإغتصاب
الجماعية التي ارتكبتها ومازالت كل النظم العربية والإسلامية بحق
الآلاف من نساء وفتيات العرب والمسلمين، بل وشارك في بعضها وصفق
لها، مع أن العسكري الأمريكي سيلقى حسابا جراء فعلته في حين لا
رقيب ولا حسيب تجاه أفعال الحكومات العربية والإسلامية ورجالها.
اسمحوا لي هنا أن أذكركم بحادثة ميدان العتبة الشهيرة التي حدثت في
القاهرة مدينة المعز الفاطمي وبلد الأزهر قبل خمسة عشر عاما، حين
أقدم ثلاثة من الشبان المسلمين بالتحرش بفتاة مع والدتها في أحد
باصات النقل المحلية، ولم يكن أمام الأم إلا خيار النزول في أول
محطة يتوقف فيها الباص، وكانت تلك المحطة هي ميدان العتبة أحد أكثر
الميادين ازدحاما في القاهرة، فتبعها الشبان وأمسكوا بالفتاة
ومزقوا ثيابها وقام أحدهم بفض بكارتها باصبعه. لم يكتفي الجمهور
المسلم بالتفرج وعدم التدخل لتخليص الفتاة من بين أنياب أولئك
الوحوش، بل أخذتهم "النخوة والغيرة الإسلامية" في سبيل التلذذ
بالضحية الى محاولة ابعاد والدتها عنها التي لم تجد وسيلة لتستر ما
هو مكشوف من جسد ابنتها إلا أن تلقي بجسدها هي فوق ابنتها، وعلينا
أن نتذكر دوما بهذا الخصوص حالات خطف واغتصاب فتيات الأقباط
المتكررة بقصد أسلمتهن. من العار على هذا الجمهور والحالة هذه أن
يتحدث عن الأخلاق والقيم ويندد بالقتل والجريمة، عليه أن يستأصل
مابداخله من أفكار ونوازع اجرامية، حتى يصبح لحديثه حول ادانة
الجريمة معنى وقيمة.
بالعودة الى موضوعنا نجد ما
يلي:
أن
المسلمين وبأمر رسمي من نبيهم، وبدون أي مبرر اللهم سوى شعوذات
محمد ورغبته الجامحة في القضاء على اليهود والتخلص منهم، قاموا
بإبادة قبيلة بأكملها، وسبي ذراريها، واغتصاب نسائها، ونهب
أموالها، اضافة الى تشريد كامل لبقية قبائل اليهود، وواقع المملكة
العربية السعودية اليوم يشهد على ذلك، حيث لايوجد يهودي واحد وكذلك
لا وجود
للمسيحيين، بل ويُحرم عليهما وعلى غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى
الدخول الى منطقتي مكة والمدينة بسبب ما تدعيه
نصوص الإسلام المحمدية من "نجاسة" من هو غير مسلم، بينما اسرائيل
اليوم لم تفعل مافعله محمد وصحبه، وهي تملك من القوة ووسائلها ما
يُمكنها من ابادة كل هذه الأمة وأكثر من ذلك. قد يتحدث البعض عن
اختلاف الظروف وعن تأثير العامل التاريخي الزمني بين عصرنا الذي
نعيش وذاك العصر حيث محمد وصحبه، أقول لهؤلاء ان ذبح الرهينة
الأمريكي في العراق والآخر في السعودية، ونحر الكثير من أبناء
الطائفة الشيعية في العراق أيضا، وذبح مئات الآلاف في الجزائر ومصر
وبعض دول الخليج وافغانستان وبالي الأندونيسية وجنوب تايلند والهند
والشيشان وغيرها من دول آسيا الوسطى وتفجيرات نيويورك وواشنطن
ولندن ومدريد، والمحاولة الإجرامية الأخيرة التي تم افشالها لتفجير
الطائرات المدنية عبر الأطلسي، يدل على ان المسلمين يعيشون اليوم
بروح أواخر القرن السادس الميلادي، أي روح وعقلية ودموية نبيهم،
ولن يترددوا في ابادة كل البشر المختلفين دينيا فيما لو امتلكوا
شرط القدرة.
