هل تشكل عملية التعداد السكاني تهديداً
للكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني ؟
03
/ 10 / 10
التعدد السكاني المزمع أجراؤه في 24 / 10 / 10 هو عملية إدارية
تنظيمية وحسابات فنية تهدف الى وضع الخطط التنموية والأهداف
الأستراتيجية على اسس علمية مدروسة ، انطلاقاً من تحديد الطاقات وأعداد
القوى البشرية وأعمارها واجناسها ، لكن في العراق وفي الظرف الراهن ،
فإن عملية الأحصاء تحمل في طياتها سمات سياسية لا يمكن تجاهلها، وسوف
يكون للعملية اهمية استثنائية في هذا الظرف الدقيق ، إذ سيحدد الثقل
الديمغرافي لكل مكون عراقي ، فالكردي سيتعين عليه ان يكتب قوميته كردية
والعربي سيضع في حقل القومية ، القومية العربية ، وهذا ينطبق على
التركماني والأرمني والآشوري والكلداني وغيرهم من المكونات .
ولكن لماذا الخشية على مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية في العراق ا تحديداً
، وما هذا العنوان التحذيري المتشائم الذي سطرته ؟ بحيث يبدو وكأن وجود
مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني مهدداً في تلك العملية ؟
ولاجل بلوغ نتيجة المعادلة ينبغي العودة اكثر من خطوة نحو الماضي .
في القرن السابع الميلادي دخلت الجيوش الأسلامية الى العراق ، ووجدت
امامها بلداً مسيحياً مبثوثة في اصقاعه المدارس والكنائس والأديرة ،
وتنتعش فيه الزراعة والتجارة والثقافة والعلوم ، وبعد الغزو او بعد
الفتح كما يرتاح له اخواننا المسلمين ، فإن اهل البلد تحولوا من
مواطنين احرار في بلادهم الى اهل ذمة او اهل كتاب ، ووزعت اراضيهم الى
قواد الجيش الأسلامي واصبح فلاحي تلك الأراضي عمال لديهم وتحولوا الى
اقنان يعملون لحساب هؤلاء القواد ، فالعراقيون تحولوا في بلدهم الى
مواطنين من الدرجة العاشرة بعد تطبيق بحقهم احكام اهل الذمة المعروفة .
في نفس السياق بالنسبة لشعبنا الكلداني تعرض في وطنه العراقي بعد نيسان
عام 2003 اي بعد سقوط النظام ، إذ تجسد امامنا تخبط الحاكم الأمريكي
بول بريمر في قراراته التي مزقت اوصال العراق وحولته الى دولة طوائف ،
ونتائجها السيئة نعاني منها الى اليوم ، وطال شعبنا الكلداني قسطاً
كبيراً من تلك الأخطاء ، إذ تحول من شعب له قوميته الكلدانية وله
تمثيله الواضح في الدولة العراقية ، فتحول بقدرة قادر وبفضل الأخ بول
بريمر الى طائفة تابعة للحزب الآشوري القائد ، إذ هيمن الحزب الآشوري
على مصائر الكلدانيين ، وطفق يعلّمهم بأنهم ( الكلدان ) كانوا يعيشون
في عصر الجاهلية ، فالكلدانية ما هي الا مذهب كنسي تابع للحزب الآشوري
، وسخر اشقاؤنا نفوذهم وإمكانياتهم المالية والأعلامية من اجل إخضاعنا
لنفوذهم في العراق وكذلك في اقليم كوردستان .
هذا هو الواقع الذي استفتحنا به مصيرنا بعد 2003 م ، والذي كان يحدونا
الأمل في ان تسود لغة الديمقراطية واحترام المعتقد والأنتماء ومنظومة
حقوق الأنسان للجميع بما فيهم الكلدان ، فالكلداني كان اول من ضحى
وآخر من استفاد لا بل انه كان من الخاسرين الى اليوم . لكي اثبت كلامي
باستخفاف الحزب الآشوري للوجود الكلداني وتاريخه وقوميته ، اورد بعض
الفقرات من المنهاج السياسي للحركة الديمقراطية الآشورية في المؤتمر
الثالث المنعقد في شقلاوا عام 2001 فقد ورد في المادة الثانية ( ...
واتحاد طوعي يتميزون بنكران الذات وينتمون الى مختلف فئات وطوائف الشعب
الآشوري .. الخ ) .
وفي المادة الثالثة ورد ( ... تناضل حركتنا من اجل حقوق الشعب الآشوري
.. ) .
وورد في نفس المادة في اولاً ( .. الأقرار بالوجود القومي الآشوري
دستورياً .الخ )
وفي ثالثاً من نفس المادة ورد ( .. نطالب بتمثيل الشعب الآشوري في
السلطات المركزية .. ) ..
اقول : على من تضحكون ايها الأشقاء في الحزب الآشوري ؟
وعلى من تقرأون مزاميركم ؟
هل هذه الوحدة التي تنشدونها ؟ واين التسمية السياسية المركبة التي
تنادون بها ؟
انا متأكد ان رابي يونادم سوف يكتب في حقل القومية ، القومية الآشورية
، وكذلك رابي سركيس آغاجان ، وأي آشوري آخر لا يمكن ان يكتب غير
الآشورية ، وهذا هو عين الأخلاص للانتماء ، وسوف لا يكون للتسمية
السياسية القطارية التي طبخت في مطابخ الحزب الآشوري خصيصاً لتصديرها
للكلدان والسريان ، وسوف لا يطبقها اي آشوري يعتز بقوميته الآشورية ،
ويبقى على الكلداني والسرياني ان لا تنطلي عليه الأكاذيب والحجج
الساذجة التي تسعى لتهيمشه من الساحة القومية العراقية ، وعليه ان يضع
اسم قوميته الكلدانية في حقل القومية وسيكون ذلك شرفاً له ، لكي لا
يتهم بضبابية الأنتماء وهذا ينطبق على السرياني ، وعلى اي مكون عراقي
آخر .
