اقرأ
المزيد...
المخابرات السورية تلعب بمهارة
بقلم:
جودت
حنين طعون
2006-06-08
نجحت مخابرات
النظام العربي السوري بجميع اطيافها المنتشرة في الداخل و الخارج في استعادة
دورها الاساسي في التحكم بادارة الازمات، كونها اثبتت فعالية اكبر من الساسة
الذين مازالوا يتخبطون في الاعلام و التصريحات الخاطئة و غير دقيقة التوقيت.
ان ارتفاع
تواتر الاحداث في سوريا قبيل رفع التقارير في اغتيال الحريري الى مجلس الامن
ليست سوى مؤشر على ان ماكينة المخابرات عادت لتعمل ليس وفق مصلحة سورية عليا
و انما وفقاً لمصالح المخابرات و من يدورون في فلكهم
ان بعض
ضباط المخابرات المنضبط اثبت قدرات غير متوقعة في العمل في هذا الجهازالمليء
بالاسرار، إذ تمكن هؤلاء من "زرع" عميل لها في التحقيق، تم اعتماده كشاهد
اساس ثم تمّ سحب هذا العميل، و هكذا استطاعت هذه الأجهزة من التاثير على
مجريات التحقيق و تضليله، و لو إلى حين..
ان مسلسل
الاعتقالات التعسفية مؤخراً و توقيتها، و الذي طال العديد من المثقفين
السوريين، الذين هم النواة الحقيقية للمعارضة، من فاتح جاموس و ميشيل كيلو
وعارف دليلة واخرون، ماهي الا لعبة جديدة م العاب المخابرات السورية ولكن على
نمط اخر. فهي تهدف الى زعزعة ثقة المعارضين بامكان تأثير الضغوط الخارجية على
سلطات الأمر الواقع و أن تحصل المعارضة على مكاسب من خلالها. فتوقيت رفع
تقرير السيد سرج برامرتس الى مجلس الامن، زاد من امال المعارضة السورية بان
الضغط على النظام سيشتد و سيجبر النظام بالقبول بمبدأ التداول السلمي للسلطة،
و إلا فإن القوى العظمى ستلجأ إلى الحل العسكري لتحقيق هذا الهدف. و اتت هذه
الاعتقالات لتوهم الجميع بان النظام السوري في خطر و أنه يجب شد الاحزمة على
صعيد الجبهة الداخلية لكي لا يكون هناك تاثير من الداخل و ان الخطر بداء
يكبر. و لكن ياتي التقرير دون امال المعارضة و يبدد الخطر الذي كان يهدد
النظام و تتكسر امال المعارضة في الداخل وتزداد غطرسة اجهزة المخابرات في
ادارة الدولة محطمة الدور السياسي بشكل كامل.
فاذا وضعت
امريكا نفسها في مكان لمقارنة ما تستطيع ان تقدمه المعارضة السورية و ما
تستطيع ان تقدمه اجهزةالمخابرات السورية فسوف ترى امريكا ان المعارضة السورية
ليس لها وجود على ارض الواقع حيث انقسمت الى فئات مختلفة غير مترابطة لا
يجمعها سوى الاسم الذي هو المعارضة، إذ قامت اجهزة المخابرات بتحطيمها من
خلال زج أفرادها بالسجون او شراء ذمم بعض اعضاءها المدافعة عن حقوق الانسان
وتقسيم هذه الجمعيات و زرع الخلافات فيما بينها. ان التنوع الخطير في اطياف
المعارضة ادى الى عدم فعاليتها فاصبحت المعارضة الحقيقيةالسورية الشريفة
مقتصرة على فئة قليلة من المثقفين في الداخل الذين لم تتكن اجهزة المخابرات
شرائهم. و السؤال هو ماذا يمكن لهذه المعارضة تقدمته للولايات المتحدة
الأمريكية مقارنة بما يستطيع ان يقدمه النظام نفسه؟
ان
اجهزةالمخابرات العربية السورية التي قدمت الكثير، لا زال في مقدورها تقديم
الكثير من الخدمات للولايات المتحدة الأمريكية. فلا أسهل من السير على
المنوال نفسه و اتخاذ التدابير و الاجراءات المتبعة عينها، لتقديم التنازلات
باتصال بسيط بين المخابرات السورية و احد اقسام الادارة الامريكية التي تريد
الابقاء على النظام السوري حتى تستهلكه تماماً، كما حدث لدى تسليم حسن
السبعاوي الى القوات الامريكية ضمن صفقة الذين قالوا انهم القوا القبض عليه
على الحدود السورية. و كذلك عملية الكشف عن مكان ابو مصعب الزرقاوي بمساعدة
خاصة من اجهزة المخابرات العربية السورية، لان اسم الزرقاوي شكل كابوساً
للجميع في الادراة الامريكية. و من الواضح ان عملية قتل الزرقاوي التي تمت
قبيل رفع السيد سرج برامرِتس تقريره الى مجلس الامن، شكلت اشارة واضحة من
نظام دمشق الى واشنطن بان مفاتيح المنطقة بيدها من العراق الى سوريا الى
لبنان ففلسطين ولامريكا الخيار!
ان إحدى أكبر
الأكاذيب في تاريخ البشرية، و التي انطلت على الشعوب ، هي شعار "حقوق
الانسان". فباسم هذه "الحقوق" الانظمة الديكتاتورية القمع و الارهاب على
شعوبها، و باسمها ايضاً تواصل الدول الكبرى ضغوطاتها و تعاملها مع الدول
المبتلية بتلك الانظمة الفاسدة و شعوبها، و لكن لحفظ مصالحها الاقتصادية فقط! |