ان
المسلمين من الفلسطينيين ومن خلفهم كل العالم الإسلامي مازالوا
يرفضون كل فرصة متاحة لتحقيق السلام في المنطقة عبر عملية سلام
تفضي الى اقامة دولتين فلسطينية واسرائيلية، لقد رفضوا قرار
التقسيم الدولي رقم 181، ورفضوا بعد ذلك قرار مجلس الأمن 242، كما
ورفضوا السير في طريق كامب ديفيد التي أدت الى تحقيق السلام المصري
الإسرائيلي وانسحاب اسرائيل قبل سنوات من جيب طابا المصري عبر
التحكيم الدولي، ورفضوا أخيرا السير في طريق أوسلو الى نهايته بعد
ان التزم
الاسرائيليون
ببنود اتفاق أوسلو، وانسحبوا من قطاع غزة ومدينة اريحا، ومن ثم
انسحبوا من مدن الضفة الغربية بما فيها الخليل، وكانت اسرائيل على
وشك الإنسحاب من أرياف الضفة الغربية حسب البند جيم من اتفاق
أوسلو، إلا ان سلسلة العمليات الإرهابية التي شنتها حركة حماس في
ربيع عام 1996 أوقفت كل
شيء
وأعادت الإنتفاضة الثانية الأمور الى المربع الأول. قد يكون هناك
طرف فلسطيني عاقل يرغب بتحقيق السلام وإكمال المشوار الى نهايته،
لكنه للأسف ممنوع من ذلك عربيا واسلاميا وقبل ذلك من الكثير من
الفلسطينيين، هؤلاء الذين
لا
يعتقدون
بتحقيق السلام واقامة دولة فلسطينية، بسبب النصوص التي يؤمنون بها
وتمنع أي نوع من أنواع السلام والتصالح مع الآخر اليهودي أو
المسيحي. لقد بت أخشى بأنه لو قررت الحكومة الإسرائيلية تفكيك
الدولة الإسرائيلية، وتقديم كل الأرض للفلسطينيين ليقيموا دولة
عليها، فإن العرب والمسلمين لن يقبلوا بذلك حتى لو قبل
الفلسطينيون
به، وسيمارس العرب والمسلمين ضغوطا شديدة على الفلسطينيين كي
يرفضوا العرض الإسرائيلي، ذلك ان أوانه لم يأت بعد، والسيناريو
المحمدي الإسلامي لا ينص على ذلك، وانما ينص على ان اليهودي يجب ان
يقتل قبيل يوم القيامة االاسلامية حيث تنادي الأشجار والأحجار على
المسلمين ليقتلوا اليهود
المختبئين وراءها.
عاش
من تبقى من الفلسطينيين في دولة اسرائيل حياة هادئة، بمستوى معيشي
يحلم بالوصول الى عُشرهِ أفضل المواطنين العرب حالاً، وتلقوا مستوى
تعليمياً
عال جدا، وشاركوا بفعالية في الأنشطة السياسية والحزبية، وشكلوا
مجموعة من الأحزاب ووصل عدد العرب في الكنيست الاسرائيلي الأخير
الى أكثر من خمسة عشر عضوا، وباستثناء الحادث الوحيد الذي جرى يوم
الثلاثين
من آذار عام 1976 لم يسجل أي حوادث تُعكر صفو العلاقة بين اليهود
والعرب، بينما كان نصيب يهود الدول العربية والإسلامية، القتل
والتشريد ونهب الأموال، ولا لوم عليهم انْ توجهوا بعد تشريدهم الى
دولة اسرائيل ليقيموا هناك.
بانسحاب اسرائيل من سيناء، ولاحقا من غزة ومدن الضفة الغربية وجنوب
لبنان، تكون اسرائيل قد قبرت ماضيها وأحلامها التوراتية، حيث الحلم
بالعودة الى بناء مملكة اسرائيل من جديد، والتي امتدت حدودها
الجغرافية من نهر النيل غربا الى نهر الفرات شرقا، ويصبح بذلك حديث
المسلمين عن الأطماع الإسرائيلية بلا معنى، أما العرب والمسلمون لا
زالوا يحلمون ويعملون من أجل العودة الى حدود دولة الخلافة
الإسلامية الممتدة من اسبانيا الى الهند، ومازال الكثير من
المثقفين في هذه الأمة يتباكون على "المُلك المُضاع" في اسبانيا،
لابل ان
كثيراً
من المسلمين واستنادا الى نصوص الإسلام يتطلعون الى ذاك اليوم الذي
يصبح فيه العالم الأرضي كله اسلامياً، ومنهم من تتجاوز أحلامهم
ذلك حتى تصل الى السماء بإدعاء البعض أن أحد رواد الفضاء قد سمع
صوت الآذان الإسلامي على سطح القمر. من الجنون أن يكون
اشخاصٌ
ومنظمات في عالمنا اليوم مازلوا يريدون رفع بيارقهم الإسلامية فوق
القصر الملكي البريطاني، ومبنى الكرملين الروسي، والبيت الأبيض
الأمريكي.