اليوم يأتي دور الكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني لكي تقوم بدورها ،
فإن هذه الكنيسة سيحدد مصيرها ويحدد حجمها بالأعداد الذين يسجلون (((
انتمائهم الكلداني ))) ، فمن يسجل منهم الأنتماء الآشوري او العربي او
الكردي او ( كلداني سرياني آشوري ، او سورايا او كلدوآشوري )، ستفقده
الكنيسة الكلدانية ، وسوف تضعف الكنيسة لما يتسرب من رعيتها من الشعب
الكلداني الى الأنتماءات الأخرى .
كانت الكنيسة بالأمس في عملية الأنتخابات تتوجس من حث الشعب الكلداني
للاشتراك في الأنتخابات وانتخاب قوائمه الكلدانية خوفاً من ان ينالها
التقريع بما يزعم من تدخلها في السياسة ، فإن عملية الأحصاء اليوم ليست
سياسية إنما هي عملية تنظيمية تحدد الثقل الديموغرافي لكل مكون عراقي ،
وإن حجم كنيسته سينحصر بتلك الأعداد التي تسجل في حقل القومية ، (
القومية الكلدانية ) لا غير ، فالمسالة هنا ترتبط بالوجود الكلداني ،
وثقله الديموغرافي على الساحة السياسية ، وبالهوية الكلدانية ، وليس
للمسالة صلة بالولاء السياسي او الحزبي ، فالكلداني يمكن ان ينتمي او
يدلي بصوته لحزب عربي او كوردي او آشوري في الأنتخابات ، لكن عملية
الأحصاء تختلف ، إذ ان المسالة متعلقة بهويته ووجوده وانتمائه وكنيسته
.
لقد صادفت في القوش بعض الأخوة السائرين مع مركب الحزب الآشوري ، وهم
مصممون على كتابة سورايي او كلدوآشوري ، أو ابقاء الخانة فارغة ، لقد
فات هؤلاء الأخوة ان كنيستهم ستخسرهم ، وسيكون موقفها ضعيفاً ، وربما
مهدداً إن لجأ كثير من الكلدانيين الى هذا الطريق العبثي غير المسؤول .
نعم كانت الحملات الشعواء قد صرف عليها الملايين من اجل دفن اسم
القومية الكلدانية في غياهب النسيان ، والحملة لا زالت مستمرة ، تارة
باسم الوحدة وأخرى باسم المذاهب الكنسية ، وثالثة بروح عنصرية
استعلائية ، بربط قوميتنا الكلدانية وكأنها مذهب كنسي تابع للقومية
الآشورية ، فهذه الخرافة انطلت مع الأسف على بعض كتابنا ، او ربما لم
تنطلي عليهم لكنهم يأملون ببعض المنافع من خيرات البقرة الحلوب في
الحزب الآشوري . المهيمن على مصائر المسيحيين في العراق وعلى ثرواتهم
وعلى منافعم الأعلامية .
ولا اريد الأستفاضة في هذا الموضوع ، ولكني اعود الى موضوع الأحصاء ،
فالعملية ليست سياسية بقدر ما هي عملية لتحديد الثقل الديموغرافي لكل
مكون على الأرض العراقية ، ومن اجل ان نكون اقوياء ، ولنضمن حقوقنا
بشكل مستقل وبشرف ودون خضوع لاي حزب ، فينبغي ان نحدد اسمنا بشجاعة
وبشرف ، ودون ان تنطلي علينا الأحابيل الساذجة التي يسوقها الخطاب
الآشوري .
إن الكلداني اليوم ينبغي ان يقف بشجاعة مع المكونات العراقية الأصيلة
الأخرى ويكتب بالقلم العريض اسم قوميته الكلدانية العريقة ، وهنالك
مسألة فنية ينبغي التحوط لها ، وهي قطع الطريق لأي تلاعب مثلاً بإضافة
سريان آشوريين على الكلدان ، ومن اجل ذلك ينبغي كتابة لفظة الكلدانية
على طول الحقل المخصص او وضعها بين قوسين لتلافي اي تلاعب .
سوف لا يقوم عربي بكتابة قوميته كوردية ولا كردي يكتب قوميته عربية ،
ولا يوجد آشوري يكتب ( كلداني سرياني آشوري) ، إنه سيكتب آشوري فحسب ،
بقي علينا نحن الكلدان ان نكون امناء لتاريخنا وأوفياء لأجدادنا ، لأن
اسم قوميتنا الكلدانية لم يكن بقرار سياسي او مؤتمر حزبي ، إنما ورثنا
اسمنا من اجدادنا العظام وعلينا ان ننقله بأمانة الى احفادنا وأجيالنا
القادمة ، وسيكون ذلك حصانة وتعضيد لموقف الكنيسة الذي نكن له التقدير
والأحترام. |