اقرأ المزيد...
على درب الجلجلة
حياة عون نيسي
لبنان يا وطن الفرح و الحزن ، يا وطن اليأس و الأمل ،
يا وطنا يعيش في قلوبنا ، و ندفن في قلب ثراه
.
اليوم ايضاً يا لبنان ، ضرجوا و جهك بالدماء ، ولطخوا
سجلنا بوصمة جبن جديدة ، دماء غالية اريقت على ارضك
العطشى ، نودع اليوم شهيدا آخر (الشيخ بيار الجميِل) ،
قتلته الأشباح المعروفة و المكشوفة ، بكته امه و ثكلت
به امهات الحرية كلهن حزنا عليه وخوفا على أبنائهن من
المصير الأسود نفسه
.
دقت اجراس الكنائس حزنا عليه و شفقة على شعبنا المقهور
و المضطهد ، وفي حنايا الأنغام غضبا مكبوتا ولوم مبهم
، عبثا نحاول النهوض من مأساة ، فتضربنا اخرى ، و
اللعنة تلاحقنا
.
نولد في هذا البلد البائس ، تحف بحياتنا المخاطر منذ
تكويننا في احشاء امهاتنا ، فنناضل من لحظة ولادتنا ،
نتابع دروسا تحشو رؤوسنا تاريخا مغلوطا ، و سيرة تعايش
مع ابناء وطننا الآخرين و المسيطرين و أفكار سياسية
اخرى.....
غريب كيف يولد اطفال لبنان سياسيون بالبديهة ، وارثون
عقائد عقيمة و احقاد كبيرة ، نكبر مع احساس بالغبن
يلاحقنا ، فنبحث لنا عن مخرج ، ونجدنا بين تيارات و
احزاب عفنة يرأسها مجرمون بأمتياز يشترون باسمنا و
يبيعون وطنا بات بؤرة فساد و اجرام
.
تلاحقنا القضية القديمة وقد فرغت من معناها
–
فنصدق و نضحي بانفسنا ، و اولادنا من اجل كذبة "الوطن
للجميع " و لا احد يبالي
.
سقط القناع عن الوجوه اليوم ، و انكشفت اللعبة ، لعبة
كوننا طرفا اساسيا في حرب الاخرين علينا ، و ما نحن
الا دمى تحركها الطوائف الأخرى حسب اهوائها ومصالحها ،
مستمدة قوتها من ضعف زعمائنا ، الذين لا يكترثون الا
لمراكزهم العديمة القيمة ، يسترخصون دمنا كانه اصبح
بلا لون و لا رائحة ، استهدفوا مسيحيا اخر ، ومن يحسب
الأرقام في مخطط قديم لمحونا عن هذه الأرض
.
غدا
يوم اخر ، غدا ننسى ، ويراهنون على ذاكرتنا الضعيفة ،
نغض الطرف و ندير الخد الآخر لأنها طبيعتنا ، فيصفقون
لنا إكبارا على مواقفنا الوطنية.
كفى
، كفانا إستشهادا من اجل لاشيء ، كفانا موتا في حرب
ليست حربنا ، اما آن لنا ان ندافع عن انفسنا و نحارب
الذل ، فليحترقوا من اجل كراسيهم ،فلننتفض من اجل
كرامتنا ، ما لنا و لهم ، ليسوا منا ، ليسوا لأنفسهم
لأنهم خسروها ، ننتخبهم فيطأون رؤوسنا باهمالهمو
عظمتهم الفارغة.
من يمسح دمعة ام الشهيد اليوم ، من يلئم جراح قلبها ،
أنلد أطفالاً للموت أبداً ، ضجرنا من اللون الأسود نلف
به اجسادنا التعبة و نفوسنا الخاضعة ، يقتلون شبابنا
ليحكم العجزة المطعَمون عروبة و تآخ ٍ ، اشباه رجال
تعَوٌدوا الوصاية تلو الأخرى ، فارتضوا الحضانة
الدائمة ، ولم يكبروا ، فكيف نكبر معهم ؟
نطوي صفحات من تاريخنا العظيم و تطوينا رتابة الأيام ،
وحين تهمس الحرية في آذان احدنا ، لينتفض و يرفض سياية
الذل يعلو التهديد و الوعيد في وجهه ، و يغدو لقمة
سائغة لكل من يستهويه ضعفنا ، وما أن يهدر دمه ، حتى
يصبح شهيد الوطن و الأمة ، وتعلو بأسمه هتافات النصر ،
يشترون نصرهم الزهيد بدمنا ، ويقتسمون شعبنا ارقاماً
لأنتخاباتهم المقبلة ، و نظن اننا اقوياء بهم ، وما
أغبانا اذ نصدق و نضرب بسيوفهم اعناق بعضنا ، وما
اذكاهم اذ فهموا نقاط ضعفنا ، فحاربوا بعضهم بعضا بنا
.
ولكن ، بعد التقسيم و التهشيم ، اما من يفكر و يطرح
السؤال ؟ شعبنا الى اين؟
أين نحن من الوطن ، من القضية ، من النضال ، من حرب
الوجود ، من حلم القومية ؟
اين نحن يا مسيحيون ، هذا ليس أرثنا فما بالنا خاضعين
، قوموا بالله عليكم و انزعوا عنكم ثوب الإحباط ،
انضجوا و ابحثوا عن مصيركم بين كل هذه الشعوب التي
تموج حولنا وتحاول سحقنا وتذويبنا من اجل خير " الوطن
و المجتمع " و لا بأس ان نازعنا ببطء شرط الأ يعلو صوت
الأنين فيزعج غطرستهم وخططهم التوحيدية
.
تحت قدميك يا رب نرتمي اليوم ، نطلب الرحمة ، قدرنا أن
نضطهد من أجل اسمك ، وأن نصلب على خشبة ايماننا.
لكن أعداء اليوم ليسوا الرومان و لا اليهود و لا فارس
عربي يحمل سيفا مسلطا على رقابنا ، عدو اليوم اصولي
يطلق رصاصة غدر تصيب الرأس و القلب مباشرة ونحن عزل
إلا من صلواتنا نرفعها اليك لتساعدنا و تعضدنا على
الشر ، إبعث فينا روح العنفوان القديم و اعطنا قوة
آبائنا الأولين لنصمد في هذا المشرق العظيم لأنه موطنك
و ملاذنا ، نحن ابناءك فلا تسمح ان تهتز الصخرة تحت
أقدامنا فنصبح شعبا بلا وطن وبلا آمل
.
نفتقد اليوم من يقودنا على الدرب ، فكن انت قائدنا
. |