ان
فرقا شاسعا وكبيرا جدا بين أن يُقتل الأبرياء ذبحا وعن سابق اصرار
وتصميم، كما فعل
محمد ومازال
المسلمون يفعلون
في غير
مكان، وبين مقتل مدنيين في أهوال الحرب، خصوصا وان تحذيرات كثيرة
وُجهت للمدنيين كي يغادروا المناطق المستهدفة بالعمليات.
هذه حقيقة علينا أن ندركها جيدا، كما ويجب علينا أن نملك من الجرأة
ما يكفي
للبوح بها، حتى وان كانت لصالح الخصم. هذا الخصم هو مجموعة من
البشر أولا وأخيرا ولهم من الصفات الحميدة الكثير الذي نفتقده نحن،
ولهم فضل في كافة المجالات العلمية والطبية والتقنية على عموم
البشرية لا ينكره إلا ناكر جميل كما أنكر محمد وصحبه جميل قبائل
اليهود في يثرب. في هذا المجال أتذكر ماكان يقوله لي جدي دائما،
وهو أن جيراننا اليهود في بلدة "عين غيف" اليهودية على الشاطئ
الشرقي لبحيرة طبريا، قد توسلوا الى جدي وأقاربي الآخرين بأن لا
يغادروا أرضهم، وان كانوا خائفين فليأتوا ويعيشوا معهم في بيوتهم،
ولكنهم رفضوا بتشجيع عربي كامل، وعلى أمل أن خروجهم من ديارهم لن
يطول أكثر من أيام معدودات،
سيعودون
بعدها الى بيوتهم، بعد ان تتمكن الجيوش العربية من سحق اسرائيل
واليهود، وطبعا ليس هناك
سببٌ
في الدنيا يجبر جدي على قول ماقاله غير الحقيقة كما رآها ونقلها
ببساطة وعفوية متناهية، كما وأذكر كيف ان والدتي وعموم نساء ورجال
حَيِنا في دمشق لا يعجبهم إلا أن يذهبوا ويأخذوا أطفالهم إلى
الدكتور اليهودي في "شارع الأمين" أحد أحياء دمشق إذا ماأصاب أحدهم
مرض، ذلك أن هذا الدكتور اليهودي أكثر خبرة ودراية بعمله الطبي
وأرخص أجرا من الأطباء المسلمين في تلك المنطقة. كانت والدتي
ووالدي في كل مرة لدى عودتهما من عيادة الدكتور اليهودي يعتريهما
العجب بخصوص "شطارة" وصدق وأمانة والأجرة المخفضة الذي يأخذها هذا
الدكتور وهو بنفس الوقت يهودي، وهذه ليست حال والدي ووالدتي فقط،
ولكنها ثقافة محمدية تفترض الأخرين منافقين وكاذبين ولصوص، وهذه
الصفات للأسف لا نجدها إلا في الغالبية العظمى من أبناء أمة محمد
الإسلامية.
صفوة القول أن مافعله العرب والمسلمون طيلة تاريخهم الإسلامي بحق
اليهود والمسيحيين، وكل شعب استطاع المسلمون الوصول الى أراضيه،
يشكل جريمة تاريخية كبرى، تصغر أمامها كل الجرائم الأخرى، وستظل
وصمة عار كبيرة على جبين هذه الأمة، التي مازال أبناؤها يرقصون
ويزغردون لرؤية دماء الأبرياء، ويفرحون لدمار الآخرين، ويهتفون
للقتلة والمجرمين قادة عصابات الإرهاب، وما أن ينهض العالم للدفاع
عن نفسه، وللحفاظ على منجزاته حتى يتباكى هؤلاء مُدعين بأن ثمة حرب
"صليبية يهودية" تُشن ضدهم، وكما قلت مرارا أُعيد القول اليوم بأن
خلاص هذه الأمة المسماة "اسلامية" وخلاص العالم كذلك، يتوقف على
ذاك اليوم الذي يستعيد
المسلمون
به انسانيتهم وآدميتهم، بعد أن يتخلصوا من النصوص التي أفقدتهم تلك
الآدمية، عبر الفعل المستمر والتحريض على مصادرة انسانية كل البشر
المختلفين معهم، وحتى ذلك اليوم ستبقى كل المحاولات، لتغيير واقع
هذه الأمة مع الحفاظ على نصوصها، على الرغم من صدق واخلاص الكثير
منها، لكنها ستبقى محاولات فاشلة حالها كحال من ينفخ في "قربة
مثقوبة".
|