لنفصل ملك قيصر عن ملك الله
اللبنانيّ "سائح" تائه
ومرعوب في وطنه: فإيران اقتطعت منه "ولاية" لإلحاقها
ب"جاه" و"طقوس" و"معسكرات" إمبراطوريّتها
، و"أصول
الضيافة" فرضت
فرز "مخيّمات" لإيواء
اللاجئين القدامى والجدد، وطموحات "الخلافة" تجمح
لتوسيع رقعة انتشارها يمّه، واللبنانيّون تضيق بهم المساحة وسبل العيش
لدرجة النزوح والتقوقع والإختناق.
ينتاب
الكثير من اللبنانيّين شعور أنّهم بحاجة إلى "تأشيرة" دخول
وخروج ومواكبة أمنيّة إضافة إلى بوليصة تأمين على الحياة كلّما "عبروا
الحدود" الداخليّة
ومنها المطار.
هاجس
الأمان وتحصيل كلفة العيش المتصاعدة وشحّ المصادر والمداخيل يقضّ مضاجعهم
ويجعلهم يتوقون إلى الهرع للإحتماء تحت قبّة الدولة المؤسّسة على مناكب
الأجيال، منكبّين على تعزيز دعائمها وصدّ زحف الطامعين بتفكيكها وتصفيتها.
هؤلاء
المؤمنين بلبنان الديمقراطي السيّد الحرّ المستقلّ والمحيّد عن حمم
الصراعات المتلاطمة حوله يجدون ولاءهم الوطنيّ على طرف نقيض لمن بايعوا
ولاءهم لمرجعيّات خارج الحدود وخارج المفاهيم المنطقيّة المعاصرة للحكم.
الطامة
الكبرى أنّ الذين لايطيقون صيغة لبنان التعدديّة الوئاميّة يدّعون أنّهم
يبغون "الوحدة
الوطنيّة" لكن
في بوتقة "صَهر" المختلف
عنهم في مرجل معتقدهم الضيّق.
تحت
شعار "لمّ
الشمل" المذهبي
استعر الصراع السنّي-الشيعي وقوبلت شهيّة النظام الإيراني لتوسيع نفوذه في
لبنان وسوريا والعراق واليمن بتكتّل عربي خاب من فشل الحوار وتبلور في "عاصفة
الحزم" إضافة
إلى تشكيل كيان متطرّف شوّه ثورة الشعب السوري ومارس الترويع والفظائع.
إضافة
إلى توظيف منزلته الدينيّة وتطوير تصنيعه العسكريّ و"تصدير" القدرات
القتاليّة لحرسه الثوريّ، اقتدى النظام الإيراني بعمليّات ابتزاز كوريا
الشماليّة للدول الغربيّة فاستخدم التخصيب النوويّ "عصى
مشعّة" يهوّل
بها لإرعاب جيرانه وانتزاع اعتراف بأنّه اللاعب الإقليمي المستوجب إشباع
نهمه.
الدول
الإقليميّة منجرّة إلى نزاع مذهبيّ طاحن وخطير ومعقّد، يعتريه إشكال
والتباس في التمييز بين الحليف والخصم، بينما تزداد كلفته البشريّة
والماديّة والتفكيكيّة يصعب معها ضمان أن يوقفه أيّ اتفاق جانبيّ موعود.
إنّ
تعنّت فرسان إيران في لبنان والتزامهم بقرار الإنغماس في هذا الصراع يحتّم
على اللبنانيّين الناذرين ولاءهم لوطنهم دون غيره أن يتضافروا ويشكّلوا
سياجاً حامياً لوطنهم.
إذا
كان يدّعي هؤلاء أنّهم يأتمرون "بما
قضى به الله من سلطان" فصفوة
اللبنانيّين يقولون أبعدوا سلاحكم عنّا ولا تحاولوا تطويقنا ودعونا نلتزم
بما قضى به دستورنا السياسي المدني من أحكام وفي طليعتها انتخاب رئيس
للجمهوريّة.
القاعدة الذهبيّة تنصّ على إعطاء ما لقيصر لقيصر وما لله لله.
|