مسلمون ضد التمييز.. معادلة غير صحيحة!
May 15,
2006
بعد أكثر من خمسة عشر يوما من صدور بيان "مسلمون ضد التمييز" من قبل
مجموعة من الكتاب والمفكرين والأكاديميين المصريين، لم يتجاوز عدد
موقعي البيان العشرات، كما وأن العدد الإجمالي للموقعين لن يكون ذا
شأن يذكر حتى بعد فترة طويلة من صدور هذا البيان، وهذا التوقع ليس
ضربا من ضروب الودع والتنجيم، وإنما هو قراءة تتسم بكثير من الواقعية
للتناقض الوارد في عنوان البيان أولا، وهو مايمنع
كثيراً
من الناس الذين تجاوزوا المقدس الديني الإسلامي من التوقيع عليه،
وقراءة للعقل المسلم ثانيا الذي لا يعني توقيعه على مثل هذا البيان
إلا هزيمة لنصوصه الإستئصالية، وإندحارا لأفكاره العدوانية، وطعنا
بما يدعيه من أحقية مقدسه الإسلامي.
عنوان البيان احتوى على تناقض كبير لم أكن أتوقع أن يقع بمثله
أكاديميون
وأساتذة جامعات، وإن كان هذا حال العنوان
ـ
"والمكتوب يتضح من عنوانه"
ـ
فكيف سيكون مضمون هذا البيان الذي امتلأ وللأسف بمجموعة من التناقضات
البديهية، والخطايا الفكرية، والمطبات
غير المحمودة
التي لم نكن نتمناها لمحرري البيان الذين بدا حالهم مع هذا البيان
كأنهم رجال دين من أمثال
أولئك
الذين يحتلون الفضاء والأرض ويحاولون عبثا وزيفا الدفاع عن دين
الإسلام عبر الإستعانة بآيات ونصوص يؤكد كثير من المسلمين بالبرهان
النصَي القرآني وماتلاه من أحاديث وإجتهادات وقبل ذلك بأفعالهم، بأنه
قد تم نسخها و تجاوزها ولم يكن لها في يوم من الأيام
مكانٌ
من الإعراب في القواعد والحياة الإسلامية.
فأيّ
اسلام هذا الذي يقف ضد التمييز؟
إسلام أصحاب البيان الذين استشهدوا بآيتين من سورة البقرة؟..
أم إسلام بن لادن والظواهري والزرقاوي الذين امتهنوا القتل وارهاب
المدنيين الأبرياء بغطاء شرعي من آيات من ذات السورة؟..
إسلام مكة الضعيف المهادن أم اسلام المدينة القوي المتجبر الإجرامي؟..
إسلام التودد الى اليهود أم اسلام ابادتهم وتشريدهم من ديارهم؟..
اسلام النفاق والحديث عن تسامح المسلمين والعيش المشترك أم اسلام
الأفعال الإجرامية بحق المختلف من شيعة العالم الإسلامي والأقباط
المصريين وكذلك البهائيين ومسيحيي الشرق الأوسط وأيزيدية العراق
وكرده وصابئته"..
إسلام التبجح بالشرف والحفاظ عليه والتغني بالنخوة والشهامة والغيرة،
أم إسلام خطف فتيات الأقباط وأسلمتهن واسلام جرائم اغتصاب القاصرات
بعد قتلهن كما حدث ويحدث يوميا في أكثر من دولة اسلامية؟..
ولقد
حدث قبل أيام هنا في تايلند عندما قام المسلم الباكستاني "محمد عارف"
بقتل فتاة تايلندية ومن ثم
اغتصابها
وهي ميتة وبعد ذلك قام بتقطيع جسدها الى أجزاء ملقياً كل جزء من
جسدها في نهر من أنهار العاصمة التايلندية بانكوك في جريمة لم يسجل
التاريخ الشرق أسيوي مثيلا لبشاعتها وخستها، وحتى كتابة هذه السطور
يبحث الغواصون عن رأس الضحية دون جدوى.. إسلام يتحدث عن إغاثة
الملهوف وحماية الدخيل والأسير أم اسلام قتل الأسرى واغتصاب نسائهم..
اسلام يقول لا
تؤذوا
شيخا أم اسلام محمد الذي أمر شخصيا
باغتيال
أم قرفة وغيرها من العجائز المسنين.. اسلام يتحدث زيفا عن زهد عمر بن
الخطاب أم اسلام آلاف الدراهم التي دفعها عمر مهرا لزوجة تصغره
بعشرات السنين.. إسلام ينادي بتحرير الرقاب أم اسلام مازال يحلل
العبودية حتى يومنا هذا ويؤكد في نصوصه ان الناس درجات، وهو مادعا
وجهاء عشيرتنا الى أن يعقدوا اجتماعا استثنائيا بعد منتصف احدى
الليالي، بعد أن تناهى الى أسماعهم أن شخصا ممن يعتبروه من "عبيد"
العشيرة،
ـ
حيث كانوا كذلك حتى خروجنا من فلسطين عام 1967 وانفصلوا رغما عن
العشيرة ووجهائها بعد الخروج من فلسطين وأقاموا حياتهم الخاصة
وأصبحوا عشيرة منفصلة بحد ذاتها
ـ
قد فكر،
مجرد تفكير،
بأن يتقدم بطلب الزواج من إمرأة
مطلقة
من نساء عشيرتنا تجاوزت الخامسة والأربعين ولديها نصف دزينة من
الأولاد..
