غربلة في بكركي وحسم في المجلس وانفكاك
عن فلك الصراع
بعض الأنظمة الإقليميّة منخرطة في صراع نفوذ محموم استهدف توسيع أو صدّ
مدّ نطاق الهيمنة وأدّى إلى استقطاب وتنظيم وحشد أبناء ملّتها في دول
الشرق الأوسط "لتحصيل حقوق حرمها الطّغيان السياسيّ منها" أولتغليب
سيطرة محاور تحالفها وزجّهم في حروب مذهبيّة خاضها البديل عن الأصيل
وتسلّل إلى ميادينها الطفيليّ والانتهازيّ والإرهابيّ لاختطاف القضيّة
المحقّة ودسّ مشروعه التخريبيّ.
إنّ إجهاض الخطوات الخجولة الواشية بفكّ الطوق عن ممارسة الحقوق
السياسيّة التي دشن بها الرئيس السوريّ عهده المثقل بميراث أبيه وتفويت
فرصة معالجة انتفاضة الشعب السوري بالحوار الصادق عند قيامها أوديا إلى
نشوب نزاع مسلّح مع شعبه انغمس فيه حلفاء له وطارئون منحرفون سخّروا
الدين مطيّة لأطماعهم وإرهابهم.
إنّ شحن النفوس بمفاهيم دينيّة متزمّتة و"وجبات" تكفيريّة كريهة وفورات
دمويّة وحشيّة تشحذ الغرائز وتحلّل الفظائع يتمّ بالضخّ المباشر أو
البثّ عبر وسائط الاتصال على الشبكة العنكبوتيّة وقد قيّض له صبّ
حمولته وإعلان "ملْكه" شمال سوريا والعراق.
وضع يد الإرهاب على بعض مصادر النفط وجذبه لمؤيّدين أجانب بينهم
متحوّلون إلى الإسلام أقلق الدول الغربيّة (إثنان من هؤلاء قتلوا رتباء
في الجيش الكندي دهساً وبإطلاق النّار خلال حادثين مختلفين في أسبوع
واحد) والعربيّة الملتاعة من الإرهاب ودفعها إلى المساهمة في دحره
بغارات جوّيّة تساند القوى البرّية البشمركيّة والعراقيّة والثورة
السوريّة التي تتصدّى له.
المطلوب من تركيّا منع تسرب الإرهابيّين عبر حدودها وضرب طوق يعجّل في
نفاد مؤنهم وذخيرتهم.
والمطلوب من العالم كشف "الدهاليز" التي "يتخرّج" منها أمراء وخلفاء
وفقهاء الإرهاب لفضح ملقّنيهم وإماطة اللثام عن مموّليهم.
وبما أنّ عدو العدو ليس بالضرورة صديق فإنّ هذا النشاط الحربيّ لايتمّ
بالتنسيق مع النظام السوري أوحليفه الإيراني الحاشد فصائل من حزبه
اللبنانيّ لدعم النظام المأزوم.
تمثلاً ب"حلول البركة" الإيرانيّة على شاطئنا الجنوبيّ محمولة بحزبها
اللبناني طمح "الكيان الداعشيّ" إلى بلوغه شاطئنا الشماليّ من خلال بعض
الخلايا المبايعة لملكه.
لقد وجد هذا الكيان الهجين ورديفه "جبهة النصرة" مصلحة حيويّة في تأمين
منفذ تمويني ولوجستيّ لمحاربيهما المنتشرين في جرود عرسال والقلمون
فكان تغلغلهما في عرسال الذي تسبّب بتصدّ من الجيش اللبناني كلّفه
شهداء أعزّاء لإخراجهم منها ووقوع عدد من جنوده أسرى في قبضة
الإرهابيّين الذين ذبحوا ثلاثة منهم في سياق مساومة وابتزاز ما برحوا
يمارسونهما.
التغلغل لم يقتصر على عرسال بل تعدّاها إلى الضنّيّه وطرابلس وما
بينهما فجدّت قوى الإستخبارات والجيش في اقتفاء أثر الخلايا الإرهابيّة
وطاردتها واشتبكت معها واعتقلت رؤوسا ًوافراداً منها لكن مع دفع ضريبة
دمّ باهظة إذ استُشهد ثلاثة ضبّاط وعدد من العسكريّين في كمائن غادرة.
الجيش اللبنانيّ يحوزعلى دعم وطنيّ شامل وتأييد وثقة ودعم الدول
الإقليميّة والغربيّة التي تتناوب على مدّه بالسلاح. فهو ركن صلب يستند
عليه بنيان الدولة في ظرف عصيب تحاول فئات متزندقة في حسّها الوطني
خلخلة مؤسّسات الدولة لتسهيل تحقيق هدف إلحاقها بكيان أكبر تمحضه
الولاء التّام.
البطريرك الماروني صاحب النيافة والغبطة مار بشارة بطرس الراعي تحسّس
الخطر الكامن لتغيير صيغة الدولة ف"بقّ البحصة" من أوستراليا صارخاً لا
للمثالثة إذ هي مرحلة ظرفيّة للأحاديّة وجسر عبور لهيمنة
"الإمبراطوريّة".
ليستفق بعض السياسيّن من سباتهم ويبادروا إلى انتخاب رئيس من بين
شخصيّات يزكّيها مؤتمر يُعقد في بكركي تحت إشراف البطريرك يدعى إليه
نخب المسيحيّين من قضاة وأطبّاء ومنهدسين وقادة رأي ومفكّرين ومثقّفين
وخبراء وسياسيّن للشروع في ملء فراغ المؤسّسات ورأب الصدوع والنهوض
بحملة إصلاح واجتثاث فساد و إطلاق مشاريع تنمية شاملة توفّر فرص العمل
لأرصدة الأدمغة التي تغني لبنان وتبعث الثقة في تحفيز الإقتصاد وتشجّع
المستثمرين وتستقطب المغتربين.
تحييد لبنان عن صراعات المنطقة والتيّارات التي تتجاذبها ضرورة قصوى،
فحماية تنوّع مجتمعه واستقرار عيشه مفيدة لأبنائه ومحبّيه.
|