حشود عسكرية تطوق
سورية من تركيا والأردن وإسرائيل والعراق
منشقون عن جيش الأسد سلموا محكمة
الحريري وثائق عن اغتياله
20111218
لندن -
كتب حميد غريافي:
كشف تقرير استخباري
أوروبي أن سورية "تشهد للمرة الأولى هذا الحشد الهائل من الاستخبارات
الدولية والعربية وعملائها المحليين الذين تضاعفوا مرات عدة منذ اندلاع
الثورة من منتصف مارس الماضي, ما يؤشر على اقتراب نهاية النظام البعثي, كما
أن مكاتب وسائل الاعلام الرئيسية في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا
وفرنسا وألمانيا وسواها من دول اوروبا اصدرت تعليماتها الى مراسليها
ومكاتبها ومحطاتها في الدول المحيطة بسورية وخصوصا اسرائيل ولبنان والاردن
للتأهب توقعاً لأحداث دراماتيكية خلال الايام القليلة المقبلة, وسط تركيز
غالبية الصحف الغربية على أنقرة والمدن والقرى التركية القريبة من الحدود
السورية حيث انتشر فيها عشرات الصحافيين وكاميرات التلفزيون وكأنها تتوقع
حدوث زلزال".
وافاد تقريران استخباريان عربيان ورد بروكسل الأربعاء الماضي وتداولتهما
الاجهزة الامنية الاوروبية واطلعت "السياسة" على جوانب منهما بان "الجيش
الاردني حشد قوات كبيرة على حدوده مع سورية, ونشر أكثر من 150 دبابة بدأت
اجراء مناورات حية مع قوات أميركية وصلت في منتصف الاسبوع الماضي من
العراق, وهي جزء من الوحدات المنسحبة إلى الكويت والاردن وبعض دول الخليج
واسرائيل, في ما يبدو انه حصار غير معلن لايران, وسط توقعات قيادة حلف شمال
الاطلسي ووزارة الدفاع الاسرائيلية شن الحرب الدولية المتوقعة على الدولة
الفارسية في أوائل العام المقبل".
وذكر أحد التقريرين أن لبنان والعراق عززا أيضاً تواجدهما العسكري على
حدودهما مع سورية, فيما تقوم اسرائيل بتدريبات عسكرية مشتركة مع قوات
اميركية على حدودها في الجولان حيث ستمتد الاسبوع المقبل الى حدودها مع
لبنان, في حين نشرت تركيا ألوية جديدة على حدود سورية.
وأضاف التقرير ان الاسرائيليين وسعوا نشر نظامهم الدفاعي والقبة الفولاذية
الى مرتفعات الجولان السورية, بعدما كان هذا الانتشار منتظرا على المنطقتين
الشمالية اللبنانية والجنوبية الفلسطينية, كما "نقلوا عدداً من بطاريات
صواريخ ارض- جو دفاعية أميركية واسرائيلية الى الخطوط الأمامية من حدودهم
مع سورية".
ونقل التقرير الثاني عن مصادر أوروبية في لندن قولها ان قيادة الجيش
الاسرائيلي وسلاحها الجوي "وضعا خياراتهما العسكرية للقضاء على البرنامج
النووي الايراني على اساس شن حرب جوية وبرية على "حزب الله" في الوقت نفسه
الذي يهاجمان فيه المواقع النووية في ايران, وان دول حلف شمال الاطلسي
اطلعت على هذا السيناريو بحيث ابلغت تفاصيله الى قواتها المشاركة في
"اليونيفيل" جنوب لبنان كي تكون في اجواء ما قد يجري خلال الاسابيع القليلة
المقبلة".
واضاف التقرير أن "ضباطاً برتب عالية انشقوا عن الجيش السوري ولجأوا الى
تركيا, ومنها الى عواصم خليجية واوروبية للتشاور تمهيداً للعودة الى بلدهم
للمساهمة في الدفاع عن المدنيين واسقاط النظام, وخصوصاً بعض العقداء
والعمداء الذين كانوا يتبوأون مناصب قيادة حساسة في اجهزة الامن
والاستخبارات العسكرية والداخلية والجوية, وبالتحديد في فرع العمليات
الخاصة بإدارة الاستخبارات الجوية القوية", كاشفاً أن هؤلاء "سلموا مسؤولين
خليجيين وعرباً وغربيين وأتراكاً معلومات عن الخطط العسكرية والامنية
الموضوعة من قبل نظام الاسد للقضاء على الثورة "مهما كلف الامر", كما
سلموهم اسماء مئات عملاء الاستخبارات السورية في الدول العربية والغربية,
ما أدى الى هروب عدد كبير من هؤلاء من مراكزهم الراهنة في الخارج وعودة
بعضهم الى دمشق, فيما لجأ العشرات من رجال استخبارات يعملون في السفارات
السورية في العالم العربي وأوروبا وكندا واليابان الى الدول العاملين
فيها".
وكشف التقرير أيضاً أن فرنسا وايطاليا وألمانيا وبريطانيا "التي نالت حصة
كبيرة من الضباط المنشقين او رجال الاستخبارات اللاجئين من السفارات
السورية فيها, ارسلت الى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان (المكلفة النظر في
جرمية اغتيال الرئيس رفيق الحريري وقادة لبنانيين آخرين) اعترافات هؤلاء
المنشقين واللاجئين الذين حملوا معهم الى هذه الدول ملفات ووثائق مصورة
واعترافات مسجلة بالصوت والصورة عن المجموعات الاستخبارية والسياسية
السورية التي نفذت عمليات الاغتيال في لبنان, ليس فقط من نهاية 2004 التي
شهدت محاولة اغتيال الوزير السابق مروان حمادة قبل نحو شهرين ونصف الشهر من
اغتيال الحريري, بل منذ بداية الحرب اللبنانية العام 1975 التي اشعلتها
سورية, كما سملت تلك الدول الاوروبية المحكمة في لاهاي ما اطلقت عليها
"الوثائق اللبنانية" المتعلقة بتلك المجموعات السورية التي يرأسها صهر
الرئيس السوري آصف شوكت وشقيقه اللواء ماهر الاسد ومدير الامن القومي
السابق ومدير الاستخبارات الجوية, ودورها في الاوامر التي اصدرتها الى
عملائها في لبنان وعلى رأسهم الضباط الاربعة الذين اقاموا في الاعتقال بطلب
من لجان التحقيق الدولية اربع سنوات ثم افرج عنهم تمهيدا لإعادة استدعائهم
الى المحكمة عندما سيتقدم عدد من الشهود المجهولين حتى الآن او ممن شهدوا
ضدهم في السابق بإفادات تدين هؤلاء الضباط وعلى رأسهم مدير الامن العام
السابق جميل السيد, اضافة الى عدد من الوزراء والنواب ورؤساء الاحزاب
والتيارات السابقين والراهنين العاملين تحت عباءة الاستخبارات السورية, مع
مجموعة كبيرة تزيد على 25 عنصرا قياديا من حزب الله الذين عرف منهم الاربعة
حتى الآن الواردة اسماؤهم في القرار الاتهامي".