وقد قرروا في نهاية هذا الإجتماع الإستثنائي أن يقتلوا الرجل عقابا
له لمجرد التفكير في الزواج من "عمته" أو
"سيدته"
(هكذا
يجب أن ينادي "العبد" أي أنثى من العشيرة حتى لو كانت رضيعة)
وكادوا أن يقتلوه لولا جهود القليل من العقلاء في العشيرة..
أهو
اسلام
"الأقربون
أولى بالمعروف"
أم الإسلام الذي ساعد بنصوصه على التمييز حتى بين أبناء العائلة
الواحدة كما هو حال إحدى بنات قريتنا وكثيرات غيرها، المصابة بداء
"البهاق" حيث منعها أهلها من الخروج
والتعلّم
وتم
ازدراؤها
من قبل كل أفراد الأسرة، واذا مازارهم أحد وسألهم عن هذه الفتاة ومن
تكون؟ قالوا له: إنها الخادمة لا
لشيء
إلا إلتزاما بأحاديث نبي الإسلام التي لعن بها المصاب بهذا المرض
الجلدي.
إسلام الحض على العلم والدعوة الى طلبه ولو كان في الصين،
أم اسلام التدواي بالحجامة وبول البعير.. إسلام النظافة من الإيمان
أم اسلام استخدام حجارة الصحراء في تنظيف المؤخرات، وشرب الشراب وأكل
الطعام حتى لو وقعت فيه ذبابة، ذلك ان في أحد جناحيها داء وفي الثاني
دواء كما ذكر نبي الإسلام.. والقائمة تطول وتطول بين مايحاول البعض
أضفاءه
على هذا الدين من سماحة وتقبل للأخر ورحمة ومودة ونظافة،
وبين اسلام الأفعال المشينة في الميدان الإسلامي تجاه المسلمين بين
بعضهم البعض وتجاه الآخر المختلف. إن مايحصل في العراق اليوم من قتل
لشيعة العراق وهم
مصلمون وناطقون
بشهادة الإسلام، بواسطة الأجساد المفخخة العفنة هو واحد من عمليات
التطهير الكبرى التي اقترفها ومازال يقترفها الإسلام والمسلمون، وبعد
كل هذا يأتي
زملاؤنا
أصحاب البيان ليقولوا لنا
أنهم
مسلمون ضد التمييز قاصدين طبعا الدفاع عن القبطي المصري تجاه مايحصل
ضده من تمييز وصل في أحيان كثيرة الى القتل بسبب مسيحيته، في حين أنه
كان من الأجدى أن يكون البيان،
لو كان لا بد من هكذا بيان،
أن يوجه بحيث يتوقف المسلمون
ـ
لا أن يذكر هذا في البيان على سبيل رفع العتب فقط
ـ
عن ممارسة التمييز بين بعضهم البعض قبل أن نطالبهم بوقف التمييز ضد
أبناء الديانات الأخرى.
سلسلة الجرائم البشعة والرهيبة التي رافقها كمٌ كبير من التمييز
والتفرقة العنصرية والإذلال بحق
الاخر
لم تتوقف يوما منذ أن أبصر هذا الدين النور وحجبه في ذات الوقت الى
يومنا هذا، وكل تلك الجرائم ارتكبت باسم اله الإسلام ونصوصه، وبتحريض
علني موثق من نبي الإسلام، وبرعاية من كل خلفائه.
سيقول
الكثيرون
أن كل تلك حوادث فردية.. ويكفي أن أذكر هنا أن الزغاريد التي انطلقت
والحلوى التي تناثرت فوق الرؤوس، والأفراح العامرة التي أقيمت،
وعلائم الرضا والإنشراح التي بدت على وجوه أغلب المسلمين، عقب
التفجيرات الإرهابية التي طالت الأبرياء في نيويورك وواشنطن، لاتعني
إلا شيئا واحدا فقط، وهو ان كل هؤلاء شركاء في الجريمة وليس فقط
الإرهابيون الذي خطفوا الطائرات وفجروها في البرجين ومبنى البنتاغون.
إختتم الزملاء بيانهم بالدعوة الى الترجمة الصحيحة لما ورد في
"القرآن" حول حرية الإنسان وحرية الإعتقاد والدفاع عن الإنسان من حيث
هو انسان دون أن يقولوا لنا من أين أتت
آيات
الدعوة الى قتل الآخر المختلف، أو اجباره على دفع الجزية وهو صاغر،
إلا اذا توفر بين يدي الزملاء
قرآنٌ
آخر غير القرآن الذي نعرف.
كان يجب أن يكون عنوان البيان هو "انسانية ضد التمييز" أو أي
شيء
آخر من هذا القبيل، عندها فقط لن يجد الكثير
ـ
وأنا منهم
ـ
أي تناقض يمنعهم من التوقيع على هذا البيان،
كما وأن البيان قد يجد اقبالا أيضا من المسلمين أنفسهم لأنهم مع
عنوان كهذا "انسانية ضد التمييز"
سيعلمون
انهم ليسوا هم
المعنيين
بكلمة "انسانية" فلا قيمة للانسان والانسانية في دين تعج نصوصه
بأوامر القتل ويزخر تاريخه بالجرائم البشعة. |